الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

«الحُجّتية».. تنظيم «خامنئي» السري الذي يحكم إيران

المجلة - | Fri, Nov 3, 2017 2:18 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< «الحُجّتيون» نفذوا عمليات اغتيال لمعارضي النظام الإيراني.. وقاموا بتصفيات جسدية ضد رموز السُّنة في العراق

<< التنظيم أشبه بـ «جمعية ماسونية» تصطاد الكوادر والنخب وتتغلغل من خلالهم في مؤسسات الدولة الحساسة

<< مبادئ «الحُجّتية» قائمة أساسًا على أن إشاعة الظلم والفساد في الأرض سبيل للتسريع بعودة «المهدي المنتظر»!

 

تقرير: إسراء حبيب

بدأ يتردد في وسائل الإعلام خلال السنوات الأخيرة تعبير «الحُجّتية»، وهو تنظيم إيراني دموي تأسس قبل أكثر من 60 عاماً، ويعود التركيز المتزايد على هذا التنظيم المتطرف إلى ما تشهده الساحة العراقية الآن، من تصاعد عمليات القتل والاغتيالات والتصفية الجسدية على نطاق واسع في المناطق السنية، على اعتبار أن عودة «المهدي المنتظر» عند الشيعة ستتحقق سريعا بعد إشاعة الفوضى في الأرض.

و «الحُجّتية» تنظيم سري أسسه الداعية الإيراني الراحل محمود تولائي، المعروف بـ «الشيخ حلبي» في أعقاب الانقلاب العسكري الذي وقع 1953 وأطاح بحكومة رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق، وكانت البلاد في تلك الفترة واقعة في حالة اضطراب سياسي، مكنّت أعضاء التنظيم من العمل بحرية تامة.

وكان الهدف من وراء تأسيس هذا التنظيم هو «الدفاع العلمي عن مذهب التشيّع والعقيدة المهدوية» في مواجهة تحديات ماثلة آنذاك مثل «البهائية» والشيوعية، غير أنه لم يقف ضد نظام الشاه السابق محمد رضا بهلوي مطلقا. ونجح التنظيم في تجنيد جيش من الشباب المتطوعين من أبناء الطبقة المتوسطة الإيرانية، لمواجهة الجماعات الدينية والسياسية المنافسة في إيران مثل «البهائيين» وحزب «تودة» الشيوعي الذي كان قوة سياسية ضاربة لا يُستهان بها في البلاد آنذاك. وهكذا قام «الحُجّتية» بنشاطات كان لها صدى دولي، إذ اعتبرته وسائل الإعلام خارج إيران تنظيما شيعيا متطرفا.

وقال الرئيس الأسبق محمد علي رجائي عن التنظيم: "بينما كان الأخوة والأخوات يصرخون من وطأة التعذيب في سجون الشاه، كان هؤلاء الحُجّتية يعملون على إثبات بطلان البهائية، وكانوا يعارضون الكفاح المسلح، وهاهم يظهرون الآن ويعقدون الاجتماعات ويتحدثون. هذا انحراف واضح وحاسم ومؤكد".

الجماعة المنحرفة

بعد ثورة 1979، كان التنظيم قد أدى مهمته بالنسبة للحكام الجدد من الملالي، وآثر «الحُجّتيون» تأجيل خلافاتهم مع نظام الخميني، رغم إيمانهم بأن نظام ولاية الفقيه اغتصب ولاية المهدي، وأسهم في تأخير ظهوره، وأن كل دولة تظهر قبل المهدي هي دولة طاغوت غير شرعية. غير أن الحال سرعان ما تبدّل،  ففي مطلع الثمانينيات، ظن الشيخ الحلبي أن بإمكانه السجال مع الخميني شخصيا، فقال إنه "أعلى منه منزلة، لا بعلمه أو بشعبيته، وإنما لأن الإمام المهدي يأتيه في الأحلام"!

وعلى الفور، هاجم الخميني زعيم الثورة في خطبة عيد الفطر سنة 1984 التنظيم باعتباره «جماعة منحرفة» قائلا: "إنه جماعة مشروعها إشاعة الفساد حتى يظهر المهدي، لكن لماذا يأتي المهدي؟ هو يأتي حتى تزول المعاصي ونحن نرتكبها حتى يأتي؟ احذفوا هذه الانحرافات.. إذا كنتم وطنيين احذفوا الفئوية من أجل بلدكم.. واكبوا التيار ولا تسيروا خلافه فإنه يكسر أعضاءكم".

ومنذ ذلك الحين، أوقف تنظيم «الحُجّتية» نشاطه العلني، ودخل في سراديب السرية والأساليب الغامضة أكثر من أي وقت مضى. وقال التنظيم في بيان له: "رغم أن خطاب السيد الخميني ليس موجها لنا، فقد قررنا وقف النشاط بأوامر من الشيخ محمود حلبي، حفاظًا على الوحدة والانسجام الوطني وحفظ المصالح القومية، ولقطع الطريق على أجهزة الدعاية الأجنبية".

ونشط التنظيم سرًا وسط المناطق السُّنية في إيران للضغط على أهل السُّنة والجماعة، عبر توزيعه مئات الكتب والمنشورات المسيئة للصحابة والخلفاء رضي الله عنهم، تتضمن إساءات لأتباع المذهب السُّني، ما أدى إلى غضب واستياء شعبي بين الأوساط الشعبية في تلك المناطق، خاصة في إقليم «بلوشستان».

وإبان صعود محمود أحمدي نجاد، الرئيس السادس للجمهورية الإيرانية، في المشهد السياسي، وحديثه عن الارتباط بـ «المهدي المنتظر» في إدارة البلاد، بل وكشفه عن مخطط لـ «إدارة العالم» بالتنسيق مع «المهدي» المزعزم، في تلك الحقبة عاد «الحُجّتية»  بقوة إلى الأوساط السياسية في إيران، حيث طبق تيار «نجاد» شعار العمل الثقافي وحراسة أيديولوجية الثورة، الذي رفعه التنظيم الدموي من قبل، ولكن بأساليب جديدة.

وفي 2009 تقدم «الحُجّتية» بطلب رسمي إلى الجهات الأمنية لإعادة نشاطه بشكل علني من جديد، بعد أعوام طويلة من العمل السري، وربط الكثيرون في إيران عودة التنظيم للعلن بالدعم الذي تلقاه من بعض مراجع الشيعة وعلى رأسهم محمد تقي مصباح يزدي عضو رابطة حوزة «قم»، الأب الروحي لـ «نجاد»، في الوقت الذي كثر الحديث عن «تيار منحرف» في إشارة إلى عودة تنظيم «الحُجّتية» في جماعة جديدة أطلقت على نفسها «طريق الحقيقة»، وأسست مراكز لها في عدد من المدن الكبرى الإيرانية.

وهكذا، عاد «الحُجّتية» إلى الظهور في البلاد، وحظي بدعم كبير من علي خامئني، المرشد الحالي، الذي استعان بالتنظيم في أنشطة سرية لم يُكشف النقاب عنها، غير أن ما ظهر منها للعيان يكفي للتأكيد على أن التنظيم يمارس أعمالا دموية ضد أهل السُّنة ومعارضي النظام.

غير أن تغلغل «الحُجّتية» في مؤسسات الدولة الإيرانية، وسيطرته على العشرات من كبار القيادات السياسية، جعلا الربط بين الممارسات الإيرانية في الداخل والخارج وبين مبادئ هذه الفرقة، يكتسب وجاهة كبيرة. إذ تروج في الأوساط الإيرانية معلومات متداخلة عن انتماء مسؤولين سياسيين كبار إلى «الحُجّتية»، وذهب البعض إلى القول بأن الجناح المتطرف في إيران هو «الجناح الحُجّتي». بل إن تصريحات ومواقف البعض من المسؤولين الإيرانيين ومنهم «نجاد» نفسه، ومدير مكتبه أسفنديار رحيم مشائي وأحمد جنتي، رئيس مجلس خبراء القيادة في إيران، وبعض القيادات الدينية في قم وغيرهم، هي استحضار لخطابات وأطروحات محمود الحلبي وصحبه.

ونظرًا لدعوتهم إلى إشاعة فوضى الفواحش تمهيداً لظهور «المهدي»، يجتذب «الحُجّتيون» حاليا أعدادًا غفيرة من الشباب الإيراني، وضموا إلى صفهم شخصيات ذات وزن سياسي كبير، بسبب نفوذهم الذي تصاعد بقوة، وأسهم في نجاحه أسلوب العمل السري الذي يتبّعونه، فهم أشبه بجمعية ماسونيّة، تصطاد الكوادر والنخب وتتغلغل من خلالهم في مؤسسات الدولة الحساسة، وتقدم لهم - في المقابل- فرصًا ومنافع تجارية واقتصادية وسياسية كبيرة.

ونفذت الجماعة في ثوبها الجديد خلال السنوات الأخيرة أعمال تفجيرات واغتيالات واسعة في إيران في صفوف السياسيين ورجال الدين المعتدلين، من معارضي النظام الإيراني، كما قامت بتصفيات جسدية ضد رموز السُّنة في العراق. وفي فبراير 2006 دعت «منظمة العفو الدولية» السلطات الإيرانية لفتح تحقيق بشأن هجوم قامت به مجموعات من «الحُجّتية» ضد أعضاء من طائفة «نعمة الله» الصوفية، تسبب في إصابة العشرات من بينهم نساء وأطفال.

وفي مطلع الثمانينيات، كان من السهل التعرف على شخصيات نشأت في حضن «الحُجّتية»، مثل وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي. أما اليوم، فيصعب الفصل بين من ينتمون فعلاً إلى الجماعة وبين المتأثرين بها.

ومن الغريب أن «الحُجّتيين» يعمدون إلى إطفاء الأضواء في منازلهم ليلا، لكي يدخلها الإمام الغائب. غير أن هذا «الجانب الشاعري» من الأمر، لم يمنع الاغتيالات التي دبرتها شبكات «حُجّتية" لشخصيات تعتبر الجماعة أنها «تعترض سبيل عودة المهدي الغائب»!

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت