يخطو التاريخ خطواته الطبيعية في حياة نضال الأمم والشعوب: ويأتي الاستعمار غير معني بخطوات التاريخ المرتبطة بنضال الامم والشعوب (!) وفي عام 1839 صوّب الاستعمار البريطاني خطواته في استعمار بلوشستان التي كانت على طريق بناء الأمة البلوشية فالشعوب والامم لدى الاستعمار كبيادق الشطرنج يحركها سياسياً اينما اتجهت مصالحه وفي عام 1947 استقلّت بلوشستان استقلالاً شكليا بعد ان جزّأها الاستعمار البريطاني الى دولتين: فالجزء الشمالي من بلوشتسان ضمّه الاستعمار البريطاني الى افغانستان عام 1894، أما الجزء الغربي من بلوشتسان فأصبح في عام 1928 عائدًا الى ايران في عهد رضا شاه بهلوي وفي عام 1947 اعترف الاستعمار البريطاني باستقلال بلوشستان الشرقية بعد حروب دامية وتضحيات بطولية ضد الاستعمار البريطاني من اجل الوحدة وبناء دولة الامة البلوشية وبعد انفصال باكستان عن الهند توجهت باكستان وبتحريض من الاستعمار البريطاني في احتلال الجزء الشرقي من بلوشستان التي تسمّى اليوم بلوشستان الباكستانية ولم يقف الشعب البلوشي الباسل مكتوف اليدين وانما قام بحملات نضالات مسلحة طاحنة إصراراً وطنياً مرموقًا لبقاء الأمة البلوشية موحّدة خاضعة لإرادة ابنائها وليس لإيران ولا لافغانستان ولا لباكستان وقد برز في نضال الشعب البلوشي من أجل الحرية والاستقلال المناضل: (ميرزا بركت) و(داد شاه) وغيرهما من المناضلين والمناضلات من اجل بلوشستان حرّة أبية مستقلة (!)
إن لكل شعب من شعوب العالم خصائصه التي يتميّز بها وأن لأبناء الشعب البلوشي صفات الوفاء الانساني في تعاطفه وتأييده لنضال الشعوب الأخرى من واقع إنه شعب ذاق الأمرين من الاستعمار البريطاني وهو يذوق حاليًا الأمرين من النظام الايراني والافغاني ولذا نرى البلوش بيننا يبدون تعاطفهم وتأييدهم مع المناضلين من ابناء الخليج والجزيرة العربية والبعض منهم يعملون ضمن جهات أمنية الا انهم يخفون تعاطفهم وإبداء التعاون سراً مع سجناء الرأي من المناضلين ضد الاستعمار البريطاني.
فالبلوشي له طبيعة مسالمة طيّبة ودودة تجاه الآخرين وتراه مخلصاً أميناً جادًا في عمله وفياً للأوطان العربية التي يعيش فيها ويكتسب هويتها وهو كريم الخصال نقي السريرة في وفائه للآخرين والبلوش في الخليج والجزيرة العربية يتشكلون دروعاً وطنية بجانب العرب تاريخياً في حروبهم وفتوحاتهم وكان ان وقفوا «بجانب العُمانيين في طرد البرتغاليين من عُمان نهائيًا وإلى الابد ومن ابرز الشواهد على ذلك قلعة جلالي وميراني في عُمان للاخوين البلوشيين (جلال الهوت) و(ميران الهوت) الذي بارز الفارس البرتغالي (كبرتيه) وطعنه بالرمح الا أن الايرانيين ينفون ذلك ويقولون نحن من طرد البرتغاليين من عُمان وفق ما تذكره لنا مرفت الحطيم في مجلة روز اليوسف».
ويسهم الاستعمار البريطاني بجانب الايرانيين والافغان في تشويه نضال الشعب البلوشي وتضحياته الباسلة ونضالاته الاسطورّية: عملا دنيئا وخسيساً وقد حاول رضا شاه بهلوي طوال مدة حكمه ان يمحو كل ما يتعلق بنضال البلوش في التاريخ لأن الغطرسة الفارسية القومية كما هي الآن عند «ملالوة» الجمهورية الاسلامية الايرانية لا ترضى بأن يكون احد افضل منهم كونهم من العرق الآري اسمى وافضل الاعراق البشرية طرًا في التاريخ ارتباطًا بالفاشية العرقية كما كانت لدى الفاشية النازية الهتلرية: في رفعة نقاوة سيادتها فوق كل الاعراق في الدنيا (!)
وتبقى الجرائم الايرانية شاهد عيان في تكريس القمع والارهاب ضد الشعب البلوشي الذي يُنشد حريته واستقلاله كأن هذا الشعب البلوشي العظيم الذي يناضل في ظروف استبدادية صعبة أصبح طي النسيان ولا تجد الا بصيصاً اعلاميا يظهر أحيانًا هنا وهناك عن مقاومة ونضال الشعب البلوشي وفي باكستان وايران بالتحديد تُرتكب جرائم بشعة ضد الشعب البلوشي والكثير من المثقفين البلوش تختطفهم أجهزة المباحث ويختفون الى الابد (!)
إن تضامنّا إنسانياً مع الشعب البلوشي في الحريّة والاستقلال والتوحد في إعادة بناء الأمة البلوشية هو واجب انساني لكل احرار العالم بالوقوف بجانب نضال الشعب البلوشي ضد الجرائم البشعة التي يُكابدها من المحتلين الايرانيين والباكستانيين الذين يسومون الشعب البلوشي سوم القهر والتنكيل والعذاب (!)
صحيفة الأيام