>> عمل في صباه «بائع خضروات».. ويستعين حاليا بوحدة حراسة من 150 مسلحاً يُطلق عليها «الحرس الملكي»!
>> إعلامية لبنانية تقاضي «نصر الله» بتهمة ارتكاب عمليات اغتصاب وجرائم حرب في سوريا واليمن والبحرين والعراق
>> «نصر الله» يأمر بتنفيذ عمليات تصفية جسدية ضد قيادات الحزب المعارضين لـ«المشروع الإيراني» وللتدخل في المستنقع السوري
لم يعرف التاريخ العربي الحديث «أكذوبة كبرى» مثل حسن نصر الله، زعيم مليشيا «حزب الله» اللبناني، الرجل الذي استطاع خداع قطاع كبير من الرأي العام العربي، بدعوى «مقاومة إسرائيل» بينما هو في الحقيقية يقدم لها خدمات جليلة، وزعم أنه «مع الشعوب ضد الطغاة» غير أنه يساند ديكتاتور سوريا المجرم بشار الأسد ضد الشعب السوري، من منطلقات طائفية رخيصة، حتى أُطلق عليه لقب «خميني العرب»!
وُلد حسن عبد الكريم نصر الله في 3 أغسطس 1960، في بلدة «البازورية» القريبة من مدينة «صور» جنوب لبنان، في أسرة مكونة من تسعة إخوة وأخوات، وكان أبوه بائع خضروات وفواكه بسيطا، واضُطرت أسرته بسبب ضيق الحال والفقر للنزوح إلى بيروت، وهناك أقامت الأسرة الفقيرة بمنطقة «الكرنتينا» العشوائية على أطراف العاصمة، وساعد «نصر الله» في مطلع حياته والده في بيع الخضار والفاكهة. والغريب أن الأب قال فيما بعد في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية قال إنه "لم يعد يرى نجله إلاّ مرة واحدة في السنة"!
أتمّ «نصر الله» دراسته الابتدائية في مدرسة حي «النجاح»، ثم درس في مدرسة «سن الفيل» الرسمية. وحينما اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، عاد مع عائلته إلى بلدته «البازورية» في الجنوب، وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة «ثانوية صور للبنين».
وخلال وجوده في «البازورية» التحق بصفوف «حركة أمل الشيعية» التي أسسها الداعية المعروف موسى الصدر، الذي اختفى فيما بعد في ظروف غامضة. وترقى «نصر الله» في صفوف «حركة أمل» حتى أصبح مندوب الحركة في بلدته.
ارتحل «نصر الله» وبحوزته مبلغ صغير كان قد ادخره إلى مدينة النجف العراقية، إحدى أهم مدن الشيعة. وبوصوله إلى هناك لم يكن قد بقي معه أي نقود، فسأل عن كيفية الاتصال بالداعية الشهير محمد باقر الصدر، فدلّه الناس على شخص يدعى عباس الموسوي، وعندما التقى به خاطبه «نصر الله» بالعربية الفصحى ظنا منه أنه عراقي، ولن يفهم اللهجة اللبنانية، لكنه فوجئ بأن الموسوي مواطنه، وأنه لبناني من بلدة في سهل البقاع. وكان هذا اللقاء نقطة تحول في حياة «نصر الله»، فقد ساعده الموسوي ماديا، وأمّن له فرصة لإنهاء علومه الدينية عام 1978، ثم اشتركا معا في وضع اللبنات الأولى لـ«حزب الله» عام 1982، الذي تولى الموسوي منصب أول أمين العام له.
الأكذوبة الكبرى
في عام 1992 اغتالت إسرائيل «الموسوي»، فتم انتخاب «نصر الله» أمينا عاما للحزب على الرغم من صغر سنه وقتها، غير أنه كان الرجل الثاني في الحزب، فاختار الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني، وشارك في الانتخابات النيابية التي جرت في ذلك العام وحصد عددا من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع، وهكذا بدأت أكذوبة «نصر الله” في الذيوع والانتشار، بعد أن سوّق نفسه باعتباره «رجل المقاومة الأول» ضد إسرائيل في المنطقة العربية، وقد شارك في صناعة هذه الأكذوبة الكبرى صحافيون عرب كبار منهم الكاتب الراحل محمد حسنين، وغيره، ممن خدعهم «نصر الله» بأكاذيبه وصوته العالي في «النضال ضد إسرائيل».
ولم يصعد «نصر الله» للحياة السياسية كرجل متمرس في العمل السياسي والوطني، مقدماً برنامجاً وخططاً وطنية، بل عبر السلاح والمال الإيراني ومعتقلات المخابرات السورية، وهو لا يؤمن بالدولة ولا مؤسساتها، بل هو مصدر التشريع الذي يعلو مجلس النواب، وهو مكمن السر وراء كل اغتيال في لبنان، وصاحب حق الامتياز في ترويج المخدرات من الضاحية ببيروت وحتى بحر العرب.
ويدّعي «نصر الله» في كل مناسبة منذ صعود نجمه على الساحة السياسية العربية في الثمانينيات من القرن الماضي، أنه “يقف مع الشعوب ويدعمها في تقرير مصيرها”، ولطالما تغنّى بأن الحرية من المقدسات لدى «حزب الله”، وأنه تنظيم يدافع عن الشعوب وثوراتها ضد «الطغاة والبغاة»، غير أنه مع ثورات «الربيع العربي» جاءت لتفضح أكاذيب وعورات «نصر الله»؛ حيث تعامل مع الشعوب الثائرة من منطلقات طائفية محضة.
وما فضح طائفية «نصر الله» أنه لم يقف في سوريا مع الشعب الثائر، بل اصطف عسكريا وإعلاميا وسياسيا ودينيا وطائفيا مع نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري، حيث راح الحزب يقاتل مع «بشار» الديكتاتور الدموي في الميدان، واقترف الكثير من المجازر والمذابح الجماعية ضد السوريين العُزّل في عدة مدن ومناطق منها «القصير» وغيرها.
كما أن الشعب الثائر في أغلبيته الساحقة من أهل السنّة الذين يعتبرون الآن أن العدو الأول والأخير لهم «نصر الله» وسادته في إيران، في حين يمارس التَّقِيَّة ويحاول بأقواله أن يكذب على الناس بعدم طائفيته، وطالما ذكر لفظ «الطائفة السنّية الكريمة»، مع أن السنة ليسوا طائفة، بل هم أمة المسلمين.
الاغتيالات والمستنقع السوري
من جهة أخرى، كشفت معلومات مسرّبة من جهات لبنانية عن أن «نصر الله» شرع مع نهاية عام 2014 في فتح «ملفات الجواسيس» في الحزب؛ من أجل التخلص من المعارضين لتدخّله العسكري في سوريا.
ورغم أنه لا يوجد قيادي في «حزب الله» لا يعمل لصالح جهات أجنبية، وأغلبهم جواسيس لإسرائيل، إلا أن «نصر الله» اختار الأشخاص الذين يعارضون توجهاته في توريط الحزب في أتون الحرب السورية، والذين يطالبون بإعادة المقاتلين إلى لبنان وتجنيب بلادهم وتنظيمهم ورطة كبرى في المستنقع السوري.
وذكر سياسي لبناني مقرب من قيادات في «حزب الله» لأحد المواقع الإخبارية عام 2014، أن معظم من قال الحزب إنه تمّ اغتيالهم داخل لبنان خلال السنتين الماضيتين، كانوا يعارضون استمرار زج الحزب في القتال إلى جانب «الأسد» في سوريا، وأنهم كانوا يحذرون من النتائج السلبية التي ستعود على الحزب في المستقبل حال الاستمرار بدفع المزيد من العناصر نحو سوريا.
ويدّعي حسن نصر الله أنه يقاوم «إسرائيل»، وأنه يهدد وجودها ويدافع عن لبنان وفلسطين، لكن الواقع أن «حزب الله» يخدم الصهاينة أكثر مما يمكن تخيّله، حيث إنه يؤكد الأطروحة الصهيونية التي دائما ما تسوّق للخطر الذي يهدد الوجود اليهودي، وهو الأمر الذي ظل اليهود يعيشون به ويتلقون الدعم على مدار التاريخ، حيث يتحصّلون من وراء ذلك على دعم من كل القوى الكبرى وتتعاطف معهم شعوب العالم الغربي.
ويلجأ «نصر الله» إلى احتياطات أمنية تكاد تضارع الاحتياطات التي يستعين بها رؤساء الدول، ويُطلق على وحدة الحرس الخاصة به لقب «فرقة الحرس الملكي»، لأنهم لا يرتدون فقط اللباس الفاخر الأنيق، ولكنهم يحظون أيضا بأفضل السترات الواقية في العالم وأغلاها ثمنا، ويصل عدد الوحدة إلى 150 رجلًا، مدربون جميعهم بشكل أمني وعسكري مميز.
وفي مارس الماضي، أقامت الإعلامية اللبنانية ماريا معلوف دعوى قضائية ضد «نصر الله» أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت. وجاء في نص الدعوى التي رفعتها «معلوف» ضد أمين عام «حزب الله» وضد «كل من يظهره التحقيق فاعلا ومتدخلا وشريكا ومحرضا» اتهامه بجرائم "القتل والتحريض والمشاركة في ارتكاب أعمال خطف وتعذيب واغتصاب وتهجير وارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية في سوريا واليمن والبحرين والعراق".