تصاعد موجة المظاهرات في إيران لم يأت من فراغ ولا يبدو أنها ستتلاشى في القريب العاجل. ثار الإيرانيون في وجه نظام الملالي الاستبدادي بمناسبة ليلة الثلاثاء الأخير للسنة الإيرانية مطالبين بلقمة العيش والحرية.
المتوقع أن تقوم تظاهرة ثانية، ربما أشد وقعا، في مهرجان الثلاثاء 20 مارس بمناسبة السنة الجديدة الإيرانية (نوروز). ليس من المستغرب أن قوات الأمن الشرسة اتخذت أشد التدابير عنفا وقسوة في جميع أنحاء البلاد، تحسبا لما تشهده إيران خلال هذه الفترة ضد حكم الملالي.
ظروف الانتفاضة مواتية ومستحقة، فإيران تواجه عزلة إقليمية ودولية متصاعدة لعدة أسباب. انكشفت حالة الفوضى والسياسة العدائية على حقيقتها، فأنتجت حالة مزمنة من عدم الاستقرار في العديد من المدن الإيرانية.
أكثر من ثلث الشعب الإيراني لا يستطع تأمين لقمة العيش لأسرته، في الوقت الذي تصر فيه الحكومة الإيرانية على الإنفاق على برنامجها للصواريخ الباليستية.
المواطن الإيراني محروم من تلقي الرعاية الطبية في بلده، بينما ملالي طهران مستمرون في دعم وتسليح العديد من الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في العديد من دول المنطقة.
وعوضا عن تأمين الاحتياجات الضرورية للشعب الإيراني، ينفق الحرس الثوري ثروات الشعب الفقير على نشر الفوضى والتدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية.
لا يبدو أن طهران ستتوقف عن مد الحوثيين بالصواريخ الباليستية ومساعدتهم على إطلاقها من داخل الأراضي اليمنية على السعودية. المجتمع الدولي أدان بكل وضوح هذه الاعتداءات الهمجية.
قرار مجلس الأمن 6216 شدد على ضرورة الامتناع عن تسليح الميليشيات، وعلى دعمه للإجراءات التي تتخذها السعودية والبحرين من أجل التصدي لهذه الأعمال العدوانية حماية لاستقرارهما وأمن شعوبهما.
أما خارجيا، فسمعة القيادة الإيرانية تزداد تعقيدا وسوءا. المجتمع الدولي يطالب إيران بضرورة الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 في ما يتعلق ببرنامجها الصاروخي.
الولايات المتحدة الأميركية ستعيد النظر في الاتفاق النووي الإيراني. أما نشرات الأخبار العالمية فمعظمها تتحدث عن دور طهران في التأجيج المذهبي والطائفي، وارتباط صورة إيران ومن يحكمها بالإرهاب الدولي.
البراهين والأدلة أوضحت بالصوت والصورة خبايا الخلية الإرهابية التي نجحت السلطات البحرينية في كشفها مؤخرا. العصابات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني كانت تخطط لإثارة الفوضى في البلاد واستهداف قوات الأمن ومسؤولين في الحكومة البحرينية.
أصابع الاتهام تشير إلى طهران لتورطها في استغلال أزمات العالم العربي لتقويض أمنه واستقراره وفي دعم ميليشيات الحوثي الإرهابية وإمدادها بالصواريخ الباليستية التي تستهدف السعودية.
بات العالم أكثر اقتناعا اليوم بأن الأصابع الإيرانية الظاهرة والخفية وراء ما تشهده المنطقة من أزمات وتفجيرات ومؤامرات كيدية.
أما اقتصاديا فقد تدنت قيمة العملة الإيرانية “التومان” بصورة كبيرة أمام الدولار، وتواجه الميزانية الإيرانية عجزا متزايدا يهدد الأمن القومي الإيراني.
وعوضا عن إيجاد حلول لهذه المعضلة، تقدم إيران 800 مليون دولار سنويا لحزب الله الإرهابي، فضلا عما تنفقه لدعم الحوثيين في اليمن، وحماية كرسي الأسد المترنح في سوريا.
موجة الاحتجاجات التي شهدتها إيران منذ نهاية العام الماضي تعكس حالة غضب الشارع إزاء السياسة الفاشلة لنظام الملالي. فضح ممارسات النظام الإيراني الداعم للإرهاب، بات ضرورة ملحة، لأن هذه الممارسات هي التي أسهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية.
السياسات الإيرانية العقيمة ارتدت عليها، فهوت بها في هاوية الخطر وازدادت عزلتها الإقليمية والدولية.
التغيير القادم سيأتي من جهتين، الأولة توحيد المواقف الدولية ضد طهران وممارسة مزيد من الضغوط عليها، والثانية الحراك الشعبي في الداخل الإيراني اعتراضا على تفاقم الحالة المعيشية.
(العرب)