كتب الصحفي الأمريكي "سكوت بيترسون" في مقال نشرته "كريستيان ساينس مونيتور"، أنه بعد أسبوع من الاحتجاجات العنيفة المناهضة للمؤسسة الحاكمة في شتى أنحاء إيران، حيث تفجر معظم الغضب الصاخب في أوساط الفقراء، أصبح حتى بائع العطور في طهران يعرف الضرر الذي أُلحق بأحد أعمدة الثورة الإيرانية. إذ أوضح أشكان (32 عاما)، الحائز على شهادة الماجستير في الكيمياء، والذي اضطر إلى تدبير معاشه ببيع العطور في محلَ لأحد أصدقائه، أن الجمهورية الإسلامية تستند إلى فكرة مثالية "عالم أفضل للمظلومين والفقراء"، ولكن هذا لم يتحقق.
وأضاف "أشكان": "في السنوات الأولى، كنا نعمل لتحقيق ذلك، لأننا كنا مخلصين ومجتهدين". واستطرد قائلا: "ولكن مع مرور الوقت، حلَ الفساد محلَ تلك المبادئ، واستمرت مشقة الحياة الاقتصادية في الضغط على تلك الطبقة من المجتمع، وهذا ما يفسر سبب شعورهم بالإحباط الشديد من النظام..".
وتفاجأت القيادة الإيرانية بحجم ومناطق الاحتجاجات، التي اندلعت فيها الاحتجاجات ضد المظالم الاقتصادية ابتداء ثم تحولت بسرعة إلى تظاهرات سياسية وامتدت إلى أكثر من 70 مدينة وبلدة، والعديد منها يعتبر منذ فترة طويلة قاعدة دعم النظام.
وقد أُحرقت ملصقات لصور المرشد آية الله علي خامنئي، وتعالت الأصوات بهتاف "الموت للديكتاتور" وهاجمت المكاتب الحكومية وقوات الأمن وأشعلوا فيها النيران. وقال الكاتب إن صدمة النخبة الحاكمة في إيران لم تنبع من أن بعض الإيرانيين وأحرقوا صور خامني، كما فعلوا في احتجاجات 2009 ضد نتائج الانتخابات الرئاسية حينها، ولكنهم مصدومون من جرأة الغضب الجماهيري، الممتد جغرافيا، هذه المرة.
وما أثر أكثر في مراكز السلطة في إيران هو أن المتظاهرين عبروا عن سخطهم من الوعود الوهمية التي تعهدت بها الملالي منذ ثورة عام 1979، من رفاه ومساواة وعدالة اجتماعية.
وما كشفته الإحصائيات مؤخرا من الإنفاق الهائل على المؤسسات الدينية التابعة للملالي، وخاصة التخفيضات في الرعاية والإعانات، في وقت يشهد فيه الإيرانيون ركودا أو تراجعا في السنوات الأخيرة، من شأنه أن يغذي الشعور بالفوارق الاجتماعية. وبالنسبة للكثيرين، فقد أثر ذلك في شرعية الجمهورية وأضر بعقدها الاجتماعي الثوري الذي طال أمده.
وفي هذا السياق، نقل الصحفي عن الباحث الأمريكي، كيفان هاريس، أستاذ مساعد في علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا قوله: "كان هناك افتراض طويل بأن ما يسمى بقاعدة الجمهورية الإسلامية هم الفلاحون المحرومون والمحافظون الدينيون وعائلات قدماء المحاربين، وأعتقد أن عصر إيران آنذاك لا يشبه إيران اليوم". وأضاف أن طبيعة الاحتجاج "أثارت دهشة النخبة السياسية، التي انقسمت ولا تعرف كيف تتفاعل. وأثارت أيضا دهشة المثقفين المعارضين في إيران، والذين اعتقدوا دائما أنهم المسؤولون عن قضايا التغيير السياسي والاجتماعي".
** رابط المقال الأصلي:
https://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2018/0105/In-Iran-s-surprise-uprising-of-the-poor-dents-to-revolution-s-legitimacy
المصدر| كريستيان ساينس مونيتور
الترجمة| العصر