السبت, 23 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

واقع العراق لا يزال يهدّد رهاناته المستقبلية

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

عودة أكثر من مليوني نازح لا تبدو استحقاقاً قريباً، هيمنة «الحشد الشعبي» تحافظ على قوتها العسكرية وتستعد للتحوّل إلى قوة سياسية، الانتخابات فتحت آفاقاً لشيء من التغيير لكن يجري إفراغها من أي مضمون «وطني»، الانفتاح على المحيط العربي يتمّ بخطوات صغيرة وبطيئة نظراً إلى أن التأثير الإيراني يواصل تغذية الروح العدائية..

هذه عينات مهمة مما يتطلبه الوضع العراقي في مرحلة «ما بعد النصر على الإرهاب»، وبطبيعة الحال هناك قضية إعادة الإعمار التي تحتاج إلى مساهمات خارجية أساسية، وهذه تحتاج بدورها إلى مؤشرات جدية إلى الاستقرار، وإلا فإنها لن تتدفق بالوتيرة التي تأمل بها حكومة حيدر العبادي أو تلك التي ستأتي بعدها، إذا لم يتمكّن العبادي من إحداث اختراق في الانتخابات.

في كل مراجعة لأحوال العراق يتبيّن أنه لا يزال واقعاً تحت تأثير القرارات الأولى التي اتخذتها سلطة الاحتلال الأميركي، من تفكيك للدولة وحلّ للمؤسسات العسكرية والأمنية واعتماد على الفوضى التي لم تبدُ «خلّاقة» ولا في أي مرحلة. ثم إنها أصبحت تحت تأثير هذا التغلغل الذي بنى على تلك الفوضى وساهم في تكريسها وتعميقها؛ حتى بدا لكثيرين وكأن القرارات الأميركية إنما رُسمت لتكون في خدمة إيران.

ولعل أسوأ ما انتاب العراق هو الوباء الطائفي الذي استشرى على نحو بالغ البشاعة، وصار هدفه الأول أن يستخدم شيعة النظام الحالي لكي يمذهب الدولة ويُخضع سياسياً سائر المكونات لمذهب واحد؛ لكن تعددية المجتمع تحول دون استقامة معادلة كهذه، بل إن العقلية التي تعمل لفرضها من شأنها أن تضيّع الدولة وأن تحول دون أي سِلم أهلي حقيقي.

جاء التحضير للانتخابات المقبلة في الثاني عشر من مايو ببعض الشواهد؛ إذ يحاول «الحشديون» ومن يدعمونهم مصادرة عملية الاقتراع مسبقاً، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية السنّية كمحافظتَي نينوى وصلاح الدين.. فالأهالي يتعرّضون لضغوط كي يُظهروا تأييداً لقوائم معينة، ويتعرّضون للابتزاز في تسهيل أو عدم تسهيل عودتهم إلى بيوتهم وأملاكهم، أو تمكينهم من زيارة معتقليهم ومعرفة مصير المخطوفين/ المفقودين من أبنائهم.

وقد لفت رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن الوضع الاجتماعي في الفلوجة والرمادي لا يسمح بعودة النازحين بسبب «خلافات عشائرية» وعدم حصول «مصالحة»؛ لكن بعض أهم الأسباب خشية النازحين من أعمال انتقامية على أيدي الميليشيات الطائفية.

ولا شك أن البرلمان المقبل سيولد مشوّهاً ومشتبهاً في عدم دستوريته، تحديداً بسبب إهمال محنة النازحين، رغم النقاش الذي جرى في الشهور الأخيرة حول صعوبة إجراء الاقتراع في مناطق غادرها سكانها قسراً.

جرت محاولات - ولا تزال جارية - لتشكيل قوائم انتخابية عابرة للطوائف، بل تُعتبر هذه من أبرز ظواهر الانتخابات الرابعة منذ سقوط النظام السابق، ولن تُعرف انعكاساتها أو استجابات الناخبين لمغزاها إلا بعد الاختبار، غير أنها تبقى تحالفات انتخابية ولا ترقى إلى «مصالحة وطنية»؛ إذ لم يشجّع الجناح المذهبي الرئيسي في النظام الحالي على إجراء «المصالحة»، كونها تتعارض مع الاستراتيجية التي ينتهجها لإخضاع المكونات الأخرى.

وكانت تصريحات علي أكبر ولايتي واضحة في تحذيرها بـ«أن الصحوة الإسلامية لن تسمح بعودة الليبراليين والشيوعيين للحكم».

لم يكن هؤلاء في الحكم كي يعودوا إليه، فالبعثيون اضطهدوهم أسوة بالآخرين. وما يخشى واقعياً هو ما تتمناه غالبية ساحقة من العراقيين: أن تتيح الانتخابات نهوض دولة لجميع العراقيين، وليس لفئة منهم.

العرب القطرية

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت