الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

العنصرية الإيرانية ضد العرب.. تاريخ من الازدراء والحقد الأسود

المجلة - | Fri, Nov 3, 2017 6:18 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<<   دراسة سويدية: إيران هي الثانية عالمياً في مجال «المشاعر العنصرية» ولا تسبقها في ذلك سوى الهند

<<   مدرس إيراني يجبر طالبين عربيين في إحدى المدارس على غسل فمهما بالماء والصابون بعد تحدثهما بالعربية!

<<   أستاذ جامعي: الحقد والضغينة تجاه «السنة» ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين هو الوجه الآخر للحقد على العرب

 

تقرير: إسراء حبيب

في عام 2015، انتشرت على نطاق واسع في أوساط الشباب الإيراني أغنية راب عنصرية أذيعت بترخيص من وزارة الثقافة اسمها «كش عرب»، وهي الكلمة التي تقال في لعبة الشطرنج، ومعناها «مات»، أي أن رسالة هذه الأغنية هي «اقتل عربيا»!

وتقول كلمات هذه الأغنية العنصرية الفجة المتداولة حتى الآن في إيران: "لم أكن يوما ما أحب أكلَة الجراد هؤلاء"، وهو تعبير فارسي قديم يستخدم للدلالة على العرب، مثله مثل «أكلَة الضب»، وكلماتها الموجهة إلى الملك الفارسي القديم «قوروش»، الذي بات رمزا للقوميين الإيرانيين المتطرفين، تخاطبه قائلة "انهض يا قوروش، فقد بلغ الأمر بنا، ليتم تهديدنا من قبل العرب (..) وقسما بالخليج الفارسي، سنقضي على اسمكم، وسنضرب رقاب جميعكم عند مقبرة قوروش، ولو أخطأتم ستدفعون الثمن في الرياض، ومن اليوم فصاعدا بات اسمي قاتل العرب"!

هتافات عنصرية في طهران

يرى المراقبون السياسيون أن إيران تسعى بشكل ممهنج إلى بث الكراهية والعنصرية ضد العرب في أوساط الشباب، مستخدمة في ذلك أدواتهم، ومنها الألعاب الإلكترونية وأغاني الراب. ويضج موقع «تويتر» بالحملات العنصرية ضد العرب بالتزامن مع التدخل السافر لإيران في شؤون الدول العربية.

ففي سبتمبر من العام نفسه، 2016، هتف عدد كبير من المشجعين الإيرانيين بشعارات عنصرية معادية للعرب، أثناء مباراة منتخب بلادهم مع المنتخب القطري في ملعب «آزادي» بالعاصمة طهران.

وردا على ذلك، أصدر مركز «مناهضة العنصرية ومعاداة العرب» في إيران، الذي يديره ناشطو الأهواز، بيانا أدان فيه هذه الهتافات العنصرية، وطالب الشخصيات ووسائل الإعلام والقوى الديمقراطية والمناهضة للعنصرية في إيران وخارجها باتخاذ موقف حاسم تجاه الخطاب المعادي للعرب في إيران.

 وجاء في البيان: "ليست هذه المرة الأولى التي يهتف فيها الجمهور الرياضي الإيراني بعبارات عنصرية، حيث سبق أن هتف هذا الجمهور ضد العرب والأتراك في إيران من ملعب آزادي في طهران وملاعب مدن أخرى منها أصفهان وكرمان وغيرها، كما أن عناوين الصحف والجرائد الرياضية وغير الرياضية الفارسية مملوءة بالخطاب العنصري المعادي للعرب بشكل خاص".

وأكد المركز أن "النظام الإيراني متواطئ مع العنصريين الذين يروجون الخطاب المعادي للعرب، وذلك بهدف كسب القوميين المتطرفين من جهة، وأيضاً لتجييش الرأي العام الإيراني بهدف تبرير تدخلاته العسكرية في الدول العربية، من جهة أخرى".

وفي هذا الصدد، قال عيسى مهدي الفاخر، عضو المكتب الإعلامي لحركة «النضال العربي لتحرير الأحواز»: إن المدارس الإيرانية تشهد نوعا من الممارسات العنصرية ضد الطلاب العرب الملتحقين بها، موضحا أن واقعة إجبار مدرس إيراني لطالبين عربيين في إحدى المدارس على غسل فمهما بالماء والصابون بعد تحدثهما بالعربية، تعكس مدى الكراهية الشديدة من قبل المدرس للغة التي نزل بها القرآن الكريم، مؤكدًا أن التمييز العنصري الذي تمارسه دائرة التربية والتعليم بكافة فروعها في الأحواز «يندى له الجبين».

وأوضح «الفاخر» أنه "دائما ما يكون الاهتمام منصب على أبناء المستوطنين الفرس دون غيرهم من الطلاب العرب الأحوازيين، عبر إرسال طلاب المستوطنين إلى أفضل وأرقى المدارس أو تجهيز المدارس التي تقع في المستوطنات أو الأحياء الاستيطانية بكافة المستلزمات، في حين أن المدارس التي تدرس فيها الطلاب العرب وخاصة التي تقع في ضواحي المدن أو في القرى مهمشة وتنقصها حتى أبسط المستلزمات التعليمية".

صورة «العربي القبيح»

تظهر عنصرية الإيرانيين نظاماً ومحكومين في تعاملهم مع العرب بشكل خاص، فرغم أن العرب يمثلون قرابة 10% من الشعب الإيراني، فإنهم ممنوعون من ارتداء الزي العربي وكذلك من تعلم العربية. وغيرت إيران أسماء المدن العربية إلى فارسية، وهي تمنع العرب من إكمال الدراسات العليا ومن تولي المناصب القيادية والقضائية.

وقد تنامى هذا الشعور بين شريحة كبيرة من جيل الشباب الإيراني ما بعد ثورة 1979، وكان يغذيه الغضب من تراجع الحريات ومشاعر الحنين إلى الماضي وأمجاد أسلافهم وأساطير مشفوعة بالحقد والضغينة ضد العرب، وقد روج عدد كبير من الأدباء والشعراء لهذه المشاعر، حيث قدموا صورة قبيحة للعنصر العربي في مقابل العنصر الفارسي الجميل، من بين هؤلاء الأديب الروائي صادق هدايت، مؤلف الرواية المشهور «البومة العمياء"، حيث صب هدايت مشاعر حقده ضد العرب في غالبية آثاره الأدبية، ومنها «بروين بنت الساسان» التي صوّر فيها وحشية العرب خلال الفتح الإسلامي لبلاد فارس، وكيف تم اغتصاب بطلة الرواية على يد «عربي متوحش».

وحسب دراسة سويدية أجريت العام الماضي 2016، فإن إيران هي الثانية عالمياً في مجال المشاعر العنصرية، ولا تسبقها في ذلك سوى الهند، وفق استطلاع شمل نحو 80 دولة، قامت به مجموعة من الباحثين السويديين، للتعرف على تعامل الدول مع الأعراق المتنوعة فيها.

نعم.. نحن نكره العرب!

من جهة أخرى، اعترف الدكتور صادق زيبا كلام، الأستاذ بجامعة طهران، في حوار مع أسبوعية «صبح آزادي» الإيرانية، بالكراهية التي يكنها مواطنوه للعرب والشعوب القوميات الأخرى غير الفارسية في البلاد بشكل خاص، قائلا: "أعتقد أن الكثير من الإيرانيين سواء أكان متديناً أو علمانياً يكره العرب. ومنذ الحقبة الملكية كان الأمر على هذا المنوال، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطّ من شأن العربي، وهي صورة مستمرة إلى يومنا هذا، وأنا أريد أن أؤكد أكثر من ذلك، فأقول إن الدوافع من وراء تأسيس مجمع اللغة الفارسية كانت طرد الكلمات والمصطلحات العربية من الفارسية، وهذا يدل على حقدنا تجاه العرب".

وأضاف د. زيبا كلام، المغضوب عليه من الحكام الملالي: "وللأسف أنا واثق من أن الكثير منا - نحن الإيرانيين - عنصريون، فلو نظرتم بإمعان إلى ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والشعوب والإثنيات الأخرى، وعلى رأسهم الجنس العربي".

وأكد زيبا كلام أن نظرة الإيرانيين تجاه العرب شاهداً آخر على عنصرية الإيرانيين، مضيفاً: "أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال، فالحقد والضغينة تجاه أهل السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين هو في واقع الأمر الوجه الآخر للحقد على العرب".

وفي إشارة إلى الأسباب التاريخية لكره العرب، قال زيبا كلام: "يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب، ولم ننس موقعة القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة".

ويبدو أن الممارسات العنصرية في إيران هي القاعدة وليست الاستثناء، ففي أعياد رأس السنة الفارسية تظهر كل عام شخصية من الفولكلور الفارسي القديم اسمها «حجي فيروز» وهو مهرج أسود البشرة، للسخرية من الملونين، ووصل الأمر إلى حد وصف الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، للرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه «عبد البيت الأبيض»!

ويتمحور الحقد الفارسي الصفوي حاليا في طلب الانتقام من العرب، ويمتد من الضغينة مرورا بالنقمة وصولا إلى الغِل، ويمكن مشاهدة هذه المصطلحات وقد ترجمها قادة النظام الفارسي الحاكم على أرض الواقع في داخل وخارج إيران، وما تتعرض له الشعوب غير الفارسية في إيران من مهانة وتعذيب وتهميش وازدراء، تعد نموذجا عمليا من نماذج الحقد الفارسي تجاه الأمة العربية.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت