الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الانتخابات العراقية تحت رحى الطائفية

المجلة - | Wed, Feb 21, 2018 6:14 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

>> تحالفات شيعية تخطط لالتهام مقاعد البرلمان بدعم إرهابي وإشراف إيراني

>> انقسام شيعي يقوده «التيار الصدري» ضد «الحشد الشعبي» لتأكيد «الإقصاء السني» 

>> السُّنة تنبذ التقسيم الطائفي وتخوض المعركة  في مثلث «الرفض والخوف و الظلم»

 

تقرير - أحمد النعمان

24 مليون عراقي من بين 36 مليون نسمة هو عدد سكان العراق ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في 12 مايو من العام الجاري 2018، حيث توصل البرلمان العراقي بالإجماع إلى اتفاق إجراء انتخابات تشريعية في هذا الموعد، رغم مطالبة الأحزاب السنية  والكردية بتأجيلها لحين عودة مئات الآلاف من النازحين إلى ديارهم وممارسة حقهم الانتخابي، في مواجهة مليشيات «الحشد الشعبي» الطائفية التي تصر على الاستحواذ بنصيب الأسد في البرلمان العراقي،  الذي يضم 328 مقعداً ويمتد لأربع سنوات والتي كانت آخرها في 30 أبريل 2014.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات العراقية النيابية  في 18 دائرة انتخابية تمثل عدد محافظات العراق، و ينتخب كل منها 7 إلى 34 نائبا استنادا إلى عدد سكان كل محافظة، مقابل ذلك هناك نسبة خاصة للأقليات «كوتا» تشمل ثمانية مقاعد، خمسة منها للمسيحيين، ومقعد للمندائيين، ومقعد للأيزيديين، ومقعد للشبك، في حين تبقى الكتلة الشيعية والكتلة السنية والكتلة الكردية مكونات رئيسة تسيطر على المشهد الانتخابي، الذي يشهد بدوره «فوضى التحالفات السياسية» بينما تعلب إيران، «وكر التعصب الطائفي والمذهبي» دورا خبيثا مكشوفا لتشكل أحد أهم التحديات التي تواجه الانتخابات العراقية.

 وظهرت تحالفات جديدة  تتنافس قانونياعلى السلطة وتسببت في تصاعد وتيرة التنافس حيث يدخل 27 تحالفا حلبة الانتخابات، تتمثل في 143 حزبا سياسيا، كلها التزمت مسارها المألوف في الحياة السياسية العراقية  الذي تشارك فيه التكتلات الثلاثة الكبرى.

هوجة تحالفات «شيعية» 

تدخل القوى الشيعية بما يقرب من 71 حزبا وتنظيما للانتخابات، وقد توزعت محاورها على ثلاثة أجنحة كبرى تتمثل في:

1- حزب «الدعوة» الذي انقسم انتخابيا إلى خطين متنافسين، يقود الأول حيدر العبادي، والمعروف باسم «ائتلاف النصر» وتحالف معه حزب «مستقلون»، الذي يعتبر الظهير التاريخي لحزب الدعوة ويقوده حسين الشهرستاني، وتجمع «عطاء» الذي خرج عن تجمع «الإصلاح» الذي كان يقوده فالح الفياض وهو من قيادات تنظيم الدعوة ، إلى جانب تيار «الحكمة» الذي يقوده عمار الحكيم، و «حزب الله العراق» الذي يقوده حسن الساري، وغيرهم من تنظيمات صغيرة.

بينما ظهرت  قوى سياسية شيعية انضوت تحت مظلة «ائتلاف النصر»، ثم خرجت عنه فصائل الحشد الشعبي، وقررت خوض الانتخابات بقائمة «ائتلاف الفتح»، الذي يضم مليشيات «منظمة بدر» بقيادة الإرهابي المجرم هادي العامري وكتلة «صادقون» بقيادة زعيم مليشيات «عصائب أهل الحق» المجرم قيس الخزعلي وهما الكتلتان الكبريان، ومعهما كتلة «منتصرون» التي يقودها فالح الخزعلي.

2- الجناح الثاني من حزب الدعوة، وهو الجناح  الشيعي الثاني الكبير، و يقوده رئيس الوزراء السابق المجرم نوري كامل المالكي تحت مسمى «ائتلاف دولة القانون» متحالفا مع تيار يقوده موفق الربيعي الذي لا يشكل ثقلا عدديا كبيرا، ومع الحزب المدني الذي يقوده الإعلامي السابق أحمد ملا طلال وهو تنظيم لا يتجاوز عمره شهرين، إضافة إلى بضع أحزاب شيعية صغيرة أغلبها غير معروف.

3- قوى التيار الصدري، وقد انفرد بموقف رافض للتحالفات السياسية الجارية في المشهد العراقي، الذي يؤكد على رغبة قائده المجرم المذهبي مقتدى الصدر في إنشاء تيار تكنوقراطي مهيمن بموجب «التقسيم الطائفي والإثني» الذي يسود العراق منذ عام 2003 حسب إعلاناته المتكررة.

تصدع «شيعي – شيعي»

أثار تحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي مع أجنحة سياسية لفصائل الحشد الشعبي الشيعية غضب المجرم المذهبي مقتدى الصدر الذي يخوض الانتخابات بقائمة منفردة باسم الاستقامة، وذلك بعدما أعلن العبادي أن ائتلافه «عابر للطائفية» ويهدف لمحاربة المحاصصة والفساد .

وقال نائب رئيس كتلة الأحرار  البرلمانية، التابعة للتيار الصدري، محمد هوري إن الصدر يود أن تكون قائمة الاستقامة «غير متخندقة»، وعابرة للمسميات، وتتفق مع من يعملون في الفضاء الوطني .

وأضاف هوري أن المرشحين ضمن قائمة الاستقامة، التي تبناها الصدر، لن يكون بينهم أية وجوه وشخصيات سابقة، سواء من كتلة الأحرار أو غيرها.

وتحالف العبادي مع ائتلاف الفتح، المكون من أجنحة سياسية لفصائل الحشد الشعبي - قوات شيعية موالية للحكومة- والتي  تتلقى غالبيتها الدعم من إيران، وأبرزها «منظمة بدر»، بزعامة المجرم هادي العامري، و «عصائب أهل الحق»، بزعامة المجرم قيس الخزعلي.

وخالف هذا التحالف توقعات بأن العبادي سيسعى إلى كبح جماح النفوذ المتعاظم لفصائل الحشد، بينما تواجه فصائل الحشد الشعبي اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق بحق السنة والأكراد في شمالي وغربي العراق.

أما تيار «الحكمة» الذي يقوده عمار الحكيم، فإنه لن يستطيع الوقوف وحيدا بعيدا عن خيمة هذا الائتلاف لاسيما أنه يختلف كثيرا مع القطب السياسي الشيعي الآخر الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

مظالم ومخاوف السُّنة

تخوض السُّنة الانتخابات بأكثر من 50 حزبا وكيانا سياسيا، في حين أقر «ائتلاف الوطنية» الذي يعرف باسم «اتحاد تحالف القوى»، الذي يقوده إياد علاوي الذي أقر انضمام أكثر من 30 كتلة وتيارا إليه للمشاركة في  الانتخابات.

ومن أبرز الشخصيات المنضمة إلى الائتلاف سليم الجبوري رئيس الحزب الإسلامي العراقي، رئيس مجلس النواب الحالي، وصالح المطلك رئيس القائمة العربية، وفصائل «الحشد السني» التي شاركت في تحرير الأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل، والتي تحول بعضها إلى كيانات سياسية تدخل الانتخابات بقوائم مستقلة.

غير أن مراقبون يشيرون إلى ظهور ثلاثة تحالفات سنية كبيرة، الأول، بزعامة سليم الجبوري، والثاني، بزعامة جمال الكربولي، والثالث، بزعامة أسامة النجيفي.

 ويعاني العرب السُّنة من مظالم وانتهاكات تشوب الانتخابات من بينها  القسمة الانتخابية الظالمة، والجرائم الإرهابية التي تمارسها المليشيات الشيعية وثيقة الصلة بالدولة، رغم أن الجماعة العربية السُّنية لم تلتزم تاريخياً، بهوية طائفية صريحة مثلما تفعل التنظيمات الشيعية المدعومة بملشياتها الإجرامية المسلحة، بل كانت تعلي من شأن القومية العربية كهوية مفضلة لها في المحافظات الكبرى السُّنية مثل الموصل والأنبار، حيث كانت هذه القومية أداة لإظهار حسن النوايا للتأكيد على «الوئام» مع الأغلبية الشيعية المسيطرة.

وعلى عكس الشيعة، لم يكن لدى العرب السُّنة جماعات سياسية كبيرة خارج حزب البعث، وقد شعر العرب السُّنة بأن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة، والميليشيات الشيعية التي برزت خلال فترة الحرب الأهلية في الفترة 2006-2007  استهدفت الجماعات السنية. وخلال الاستفتاء الدستوري الذي أجري العام 2005، صوتت كل المناطق التي تقطنها أغلبية سُنية ضد الدستور الجديد، وهو مايعكس الاغتراب العميق الذي يشعر به أهل السُّنة.

 إن السياسات التمييزية التي سنتها حكومة نوري المالكي، مثل محاولاتها استهداف زعماء السُّنة باتهامات الإرهاب والاعتقالات الجماعية للمواطنين السُّنة، مازالت قائمة على الأرض وماثلة في الأذهان .

«التحالف الكردي».. افتراضي

يعتبر التحالف الكردستاني المظلة التي تتحرك كل القوى الفاعلة في كردستان العراق، ويملك 60 مقعدا في مجلس النواب، وعدة وزراء في الحكومة وقد فقد بعد «كارثة الاستفتاء» حول استقلال الإقليم حتى مبررات وجوده بعد انسحاب الزعيم مسعود بارزاني عن المشهد واعتزاله العمل السياسي، وبعد وفاة الزعيم جلال طالباني. ولم يعد التحالف بشكله التاريخي قائما، وانسحبت منه أغلب مكوناته، وما تبقى هو الحزبان الكبيران الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وهما غير متفقين، وهذا يعني أن الحديث عن تحالف كردستاني بات حديثا افتراضيا.

جرائم الأحزاب الشيعية

يرتكب «الحشد الشعبي» العراقي الشيعي جرائم وفقا لمنظمات حقوقية أبرزها منظمة العفو الدولية، والتي أكدت في تقرير سابق لها أن ميليشيات «الحشد» تسفك دماء أهل السُّنة من خلال جرائم تصنف على أنها «جرائم الحرب». كذلك تتهم مكونات سياسية عراقية سنية «الحشد» بالتنكيل الطائفي بالسُّنة وبالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي عبر التهجير القسري للعائلات السُّنية من بعض المناطق السُّنية المحررة، وهدم دور عبادة سُنية. واتهم «الحشد» بقتل مصلين سُنة في جوامعهم وبتنفيذ اغتيالات منظمة لأئمة مساجد، وبالمسؤولية عن «مجزرة بروانة»، في محافظة ديالي، التي ذهب ضحيتها أكثر من 90 شخصاً.

وفي مناسبات عدة، فتحت الحكومة العراقية تحقيقات في اتهامات تناولت «الحشد»، مثل جريمة ارتكبت في الأنبار ومجزرة وقعت في محافظة ديالى. كذلك، كلف رئيس البرلمان العراقي اللجنة الأمنية في البرلمان التحقيق في بعض الاتهامات.

ورغم ذلك أكدت دراسة لـ«مركز كارنيجي للدراسات»، أصدرها في وقت سابق، أن «الطائفة الشيعية» لا تمثل قوة متجانسة إذ تتنافس الجماعات المختلفة ضمن الطائفة مع بعضها البعض على السلطة، موضحة أن  قاعدة دعم الأحزاب الشيعية العائدة من المنفى، مثل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والذي كان يعرف في السابق باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة، محدودة في العراق، مما  دفعها إلى استغلال الطائفية والمخاوف الطائفية لخلق جمهور ناخبين وحاضنة اجتماعية جديدة.

ومن المرجح أن يزيد تفاقم  التوترات الطائفية في العراق إذا ماهيمنت التيارات الأكثر طائفية على السياسة الشيعية.

«استنسناخ» الطائفية اللبنانية

هناك توقعات باستنساخ «النموذج الطائفي» اللبناني، فالحضور للطوائف وزعاماتها الموروثة وشيوخها، فلا يمكن أن نتخيل مشاركة شيعية لو أن المرجع الشيعي علي السيستاني قرر المقاطعة والأصوات الشيعية لا تخرج من نطاق الطائفة، وهذا ينطبق على السُّنة العرب إلى درجة بعيدة فهم قاطعوا عندما دعت «هيئة علماء المسلمين» للمقاطعة واليوم يشاركون لأن الهيئة رفعت «الفيتو» السابق. أما الأكراد فالانتخابات تستنسخ القيادات الموروثة من أيام الملا مصطفى البرزاني.

بيد أن الطوائف والعرقيات ليست موحدة في هذه الانتخابات كما كان الحال في الانتخابات السابقة، وخصوصا الكتلة الشيعية التي تخوض الانتخابات في عدة كتل دينية وعلمانية، وحتى اليوم لم يعلن المرجع الشيعي موقفا محددا تجاه أي منها، وإن كان له موقف سلبي عدائي من قائمة علاوي. وهو ما يوسع هامش المناورة السياسية للعرب السُّنة الذين غدوا يحظون بتعاطف دولي نتيجة التهميش الذي تعرضوا له في الفترة الأخيرة.

بينما طالبت القوى السُّنية بتأجيل الانتخابات، وفي هذا السياق وقّع 144 نائباً من مجموع عدد أعضاء مجلس النواب طلب تأجيل الانتخابات إلى مجلس النواب، ولم يحسم المجلس قراره بهذا الشأن لكن السفارة الأمريكية في العراق، أعلنت أن الولايات المتحدة تؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في موعدها المحدد في 12 مايو طبقا لخطة الحكومة، بل انتقدت الدعوات لتأجيلها.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت