تقرير- محمود رأفت
"لبنان في قبضة الملالي" منذ عقود وليس اليوم فقط، هذه الحقيقة باتت لا تخفى على كافة الفرقاء اللبنانيين، حيث عملت طهران على بسط نفوذها على كافة مفاصل الدولة اللبنانية بما فيها الجيش اللبناني، بل إن ما يجري منذ التمكين الصهيوني والصفوي لتلك المليشيات الشيعية في لبنان في ثمانينيات القرن العشرين، جعل من لبنان مجرد محافظة من محافظات إيران.
الهيمنة "حزب الله" اللبناني على الدولة اللبنانية، ظاهرة فمرور الآلاف من عناصر الحزب من الأراضي اللبنانية إلى سوريا مستمر بلا رادع، وقد استمر الأمين العام للحزب "حسن نصر الله" في الخطابات ذات النزعة الطائفية التي تنال من جميع بلدان المنطقة، كما يعمل الرجل دائما على الترويج لإيران ومشروعاتها في المنطقة وأنه يفتخر أنه جندي من جنود ولاية الفقيه، حتى أن الرجل يعترف بأنها تنفق عليه وعلى قواته وسلاحه.
جاءت ذلك الحزب بأفكار خبيثة نشأت في “قم” الإيرانية وجبل "عامل" اللبناني، كان من أهمها "التقية" وهي إظهار عكس ما تعلن من أجل "المصلحة"، وذلك من أجل الوصول للحكم! فليس مهما أن تكذب وتخدع سواء أعداؤك أو أتباعك.
البداية
البداية كانت بوصول المعمم الإيراني موسى الصدر إلى لبنان، حيث عمل على تنظيم صفوف الشيعة في لبنان، وأسس حركة أمل أو أفواج المقاومة اللبنانيّة تحت مسّمى حركة المحرومين في 20/1/1974، حيث ادعى كذبا وزورا أنها شكلت للتتصدي للاعتداءات الإسرائيلية.
كانت حركة أمل الشيعية والمدعومة حينئذ من النظام الطائفي "النصيري" في سوريا بقيادة حافظ الأسد، هي التي تمثل الشيعة في لبنان، بعدما عمل الإيراني موسى الصدر (حصل على الجنسية اللبنانية) على فصل الشيعة عن كل المؤسسات السنية في لبنان ومنها دار الإفتاء وتشكيل كيانات موازية !!.
بعد مقتل موسى الصدر الذي دعم بالملايين من الدولارات من "معمر القذافي" على أيدي استخبارات القذافي، قاد الحركة فيما بعد رئيس البرلمان اللبناني الحالي نبيه بري، وقد ارتكبت حركتهم جرائم حرب، حيث حاصرت عشرات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين السنة في حرب المخيمات عام 1985، وتعاون مع الجيش العلوي (جيش حافظ الأسد كما كان يدعوه الرئيس السادات في خطبه أثناء حملته عام 1975م م على مخيم تل الزعتر الفلسطيني) لإبادة المقاومة الفلسطينية التي أرقت الاحتلال الإسرائيلي، وقد عملت حركة أمل بالتنسيق مع جيش حافظ الأسد في لبنان على إبادة الحركات السنية حتى لو كانت ناصرية كحركة "المرابطون" التي تم هزيمتها عسكريا في عام "1985م".
ظهور حزب إيران
مع ظهور إجرام حركة أمل الشيعية المدعومة من حافظ الأسد وجرائمها التي أزكمت الأنوف، دخلت على الخط إيران بقوة وأسست مليشيا "حزب الله" اللبنانية، وانشق الآلاف من الشيعة عن حركة أمل، وانضموا إلى المليشيا الإيرانية الجديدة، وقد جرت اشتباكات عنيفة بين حزب إيران اللبناني من جهة وبين حركة أمل والجيش السوري التابع لحافظ الأسد من جهة أخرى، وقتل العشرات من الطرفين، إلى أن تدخلت إيران وضغطت على حليفها حافظ الأسد لوقف ما يجر وتم الاتفاق حينها على التالي: تقسيم المناطق الشيعية إلى مناطق حزب الله المدعوم من إيران :بعلبك-الهرمل-الضاحية الجنوبية-النبطية ومناطق حركة أمل المدعومة من سوريا:صور-الزهراني-الأحياء الشيعية في بيروت-مرجعيون.
التمكين للحزب الإيراني
عمل حافظ الأسد والاستخبارات السورية في لبنان، على تمكين حزب إيران ومدوه بالسلاح الثقيل والخفيف، وساهموا في عمليات تدريب مقاتليه، وقاموا بنزع السلاح من القوى الإسلامية السنية سواء الفلسطينية أو اللبنانية، وتم حصر السلاح في ملييات غيران في لبنان، باستثناء مجموعات من قوات الفجر السنية الجناح العسكري للجماعة الإسلامية اللبنانية بسبب تواجد عناصرها في بعض قرى جنوب لبنان، ولكن اشترط عليهم حزب إيران أن لا يعنوا عن أنفسهم، الأمر الذي يعني أن انتصارتهم ستحسب على مليشيا "حزب إيران"، وقد تحدث الشيخ فيصل مولوي رحمه الله أحد كبار علماء المسلمين في لبنان إلى الديكتاتور الطائفي حافظ الأسد وطلب منه أن لا يتم نزع السلاح من حركات المقاومة السنية، فرفض وقال إنه لا يثق بالسنة وإنهم خونة !!.
التغلغل الممنهج
عمل حزب إيران على التمدد جغرافيا في مناطق الإمام الأوزاعي السنية جنوب بيروت والتي سميت فيما بعد باسم الضاحية الجنوبية لبيروت، وقد تغلغل الحزب حتى في المؤسسات العسكرية اللبنانية حتى أنه بات يهيمن على الجيش اللبناني وباتت استخبارات الجيش فيلق من فيالق حزب إيران، بل إن المحاكم العسكرية اللبنانية لا تضم إلا الموارنة والشيعة ولا تضم أي سني !!.
الوضع الكارثي الحالي
استطاع الحزب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وعمل على أن تكون كلمته هي العليا في لبنان، وعمل على ضرب كل الحركات السنية في لبنان ، والزج بالشباب السني في السجون بتواطؤ لا يخفى على أحد من قيادات الطوائف الأخرى في لبنان.
وقد شارك الحزب في وأد انتفاضات العرب في الأحواز وشارك في القتال ضد المقاومة العراقية السنية في العراق، وشارك في تدريب عناصر شيعية من الخليج في شمال اليمن وفي جزر إرترية بالبحر الأحمر قام الحرس الثوري الإيراني بتأجيرها من نظام أسياسي أفورقي، أما الطامة الكبرى فكانت مشاركة الحزب الشيعي اللبناني قي قتل وحصار عشرات الآلاف من المسلمين السنة في سوريا في الزبداني والغوطة وحمص وحلب وحوران ودير الزور والساحل السوري وحماة بحجة ما أسماه حماية المراقد وقد عمل الحزب على خطف الضباط المنشقين عن نظاما لأسد وتسليمهم له أو تصفيتهم، بل استطاع الحزب الزج بالكثير من المتعاطفين من الشباب اللبناني السني مع الثورة السورية في المعتقلات اللبنانية ومنها معتقل رومية سيء الصيت!.
بل إن الحزب الإرهابي ضاق ذرعا بالشيخ أحمد الأسير الحسيني والفنان المعتزل فضل شاكر وشباب مسجد بلال في عبرا بصيدا اللبنانية، واستغل هيمنته على الجيش اللبناني ، وشن هجوما على مسجد للقضاء على من فيه، لمجرد أنهم قالوا له لا ، وناصروا الثورة السورية.
وقد أوعز الحزب الشيعي الحاكم في لبنان لقوات الأمن والجيش اللبناني بشن حملات اعتقال يومية في صفوف اللاجئين السورية بتهم "دخول البلاد بطريقة غير شرعية" أو تهم تتعلق بالإرهاب، في محاولة خبيثة من الحزب الإرهابي لإجبار اللاجئين على العودة إلى سوريا ليتم تجنيد شبابهم في مليشيات الأسد المجرمة.
كما تم اعتقال أمين عام التحالف المدني الإسلامي أحمد الأيوبي على خلفية تصريحات تناول فيها الأيوبي ميشال عون و جبران_باسيل وما يجري من اضطهاد ممنهج لأهل السنة في لبنان من قبل أجهزة الدولة التي تسيطر عليها مليشيات حزب إيران، ومنها أن المحاكم العسكرية في لبنان التي تصدر الأحكام الجائرة على السنة ليس فيها قاضي سني واحد أو ضابط سني واحد !!.
كما عمل الحزب الشيعي الحاكم في لبنان على اعتقال الشيخ مصطفى الحجيري والشيخ عمر الأطرش وعشرات العلماء السنة وزج بهم في المعتقلات دون اتهامات ولا محاكمات، في الوقت الذي من المستحيل أن يتم التعرض فيه لقس ماروني أو كاهن أو شيخ عقل درزي أو معمم شيعي.
الأمين العام المساعد لتيار أهل السنة في لبنان ربيع حداد أكد كلامنا كلامنا حيث قال: "أجندة حزب إيران تسعى لخلق منطقة آمنة في القلمون، والآتي أعظم، والتجييش الحاصل في الإعلام تجاه اللاجئين السوريين إما هدفه إجبار الأشخاص العودة إلى حضن نظام الأسد الذي كان سببًا في تهجيرهم، أو لدفعهم إلى الجبهات، أو مصيرهم إلى المعتقلات".
الأخطر أن هذا الحزب الشيعي الإرهابي قام برعاية المليشيات العلوية/النصيرية في جبل محسن بطرابلس الشام وتمويل تفجيرها لمسجدي السلام والتقوى، بل قام بحماية من فجر هذه المساجد وقتل المئات فيها.
العنجهية الإيرانية
تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن هيمنتهم على لبنان معلومة ولا يتم الرد عليها من قادة لبنان !!،
أما الفريق يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني الأعلى، قال "إن حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن، بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني"، وقال إن "سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض".
أما علي سعيدي، مندوب مرشد الجمهورية الإيراني علي خامنئي، فيقول بإن "العمق الاستراتيجي لإيران يمتد من البحرين والعراق حتى اليمن ولبنان وشواطئ البحر المتوسط وحتى أميركا اللاتينية"، مثل تلك التصريحات وغيرها خلفها واقع بالفعل يتم فرضه في لبنان، لذا كان من الطبيعي أن يدخل لبنان إلى دائرة الصراع الإقليمي في المنطقة.
الحزب التابع لإيران يتمدد في المنطقة، وهو لم يكتف بالهيمنة على القرار في لبنان واغتيال قادة الدولة اللبنانية، ولكنه كذلك أداة في مشروع الولي الفقيه في اليمن والعراق وسوريا والبحرين، مليشيا الحزب دخلت الأراضي السورية وتسببت في دمار المدن السورية وتهجير أهلها، ولا سيما القلمون ومحيط دمشق وحلب وحمص، والغريب أن الجيش اللبناني لم يستطع أن يمنع تلك المليشيات الإرهابية من احتلال مدن في دولة مجاورة، بل شارك في بعض هذه المخططات الإجرامية.
ولكن فليعلموا جيدا حتى لو كانت هناك انتصارات جانبية للحزب في سوريا، فإنه على المدى الطويل الأرض ستبقى لأصحابها وسكانها، وسيهزم لا محالة.
أما في لبنان فالقضاء على هذا الحزب يبدأ من سوريا، فعندما يتم القضاء على المشروع الإيراني في سوريا، سيتلاشى هذا الحزب الإجرامي بلا مجهود من لبنان، وحتما ستدفع هذه المليشيات الاجرامية ثمن أفعالها عما قريب.