الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

أذرع الملالي... جرائم التدخل الإيراني في البحرين

المجلة - | Sat, Mar 3, 2018 1:26 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< في عام 1957 أعلن البرلمان الإيراني على الملأ أن إمارة البحرين هي "الولاية الرابعة عشرة" لإيران!

<< عملاء طهران استهدفوا بأعمال التخريب أكثر من 200 مؤسسة تعليمية ومنشآت حيوية في البحرين

<< وتيرة الإرهاب الإيراني في المملكة تصاعدت منذ 2011 خصوصا مع محاولات الملالي استغلال "البعد الطائفي"

 

تقرير – شريف عبد الحميد

العلاقات "البحرينية- الإيرانية" محكومة بتاريخ طويل من المطالبات والادعاءات الإيرانية بسيادتها على هذه المملكة الخليجية. وتعود هذه الادعاءات إلى القرن السادس عشر الميلادي، عندما خضعت الجزيرة مؤقتا لحكم الإمبراطورية الصفوية، غير أن الأسرة الحاكمة للبحرين سيطرت على مقاليد الحكم منذ عام 1820.

والتدخل الإيراني - المباشر والخفي-  في الشأن البحريني ليس بجديد، فهو سياسة قديمة يمتد عمرها إلى 150 عاماً، حيث دأبت طهران منذ ذلك الحين على استهداف الدولة البحرينية، تارة بالاستهداف الصريح، وتارة بالتدخلات عبر "الوكلاء المحليين" من شيعة البلاد، وتارة أخرى بالخلايا النائمة وأعمال التخريب والإرهاب.

ولم يراع النظام الإيراني النهج الذي تقوم عليه مملكة البحرين، والذي يرتكز على السلام والتسامح الديني واحترام المواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار. وعملت إيران من خلال دعم التنظيمات الإرهابية إلى إلحاق أضرار اقتصادية بالبحرين.

ودأبت إيران سواء تحت حكم الشاه أو الملالي على دس أنفها في شؤون البحرين، وفي عام 1951 بدأت وزارة التعليم الإيرانية طبع وتدريس كتب مدرسية تزعم أن البحرين لطالما كانت جزءاً من إيران. بل كان لدى طهران سياسات تستهدف البحرينيين الزائرين لإيران بقصد العبادة، وتطلب منهم الانخراط في الجيش الإيراني.

وبعدها، وتحديدا في عام 1957، أعلن البرلمان الإيراني على الملأ عن أن البحرين هي "الولاية الرابعة عشرة لإيران"، وهو الإعلان الذي دق ناقوس الخطر ليس في المنامة فحسب بل وفي الرياض ولندن أيضاً؛ ممَّا دفع بريطانيا إلى التعهد وقتها بحماية البحرين من أطماع إيران التوسعية.

كما حاولت إيران "الشاهنشاهية" في أواخر الستينيات الدفع باتجاه إجراء استفتاء شعبي في البحرين لجس نبض شركاء المذهب البحرينيين، والتأكد من حجم "الأتباع" في صفوف الشعب في المملكة، لكن تلك التحركات كانت مرفوضةً تماماً من قبل الحكومتين البحرينية والبريطانية. وبدلاً من الاستفتاء اتفقت كل من إيران وبريطانيا بعد مفاوضات سرية على الطلب من الأمم المتحدة إجراء استقصاء في البحرين، سيقرر قضية هوية وتوجه البلاد نهائياً. وكانت النتيجة مفروغاً منها؛ حيث أعربت الأغلبية الساحقة من البحرينيين عن رغبتها في الحفاظ على الكيان العربي للبحرين مستقلة عن إيران.

وبعد ثورة عام 1979 لم يكن لدى الحكام الجدد في طهران اهتمام بإعادة فتح الملف الدبلوماسي والقانوني للبحرين لأنهم رأوا أن ذلك لن يفضي إلى أي نتيجة. لكن ذلك لم يمنعهم من إثارة موضوع السيادة في الداخل، واستخدام وسائل أخرى لمحاولة فرض اختيارات إيران على المملكة. فقد سعت طهران في مطلع الثمانينيات للإطاحة بالملكية البحرينية من خلال وكلاء متشددين من ضمنهم ما يسمى "الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين"، لكنها انتهت بالفشل.

خطة "اللعب بالوكالة"

لعب "تجنيس الشيعة" خلال عقود مضت دورا في زيادة أعداد الشيعة البحرينيين الذين لم تكن نسبتهم تتجاوز 30% من إجمالي السكان في أوائل العشرينات من القرن العشرين. ويُضاف إلى ذلك أنه في الوقت الذي كان الشيعة الإيرانيون يأتون إلى البحرين، ويحصلون على جنسيتها، كانت بعض القبائل العربية السنيّة تهاجر من البحرين باتجاه قطر والإمارات، بسبب الضغوط الاستعمارية البريطانية على القبائل العربية.

وقام الشيعة الموالون لإيران على مدار العقود الماضية، بالعديد من المحاولات التخريبية لزعزعة استقرار البحرين، المحاولة الأولى كانت بداية الثمانينات، وكان "التيار الشيرازي" الشيعي هو المسؤول عنها، عبر محاولة لقلب الأوضاع في البلد عن طريق إدخال أسلحة ومتدربين تدربوا في معسكرات خاصة في إيران. وقد تمكنت السلطات البحرينية من ضرب هذا المخطط.

والمحاولة الثانية فكانت في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، حيث قاد هذه المحاولة هذه المرة الفرع البحريني لـ"حزب الدعوة" الشيعي، الذي تحول فيما بعد إلى "جمعية الوفاق"، أكبر الجمعيات السياسية الشيعية في البحرين. واعتمدت هذه المحاولة على إحداث البلبلة والفوضى وإشعال الحرائق، لتحفيز الشيعة على القيام بثورة شاملة، محاكاة لثورة الخميني.

أما المحاولة الثالثة، فبدأت في 14 فبراير 2011، وكانت محاولة واضحة لمحاكاة ثورات "الربيع العربي"، لكن العامل الرئيسي في فشل هذه المحاولة، هو تصدي السُنّة البحرينيين وقطاعات من الشيعة غير الموالين لنظام الملالي الحاكم في طهران لها، ثم دخول قوات "درع الجزيرة" الخليجية للبحرين في مارس 2011.

وتم خلال ذلك، استهداف أكثر من 200 مؤسسة تعليمية ومنشآت حيوية في البلاد، ومنها محطات الكهرباء وأبراج الاتصالات والحدائق العامة والبنوك التجارية، وقطع الطرق. كما عملت إيران على زرع الكراهية على أساس طائفي مقيت من خلال خلاياها الإرهابية والقنوات الفضائية التي استهدفت البحرين بشكل ممنهج.

ولم يتغير هذا الأسلوب في العمل بسرية من خلال شركاء بحرينيين وبدعم من "الحرس الثوري" الإيراني، خصوصا أن تفضل خطة "اللعب بالوكالة"، ممَّا يمنحها فائدة عملية، ومخاطرة وظهورا أقل، وإنكاراً أكبر. فإيران تمول وتدعو وتجند وتدرب في معسكرات إيرانية، وتسلح العديد من الفاعلين في المملكة.

الإرهاب الإيراني في البحرين

تصاعدت وتيرة الإرهاب الإيراني في البحرين منذ 2011 بشكل كبير، خصوصا مع محاولات الملالي المستمرة استغلال "البعد الطائفي" لتنفيذ أغراضهم التوسعية في هذه المملكة الخليجية، والتي تراوحت ما بين استهداف أمن الوطن واستقراره باستخدام الأسلحة والمتفجرات، وصولاً لزعزعة النظام والإضرار بالمصالح الاقتصادية والتأثير على مسيرة التنمية الوطني.

وكشفت وزارة الداخلية البحرينية منذ فبراير عام 2011 عن العشرات من مواقع تخزين الأسلحة والمتفجرات، وصناعة الأسلحة المحلية، إضافة إلى مواد كيماوية توضع بدقة لإحداث تفجيرات.

ويقول المراقبون إن الهدف النهائي لجرائم الملالي هو تحويل البحرين إلى دولة تابعة ذات استجابة للأمن القومي والمصالح الاستراتيجية الإيرانية، خاصة إذا استطاعت إيران تحويل البحرين إلى لبنان أخرى، حيث يمتلك "حزب الله" الموالي لإيران تأثيرا بارزا وهيمنة على الأذرع الاستراتيجية للدولة اللبنانية، أو إلى العراق، حيث يخضع العديد من الساسة ورجال المليشيات العراقيين لتأثير الملالي، أو حتى إلى اليمن، حيث ينعم "الحوثيون" المجهزون جيداً بسيطرة إقليمية واسعة وبدرجة من التأثير السياسي، ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى الدعم الإيراني. غير أن الحديث عن ذلك أسهل من تنفيذه؛ لأن الفروق بين البحرين وتلك الدول الثلاث المنكوبة بالتدخلات الإيرانية كبيرة، وما استطاعت إيران بناءه وتحقيقه في لبنان والعراق واليمن، لا يمكن إعادة صنعه بهذه السهولة في البحرين التي تتمتع بدولة أقوى وأجهزة أمنية كفؤة.

في المقابل، حققت الدبلوماسية البحرينية نجاحا كبيرا في التصدي للتدخلات الإيرانية في شؤون البحرين، فانطلاقا من  التهديدات الإيرانية المتكررة كانت الكلمة التي ألقاها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015، وأوضح فيها بالأدلة والبراهين حقيقة التدخلات الإيرانية ومخاطرها، حيث قال "إن الحرب على المنطقة هي حرب رخيصة لا تكلف أموالا، إنها حرب عملاء وحرب ميلشيات، وهؤلاء العملاء يفجرون ويقتلون" كما قدم الوزير شكوى رسمية للأمين العام للأمم المتحدة تضمنت الطلب بالتدخل لإيقاف إيران عن تلك الممارسات، والعمل على بناء علاقة أفضل بين إيران والبحرين.

 

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت