<< العام الماضي شهد مزيدا من الجرائم في حق السُّنة الذين صارت دماؤهم مستباحة للمليشيات الشيعية
<< منظمات حقوقية سورية: سبتمبر 2017 كان أكثر الأشهر دموية.. وسقط خلاله 3 آلاف قتيل
<< المراقبون: الصمت الدولي عن ممارسات مليشيات الشيعة ضد السُّنة يصب في مصلحة النفوذ الإيراني
<< «هيومن رايتس»: الميليشيات شبه العسكرية في سوريا والعراق ارتكبت «جرائم حرب» ضد السُّنة
<< مجلة «دير شبيغل» الألمانية تصف قوات الحكومة العراقية ومسلحي ميليشيات «الحشد" الشيعية بـ«الوحوش»
<< منظمة دولية: تهجير 3.2 مليون سني من «الموصل والأنبار وصلاح الدين» حتى نهاية 2017
<< صنعاء أضحت «مدينة رعب» بعد أن حولها «الحوثيون» إلى عاصمة القتل والحرق والدماء
<< ميليشيات «الحوثي» تواصل إجرامها في توحش منقطع النظير تجاه المواطنين في اليمن عامة
<< المشروع الإيراني التوسعي مشروع دموي من الطراز الأول لم يعرف له العالم مثيلا منذ عصر «النازيين»
<< إيران وحلفاءها الذين ارتكبوا عشرات المذابح في حق السُّنة لم يطلقوا «طلقة واحدة» من أجل القدس
أعد الملف - شريف عبد الحميد
شهد عام 2017 المنصرم المزيد من الجرائم الإيرانية في حق السُّنة، الذين صارت دماؤهم وأموالهم مستباحة للمليشيات الشيعية في كل مكان، حيث عاث نظام الملالي خلال السنة الماضية فسادا وإفسادا في دول عربية وإسلامية كانت آمنة مطمئنة، حتى استهدفتها مليشيات وعملاء «الولي السفيه» بحروبه الطائفية وتفجيراته وخلاياه النائمة فباتت مرتعا للاضطرابات السياسية ومسرحا للدماء المستباحة.
واستمرارا للهدف المعلن عنه منذ عدة عقود، تصاعدت خلال العام الماضي 2017 محاولات إيران الدؤوبة في «تصدير الثورة» كهدف استراتيجي طائفي مشحون بأجندات دينية سياسية، وترافق ذلك مع إذكاء البعد الطائفي الديني ومحاولة إشعال الأوضاع الداخلية في دول الخليج، ومثال ذلك ما شهدته الساحة البحرينية من تدخلات إيرانية سافرة وعوامل محفزة ومساعدة على بسط السيطرة لإحداث مستجدات على الأرض من شأنها الإخلال بالأمن البحريني خاصة، والخليجي عامة، بهدف بسط النفوذ السياسي والأمني، كمحاولة لـ«الاختطاف المتدرج» للمجتمعات العربية من قِبل إيران وعملائها ومليشياتها المسلحة، لكي تستمر نافورة الدم العربي السني في التدفق، من البحرين إلى سوريا مرورا بالعراق واليمن.
سوريا والعراق.. المذابح مستمرة
ارتدى الإيرانيون ومن خلفهم «حزب الله» اللبناني، مسوح المناضلين في تدخلهم إلى ساحة الصراع السوري لباساً مضللاً، حيث قالوا ابتداء إنهم دخلوا الساحة السورية لحماية «مرقد السيدة زينب» رضي الله عنها، رغم أنه حديث باطل تدحضه الشواهد الحالية، حيث إنهم يحاربون في كل الجبهات القتالية في سوريا ضد أهل السُّنة فحسب.
ووفق الأنباء المنتشرة على شبكة الإنترنت الدولية ارتكبت المليشيات الشيعية يوم 26 سبتمبر 2017 مجزرة جديدة في منطقة «وادي العذيب» شرق محافظة حماه، ما أدى إلى مقتل حوالي 100 مواطن من بينهم عدد من النساء والأطفال.
وقال أحمد الحمودي رئيس مجلس مدينة القيربات التابع للمعارضة السورية: إنه «تزامنا مع الاشتباكات في القيربات حاصرت قوات نظام الأسد والمليشيات الإيرانية هؤلاء النازحين الذين كان عددهم في البداية 8000 مواطن في هذه الصحراء حيث قتلت أكثر من 80 من المحاصرين أثناء الفرار، فضلا عن القيام بحوالي 1500 هجوم متوال من قبل القوات الروسية والأسد خلال 11 يوما فقط ضد المناطق السكنية لهذه المحافظات».
ويؤكد مراقبو حقوق الإنسان في سوريا أن شهر سبتمبر 2017 كان أكثر الأشهر دموية في هذه السنة، حيث سقط على أقل تقدير 3 آلاف قتيل، من بينهم 955 مواطنا مدنيا، وشملت قائمة الضحايا 207 أطفال سوريين، وهي مجزرة بكل المقاييس.
وشدد المراقبون على أنه «ليس هناك شك في حقيقة أن المسبب الرئيس للجرائم في سوريا، هو الدكتاتورية الدينية في إيران والتي قامت بكل ما بوسعها من أجل دعم الدكتاتورية السورية ماديا ولوجستيا من خلال صرف المليارات من الدولارات سنويا، والسبب الرئيس في هذا الدعم يكمن فقط في تخوف النظام الإيراني من سقوطه ليس إلا».
وفي هذا السياق الإجرامي، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يوم 18 يونيو 2017: «لو لم يقاتل حرس النظام في سوريا لكان علينا القتال في المدن الإيرانية»، كما قال خامنئي يوم 18 يونيو: «لو لم نقف بوجه العدو في سوريا لكان لزاما علينا أن نتصدى لهم في طهران وفارس وخراسان وأصفهان».
وإلى ذلك، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في تقرير لها نُشر خلال ديسمبر الماضي نقلاً عن مجموعات حقوقية عراقية: «إن العنف في محافظة ديالى تكمن خطورته في أن ما يحدث في الفترة الأخيرة هو تهجير قسري من ميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة»، وهو هو ما يعيدنا إلى حديث مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في تقريره الأخير القائل: «إن دعم إيران لمجموعات طائفية بعينها هو ما قاد إلى ظهور التنظيمات المتطرفة في العراق»، وعاب على حكومته في واشنطن أنها جعلت السيطرة لإيران التي بسياستها الأحادية الجانب «حولت العنف في العراق ليتخذ لنفسه طابعاً طائفياً» بقوة دفع إيرانية.
أمّا المجتمع الدولي، وبإزاء تلك المجازر والجرائم المستمرة من تلك المليشيات التي سبقت حتى ظهور التنظيمات المتطرفة في المشهد السوري كجبهة النصرة وفقاً للتقرير، فلا يزال يقف متفرجاً وصامتاً تجاه كل ذلك الإجرام، فمجلس الأمن الدولي الذي تبنى قراراً ملزماً بوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق برقم 2170 ومنح القرار سلطة فرض عقوبات اقتصادية أو استخدام القوة، حصر القرار في تنظيم "داعش وجبهة النصرة" وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة فقط، وتجاه هذا القرار كان هناك إجماع شعبي - أو على الأقل ما يشبه الإجماع- على محاربة الإرهاب في كل بلدان العالم، وأولها من العرب والمسلمين السنة، فهم من أول المرحِّبين بكل ما يخلِّص العالم من الإرهاب والإرهابيين، ولاسيما أنهم أكبر المتضررين من تهم الإرهاب والحملات الدولية التي تستهدفهم، ولكنهم في الآن ذاته يتساءلون: لماذا تقتصر ويتم تفصيل القرارات والحملات الدولية فقط على إرهاب واحد؟ لماذا يتجاهل المجتمع الدولي طرفاً يمارس إرهاباً وإجراماً فاعلاً على الأرض، يوازي إرهاب «داعش» في سورية والعراق، ألا وهي ميليشات «حزب الله»، و«عصائب الحق»، و«فيلق بدر»، و«كتائب الفضل بن عباس» وغيرها من المليشيات؟ ولماذا لا يتم وضع حد لكل الميليشيات بكل انتماءاتها المذهبية ومن دون استثناء، وتجفيف كل مصادر الدعم لها، الرسمي منها وغير الرسمي؟
ويرى المراقبون أن هذه المعطيات تشير إلى حجم استقواء الموقف الأمريكي والدولي على «الإرهاب السني» والتخاذل أمام «الإرهاب الشيعي»، والكيل بمكيالين وتبني المواقف المزدوجة، فالإرهاب اليوم ليس معنياً بـ"داعش" فقط، هو جزء من الكل، وهو مشكلة، لكنها ليست كل المشكلة، هو طرف واحد في ظاهرة إرهاب تضرب المنطقة، هو نتيجة وليس سبباً، وما خلق وحش «داعش» الذي استطاع أن يملأ الفراغ الاستراتيجي في سورية والعراق ويمتلك حاضنة سنيّة، قبِلت به اضطراراً لا اختياراً، إلا نتيجة القمع والإبادات الجماعية والممارسات الطائفية، وصمت المجتمع الدولي وعجزه عن إيجاد حلول للأزمة الإنسانية الكبيرة في سورية، واختزال ظاهرة الإرهاب في «داعش» واستهدافه وحده، أو مثيلاته على الجانب السنّي يمثل في منظورهم حرباً أمريكية تجاههم، واصطفاف مذهبي من أجل العمل على تحقيق مصالحها، وهذه سياسة رعناء عملت على تقوية القاعدة الشعبية لـ«داعش»، وزيادة حدة وتفاقم خطورة الأزمة، بدلاً من إيجاد الحلول المناسبة لها، فالمجتمعات السنية ترى بعينها ما يدور حولها من ذلك التقارب الأميركي-الإيراني، وأن أميركا لا تريد أن تتعثر مصالح مفاوضاتها النووية مع إيران، بشكل بلغ إلى درجة التعاون والتنسيق مع المليشيات الشيعية التي لا تقل تطرفاً ولا طائفية عن تنظيم داعش نفسه، وتوفير الغطاء الجوي لتلك المليشيات لمحاربة «داعش» في العراق، فكيف تريد الولايات المتحدة وقوات التحالف من السوريين ومن السنة في العراق أن يشاركوا بالحرب ضد «داعش» وهم يغضون الطرف عن تلك المليشيات الشيعية التي تواصل عمليات القتل وتمارس الانتهاكات الممنهجة ضد السنة، وهو ما يصب في مصلحة النفوذ الإيراني في المنطقة.
ويعتبر المراقبون أن هذه السياسة العقيمة تضع عموم السنة أمام خيار تفضيل البقاء تحت سيطرة «داعش» وغيره من التنظيمات المتطرفة على البقاء تحت هيمنة الميليشيات الشيعية الدموية، وما لم تُعالَج الأسباب والشروط والظروف الموضوعية التي أدت إلى بروز تنظيم داعش وتطوّره وتمدده، وفي مقدمها تهميش السنّة واستمرار الانتهاكات الطائفية على يد الميليشيات الشيعية في العراق ووكلاء إيران في سورية، فالحاضنة الاجتماعية السنية ستظل قادرة على توفير شبكات دعم وحماية وإسناد لـ«داعش».
شهادات دولية دامغة
في تقرير لها عن عام 2016- 2017، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن ارتكبت الميليشيات شبه العسكرية والقوات الحكومية جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في كل من سوريا والعراق، وتركّز أغلبها ضد العرب السُنّة. ونفذت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وغيرها من عمليات القتل غير المشروع والتعذيب، وأخضعت مئات الرجال والصبية للاختفاء القسري، ودمرت عمداً منازل وممتلكات.
ففي أعقاب تفجير انتحاري، أودى بحياة 27 رجلاً وأدى إلى إصابة 41 آخرين في المقدادية، في 11 يناير 2017نفذت الميليشيات هجمات انتقامية على الطائفة السُنّية، شملت اختطاف وقتل عشرات الرجال وحرق وتدمير مساجد، ومتاجر، وغيرها من ممتلكات السُنّة.
وفي 3 يونيو من العام الماضي، قامت ميليشيات «الحشد الشعبي» باختطاف ما يُقدّر بنحو 1300 رجل وصبي أثناء فرارهم من ناحية «الصقلاوية» الواقعة شمالي الفلوجة. وبعد ثلاثة أيام، ظهر 605 رجال وبهم علامات تعذيب، بينما لا يزال مصير 643 آخرين في طي المجهول. وتوصلت لجنة تحقيق شكلها محافظ الأنبار إلى أن 49 رجلاً قُتلوا رمياً بالرصاص أو حرقاً أو فارقوا الحياة نتيجة للتعذيب. وفي 30 مايو، أُعدم خارج نطاق القضاء ما لا يقل عن 12 رجلا وأربعة صبية كانوا يفرون من شمالي الفلوجة.
ولم تتخذ السلطات أي خطوات لتوضيح مكان ومصير آلاف الرجال والصبية من العرب السُنّة الذين ظلوا رهن الاختفاء القسري بعد القبض عليهم من منازلهم، وعند حواجز التفتيش، ومن مخيمات النازحين داخلياً على أيدي الميليشيات، والقوات الحكومية خلال السنوات السابقة.
ووصفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية في تقرير إخباري لها صدر في مايو 2017 قوات الحكومة العراقية ومسلحي ميليشيات «الحشد» الشيعية بـ«الوحوش»، وذلك على خلفية ممارساتهم الطائفية التي كان بعضها بعلم «القوات الأمريكية» بحق أهالي مدينة الموصل السُنية الواقعة شمالي العراق، ضمن استراتيجية افراغ ترك المناطق وإرغام السنة على الخروج وترك مناطقهم حتى يتم التغيير الديموغرافي المطلوب.
من جانبه، أكد «مركز جنيف الدولي للعدالة» في بيان له صدر أواخر 2017 أن المليشيات الشعبية ترتكب منذ عام 2003 وحتى صدور البيان جرائم تطهير عرقي، كما «تقوم باستهداف ممنهج ومنظم لعلماء الدين وائمة المساجد من العرب السنّة في المحافظة. ويحتفظ المركز بسجل لأسماء هؤلاء، وهم بالعشرات، كما يحتفظ بتواريخ اغتيالهم. غير أن المهم في الأمر أن هذا الفصل هو جزء أساسي من بقية فصول الجريمة يستهدف محاربة رموز المكوّن السُني المعني بالتهجير، وتفتيت الارتباط فيما بينهم، وحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية في مساجدهم المعرّضة للدهم والتفجير والاغتيالات. فيصبح هذا الأمر عامل آخر مضاف لدفع المواطنين الى الهجرة القسرية بحثاً عن اماكن قد يتوفر فيها درجات معينة من الأمان».
وفي دراسة بعنوان «العرب السنة في العراق المأساة وآفاق الحل» يكشف الباحث أسامة شحادة رئيس تحرير مجلة «الراصد»، عن مدى بشاعة الظلم والاضطهاد الواقع على العراقيين العرب السنة، ومدى ضخامة الجرائم الطائفية التي تعرضوا لها على وثائق المنظمات الحقوقية الدولية وآراء نخبة من الساسة الأمريكيين، وذلك باعتبارهم محايدين ليست لهم مصالح طائفية كما تردد الماكينة الإعلامية الشيعية العراقية والإيرانية ضد كل محاولة عراقية سنية لفضح الجرائم الإرهابية المرتكبة ضدهم.
وكشف الباحث عن التناقض السائد في كثير من المقالات والتحليلات بخصوص العراق، والتي تؤكد على البعد الطائفي السني لحكم حزب «البعث» رغم أن «البعث» هو بالأساس حزب علماني كان يضم من الشيعة في عضويته ما يقارب السنة أو ربما يفوقهم، بينما يتم رفض وصم الحكم الشيعي للعراق من قبل أحزاب شيعية دينية بالطائفية برغم كل تصرفاتها الطائفية التي وصلت لحد أداء قسم الانضمام للجيش بصيغة شيعية طائفية وعند مقام شيعي.
كما أشار الباحث إلى إغفال كثير من وسائل الإعلام لجرائم الشيعة في حق السنة، مؤكدا أنه «تم بناء العراق الجديد على أسس طائفية مقصودة بتسليم الحكم للشيعة من قبل أمريكا، وقد أفرز ذلك سياسات طائفية دائمة ترتكز على قمع المكوّن السني بحجة محاربة التطرف والإرهاب المتمثل في داعش، لكن الحكومة الطائفية تحارب داعش وتحارب المكون السني بأكمله باعتباره حاضنا وداعما ومؤيدا لداعش، وفي نفس الوقت تتغاضى عن كل الجرائم بحق السنة من قبل أجهزتها ومليشياتها مما يجبر بعض السنة على القبول بداعش، وبذلك تتواصل مأساة السنة بين ظلم وإجرام داعش، وظلم وإجرام الحكومة التي تدفعهم لحضن داعش، ثم تتخلى عنهم داعش ليواجهوا إجرام المليشيات الطائفية، بينما يقف الغرب متفرجا على هذه المأساة لأن من يزعم محاربة داعش هو من يقتل السنة وهم المليشيات الشيعية، وفي النهاية فالخاسر الوحيد والضحية لكل ذلك هم الأبرياء من العرب السنة».
ولدى كل مواجهة مع «داعش» تحدث عمليات تهجير للسنة عن مناطقهم، وبعد رحيل «داعش» أيضا يتعرض من تبقى من السنة للتهجير من قبل المليشيات الشيعية التي تتعمد التدمير والنهب والخطف والقتل، وحسب دراسة المنظمة الدولية للهجرة تم تهجير 3,2 مليون سني من محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين منذ عام 2014 وحتى نهاية 2017.
جرائم «الحوثيين» في اليمن
تحوّل اليمن السعيد على أيدي جماعة «الحوثيين» إلى واحد من أكثر بلدان العالم تعاسة، ووفق تقرير لمركز حقوقي يمني غير حكومي، صدر في أكتوبر 2017، عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات «الحوثي» في تعز جنوب غرب البلاد، لقي 12 مدنيا من بينهم 5 نساء وطفلان مصارعهم وسقط 26 جريحا منهم 9 نساء خلال أكتوبر الماضي وحده في تعز.
ووثق الفريق الميداني للمركز تضرر 18 منزلا بشكل جزئي نتيجة القصف الكثيف لميليشيات «الحوثي» الانقلابية بالقذائف والصواريخ، وتضرر عدد من السيارات الخاصة.
ورصد التقرير مقتل 48 طفلا وطفلة وإصابة 193 آخرين في تعز منذ مطلع العام 2017 حتى نوفمبر من العام نفسه، وأرجع ذلك إلى تساقط قذائف «الهاون» و«الهاوزر» التي أطلقها الانقلابيون «الحوثيون» فوق أحياء وشوارع مدينة تعز المكتظة بالسكان المدنيين والخالية من أي أهداف عسكرية.
وخلال العام الماضي، أضحت صنعاء تلك العاصمة اليمنية التي تغنى بها الكثيرون «مدينة رعب» بعد أن حولها الحوثيون إلى عاصمة القتل والحرق والدماء يسكنها الأشباح وتظل جنابتها أطلال المنازل المهدمة بعد قتل ذويها، فوصل عدد القتلى حتى اليوم إلى ألف يمنى جراء معارك الحوثيين التى تتزايد يوم بعد الآخر بعد اغتيال الرئيس السابق عبد الله صالح.
ومن جانبه كشف محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمنى، عن حصيلة أولية لجرائم القتل والتنكيل التى ارتكبتها ميلشيات «الحوثي» خلال الأشهر الأخير من العام الماضي فى العاصمة صنعاء، مشيرا إلى وجود 1000 قتيل ومئات المصابين من بين القيادات العسكرية وقادة حزب المؤتمر الموالي للرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وأضاف وزير حقوق الإنسان اليمنى، أن بعض المصابين «اختطفوا من المستشفيات» وتم قتلهم بدم بارد، داعيا جميع المنظمات الدولية إلى نشر كل ما يُوثق من جرائم ميليشيا الحوثي، والعمل على فضح هذه الأعمال الهمجية اللاإنسانية، والتصدي لهان مشيرا إلى أن ميليشيات «الحوثي» تواصل إجرامها المستمر في توحش منقطع النظير تجاه المواطنين في اليمن عامة وفى صنعاء خاصة، عن طريق القتل والتصفية والإعدامات خارج نطاق القانون، والقصف المباشر والعشوائي والاختطافات والاعتقالات والتنكيل ومحاصرة وتفجير وهدم وإحراق البيوت» واصفا صنعاء بأنها باتت «مدينة للخوف والرعب».
من جانبها، قالت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، إن رصدا أوليا لجرائم ارتكبتها ميليشيات «الحوثي» في صنعاء، أرسلت إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان. ورفعت الوزارة مذكرة تضمنت رصدا أوليا لجرائم وانتهاكات ميليشيا الحوثي الانقلابية بحق الشعب اليمني بشكل عام وقيادات وكوادر حزب المؤتمر الشعبي العام بشكل خاص.
وأشارت المذكرة إلى أن ميليشيات «الحوثي» مستمرة في ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني منذ بدء الانقلاب وحتى اللحظة، وقد ارتفعت وتيرتها بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة صنعاء بين طرفي الانقلاب وانتهت بتصفية القيادة العليا لشريكها في الانقلاب الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأهم القيادات المؤتمرية التي كانت بجواره.
كما جاء في المذكرة أن الميليشيات «الحوثية» ارتكبت جرائم القتل والتصفية والسحل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب وتفجير وتفخيخ المنازل وتدميرها كلياً أو جزئياً بحق الابرياء المدنيين من الأطفال والنساء، في تحد واضح وصريح للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان والقرارات الأممية الصادرة من مجلس الأمن وقرارات مجلس حقوق الانسان، وفي ظل صمت المنظمات الأممية والمجتمع الدولي وعدم قيامها بواجبها في كشف ما يحدث.
وفي إطار ردود الأفعال الرسمية العربية على ما ارتكبته إيران وأعوانها من مجازر في حق العرب السنة، أكد رؤساء البرلمانات العربية في ختام اجتماعهم بالقاهرة خلال فبراير 2017 رفضهم ما يقوم به النظام الإيراني من تدخل في الشؤون الداخلية أو فرض أي أمر واقع بقوة السلاح على المواطنين اليمنيين وفقا لما أكدت عليه قرارات القمم العربية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.
وفي الوثيقة التي رفعها المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، إلى أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، شدد المؤتمر على «رفض تدخل النظام الإيراني في الشئون العربية باعتباره انتهاكاً لقواعد القانون الدولي ولمبدأ حسن الجوار وسيادة الدول».
ورغم ذلك، يظل المثال اليمني أنصع صورة للجرائم الدامية التي ارتكبتها إيران خلال العام الماضي، فواقع الحال اليمني يشير بجلاء إلى أن الأزمة بدأت عندما أرادت جماعة بعينها الاستحواذ على مقاليد الحكم بقوة السلاح والنار، وتحركت بمتمرديها تحت ستار ليل بهيم، مستغلة روح الحوار الوطني التي كانت تسود اليمن وعاصمته صنعاء، لتقوم بتنفيذ مخططها في الاستيلاء على السلطة، وتحويلها إلى دولة دينية تحتكم لـ«ولاية الفقيه» الذي بات على وشك السقوط في إيران نفسها، وهناك الكثير من الشواهد التي لا تحصى على ذلك بداية من تصريحات «الحوثي» وأركان جماعته الذين أعلنوا ولاءهم للفقيه في إيران في أكثر من مرة.
خرائط الدم الإيرانية
وصلت إيران أخيراً إلى البحر المتوسط، عبر طريق بري يمر بمناطق احتلتها ميليشياتها، أو الميليشيات التي تدعمها، والتي نفذت معارك امتدت على جبهات واسعة، لم تُشاهد جبهة باتساعها منذ الحرب العالمية الثانية.
الطريق الجديد يعتبر خياراً ثانياً لإيران التي تمتلك طريقاً أقدم، يمتد عبر الصحراء العراقية عبر ما يعرف بالمثلث السني، والذي أحرقته الميليشيات الشيعية بالكامل، وصولاً إلى بادية سوريا فدمشق فساحل المتوسط سواء اللاذقية أو بيروت، فيما عملت الماكينة العسكرية والبشرية والاعلامية والسياسية والاقتصادية الإيرانية، لإنقاذ مشروعها الذي كان على وشك الانهيار لوهلة في سوريا بسبب ثورة الشعب السوري.
إن المشروع الإيراني يمكن النظر إليه كمشروع دموي من الطراز الأول، لم يعرف له العالم مثيلا منذ عصر «النازيين»، فإيران تدرك التغيرات الهائلة التي تصيب المنطقة، وأنها تحولت من القطب الأهم في الصراع في سوريا والعراق، إلى عنصر ثانوي في المعادلة، لكنها ما تزال موجودة على الأرض فقط بحكم الحاجة لها بشرياً، فهي «المكافئ العقائدي» للأكثرية السنية في المنطقة، والأكثر قدرة على تنفيذ الأعمال القذرة، والتي يبدو أن الأمريكان والروس يجدون في الميليشيات الكردية استثماراً جيداً في هذا المجال، لكنهم يدركون أيضاً اختلافاتها عن الميليشيات الشيعية، وخاصة عدم تحملها للخسائر البشرية بنفس السوية، فهي بحاجة لدعم كبير دائماً، ما يجعلها استثمارا بعيد المدى في المنطقة بحاجة للكثير من الجهد لينضج تماماً.
فحتى فترة قريبة، كانت إيران هي القوة الإقليمية التي أوكلت إليها أمريكا ملئ الفراغ الذي خلفته بانسحابها، بحكم سيطرتها على العراق وسوريا ولبنان، حيث تمثل إيران حليفاً وخادماً مطيعاً للغرب «مأمون الجانب»، فهي وعلى الرغم من قدراتها العسكرية الكمية الكبيرة، وقدرتها على التجييش الديني، وحشد الشيعة من غير الفرس في معاركها، لكنها غير قادرة فعلياً على الدخول في حروب ضد أي دولة متقدمة تقنياً، ولو بالحد الأدنى.
إن إيران وحلفاءها الذين ارتكبوا عشرات المذابح في حق أهل السنة والجماعة، في داخل الأراضي الإيرانية وخارجها، لم يطلقوا «طلقة واحدة» على إسرائيل من أجل القدس، التي يجري تهويدها على قدم وساق، بينما هي تستهدف الدم السني المُراق على الأرض في كل مكان من منطقة الشرق الأوسط، غير أن هذا الوضع الإجرامي لن يستمر طويلا، فقد ظهرت علامات النهاية على وجه نظام الملالي، الذين لن يصمد أمام رياح التغيير الجارفة في البلاد خلال هذا العام.