الثلاثاء, 03 ديسمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أسابيع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

«حزب الله» و«فيلق القدس».. أسرار تجارة السلاح الدولية

المجلة - | Thu, Dec 7, 2017 1:21 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< مصادر دبلوماسية: «الوحدة 190» في «فيلق القدس» متخصصة في تهريب الأسلحة إلى مناطق الصراع الملتهبة

<< بهنام شهرياري تاجر السلاح الإيراني بين «حزب الله» و«فيلق القدس» في عمليات الإتجار بالأسلحة عبر العالم

<< الأزمة السورية أسهمت في توسيع نطاق «السوق السوداء» للسلاح في لبنان بمعرفة «حزب الله» كضالع أساسي

 

في 10 نوفمبر الماضي، اتهم عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، في مقابلة مع قناة تليفزيونية أمريكية، ميليشيات «حزب الله» صراحة بالتورط في عمليات إتجار بالسلاح وتهريبه على نطاق واسع إلى مناطق النزاع في سوريا واليمن، فضلا عن محاولة زعزعة الأمن في الخليج من خلال تهريب السلاح إلى البحرين".

وهذه التصريحات السعودية لم تكن من فراغ، حيث تخوض إيران مجموعة من الصراعات «العابرة للحدود» عبر الميليشيات التي تدعمها في الدول العربية، وفي صدارتها «حزب الله»، وتأخذ على عاتقها عمليات تهريب الأسلحة والذخائر إلى خارج إيران.

سر «الوحدة 190»

كشفت مصادر دبلوماسية لـ«إيران بوست» أن أحد الأنشطة الرئيسة لـ«فيلق القدس» هو التنسيق مع «حزب الله» لنقل وتهريب الأسلحة إلى المنظمات والجماعات العرقية والدول، بما يتوافق مع المصالح الإيرانية، موضحة أن الوحدة المسؤولة عن هذا النشاط داخل «الفليق» الضالع في أنشطة قذرة على المستويين الإقليمي والدولي، هي «الوحدة 190»، المتخصصة في عمليات تهريب الأسلحة إلى مناطق الصراع الملتهبة.

وتستخدم «الوحدة 190» حسب المصادر، مجموعة متنوعة من الأساليب لنقل الأسلحة المهربة التي يتم شحنها وسط البضائع، للحفاظ على السرية التامة، وتعظيم فرص وصول الشحنة إلى وجهتها المحددة، وضمان عدم كشف أي صلة بينها وبين إيران إذا اشتعلت أو وقعت في يد أي قوة أخرى.

تكون الأسلحة المراد تهريبها موضوعة غالباً داخل أقفاص مغلقة في حاوية كبيرة، ومحاطة بمواد تستخدم في عمليات التمويه. وللعثور على الأسلحة المخبأة، يجب تفكيك أطنان من «البضائع البريئة».

والخطوة الثانية في عملية التهريب، هي تسجيل الشحنة كمواد إغاثية أو مساعدات إنسانية. وقد وضعت الوحدة طرقا متقدمة للتغليف تعطي الانطباع الأول بأن البضائع الموجودة في الحاويات بريئة تماماً. كما تجعل الصناديق التي تحتوي على الأسلحة تطابق البضائع المستخدمة في التمويه، مثل «مواد البناء ومنتجات البولي إيثيلين، ومنتجات الحليب المجفف، وقطع غيار السيارات».

وإمعاناً في المزيد من السرية والحرص، تستخدم الوحدة 190 منصات شحن مدنية، مثل القوارب والطائرات والشاحنات والقطارات. كما تنقل تلك الشحنات عبر بلدان متقاطعة، حيث تمر الشحنة عبر أكثر من بلد لإخفاء أي علاقة بإيران، وتتعمد عدم تهريب أسلحة تنتج في إيران، أو يكتب عليها «صنع في إيران»، لتتيح لطهران المزيد من المناورة في نفي أي علاقة لها بالشحنة، إذا تم احتجازها أو اكتشاف محتوياتها.

وينسق بهنام شهرياري، تاجر السلاح الإيراني المعروف، بين «حزب الله» و«فيلق القدس» في عمليات الإتجار بالأسلحة عبر العالم، حيث اكتسب «شهرياري» شهرته وأهميته من قوة تأثيره على العلاقات الاستراتيجية بين الحرس الثوري والحزب، وهو يحظى بدعم قوي من الجنرال الدموي المتعصب قاسم سليماني، الشخصية المؤثرة على الحراك الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن. ويعتبر شهرياري المسؤول الأول عن «الوحدة 190» الخاصة بتهريب الأسلحة والإتجار فيها مع المجموعات المسلحة في لدول العربية والأفريقية، وينسب إليه ضلوعه في الكثير من عمليات التهريب إلى تلك الدول.

أسواق السلاح السوداء

أثارت الحياة الرغدة التي يعيشها قيادات «حزب الله» الإرهابي، وتحديدا بعد حرب عام 2006، العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة الحزب لمصادر تمويله، خاصة بعد أرغم هبوط أسعار النفط خلال الأعوام الأخيرة إيران على أن تخفض دعمها للحزب. وتتبدى النتائج في لبنان، حيث خفض «حزب الله» في تلك الفترة رواتب بعض الكوادر، وأرجأ مستحقات آخرين من مسلحيه، وأجرى استقطاعات كبيرة في المخصصات الشهرية التي يدفعها للأحزاب المتحالفة معه.

وكان من الطبيعي أن يتورط الحزب، والحال كذلك، في تجارة السلاح الإقليمية والدولية، وبعدما كانت «أسواق السلاح السوداء» في لبنان تعتبر المصدر الأساسي الذي يمد الحركات «التغييرية» المسلحة في المنطقة، وخصوصا أكراد العراق وتركيا، أصبحت هذه الأسواق اليوم تستورد الأسلحة الخفيفة والمتوسطة - بل والثقيلة أحيانا- بمعرفة «حزب الله» عبر قنوات التهريب، من تركيا والأردن والعراق بصورة أساسية.

ولا يمكن النظر إلى تجارة السلاح على أنها عمل تجاري محض هدفه الربح فحسب، ولكنه أمر يدخل في سياسات واستراتيجيات الدول الكبرى، وتحالفاتها مع الدول التي لا تنتجه، بل تجهد لشرائه، لذلك فهي تمنحه لبعضها لقاء تأييد سياساتها الإقليمية أو الدولية، وهو ما استطاع «حزب الله» استغلاله بمهارة فائقة.

ويقول أحد المطلعين عن كثب على تجارة السلاح في لبنان،  إن أحداث 7 مايو 2008 شكلت تحولا جذريا في تجارة السلاح على المستوى المحلي، حجما وأسعارا. وقبل ذلك التاريخ الذي شهد تحويل «حزب الله» وجهة سلاحه نحو الداخل اللبناني، كان سعر بندقية «الكلاشينكوف» - وهي الأكثر طلبا- 200 دولار، وصار سعرها يتراوح بين ألف وألف ومئتي دولار، كما ارتفع سعر الرصاصة الواحدة إلى دولارين، من بضعة سنتات فحسب.

الأزمة السورية.. سوق مفتوح

أسهمت الأزمة السورية أسهمت في تطوير «السوق السوداء» للسلاح في لبنان بمعرفة «حزب الله» كضالع أساسي في هذه التجارة غير المشروعة، إذ تضاعف حجم تجارتها الداخلية بفعل تمدد ظواهر الأمن الذاتي من جهة، والإقبال الكثيف على شراء السلاح من قبل الجماعات اللبنانية، خاصة أبناء الطائفة السنية الذين كان إقبالهم على شراء السلاح ضعيفا نسبيا قبل أحداث 2008.

وفي ديسمبر من عام 2015، حاول حسن نصر الله الأمين العام للحزب، في خطابات تلفزيونية مطولة، صرف الانتباه عن هذه الاتهامات الموجهة للحزب بضلوعه في تجارة المخدرات والسلاح وغسيل الأموال، وقد أكدت تصريحات «نصر الله» هذه الاتهامات ولم تنفها!

ولكن مع تشديد العقوبات المالية الأمريكية على «حزب الله» خلال السنوات الأخيرة، يمكن القول إن اقتصادا آخر موازيا بات له أربابه ومموّلوه والعاملون فيه، هو اقتصاد الحرب السورية والمسيطر في زمن الحروب والذي استطاع أن يتحكم بفتح مساحات من التجارة غير الشرعية لبلد ينزف بشرا وثروة، وصار جزء من ثروته مادة لتهريب وتجارة السلاح بمختلف أنواعه.

وإلى جانب تجارة المخدرات التي يمارسها «حزب الله» على نطاق عالمي، يشكل السلاح أيضا تجارة رائجة، وهي لم تتوقف منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 وحتى الآن، والمفارقة في أن هذا العالم غالبا ما تكون الصفقات فيه بين طرفي الصراع نفسيهما. ففي البقاع اللبناني لا تزال الحكايات تُروى عن مخازن باعها مسؤولون في «حزب الله» إلى معارضين سوريين، أو قيام ضباط في الجيش السوري ببيع أسلحة وعتاد لمعارضين، فيما يعد المهربون هم صلة الوصل والذين يتمتعون بحصانة من طرفي الصراع.

وما يشهده «البقاع» اللبناني منذ فترة من صراعات مسلحة بين بعض عصابات تهريب السلاح المحمية سياسيا واجتماعيا، يتصل بصراع «حزب الله» للسيطرة على مناطق التهريب ومعابره وخطوطه بالدرجة الأولى والأخيرة. وبعض النافذين على هذه الحدود في البقاع الشمالي، باتوا يلمسون تبدّلا في النفوذ على خارطة التهريب، وتراجعا للمكاسب لدى البعض وازديادا لها لدى البعض الآخر، وهو ما يسبب إلى جانب البعد الأمني والسياسي، قتالا وتصفيات جسدية، أو مصالحات مكللة بمغانم الحرب.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت