الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مناطق أهل السنة|خراسان الجنوبية

المجلة - | Mon, Mar 5, 2018 2:25 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

يُقدّر عدد أهل السنّة بعشرين أو ثلاثين في المائة من مجموع سكّان خراسان الجنوبية، البالغ عددهم ثمانمائة ألف نسمة.

ينتشر أهل السنة في مناطق مختلفة من المحافظة كمدينة «نهبندان»، و «سربيشه»، و «بيرجند» (مركز المحافظة)، و «درميان»، و «زيركوه»، و «قائنات» وأريافها وهضابها، إلّا أنّ ثقل أهل السنة يسكن في «بيرجند» ومدينة «درميان» ومدينة «طبس»، وينتمون إلى العرقية الفارسية، ويتكلمون باللهجة البيرجندية، وهي فرع من لهجات خراسان الكبيرة، وينتمي بعضهم أيضا إلى القبائل البلوشية التي هاجرت من «سيستان وبلوشستان» إلى هذه المحافظة، ويسكنون في مدينة «نهبندان» وبعض قراها، وكذلك في قرى من منطقة «زيركوه» و «قائنات»، وقرية «خيرآباد” من قرى مدينة «طبس مسينا».

نهبندان

من «زاهدان» عندما نتجه نحو «خراسان»، أوّل مدينة نصلها، هي مدينة «نهبندان». يعود تاريخ هذه المدينة إلى أكثر من ألفي سنة، والقلعة الأثرية القديمة داخل المدينة من شواهد الحضارة قبل الإسلام فيها.

اعتبر الجغرافيون القدامى هذه المدينة من مدن «سجستان» الواسعة، وذكروها باسم «نيه» بالكسر ثمّ السكون وهاء خالصة، ولا يزال أهلها يذكرونها بالاسم القديم بينهم. قال أبو سعد: «نيه بلدة بين سجستان»، ينسب إليها أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن النيهي، الفقيه الشافعي؛ كان إماما عارفا بمذهب الشافعي؛ برع في الفقه ثم درّس بعده وكثر أصحابه، وهو أستاذ أبي إسحاق إبراهيم ابن أحمد المروزي. سمع الحديث من أستاذه الحسين ابن محمد ومن أبي عبد الله محمد بن محمد بن العلاء البغوي وغيرهما، وتوفي حوالي سنة 480. وينسب أيضا إلى هذه المدينة عبد الرحمن بن عبد الله النيهي، وهو ابن أخ أبي محمد الحسن، كان إمام فاضلا مفتيا ديّنا ورعا، شافعي المذهب، تفقه على الحسين بن مسعود البغوي الفراء وتخرج عليه جماعة. (معجم البلدان) وينسب إلى «نيه» أيضا أبوبكر النيهي الفقيه من علماء وفقهاء القرن الرابع.

يسكن في «نهبندان» أقوام وقبائل مختلفة. توجد في جنوب هذه المدينة منطقة جبلية تسمى بـ «سند” (استند) يسكن فيها قبائل بهذا الإسم. بعض هذه القبائل تسكن في شرق قرية «دهسلم»، وهي قبائل تعيش حياة عشائرية، وهؤلاء ليسوا من عشائر الفرس ولا البلوش ولا البروهية، ولا قرابة بين لغتهم مع اللغة البلوشية ولا البروهية ولا الفارسية. يعتقد البعض أنهم بقايا من العرقيات التي اندرست في تاريخ إيران قبل الآرية. والله أعلم

إضافة إلى القومية الفارسية، يسكن في «نهبندان» البلوش والعرب. البلوش من العشائر المهاجرة من منطقة سيستان، والعرب أيضا انتقلوا إلى هذه المدينة من منطقة «عربخان»، إحدى أكبر قرى «نهبندان». العرب في منطقة «عربخانه» من بقايا جيش حازم بن خزيمه الذي قدم سنة 150 الهجري إلى خراسان، لما خرجت أهل خراسان على المنصور الخليفة العباسي مع الأمير أستاذ سيس حيث اجتمع له فيما قيل: ثلاثمائة ألف مقاتل، فسار حازم بن خزيمة في جيش عظيم، فالتقى الجمعان وانهزم السيس وجنده. (العبر في خبر من غبر)

يشكّل أهل السنّة عددا لا بأس به من سكّان «نهبندان»، معظمهم ينتمون إلى العرقية البلوشية، ويسكنون داخل المدينة، ولهم مصلى لتأدية الصلاة فيها، ويسكن أكثرهم في القرى المجاورة للمدينة، كقرية «طبسين السفلى» و «طبسين العليا»، وكذلك قرية «شوسف»، و «ماده كاريز» و «كرباسو» وغيرها.

سربيشه

«سربيشه» تقع في جنوب «بيرجند» بجانب طريق زاهدان – مشهد، وهي تبعد عن «بيرجند» نحو 65 كم. وهي ثاني مدينة أمام القادمين من «زاهدان» بعد «نهبندان». تقع مدينة «سربيشه» في منطقة جبلية، وبرودتها في الشتاء لا توصف، وفي فصل الصيف الطقس لطيف. يبلغ عدد أهل السنة في «سربيشه» إلى بضعة بيوتات قدموا من سائر المناطق السنية.

«سربيشه» مدينة قديمة جدا، كان أهلها قبل سيطرة الصفوية والقاجار من أهل السنّة. ذكر «حمد الله المستوفي» في كتابه «نزهة القلوب»: إنّ أبو الحسن علي بن جولوق المعروف بـ فرخي السيستاني الذي كان من أدباء وشعراء السلطان محمود الغزنوي، وأبوبکر علي ابن الحسین القهستانی، ينتميان إلى هذه المدينة. والله أعلم

أهل السنة في «سربيشه»، يسكنون في منطقة «ماخونيك». قرية «ماخونيك» تعتبر من عجائب قرى العالم. وهي هضبة «ماخونيك» تضم أكثر من اثنتي عشرة قرية، يبلغ عدد سكانها إلى أكثر من خمسمائة نسمة. معهد «أنوار العلوم» للعلوم الشرعية ينشط في هذه المنطقة، ويعيش أيضا بيوتات من أهل السنّة في مدينة «سربيشه» قدموا من سائر مدن وقرى المحافظة.

«بيرجند» مركز محافظة خراسان الجنوبية

مدينة «بيرجند» هي عاصمة محافظة خراسان الجنوبية، التي تقع  شمال المحافظة في مساحة تبلغ 31704 كم، وهي سادس مدن إيران من حيث المساحة. تجاور بيرجند من ناحية الشمال مدينتي «قائن» و «فردوس»، ومن الغرب محافظة «كرمان»، ومن الشرق بلاد الأفغان، ومن الجنوب مدينة «نهبندان»؛ وهي تشتمل على أربعة نواحي: الناحية المركزية، وناحية خوسف، وناحية درميان، و ناحية سربيشه.

إن أقدم تذكرة لمدينة «بيرجند» بهذا الإسم، وردت في كتاب معجم البلدان. يقول الياقوت الحموي عنها: «أحسبها من قرى قوهستان».

يقال في وجه تسمية «بيرجند»، إن هذة المدينة وردت في أشكال مختلفة، «برجن»، «بركند»، «بير گندة»، في كتب المعاجم واللغات. لأول مرة مر ذكر هذا المصطلح في كتاب معجم البلدان في القرن السابع، حيث ذكر هذه المدينة كأجمل مدن «قهستان». معظم من تحدثوا عن «بيرجند»، قالوا إن كلمة «بير جند» مركبة من كلمتي «بير» و «جند» والجند هو معرب لـ «كند»، وهو يعني المدينة. وهناك اختلاف في الجزء الأول من الكلمة. البعض ذكروا أن معناه «النصف»، أو «العالي» أو «البئر» أو «الطوفان».

ظلّ «بيرجند» معقلا من معاقل العلم والثقافة في إيران قديما وحديثا، والمدرسة الشوكتية فيها ثالث مدرسة عصرية في إيران جرى التدريس والتعليم فيها بالأساليب العصرية بعد دارالفنون في طهران، والرشدية في تبريز.

تحكي الآثار الجغرافية في القرون الإسلامية الأولى أن «بيرجند» أو «بيرگند» كانت قرية من القرى الموغلة في القدم، ثم أصبحت في وقت من الزمن مقرا لحاكم ولاية «قائنات»، وكان لحكامها دور كبير في المشاركة في هجمات نادرشاه، حيث اكتسبوا بها أهمية خاصة في تلك الأحداث، وأضفوا على مدينتهم رونقا خاصا، وهكذا أصبحت العوامل السياسية ذات دور كبير في تكوينها، وإن كانت العوامل الجغرافية غير مساعدة لذلك.

قرية «بجد» التاريخية

قرية «بجد» تبعد على مسافة 8 كلم من مدينة «بيرجند». هذه القرية من أقدم القرى في هذه المنطقة، وسكّانها من أهل السنة قديما وحديثا، وفيها مدفن العالم الشهير مولانا «عبد العلي البيرجندي الحنفي» الذي سوف نتطرق إلى ترجمة حياته.

يقال إن ثلاثة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفونون في مقبرة هذه القرية التاريخية، كما أن السلطان زيد، من أحفاد السلطان إبراهيم رضا (الذي هو من أحفاد موسى الكاظم رحمه الله) دفن في «بجد»، وفيها أيضا ضريح ينسب إليه. توجد في القرية أيضا مساجد تاريخية، أبرزها مسجد «أزبك» الذي يعود إلى العهد التيموري، كما أن مقبرة «بجد» المشهورة بمقبرة أولياء الله، يرقد فيها عرفاء وأولياء وعلماء كبار.

منطقة «درميان»

من أهم مناطق أهل السنة في خراسان الجنوبية، منطقة «درميان» بما فيها من المدن، كمدينة «الأسدية» و «قهستان» و «طبس مسينا»، يبلغ عدد سكان هذه المنطقة حسب إحصائية 1432 إلى أكثر من خمسين ألفا. المساجد القديمة وكذلك المدارس العلمية القديمة في منطقة «درميان» تشهد بأنها كانت قلعة من قلاع العلم والدين في هذه المنطقة. إن جامع درخش، وجامع هندوالان وكسك، ومعهد قهستان للعلوم الشرعية، من أهمّ المباني التاريخية التي تحمل لنا عن ماضيها دروس العزة والعلم والمعرفة.

قرية «آواز» و«آبغرم» و«خيرآباد» و«نوغاب»، تعتبر من أبرز القرى في منطقة «درميان».

جدير بالذكر أن  صلاة الجمعة في «درميان» تقام في أكثر من إثني عشر موضعا، وهي نواحي تطلق عليها في اللغة المحلية «جلكه سني خانه» (يعني: سهول يقطنها أهل السنة).

قرية «آبغرم» (قرية السادات)

«آبغرم» معناها الماء الدافئ، وهي من القرى الهامّة التي تقع في «درميان». بجنب «آبغرم» قرية إسمها «گاویج» وإسمها الحقيقي قبل الإسلام «گبریج» وکان أهلها وثنیون. يقال إن إبراهيم السلطان قدم إلى هنا لمهمّة نشر الإسلام، فجرح في إحدى حروبه مع الوثنين ومات ودفن فيها. ثمّ تبدّل إسم «كبريج» إلى «شهر ولي» وأصل القرية الآن تحت الأنقاض.

في قرية «آبغرم» ضريح ينسب إلى «السلطان إبراهيم رضا»، يقال عنه: إنه كان حفيد «موسى الكاظم» وابن أخ «علي الرضا». والد «السلطان إبراهيم» كان «السلطان حسين»، هو و «علي الرضا» كانا أخوان، وإبنان لـ «موسى الكاظم». 

انتشر السادات في أنحاء العالم من إيران والهند ومناطق أخرى، وإنّ هناك أسبابا عديدة وراء هجرة السادات وانتشارهم، من أهمها القيام بمهمة الدعوة ونشر الإسلام بين الناس في تلك العصور. والسبب الآخر والأبرز، هو تهميشهم من قبل دولة العبّاسيين الذين كانوا يتوجّسون منهم الخوف على دولتهم توجّس الملوك. أيّا كان سبب انتشارهم، لكن ما أجمل وأروع أن يشتغل السادات بمهمة الدعوة ونشر رسالة جدّهم في أنحاء العالم.

«الطبس»

«طبس مسينا» تقع شرق «بيرجند» ضمن منطقة «درميان»، من الجهة التي تجاور حدود أفغانستان، وهي غير «طبس جلشن» التي تقع في غربها، مما يلي محافظة «كرمان» و «يزد» ومفازة «يزد» التي تقع غرب «خراسان» الواسعة.

الطَّبَسَانِ هما يعتبران باب خراسان التاريخية في كتب البلدان والتاريخ، ويسمّى أحدهما «طبس العنّاب» والأخرى «طبس التمر». قال الإصطخري: «الطبس مدينة صغيرة أصغر من قاين وبها نخيل وعليها حصن بناؤها من طين وماؤها من القنيّ، ونخيلها أكثر من بساتين قاين، والعرب تسميها باب خراسان، لأن العرب في أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان- رضي الله عنه- لما قصدوا فتح خراسان، كانت أول فتوحهم».

قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني: أول فتوح خراسان الطبسان، وهما بابا خراسان، وقد فتحهما عبد الله ابن بديل بن ورقاء في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29، ثم دخلوا إلى خراسان، وهي بين نيسابور وأصبهان وشيراز وكرمان، وإياها عنى مالك ابن الرّيب المازني بعد ما ذكر في خراسان من قصيدته هذه:

عاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي * بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا.

أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ * تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا.

أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا * جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا.

ينسب إلى الطبسين جماعة من أهل العلم بلفظ المفرد فيقال طبسيّ. منهم الحافظ أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطّبسي، صاحب التصانيف المشهورة، روى عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ، وروى عنه أبو عبد الله بن الشاه القصّار الشاذياخي والجنيد بن علي القائني، وتوفّي بطبس في حدود سنة 480.

 منطقة «زيركوه»

«زيركوه» من النواحي المهمة في محافظة خراسان الجنوبية. مدينة «حاجي آباد» هي مركز الناحية. يبلغ عدد سكان هذه الناحية إلى أكثر من أربعين ألفا، ويشكل أهل السنة ربعها. أكثر أهل السنة يسكنون في القرى، كقرية «بهمن آباد»، و«تاج كوه»، و«حسن آباد» وغيرها، ولهم مسجد أيضا في «حاجي آباد»، مركز الناحية.

<<< من مشاهير خراسان الجنوبية

  • العلامة عبدالعلي البيرجندي

عالم رياضي ومنجم، عاش في القرن التاسع والعاشر من الهجرة النبوية، وإسمه الكامل نظام الدين عبد العلي بن محمد بن حسين، لقب بالفاضل البيرجندي والمحقق البيرجندي. كان حنفي المذهب ودرس الحديث الشريف على الشيخ خواجه غياث الدين الكاساني، وتعلم الفنون الحكمية من منصور بن معين الدين الكاساني، والعلوم الأخرى من كمال الدين، وأيضا استفاد من سماحة العلامة سيف الدين تفتازاني والملا مسعود.

والأقوال في سنة وفاته مختلفة، والأصح أنه توفي سنة 942 من الهجرة النبوية، وللعلامة رحمه الله مصنفات عديدة وأهمها ما يلى:

1- شرح آداب المناظرة.

2- شرح التذكرة النصرية في الهيئة.

3- شرح الدرر النظيم في خواص القرآن الكريم.

4- شرح الشمسية.

  • الحكيم سعد الدين شمس الدين النزاري القهستاني

كان رحمه الله بارعا في الشعر، وكان فقيها في المذهب الحنفي، لكن لم يعثر في العصر الراهن على شيء من مؤلفاته وتصانيفه الكثيرة لأسباب لا يعلمها إلا الله. ولد الشيخ رحمه الله سنة 645 من الهجرة النبوية وتوفي سنة 710  في 65 من عمره .

مما تنسب إليه من الكتب:

1- مونس الأحرار.

2- ديوان نزاري.

3- كليات نزاري.

4- «نامه منظومه» أم «شعر مثنوي».

  • ابن حسام الخوسفي

محمد بن حسام الدين الحسن، الشهير بابن حسام الخوسفي. هو شاعر وعارف وفقيه وعالم ورع، ولد سنة 782 هـ في مدينة «خوسف» التي تعتبر من أقدم نواحي مدينة «بيرجند».

ومن العلماء المنسوبين إلى هذه المنطقة «أبو عبد الله القايِني»، أديب أصبهان، وكان يذكر بالصلاح والعفة واتباع السنة. كان كثير الكتابة، دقيق الخط، وكان يسمى الأصمعي الصغير.

المدارس والمراكز الدينية

في محافظة خراسان الجنوبية أربع مدارس دينية شهيرة لأهل السنة، تدرس فيها العلوم الإسلامية،  منها «مدرسة الصديق الدينية» التي تقع في مدينة بيرجند، ويشرف عليها الشيخ حيدر الفاروقي، و «مدرسة العلامة الندوي» في قرية نصر الدين (آبغرم)، ويشرف عليها الشيخ السيد مؤمن الموسوي، و «مركز على بن أبي طالب العلمي» في مدينة طبس، تحت إشراف الشيخ «محمد برفي».

وهناك مدرسة علمية أخرى في «ماخونيك»، يشرف عليها الشيخ محمود رحماني، وفي هذه الناحية مركز للدعوة يقوم بنشاطات دعوية وتربوية، وكذلك بعض الكتاتيب القرآنية الصغيرة.

(سني أون لاين)

كلمات مفتاحية:

العدد الورقي

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت