أعاد اغتيال المعارض الأحوازي البارز أحمد مولى، إلى الواجهة التاريخ الإرهابي الأسود للاستخبارات الإيرانية في تصفية خصوم نظام الملالي ومعارضيه، فلم يكتف نظام خامنئي، باغتيال المعارضين وزجهم في غياهب السجون وتصفيتهم بالاعدامات الظالمة داخل إيران، بل عاد مجددا ليغتال معارضيه خارج إيران بعدما قتل العشرات بل المئات منهم، في العراق وباكستان وتركيا ولبنان وأوروبا.
وكانت آخر هذه العمليات اغتيال المناضل الأحوازي أحمد مولى "أبوناهض" أمام منزله في لاهاي بهولندا، حيث أطلقت عليه 3 رصاصات، وأعلنت السلطات الهولندية، اعتقال شخص على خلفية اغتيال رئيس حركة النضال لتحرير الأحواز أحمد مولى أبو ناهض في مدينة لاهاي، وتحدث بيان الشرطة الهولندية أن الاعتقال وقع لدى محاولة الشخص الهرب من مكان الاغتيال.
أحمد المولى هو أحد القيادات الأحوازية البارز الـ13، المطلوبة لدى السلطات الإيرانية، وقد طالبت طهران الدول الأوروبية بتسلمهم.
حركة النضال الأحوازي
وقد استنكرت حركة النضال العربى لتحرير الأحواز المعارضة لإيران، عملية اغتيال قياديها بالحركة، واتهمت طهران بالضلوع فى عملية الاغتيال.
وقالت الحركة فى بيان لها: "تعبر حركة النضال العربي لتحرير الأحواز عن استنكارها وغضبها لاغتيال أحمد مولى ( أبو ناهض) أحد أبرز القيادات الوطنية فى الساحة الأحوازية، الذى اغتالته يد الإرهاب الإيرانى مساء اليوم الموافق 08-11-2017 ، فى مدينة لاهاى الهولندية".
وأضافت الحركة، "ننعى الشهيد ضمن قوافل الشهداء الذين ضحوا من أجل الوطن وعزة الشعب الأحوازى، فإننا نعزي ذويه ورفاقه ونعزي أنفسنا والشعب الأحوازي بهذا الفقد الجلل، ونؤكد أن يد الغدر التى اغتالت أحمد مولى لن تلوذ بفعلتها ولن تهنأ بجرمها، فعهدا لشهيدنا بأن المقاومة الوطنية الأحوازية التى ساهم فى تأسيسها ستقتص من الجاني أينما كان.
تاريخ الحركة
أسس مولى، حركة النضال العربي لتحرير الأحواز التي تسعى لتأسيس دولة مستقلة في جنوب غرب إيران الغني بالنفط.
وحركة النضال العربي لتحرير الأحواز تأسست في عام 1999م من قبل مجموعة من عرب الأحواز المقيمين في أوروبا، وتهدف الحركة إلى انشاء دولة عربية في الأحواز. وبدأت نشاطها المسلح ضد إيران، في يونيو/حزيران من عام 2005م.
تتهم الحركة إيران بأنها تقوم بعمليات تهجير قسري لسكان الأحواز العرب، ومع أن الحركة حديثة نسبياً، إلا أنها تبني خطابها السياسي على مجمل أدبيات قضية الأحواز، وهذه القضية بدأت مع بداية الاحتلال الإيراني لها بسنة 1925، حيث كانت فيما سبق ذلك إمارة عربية عصامتها في مدينة المحمرة التي غيرت إيران اسمها إلى خرمشهر.
رفض للإرهاب الإيراني
الداعية العراقي الشيخ حسين المؤيد، قال إن "اغتيال المناضل الأحوازي أحمد مولى في هولندا ، نموذج جديد من استهتار النظام الإيراني بالمجتمع الدولي، لا شك في أن أصابع الإتهام تتوجه الى مخابرات النظام الإيراني الذي يقمع الشعب العربي الأحوازي و يعمل على طمس هويته و تاريخه".
وتابع المؤيد: "إن تراخي المجتمع الدولي بشأن السياسة العدوانية للنظام الإيراني و أنشطته الإرهابية في داخل إيران و خارجها ، يشجعه على مزيد من الإستهتار، ومع هذا ستبقى القضية الأحوازية حية متوهجة مهما حاول النظام الإيراني العدواني طمسها وتصفية ناشطيها|، ترتوي من دماء مناضليها و تتوهج بعدالة مطالبها، و سيأتي بإذن الله تعالى ذلك اليوم الذي ينال فيه الشعب العربي الأحوازي استقلاله و حريته".
فيما اعتبر مدير مركز الأحواز للإعلام والدراسات الاستراتيجية حسن راضي أن ما جرى للقيادي الأحوازي هو اغتيال سياسي، وأضاف أن أحمد مولى كان مطلوبا لإيران التي طلبت من الشرطة الدولية "الإنتربول" تسليمه لمحاكمته.
في يناير 2013 كشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” حصول واشنطن على معلومات جديدة تؤكد أن الاستخبارات الإيرانية لديها شبكة مكونة من عشرات الآلاف من عناصر مخابراتية للتخطيط لعمليات الاغتيالات حول العالم وقمع المعارضين داخل البلاد، وأن هذه الأجهزة السرية للمخابرات الإيرانية تستخدم أكبر وأشد العمليات التجسسيّة في أنحاء العالم من مخططات للاغتيالات والتفجيرات الإرهابية والحرب السايبري.
سياسة ممنهجة
في نهاية أكتوبر الماضي، حذر نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، من عودة “الاغتيالات المسلسلة” بالإشارة إلى موجة التصفيات الجسدية التي نفذتها المخابرات الإيرانية، والتي طالت في نهاية التسعينيات العشرات من المثقفين والكتّاب والسياسيين المعارضين للنظام الإيراني في الداخل والخارج.
يذكر أن وزارة الاستخبارات الإيرانية كانت قد نفذت الاغتيالات المتسلسلة في عهد الرئيس خاتمي في بداية حقبة الإصلاحات، حيث تم تصفية عشرات الكتّاب والسياسيين في الداخل، وراح ضحيتها محمد مختاري وجعفر بويندة وداريوش فروهر وزوجته بروانه اسكندري وبيروز دواني، ونفذتها خلية بقيادة سعيد إمامي، نائب وزير الاستخبارات آنذاك.
وقد طالبت منظمة ”مراسلون بلا حدود” بمحاكمة 3 مسؤولين في النظام الإيراني، لما عرفت في إيران بـ” الاغتيالات المسلسلة” في التسعينات وقالت إن "ثلاثة من المسؤولين الرئيسيين عن تلك الاغتيالات، وهم مصطفى بورمحمدي وزير العدل الحالي، وغلام حسين محسني ايجئي المتحدث باسم السلطة القضائية، وقربان علي درّي نجف آبادي المدعي العام الإيراني، غير قلقين من أي ملاحقة قضائية" !.
ولفتت المنظمة أن ” ضلوع كبار المسؤولين في إيران في القتل بات واضحا إلا أنه ليس هناك أي إرادة لملاحقتهم قضائيا، كما أن منفذي الاغتيالات الذين أدينوا بالحبس بين 3 و15 عاما هم طلقاء اليوم “.
وكان مساعد الأركان الإيرانية الجنرال، مسعود جزائري، أكد في تصريحات أن السلطات ترصد المعارضين في الداخل والخارج، وقال إن النظام الإيراني سيواجه امتدادات المعارضة ونشاطاتها للإطاحة بالنظام إلى خارج الحدود.
أبرز الاغتيالات
وقبيل الاغتيالات المسلسلة في داخل إيران في التسعينيات من القرن الماضي، نفذت المخابرات الإيرانية عدة اغتيالات ضد معارضين في الخارج، كان أشهرها كما يلي:
– في العام 1989م اغتالت في فيينا عبدالرحمن قاسملو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومساعده عبدالله آذر، وهو على طاولة التفاوض مع وفد جاء من إيران.
– في باريس عام 1991م قام الحرس الثوري الإيراني باغتيال شابور بختيار آخر رئيس وزراء في إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ما أودى بحياة رجل أمن فرنسي وسيدة فرنسية أيضا.
– في برلين عام 1992م اغتالت إيران الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي وثلاثة من مساعديه “فتاح عبدولي، همايون اردلان، نوري دهكردي”.
– في الثالث من أيار لعام 1991 اغتالت إيران الأمين العام للجبهة العربية الأحواز، حسين ماضي، في بغداد، حيث كان مقر الجبهة.
– في 24 أبريل 1990 اغتالت إيران كاظم رجوي شقيق مسعود رجوي زعيم ممظمة مجاهدي خلق المعارضة، وكان ناشطا بارزا بمجال حقوق الإنسان، حيث اغتيل بالقرب من منزله في كوبيه في جنيف.
وأعلن القاضي السويسري شاتلان في 22 يونيه 1990 في بيان صحافي أن 13 مسؤولاً رسمياً للنظام الحاكم في إيران جاؤوا من طهران الى جنيف بجوازات سفر “دبلوماسية” لتنفيذ هذا الاغتيال وعاد بعضهم مباشرة بعد الاغتيال إلى طهران برحلة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية.
اغتيال القيادي الأحوازي البارز أحمد مولى لن تكون الأخيرة، فالنظام الإيراني وضع قوائم اغتيالات تشمل الآلاف من معارضيه، بل وتشمل كل من شارك من الجيش العراقي السابق في الحرب الإيرانية – العراقية، كما أن الاستخبارات الغيرانية تستغل عشرات الجنسيات من المليشيات الشيعية متعددة الجنسيات في بعض تلك العمليات الإرهابية خارج إيران.