في خضم الأحداث المتسارعة، والمتعلقة بقضية «القدس»، سارع الكثير ليبحث عمن يضع عليه اللوم، ونسيَّ أن يهتم بمعالجة أصل الإشكال.
وهنا يحدث صراع الأمة فيما بينها على يد الحمقى منها بدعوى الصدع بالحق والتحليل الأحداث وهو لا يعي أنه يصرف الأمة لصراع جانبي بعيدا عن الصراع الحقيقي مع العدو الصهيوني، وأهم ما في هذا الصراع أن ندين بعضنا البعض لترتاح نفوسنا أننا لسنا مشاركين بجريمة و«صفقة العصر» وهي بيع القدس.
لابد أن نفهم أن القضية الفلسطينية هي المقياس الحقيقي والعملي لواقع الأمة فإذا أردت أن تعرف تشخيص المرض لأمة الإسلام فانظر للقدس كيف هي اليوم؟ فهي المؤشر الحقيقي على الضعف والذل الذي تمر به أمة الإسلام، وهي النذير لقطار الأمة لتصحيح مسار السير حتى تستطيع أن تصل إلى الشواطئ السلامة والأمن والأمان.
وبدلا من أن نبحث عمن نلومه فلنصحح مواطن الخطأ ونقوي مواضع الضعف.
لابد أولا أن ننصر الله لينصرنا قال تعالى:
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (7)
لابد أن نكون صالحين في أنفسنا ليصلح الله لنا ولاتنا فبصلاحنا تستجاب دعواتنا وتصلح ذرايتنا. ولابد أن نصلح بيوتنا لتستقيم أمتنا.
لندع النظر بعين الأعور الذي لا يرى إلا جهة واحدة يطالبها دائما بالإصلاح ويتهمها دائما بالتقصير والعمالة والخيانة ولو نظر بعينيه لرأى حقيقة أخرى وحكم بالعدل.
في نظري الأمة كلها ملامة، فتقصير الواحد فينا هو خرق في جدار الأمة ورتق في صفها وقد جاء في الأثر عن الأوزاعي قال: كان يقال: «ما من مسلم إلا وهو قائم على ثغرة من ثغر الإسلام، فمن استطاع ألا يؤتى الإسلام من ثغرته فليفعل»
ليس القدس قضية دولة أو جنسية بل هو قضية الإسلام والمسلمين فهل نعي الأمر ونعيد النظر في حالنا أولا ثم في حال من نعول، فالأقرب ثم الأقرب .
هل ندرك حقيقة «الخلل» ونعالجه بصدق وعقل دون تجني أو تجاوز.
طريق تحرير القدس يبدأ بطلب العفو والمغفرة والبذل والعطاء والعمل والإصلاح لذواتنا أولا ثم نطالب بقية الأمة ثانيا وسنجد وعد الله يتحقق .
قال تعالى: « إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) »