<< إيران تجند أطفالا دون سن 15 عاما للقتال في سوريا والعراق أسوة بتنظيم «داعش» الإرهابي
<< «اليونيسف»: الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال المقاتلين في سوريا أدت إلى مقتل 652 طفلا العام الماضي
<< مسؤولة أممية: «الحوثيون» جندوا 1476 طفلا من الشيعة الزيدية في أعمال القتال الدائرة في اليمن
في يوليو 2015، أقامت بلدية مدينة «مشهد» شمال إيران، وبناء على فتوى باطلة من المرجع الشيعي المعروف علي السيستاني، برنامجا لتدريب أطفال دون سن 15 عاما على أعمال القتال في سوريا والعراق، تحت اسم «مدينة الألعاب القرآنية والمقاومة»، لتهيئتهم للقتال أسوة بتنظيم «داعش» الإرهابي.
والواقع أن ظاهرة تجنيد إيران للأطفال في الحروب ليست جديدة، وقد بدأت هذه الظاهرة منذ الثمانينيات من القرن الماضي مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، حيث تم إرسال آلاف الأطفال الإيرانيين للجبهات كمتطوعين في صفوف «الحرس الثوري».
وقُتل الكثير من هؤلاء الأطفال في الجبهات، كما وقع المئات منهم في الأسر لدى القوات العراقية، وأطلقت بغداد سراح العديد منهم آنذاك، بعد تدخل العديد من المنظمات الإنسانية الدولية آنذاك.
الاشتباك مع الشيطان
يتدرب الأطفال الإيرانيون والعراقيون والأفغان حاليا في معسكرات مخصصة لهذا الغرض ضمن مجموعات قوامها من 10 أشخاص إلى 15 طفلا، وعلى 7 مراحل من الفنون القتالية الافتراضية، بعدما يرتدون الملابس العسكرية ويربطون عصائب «المقاومة» على جباههم.
وتشمل التدريبات "استعمال الأسلحة الخفيفة، والقفز من فوق الألغام والأسلاك الشائكة، والاشتباك مع الشيطان، وغرفة المقاومة، وأخذ العهد مع الشهداء، وخيمة المعرفة"، حيث سيتعلمون مفاهيم «المقاومة» وفق ما يريده «آيات الله» المزعومين.
وتداول ناشطون إيرانيون على شبكات التواصل الاجتماعي صور هؤلاء الأطفال بشكل واسع، وهم يمارسون أعمالا قتالية مساعدة في العراق وسوريا، وقارنوا هذا العمل بتجنيد «داعش» للأطفال وتحريضهم على القتال من خلال غسل أدمغتهم بمفاهيم أيديولوجية.
وأكدت تقارير دولية صدرت مؤخرا عن الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية منها «هيومن رايتس ووتش»، أنه منذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في 2011، تقوم إيران بتجنيد أطفال اللاجئين الأفغان المقيمين على أراضيها عبر إغراءات مالية ومنحهم إقامات دائمة في البلاد لهم ولأسرهم، مستغلة فقرهم وظروفهم المعيشية الصعبة لتزج بهم في معارك سوريا.
وذكر تقرير رسمي لـ«هيومن رايتس» صدر في يناير 2016 اعتمد على شهادات حية، أن بعض هؤلاء الأفغان قالوا إنهم هم أو أقرباء لهم أُرغموا على القتال في سوريا، وهربوا منها إلى اليونان أو تم ترحيلهم إلى أفغانستان بسبب رفضهم المشاركة في الأعمال العسكرية، مشيرين إلى أن آخرين قالوا إنهم تطوعوا للقتال في سوريا سواء لأسباب دينية أو للحصول على إقامة قانونية في إيران.
وطالبت «هيومن رايتس» الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الدولي الآخرين، باعتبارهم أطرافاً في النزاع، بالضغط على الحكومة والمليشيات العراقية لإنهاء تجنيد هؤلاء تجنيد الأطفال، وتسريحهم من جبهة القتال فوراً، والعمل على إعادة إدماجهم، وتوجيه العقاب المناسب إلى القادة المسؤولين عن تجنيد الأطفال، على اعتبار أن «البروتوكول الاختياري» للأمم المتحدة بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، الذي صادق عليه العراق عام 2008، يحظر على الجيوش الوطنية والجماعات المسلحة غير الحكومية تجنيد أو استخدام الأطفال دون سن 18 سنة.
أطفال في مناورات عسكرية
في ديسمبر 2016، أطلقت إيران مناورات عسكرية واسعة النطاق، بمشاركة أطفال تقل أعمارهم عن الـ15 عاما، وحملت هذه المناورات العسكرية اسم «حماة سماء الولاية 7»، وكان من بين أهدافها منح أولئك الأطفال "فرصة اتخاذ القرار وتنفيذه" فيما يتعلق بإطلاق الصواريخ.
وتشكل مشاركة الأطفال في مناورات عسكرية خرقاً واضحاً لاتفاقية «حقوق الطفل» التي اعتمدتها الأمم المتحدة، ووقع عليها النظام الحاكم في طهران، والتي تضمن "حماية الأطفال خلال الحرب، وعدم تجنيد من هم دون الـ15 من العمر بأي شكل من الأشكال".
ونشر التلفزيون الإيراني مؤخرا شريط فيديو حمل اسم «شهداء لحماية الأضرحة المقدسة» يشجع الأطفال للمشاركة في الحرب السورية. وأظهر الفيديو أطفالا إيرانيين يتعهدون «بذل أرواحهم» فداء لمرشد إيران علي خامنئي، وبحمل السلاح لـ«تحرير سوريا والعراق من الغاصبين».
وفي العام نفسه، أظهر مقطع فيديو، إقدام مليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية العراقية، على إقامة معسكرات تدريب للأطفال على حمل السلاح في معسكر بمدينة «بلد»، ذات الغالبية الشيعية جنوب محافظة صلاح الدين شمالي العراق، لمواجهة تنظيم «داعش»، الذي كان أول من لجأ إلى تجنيد الأطفال في القتال، بل وأرغمهم على تنفيذ عمليات إعدام جماعية أثارت فزع الرأي العام العالمي، نظرا لبشاعتها الشديدة.
وقال المعمم الشيعي العراقي مهند محمود الغراوي، في تصريحات نقلتها المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء وقتها، إن "تدريب هذه المجموعة هو لرفع كلمة الإسلام، وإعداد الجيل الجديد، وتعريفه بالجهاد، وتعبئتهم عسكريا".
وأوضح «الغزاوي» - بلا أي غضاضة- أن عملية تدريب الأطفال تشمل تدريبهم على فك وتركيب البندقية الروسية الشهيرة «الكلاشينكوف»، وعلى خوض المعارك، فيما يتم تلقينهم «عقيدة الجهاد» عبر مكبرات الصوت، وهو مشهد بات مألوفا في المناطق المضطربة بالعراق.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، إن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال المقاتلين في سوريا بلغت خلال عام 2016 أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ بسبب تأثير الحرب المتواصلة على هؤلاء الأطفال.
وأوضحت الـ«يونيسف» في تقرير لها صدر في مايو الماضي، أن حالات قتل وتشويه وتجنيد الأطفال ارتفعت بشكل حاد في العام الماضي، مع تصعيد حاد في أعمال العنف بأنحاء البلاد. وأحصت المنظمة مقتل 652 طفلا على الأقل خلال 2016، مسجلة زيادة بنسبة 20% عن 2015، ما يجعل سنة 2016 أسوأ عام على الأطفال في سوريا منذ بدء التحقق رسمياً من الضحايا من الأطفال سنة 2014.
من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة مطلع هذا العام، أنها تحققت من تجنيد ما لا يقل عن ألف و467 طفلاً شيعيا في اليمن واستخدامهم في الصراع المسلح، متهمة جماعة «الحوثي» صراحة بالوقوف وراء العدد الأكبر من عمليات تجنيد الأطفال.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في بيان نقله الموقع الإلكتروني لإذاعة المنظمة الدولية، إنها تلقت العديد من التقارير، كان آخرها الأسبوع الماضي، حول تجنيد الأطفال في اليمن واستخدامهم في الصراع من قِبل المتحاربين، معظمهم على يد «اللجان الشعبية» التابعة للحوثيين.
وأشارت رافينا شمداساني، المتحدثة باسم المفوضية، إلى أنه ما بين 26 مارس 2015 و31 يناير 2017، تحققت الأمم المتحدة من تجنيد 1476 طفلا من الشيعة الزيدية في أعمال القتال الدائرة في اليمن، جميعهم من الذكور، منوهة إلى أنه "من المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير؛ نظراً لرفض معظم الأسر الحديث عن تجنيد أطفالها؛ خوفاً من الانتقام".
وأضافت المسؤولة الأممية "تلقينا تقارير جديدة حول الأطفال الذين تم تجنيدهم من دون علم أسرهم، غالباً ما ينضم هؤلاء الذين تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة إلى القتال نتيجة التغرير بهم أو الوعود بمكافآت بمالية أو مراكز اجتماعية، ويتم إرسال العديد منهم على وجه السرعة إلى الخطوط الأمامية لجبهة القتال، وهي جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية".
وذكّرت المسؤولة الأممية، جميع أطراف الصراع بأن "تجنيد واستخدام الأطفال في الصراعات المسلحة محظور قطعياً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وأنه فيما يتعلق بحالات تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة، قد يرقى ذلك إلى جريمة حرب، كما حثت الأطراف على تسريح هؤلاء الأطفال بشكل فوري".