الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

«متشيعون مدفوعي الأجر»

طابور إيران الخامس في الوطن العربي (1)

المجلة - | Fri, Nov 3, 2017 2:19 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

للنظام الإيراني «طابور خامس» من السياسيين والإعلاميين والمثقفين في العالم العربي، هم بمثابة «أبواق طهران» المدافعين عنها وعن مواقفها السياسية في كل المحافل والمناسبات، حيث لا يتورع «آيات الله» الصغار هؤلاء عن دعم نظام «الملالي» بكل قوة، على الرغم مما ارتكبه هذا النظام من مذابح في حق المواطنين العرب في سوريا والعراق واليمن، وفي غير بلد عربي، في سياق الحرب الطائفية التي تشنها طهران من منطلقات طائفية محضة ضد أهل السنة، سواء في داخل إيران أو خارجها.

أعد الملف – شريف عبد الحميد

(1)

مصر| «آيات الله» الصغار

 

<< الكاتب السوري «آل قطيط» يكشف: فهمى هويدي أحد أبرز المثقفين العرب المتحولين إلى «المذهب الشيعي»

<< لقاءات مجدي أحمد حسين في طهران عكست حجم التقدير الإيراني له.. وأن إيران لا تتعامل معه باعتباره «زائراً عادياً»

<< باحث: عدد الإعلاميين الذين سافروا لإيران منذ ثورة 25 يناير حتى الآن بلغ نحو 500 إعلامي

 

تعد قيادات حزب «العمل» المصري أحد أهم القوى السياسية التي حرصت على تأييد إيران والتواصل معها بشكل دائم منذ منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ما جعل الحزب وصحيفته «الشعب» صوتا مدافعا عن سياسة طهران في كل مناسبة.

ووفق الكاتب والباحث أسامة الهتيمي، كان من بين أهم مظاهر العلاقة الإيرانية المتميزة بحزب «العمل» أن أصدر الحزب الكثير من الكتب والدراسات التي تتحدث عن كون الدولة الإيرانية «نموذجا للنهضة والتنمية» يجب أن يُحتذى في مصر والعالم العربي!

الرابط الخفي

ثمة رابط خفي بين هذا التوجه الذي تبناه حزب «العمل» تجاه إيران، وبين تولي المستشار الدمرداش العقالي منصب نائب رئيس الحزب حتى عام 1985. وكان «العقالي» قد أصبح شيعيا في السبعينيات من القرن العشرين، ووجد لنفسه موطئ قدم في قيادة حزب سياسي كبير نسبيا، ما دفع الحزب إلى تبني وجهات النظر الإيرانية حيال القضايا المطروحة في العالم العربي.

وتصاعد تحكم إيران في مقدرات حزب «العمل» بعد تولي الكاتب الراحل عادل حسين، منصب الأمين العام للحزب، حيث اتهمته السلطات المصرية صراحةً بالعمل لحساب إيران، وبأنه أداة التواصل بين الدولة الإيرانية وعناصر الجماعات الأصولية المسلحة، وتم احتجازه لنحو 45 يوما.

وبعد ثورة 25 يناير 2011، واصل حزب «العمل» بقيادة مجدي أحمد حسين تأييد طهران على طول الخط، من خلال موقع صحيفة «الشعب» على شبكة الإنترنت فضلا عن المؤتمرات الجماهيرية التي كان يعقدها الحزب في المسجد الأزهر كل يوم جمعة، والتي كانت تتضمن خطبا وكلمات لقيادات الحزب تدعم وتؤيد السياسات الإيرانية.

وأسس مجدي أحمد حسين حزبا جديدا تحت اسم حزب «العمل الجديد» تغير فيما بعد إلى «الاستقلال» متخذًا له مقرا فخما في حي «جارن سيتي» أحد أرقى وأهم أحياء القاهرة، وهو أمر غريب إذا علمنا أنه كان يدير الحزب في السابق من شقة متواضعة بحي «المنيل»، كما استبدل الرجل سيارته القديمة من ماركة «شاهين» بأخرى من موديل حديث، كما زار طهران أكثر من مرة.

وحسب الهتيمي، فقد عكست اللقاءات التي عقدها مجدي حسين في طهران حجم التقدير الإيراني له، وأن طهران لا تتعامل معه باعتباره زائرا عاديا، إذ التقى حسين وفق مقال كتبه ونشره في صحيفة «الشعب»، كلا من وزير الخارجية علي أكبر صالحي الذي استقبله استقبالا حافلا وجلس معه قرابة الساعة. وفي تصرف «غير بروتوكولي»، بتعبير حسين نفسه، أصر الوزير على مصاحبته إلى الممر الخارجي المفضي إلى المصعد. كما التقى حسين أيضا الدكتور علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى والذي رحب به ترحيبا شديدا.

وعندما زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، مصر، التقاه حسين، وأثنى خلال اللقاء على «الدور الإيراني» في المنطقة العربية، واصفا طهران بأنها "راعية المقاومة الفلسطينية". كما صرح حسين خلال لقائه مع سعيد جليلي، أمين المجلس الأعلى لمجلس الأمن القومي الإيراني في العاصمة الإيرانية طهران، بأن "الشعب المصري استلهم ثورته من الثورة الإيرانية".

وثمة حديث متكرر يتردد في أروقة الحزب عن تشيع مجدي حسين، استنادا لبعض الأفكار التي يطرحها في الندوات واللقاءات التثقيفية الخاصة بأعضاء الحزب وكوادره، وهناك من يصر على أنه تشيع بالفعل، ومن بين هؤلاء الصحفي أسامة عبدالرحيم الذي كان ناشطا في الحزب، كما عمل أيضا في صحيفة «الشعب» الإلكترونية إذ يقول: "بعد وفاة عادل حسين أحضر المستشار الدمرداش العقالي مرجعا شيعيا إيرانيا اجتمع مع مجدي حسين، وهو من قام بدعوة مجدي للتشيع".

أما الكاتب الدكتور رفعت سيد أحمد، أحد قادة حزب «العمل» سابقا، فهو يشرف على لجنة دعم «المقاومة» في الجنوب اللبناني برئاسة «حزب الله»، ويرأس «مركز يافا للدراسات» الذي تموله جهات شيعية، والذي يُصدر العديد من الدوريات والكتب للدفاع عن أفكار ومنهج «حزب الله»، في حين يهاجم بعض الدول السنية بقسوة.

وتولى أحمد السيوفي، أحد صحفيي جريدة «الشعب» السابقين، منصب مدير مكتب قناة «العالم» الشيعية الإيرانية في القاهرة. وطالب السيوفي في أكثر من ندوة ومناسبة عامة بـ«تجاوز الحديث عن مسألة الشيعة والسنة»، قائلا: "لا نريد التوقف أمامها كثيرا، فهي توضع بين يدي العلماء الذين لعبوا بشكل كبير في هذا الموضوع ولهم مقارنات كبيرة بين المذهبين فعلينا أن نغلق هذا الملف".

فيما يتعلق بالجانب السياسي، قال السيوفي: إن "هناك ثلاث دول تقاطع إيران هي أمريكا وإسرائيل ومصر، وليس من العدل أن تكون مصر في قطيعة مع إيران، فمن الناحية الجغرافية مصر لها وضع إفريقي متميز وإيران لها وضع آسيوي متميز، وبالتالي سيصبح كل منهم نافذة على قارة الآخر من خلال العلاقة بينهما".

واعتبر السيوفي أنه: "لو كانت هناك إرادة سياسية حقيقية يمكن  أن يحدث تفاهم بين الطرفين، لأن الخلافات بين مصر والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل أكثر من الخلافات بين مصر وإيران، فلماذا إذن القطيعة بين القاهرة وطهران؟ إن هذا الأمر غير منطقي، ولابد من تصحيحه فورا".

ومن عملاء إيران أيضا، الكاتب المصري المتشيّع صالح الورداني، الذي كان عضوا في تنظيم «الجهاد»، والذي كتب في أحد كتبه قائلا: "بعد خروجي من المعتقل في منتصف الثمانينيات، احتككت بعدد من الشباب العراقي المقيمين في القاهرة، من المعارضة وغيرهم، وكذلك مع الشباب البحرينيين الذين كانوا يدرسون في مصر، فبدأت التعرف على الفكر الشيعي وعلى أطروحات التشيّع من خلال مراجع وكتب وفروها لي، ومن خلال الإجابة على كثير من تساؤلاتي الفكرية".

العرّاب الفارسي

ويعد الكاتب الصحافي فهمي هويدي أحد أشد المدافعين عن إيران، وله كتاب بعنوان «إيران من الداخل» يدافع فيه باستماتة عن النظام الإيراني. وكان هويدي هو أول صحفي عربي يجري حوارا مع الرئيس الإيراني وقتها محمود أحمدي نجاد عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام ٢٠٠٩، إلى حد أن البعض أطلق على هويدي لقب «العرّاب الفارسي».

وتحت عنوان «فهمى هويدي مدافع صلب عن النظام الإسلامي في إيران»، قالت «وكالة أنباء فارس» فى تغطيتها للزيارة: "استقبل الرئيس نجاد الكاتب المصري فهمى هويدي الذى يزور طهران حاليا، والمعروف بعلاقاته الوطيدة مع المسئولين في إيران".

ووصفت الوكالة «هويدي» بأنه "من المنظرين المصريين المعارضين لمواقف حكومة الرئيس (الأسبق) حسنى مبارك، مشيرة إلى أن "هذه أرفع مقابلة من نوعها للكاتب المصري مع المسئولين الإيرانيين خلال زياراته المتعددة لطهران، حيث يعد من أكثر المدافعين عن السياسة الإيرانية".

ويقف هويدي مع إيران في كل الأزمات، ولا يرى أي خطورة في محاولاتها التبشيرية لنشر التشيّع في مصر والعالم العربي، إذ كتب قائلا: "لا يوجد تبشير بالشيعة، فهذه مجرد دعوة لمذهب يقوم به بعض الأفراد المقتنعين بأن من واجبهم الدعوة إلى هذا المذهب. كما لا يوجد ما يسمى المد الشيعي أصلًا، إنما يوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في إسقاط الشاه، ويوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في مقاومة إسرائيل".

ويغض هويدي الطرف كل أطماع إيران في المنطقة العربية، ويرى أنه "لا وجود للأطماع الإيرانية: "هذا ما يريدونه في الغرب أن نخاف من إيران، فلا نتحد معها سياسيا، لأنهم يعرفون لو أن السنة اتحدوا مع الشيعة سياسيا لتغيرت موازين القوى في العالم كله، ولكن المقصود من الدول المهيمنة الكبرى ألا يحدث أي تقارب بين إيران والدول السنية".

وحسب الباحثّين مهدي مبارك ومحمود الشهاوي، فإن من بين أبرز المشاهد في علاقة هويدي وإيران، هجومه على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أثناء زيارة الرئيس الإيراني «نجاد» ووفد مصاحب له إلى المؤسسة، بعد حديث «الطيب» في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء عن اضطهاد السنة في طهران وبغداد.

وفي كتابه «من الحوار اكتشف الحقيقة» يكشف الكاتب الشيعي السوري هشام آل قطيط صراحة عن تحوّل هويدي إلى اعتناق المذهب الشيعي، حيث يقول «آل قطيط»: "إن أحد أبرز المثقفين المتحولين إلى المذهب الشيعي الأستاذ القدير فهمى هويدي، الكاتب المصري الشهير صاحب كتاب «إيران من الداخل» وغيره من المقالات والكتب الجيدة" (ص 220 من الكتاب).

اللوبي الإعلامي الإيراني

يقول محمد محسن أبو النور، الباحث في العلاقات المصرية-الإيرانية إنه "منذ نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط مبارك، والدولة الإيرانية تسعى إلى توثيق علاقتها بعدد من الإعلاميين المصريين البارزين، وذلك بهدف استخلاص مواقف داعمة ومؤيدة للتحركات الإيرانية، بل ومدافعة أحيانا عن سياساتها التي غالبا ما تثير لغطا وحساسيات لدى الأنظمة والشعوب العربية."

ويضيف أبو النور أن "من بين هؤلاء الإعلاميين المصريين الكاتب الصحفي والإعلامي وائل الإبراشي، صاحب برنامج «العاشرة مساء» على قناة دريم 2، والمقدم السابق لبرنامج «الحقيقة»، مشيرا إلى أنه "كان من المعلوم لدى المتابعين لبرامج الإبراشي الحالية والسابقة ذلك الانحياز في مواقفه للدولة الإيرانية وسياساتها".

ويوضح أبو النور أن «الإبراشي» هو من قدم تلك الحلقة الخاصة من برنامج الحقيقة عن زواج «ملك اليمين» التي أثارت جدلا كبيرا في الشارع المصري، والتي قدم فيها الإبراشي بطلها المدعو المهندس عبد الرؤوف عون باعتباره "داعية ومفكرا إسلاميا وأنه واحد من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم".

ويشير الباحث إلى إن إيران حرصت أيضا على أن توثق علاقتها وتتواصل مع ما يسمى بوكالات وشركات البث المباشر والتي تقوم بإعداد وتقديم مواد تلفزيونية كخدمة إعلامية لبعض القنوات الفضائية التي ليس لها مكاتب خاصة في القاهرة، وكان من أبرز هذه الشركات «الشركة المصرية للإعلام» التي تعود ملكيتها للإعلامي خالد السيوفي، نجل أحمد السيوفي مدير مكتب قناة العالم، والذي يقوم بعمل تقارير يومية لـ20 قناة شيعية.

واعتقلت المخابرات المصرية خالد السيوفي بتهمة بث برامج على الهواء بدون ترخيص، حيث أمدت الشركة عشرات القنوات الشيعية في الخليج بمواد تلفزيونية دون أن تحصل على إذن من الهيئات المختصة ببث هذه المواد.

ومن بين الشركات أيضا شركة «فيديو كايرو سات»، وهي شركة بارزة تعود ملكيتها إلى المهندس محمد جوهر صاحب «قناة 25»، التي تم استقطابها عن طريق إرسال تعاقدات بينها وبين قنوات شيعية في العراق، من بينها قناتا «الاتجاه والزوراء»، وهي قنوات تقدم مبالغ مالية كبيرة في مقابل الخدمات الإعلامية.

ويكشف أبو النور عن أنه في أعقاب ثورة يناير انتشر ما عرف بـ «موسم الحج إلى طهران» حيث يتم تنظيم رحلات سفر لنحو 30 أو 40  إعلاميا مصريا وإعلامية إلى طهران كل أسبوع أو أسبوعين، حيث تقوم هيئات إيرانية بتنظيم برنامج خاص لهؤلاء الإعلاميين للتعرف على إيران خلال فترة الزيارة، ولاستخلاص مواقف متضامنة مع إيران، إذ أن الإعلاميين والصحفيين بشكل لا إرادي يتعاطفون مع الدولة الإيرانية نتيجة حالة الإبهار التي تنتابهم مما يشاهدونه حيث لا يرون إلا كل ما هو جميل ومنظم في إيران، وهو بالطبع أمر متعمد فليس للإعلامي أو للصحفي حق التنقل بحرية كاملة، وفي حال رغب في التنقل بمفرده يكون في صحبته أحد رجال الاستخبارات الإيرانية.

ويورد أبو النور بعض أسماء الشخصيات والهيئات القائمة على تنظيم رحلات الإعلاميين لطهران، ومنهم الكاتب والصحافي طارق السنوطي الذي اعتبره الأبرز في هذه المسألة، وهو رئيس القسم الدبلوماسي بصحيفة «الأهرام المسائي»، ومنهم أيضا الباحث أحمد عبد الرحمن.

ويذكر أن عدد الإعلاميين الذين سافروا لإيران منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن بلغ تقريبا نحو 500 إعلامي.

 

(2)

الكويت| «أفكار شيطانية» ومتفجرات

 

>> شيعي عراقي حاول اغتيال أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1985 بسيارة مفخخة

>> نائب كويتي سابق: الشيعة سيأخذون حقوقهم في التعيينات بضغط من الداخل أو «الخارج»

>> نائبان إيرانيان: الكويت ستكون الضحية الأولى لأي توتر في المنطقة.. وعليها ألا تمد رجلها أكثر من «بساطها»!

 

"الكويت ستكون الضحية الأولى لأي توتر في المنطقة.. وعليها ألا تمد رجلها أكثر من «بساطها»!

هذا التصريح العدواني هو جانب من تصريحات نارية أطلقها كل من حشمت الله بيشة وحسن كامران، عضوا مجلس الشورى الإيراني، في أغسطس 2012، ما يؤكد أن النوايا الإيرانية المبيّتة تجاه الكويت ليست وليدة اليوم، بل هي جزء أصيل من استراتيجية «تصدير الثورة» التي ينتهجها ملالي طهران تجاه الدولة الكويتية.

ولعملاء إيران و«حزب الله» اللبناني، تاريخ دامٍ في الكويت، ففي 25 مايو 1985، حاول انتحاري شيعي يدعى جمال جعفر علي الإبراهيمي، العضو في حزب «الدعوة الإسلامية» العراق، كان يقود سيارة مفخخة اغتيال الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير الكويت الراحل، وهو في طريقه للذهاب إلى مكتبه في قصر السيف، بسبب موقف البلاد من حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، حيث أيدت الكويت الجانب العراقي في هذه الحرب.

عملاء وخونة

لا يقتصر «طابور إيران الخامس» في الكويت على العملاء من المؤيدين علنا لسياسات طهران العدوانية تجاه هذه الدولة الخليجية، وتجاه دول الخليج بشكل عام، بل إلى يمتد الخطر الإيراني إلى حد تجنيد الإرهابيين أيضا. ففي أغسطس 2015، ضبطت وزارة الداخلية الكويتية خلية إرهابية تابعة لـ«حزب الله» اللبناني، كان بحوزة أعضائها ترسانة ضخمة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة، تم إخفاؤها داخل حفرة عميقة في إحدى مزارع منطقة «العبدلي» تعود ملكيتها إلى مواطن كويتي.

وأعلنت الداخلية الكويتية، وقتها، عن أن جميع هذه المضبوطات من الأسلحة والذخائر والمواد الشديدة الانفجار وغيرها من الأسلحة وجدت في مزرعة ومنازل المتهمين الثلاثة في القضية، ومنها 19 ألف كغم ذخيرة متنوعة، و144 كغم متفجرات من مادة «تي إن تي» شديدة الانفجار، و65 سلاحا متنوعا، وثلاث قذائف «آر بي جاي»، و204 قنابل يدوية.

وعلى الفور، أصدرت السفارة الإيرانية لدى الكويت بيانا إعلاميا أبدت اعتراضها على "ربط اسم إيران بمجموعة ستتم محاكمتها بتهمة التخطيط لشن هجمات داخل الدولة". وأعربت السفارة عن "استيائها الشديد" مما قالت إنها "حملة ممنهجة من الإعلام الكويتي إزاء العلاقات الثنائية بين البلدين".

وأعربت الخارجية الكويتية عن رفضها بيان السفارة الإيرانية بشأن قضية «خلية العبدلي»، عقب توجيه النيابة العامة الكويتية تهما للخلية بالتخابر لصالح إيران و«حزب الله». ووصفت الوزارة بيان السفارة بأنه "تجاوز لأبسط القواعد والأعراف الدبلوماسية"، مؤكدة أن "التعبير عن مواقف الدول الرسمية ورغبتها بالحصول على أي معلومات ينبغي أن يكونا عبر القنوات الرسمية وليس عبر وسائل الإعلام".

وأكدت «الخارجية» أن "البيان الإيراني لم يراع الموقف الرسمي والمعلن لدولة الكويت بالتعامل مع القضية بروح من المسؤولية والحرص على عدم إصدار أحكام مسبقة".

ويذكر أن «حزب الله- الكويت» نشأ في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بعد نشأة نظيره اللبناني، وعمل الحزب الكويتي تحت أسماء ومنظمات وهمية، مثل «طلائع تغيير النظام للجمهورية الكويتية» و «صوت الشعب الكويتي الحر». وتأسس هذا الحزب بمجموعة من شيعة الكويت كانت تدرس في الحوزة الدينية بمدينة «قم» الإيرانية، ويرتبط معظم أعضاء الحزب بعلاقات وثيقة مع «الحرس الثوري».

الخليج في «دائرة الخطر»

وفي هذا العام 2017، وبعد عامين كاملين من البحث والتحقيق والاستماع لمرافعات وحجج المتهمين، أصدر القضاء الكويتي أحكاما بإدانة المتورطين في القضية التي باتت تُعرف بـ«خلية حزب الله» في الكويت. وواجه المتهمون في القضية، وهم 25 كويتيا وإيرانيا واحدا حوكم غيابيا كونه هاربا خارج البلاد، اتهامات بالقيام بأعمال عدائية ضد دولة الكويت، وحيازة مفرقعات ومدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر بقصد ارتكاب جرائم من خلال التخابر مع إيران و«حزب الله».

وتعليقا على ذلك، قال أسامة المناور، عضو مجلس الأمة الكويتي السابق، إن "هذه ليست المرة الأولى التي يحكم فيها القضاء على خلايا زرعتها إيران في الكويت، فقد كانت هناك في السابق قضية التجسس التي حكم فيها القضاء عام 2011 وتورط فيها دبلوماسيون إيرانيون، لكن الحكومة الإيرانية لم تتخذ أي إجراء ضدهم.

وأضاف «المناور» أن "الكويت تعاملت دائما بأخلاقيات حسن الجوار، لكن إيران لم تنفك تزرع الخلايا، وتروّج لتصدير الثورة"، مستشهدا بتصريح علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني الذي قال فيه إنه "في حال سقوط سوريا ستسقط الكويت".

وفي هذا الصدد، دعا عدد من النواب الكويتيين الحكومة إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية ضد إيران لاتهامها بالتورط في القضية، وفيما دعا النائب حمود الحمدان إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، حث النائب مبارك الحريص رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في البرلمان الكويتي الحكومة إلى تصنيف حزب الله اللبناني «منظمة إرهابية».

من جانبه، وصف عبد الله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الاتهامات التي وجهتها النيابة العامة الكويتية لأعضاء «حزب الله» في الكويت بأنها "اتهامات خطيرة، بل تعتبر الأخطر والأكبر في تاريخ البلاد، وهي تضع الكويت ودول الخليج برمتها في دائرة الخطر".

وأكد «الشايجي» أن "هدف إيران هو زعزعة أمن واستقرار الكويت، إذ أن لديها مشروعا واضحا، خاصة بعد اتفاق النووي الذي أبرمته مع الولايات المتحدة، حيث تسعى من وراء مشروعها لأن تكون الدولة الرئيسية المهيمنة في المنطقة".

«الهاكرز» يفضحون رجالات طهران

في نوفمبر 2016، اخترق واحد من قراصنة الإنترنت «هاكرز» الموقع الإلكتروني لمجلس الأمة الكويتي، وهاجم «الهاكرز» النائب الشيعي السابق والهارب من عدة قضايا عبد الحميد دشتي، المعروف بقربه من إيران، مطالبا النواب بالوقوف صفا واحدا ضد «عملاء إيران».

وقال «الهاكرز»: "همسة للعميل دشتي: المملكة العربية السعودية خط أحمر شعبا وحكومة.. وإلا سوف نكشف ما نملك من مراسلات لك مع الحكومة الإيرانية والسورية، ومكيدتك للخليجيين بشكل عام، والشعب الكويتي خاصة".

وكان «دشتي» دعا في مداخلة مع فضائية «الإخبارية» التابعة للنظام السوري، إلى "ضرب أساس الفكر التكفيري الوهابي في عقر داره"، في إشارة واضحة إلى السعودية، دون أن يذكرها بالاسم. وعقب ذلك، تلقت الخارجية الكويتية مذكرة رسمية من السفارة السعودية لدى الكويت، تفيد بأن النائب «دشتي» تهجم وأساء إلى السعودية وحرض ضدها في مداخلة تلفزيونية على قناة موالية للنظام السوري.

من جهة أخرى، أثارت محاضرة ألقاها الشيخ عبد الله السلفي تحت عنوان «التغلغل الإيراني في الكويت» دويا هائلا وتأييدا صارخا. فما إن انتهت القناة من بث المحاضرة، حتى سارعت المواقع والمنتديات الإلكترونية للتعليق عليها وإبداء الرأي حولها، وظهر واضحا كم هو حجم التأييد التي حظيت به هذه المحاضرة من جانب جماهير أهل السنة في الخليج والكويت خصوصا.

وكشف الشيخ «السلفي»، في المحاضرة، النقاب عن المؤامرات والمكائد والمخططات الإيرانية الصفوية التي تستهدف الخليج عامة والكويت خصوصا، وقام بتسمية الأمور بمسمياتها واضعا «أصبعه على الجرح» دون مواربة أو تمويه. وجاءت محاضرته غنية بالوثائق والأدلة والأسماء التي تفضح الدور الإيراني الصفوي عبر عملاء وأزلام طهران.

واعتبر شيعة الكويت هذه المحاضرة «تحريضا على الفتنة الطائفية» ورفعوا أصواتهم إلى المسؤولين لمنع «السلفي» من الخطابة، وكان من بين هؤلاء الناشط الكويتي فرج الخضري، الموالي لإيران، وغيره منم هاجوا وماجوا مطالبين برأس الشيخ.

وعلى الرغم من كل ذلك، تحتضن الكويت عددا من القنوات الفضائية الشيعية، أبرزها قناة «الأنوار» أول القنوات الشيعية التي بدأت البث نهاية عام 2004، والتي يرأسها النائب في البرلمان صالح عاشور، بالإضافة إلى قناتي «المعارف وأهل البيت»، فضلا عن الصحف اليومية الشيعية مثل «النهار» و«الدار»، ولا تخلو جريدة كويتية من كاتب شيعي أو صفحة أسبوعية للشيعة، فضلاً عن نقل أخبار «الحسينيات» أولا بأول.

 

(3)

البحرين| مؤامرات عمرها 150 عاما

 

>> باحث في الشأن الإيراني: التاريخ الحديث يسجل التدخلات الإيرانية في البحرين لأكثر من 50 سنة

>> «جمعية الوفاق» البحرينية تستخدم المساجد و«الحسينيات» والمنابر الدينية لـ«شحن الشيعة» في البلاد سياسيا

>> إحباط محاولة انقلاب مسلح في البحرين عام 1981 خططت له «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» المدعومة من إيران

>> القيادي الشيعي كاظم الجمري: الشعب البحريني الشيعي مستعد للتضحية «تحت أوامر» المرشد الأعلى علي خامنئي!

 

لم يكن التدخل الإيراني في شؤون البحرين وليد اللحظة، فمن المعلوم للكافة أن التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني سياسة قديمة تمتد لأكثر من 150 عاما، حيث اتسمت العلاقات البحرينية- الإيرانية بالتوتر والجمود على مدار التاريخ المعاصر، ففي عام 1927 أثارت إيران موضوع «تبعية البحرين» لها في «عصبة الأمم» آنذاك. وفي 21 سبتمبر 1945، أبرزت صحيفة «نيروز إيران" الحديث الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني آنذاك، والذي طالب فيه الولايات المتحدة بالتريث في استخراج النفط من الحقول البحرينية "نظرا للحقوق الإيرانية في البحرين".

وفي عام 1958، رفضت إيران اتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين المملكة العربية السعودية والبحرين، وفي هذا الاتجاه اعتبرت إيران المشروع السعودي بإقامة جسر يربط بين المملكة والبحرين بمنزلة إجراء تتخذه السعودية لإحباط أي محاولة تقوم بها إيران لضم البحرين.

وفى 1970، وبينما كانت بريطانيا في سبيلها لإنهاء احتلال البلاد، طالب شاه إيران بـ«ضم البحرين» إلى بلاده، اعتمادا على أن طهران كانت تحتلها فعليا حتى القرن السادس عشر الميلادي.

إذكاء الكراهية الطائفية

أولى نظام الملالي الحاكم في إيران منذ اندلاع ما يُسمى «الثورة الإسلامية» عام 1979 أهمية خاصة للبحرين، حيث ظهرت أطماع طهران التوسعية في هذا البلد الخليجي لسبب أساسي، وهو أن أغلبية الشعب البحريني تتشكل من الشيعة، بينما الحكومة في أيدي السنة.

ولم يراع النظام الإيراني النهج المتسامح الذي تقوم عليه مملكة البحرين، والذي يرتكز على السلم الاجتماعي واحترام المواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار، بل عمل هذا النظام من خلال دعم التنظيمات الإرهابية إلى إلحاق أضرار اقتصادية بالبحرين.

وتم استهداف أكثر من 200 مؤسسة تعليمية ومنشآت حيوية، كمحطات الكهرباء وأبراج الاتصالات والحدائق العامة والبنوك التجارية، وقطع الطرق على الشوارع التجارية. كما عمدت طهران إلى زرع الكراهية على أساس طائفي مقيت، من خلال عملائها وخلاياها الإرهابية وقنواتها الفضائية التي استهدفت البحرين بشكل ممنهج.

وفي عام 1981، تم إحباط محاولة انقلاب مسلح في البحرين خططت له «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» التي كانت مدعومة لوجستيا من إيران. وتكرر الأمر نفسه في عام 1996، حين أعلنت السلطات البحرينية الكشف عن تنظيم سري باسم «حزب الله» تآمر لقلب نظام الحكم، وقد تلقى المتورطون في هذا العمل تدريبات في طهران.

كما شهدت البحرين خلال عام 2011 وما بعده احتجاجات ومسيرات شيعية واسعة النطاق، تشكل حلقة فيما بات يُعرف بـ«ثورات الربيع العربي». وقاد هذه الاحتجاجات عملاء إيران بشكل أساسي، وتصدت لها الحكومة بمساندة من قوات «درع الجزيرة»، ولكن من حين لآخر تبدو شرارات من تحت الرماد، تستغلها طهران لإحداث القلاقل في البحرين.

وتجلى التدخل الإيراني في البحرين من خلال تصريحات المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، الذي تحدث في خطبة عامة سنة 2015، عن "عدم تخلي إيران عن دعمها للشعوب المظلومة، ومن ضمنها شعب البحرين"، وهو ما دفع الخارجية البحرينية إلى استدعاء السفير الإيراني للاحتجاج رسميا على هذه التصريحات الخطيرة.

وفي نوفمبر 2015، اعتقلت وزارة الداخلية البحرينية 47 عضوا في خلية قالت إنها «مرتبطة بعناصر إرهابية في إيران»، و«تخطط لشن هجمات» داخل البحرين.

وبعدها بأيام، أسقطت البحرين الجنسية عن 5 مواطنين «أدينوا بالتآمر مع إيران» لتنفيذ هجمات داخل المملكة، كما حكمت عليهم بالسجن المؤبد.

لعملاء طهران في البحرين نشاط سياسي واجتماعي واسع النطاق، حيث تستمد «جمعية الوفاق» الشيعية البحرينية وفرعها «ائتلاف ثوار 14 فبراير» منذ تأسيسهما عام 2002 وحتى الآن، شرعيتهما الدينية والسياسية من مفهوم «ولاية الفقيه» الإيراني، حيث استخدمت الجمعية والائتلاف المساجد و«الحسينيات» والمنابر الدينية لشحن الشيعة في البلاد، تبعا للمصالح الفئوية والطائفية، بهدف المساومة على السلطة البحرينية، ودفعها إلى اعتماد نظام «المحاصصة» في حكم البلاد.

وصرح صادق كاظم الجمري، أحد قياديي «ائتلاف ثوار 14 فبراير»، لوكالة أبناء «فارس» الايرانية قائلا: "إن الشعب البحريني الشيعي مستعد للتضحية تحت أوامر قائد الثورة الاسلامية آية الله السّيد علي خامنئي".

ويقود ما يسمى «ثورة البحرين» منذ 2011 حتى الآن القيادي الشيعي عيسى قاسم، وهو وكيل المرجع الإيراني في البحرين وأعلى رأس يمثل مرجعية «الولي الفقيه» في البحرين.

وخلال إحدى خطب الجمعة، قال حيدر الستري، النائب في البرلمان البحريني عن «جمعية الوفاق»: "لقد رأينا في عصرنا كيف حققت الجمهورية الإسلامية في إيران المعجزات، وانتصرت على دول العالم الكبرى مجتمعة، كما انتصرت إبان نشأتها في الحرب التي أشعلها النظام البعثي البائد في العراق ضدها، بفضل مخزون القوة الذي تمتلكه قيادة الولي الفقيه، والتفاف المؤمنين حولها".

وفي مارس الماضي، أعربت مملكة البحرين عن ترحيبها بإدراج السلطات الأمريكية لبعض الأشخاص ممن ينتمون لما يسمى بـ«سرايا الأشتر» الإرهابية الموالية لإيران على قائمة الإرهاب الدولية.

وقالت الخارجية البحرينية إن "وضع وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، لبعض الإرهابيين الموالين لإيران على قائمة الإرهاب يعكس إصرار الولايات المتحدة على التصدي لكافة أشكال الإرهاب، ولكل من يقوم بدعمه أو التحريض عليه أو التعاطف معه."

وتعليقا على ذلك، قال الدكتور عبد الله المقابي، الباحث في الشأن الإيراني، إن "التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني والخليجي تمتد بجذورها إلى أكثر من 150 سنة، إذ لا تخلو حقبة زمنية من هذه التدخلات البغيضة، وقد سجل التاريخ الحديث التدخلات الإيرانية في البحرين لأكثر من 50 عاما مضت، حيث طالبت إيران بضم البحرين نفسها".

من جهة أخرى، وثقّ «مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية» المواقف العدائية لإيران تجاه البحرين، في دراسة بعنوان «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية البحرينية». ونشر المركز كشفا بأسماء أكثر من 160 موقفا عدائيا لمسؤولين إيرانيين، بدءا من المرشد الأعلى، وانتهاء بمسؤولين في وزارة الخارجية الإيرانية، ومسؤولين آخرين أعضاء في لجان في مجلس الشورى الإيراني، إضافة إلى عدة تصريحات ومواقف متفرقة أخرى توزعت بين عدد من مسؤولي الصف الثاني.

وأظهرت الدراسة التي أعدها الدكتور عمر الحسن، رئيس المركز، أن افتتاحيات الصحف والمقالات السلبية الإيرانية ضد البحرين جاءت في الترتيب الثاني، بعد تصريحات القادة وكبار المسؤولين الإيرانيين المشار إليها سلفا، وذلك بعدد 26 مادة صحافية، مشيرة إلى أن هناك "رؤية مشتركة لإيران وحلفائها في إطار لعبة توزيع الأدوار التي تبنتها أجهزة النظام الإيراني تجاه أمن مملكة البحرين ومصالحها القومية".

 

(4)

السعودية| عملاء وإرهابيون وخونة

 

>> طهران بدأت تدخلاتها في المملكة منذ «أحداث مكة» عام 1987 التي نفذها حجاج إيرانيون وقتل فيها 402 أشخاص

 >>إيران أوعزت لعملائها في السعودية بتنفيذ تفجير «أبراج الخُبر» في الرياض عام 1996

>> «الجبير»: التاريخ الإيراني مليء بالتدخلات العدوانية في العالم العربي.. ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار

 

منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، كان نظام «الملالي» في طهران يعتبر «الدين» أداة مساومة جيدة في التأثير على السعودية، المنافس الإقليمي الرئيس لإيران. وفي الماضي، استُخدمت الدعاية الإيرانية ما أسمته «التمييز ضد الأقلية الشيعية» في السعودية بشكل كبير للضغط على المملكة، وهو ما دعا إلى الاعتقاد بأن هذه الأقليات قد تُستخدم من قبل إيران في أي مواجهة محتملة مع الرياض، وأن الإيرانيين يرون هذه المجموعات كـ «طابور خامس» محتمل داخل المملكة.

جاء ذلك، رغم أن السعودية هي التي مدت يدها إلى إيران أول الأمر، لاسيما عندما ترفع شعار إزالة التوتر في العلاقات الخارجية وحسن الجوار معها، وكان لخادم الحرمين الشريفين دور في ذلك إبان قبوله الدعوة الإيرانية حضور مؤتمر «منظمة المؤتمر الإسلامي» الذي عقد في العاصمة طهران عام 1998.

وعلى العكس من منطق الدولة المستقرة الذي انتهجته الأنظمة العربية في السعودية ودول الخليج، اتجه النظام الإيراني نحو الاستفزازات و«تصدير العنف الثوري» وإثارة النزعات الطائفية والأحقاد التاريخية. واستمرت إيران بتدخلاتها الدموية في السعودية والدول العربية عموما تحت شعارات «تصدير الثورة» و«نصرة المستضعفين» و«رفع الاضطهاد عن الشيعة» وغيرها من الشعارات التي اتخذتها ذريعة لتأسيس ميليشيات وخلايا طائفية تنفذ أجندتها وسياساتها التوسعية في المنطقة.

وعلى الرغم من أن السياسة السعودية ترتكز على عدم التدخل في شؤون دول الجوار، فقد بدأت إيران تدخلاتها في السعودية بشكل مباشر منذ أحداث الشغب في مكة عام 1987، عندما قامت مجموعة من الحجاج الإيرانيين، وبتحريض من سلطات بلادهم، بتنظيم مظاهرة سياسية غير مرخصة مناهضة لأمريكا وإسرائيل والغرب، ما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن السعودية، نتج عنها مقتل 402 أشخاص، منهم 275 حاجاً إيرانياً، و42 حاجاً من جنسيات أخرى، إضافة إلى مقتل 85 رجل أمن سعوديا.

كما أوعزت إيران لعملائها في السعودية بتنفيذ تفجير «أبراج الخُبر» في الرياض عام 1996، وكذلك تنفيذ اغتيالات ضد دبلوماسيين سعوديين، حيث تورطت إيران في الفترة بين عامي 1989 و1990 في اغتيال 4 دبلوماسيين سعوديين في تايلاند وهم: عبد الله المالكي، وعبد الله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف. وفي العام 2011، تورط النظام الإيراني في اغتيال الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني في مدينة كراتشي الباكستانية.

«الإمبراطورية الشيعية» المزعومة

وزعم المحلل السياسي الإيراني محمد صادق الحسيني، في دراسة نشرتها إحدى الصحف الصادرة في طهران العام الماضي، أن "أي حل للمسألة الشيعية في السعودية سيكون متسقا مع المصالح الإيرانية. وطالما كان الشيعة في خطر شديد، فقد يتمردوا ويثوروا في أي وقت، وبقية السيناريو سيسير بهذا الشكل: البحرين وأجزاء من اليمن والمناطق الشيعية في السعودية، سيتوحدون مع الإسماعيلية في إيران، سيشكلون ما مجموعه أكثر من ٧٥ مليون شخص، ما يمكنهم من إنشاء إمبراطورية شيعية ضخمة"!

وعلى خلفية التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن السعودي، إثر إعدام الرياض الإرهابي الشيعي نمر باقر النمر، وفي 3 يناير 2016، هاجم إيرانيون مبنى السفارة السعودية في طهران وأحرقوه، كما تعرضت القنصلية السعودية في مدينة «مشهد» شمالي شرق إيران لهجوم مماثل.

وعلى الفور، أعلنت السعودية رسميا عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران. وقال عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، في تصريحات وقتها، إن "هذه الاعتداءات جاءت بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضاً سافراً على الاعتداء على بعثات السعودية، وتعتبر استمراراً لسياسة النظام الإيراني في المنطقة الذي يهدف لزعزعة الأمن والاستقرار وإشاعة الفتن في المنطقة، وهذا يؤكد توفير نظام إيران ملاذاً آمناً لزعامات تنظيم (القاعدة) منذ عام 2001، كما وفر الحماية لعدد من المتورطين في تفجير الخُبر في عام 1996، وأيضاً قيامه بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها السعودية، والتاريخ الإيراني مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في العالم العربي، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار وقتل الأرواح البريئة".

خلية التجسس الإيرانية

في ديسمبر 2016، أصدرت الدائرة القضائية المشتركة في المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، أحكامها على 32 متهما في القضية المعروفة باسم «خلية التجسس الإيرانية» نسبة إلى ارتباطها بالاستخبارات الإيرانية، والتي اتهم أعضاؤها بتهم أبرزها تكوين خلية تجسس بالتعاون والارتباط والتخابر مع عناصر من المخابرات الإيرانية بتقديم معلومات في غاية السرية والخطورة في المجال العسكري تمس الأمن الوطني للمملكة ووحدة وسلامة أراضيها وقواتها المسلحة، وإفشاء سر من أسرار الدفاع، والسعي لارتكاب أعمال تخريبية ضد المصالح والمنشآت الاقتصادية والحيوية في البلاد والإخلال بالأمن والطمأنينة العامة وتفكيك وحدة المجتمع وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، والقيام بأعمال عدائية ضد المملكة وغيرها من التهم.

وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصّصة في الرياض حكماً ابتدائياً يقضي بالقتل تعزيزا «الإعدام» بحق 15 مداناً من أفراد خلية التجسس الإيرانية المكوّنة من 32 عنصرا، 30 منهم سعوديون، إضافة إلى إيراني وأفغاني، متهمين بتكوين خلية للتجسُّس والارتباط والتخابر مع عناصر من المخابرات الإيرانية للإضرار بأمن المملكة.

وكشفت المحاكمة عن أهداف الخلية التي تمثلت بتكوين خلية تجسس بالتعاون والارتباط والتخابر مع عناصر من المخابرات الإيرانية بتقديم معلومات في غاية السرية والخطورة في المجال العسكري تمس الأمن الوطني للمملكة ووحدة وسلامة أراضيها وقواتها المسلحة، وإفشاء سر من أسرار الدفاع، والسعي لارتكاب أعمال تخريبية ضد المصالح والمنشآت الاقتصادية والحيوية في البلاد، والإخلال بالأمن والطمأنينة العامة، وتفكيك وحدة المجتمع وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، والقيام بأعمال عدائية ضد المملكة، وغيرها من التهم.

كما كشفت الأوراق التنظيمية التي عثرت عليها قوات الأمن عن وجود فكر تكفيري للدولة لدى المتهمين، حيث عثر بحوزتهم على مستندات تحوي كتابا يتضمن تكفير نظام الحكم السعودي، وتصف الموقوفين على ذمم قضايا أمنية من المشاركين في أحداث التخريب بـ«المناضلين»، فيما تصف نظام الحكم بـ«الطاغوت والخيانة والإلحاد».

من جانبها، أكدت مصادر سعودية أن إيران تحتضن المتهمين ساهموا في استهداف مجمع سكني يقطن فيه عسكريون أميركيون في مجمع سكني في الخبر في 1996، وهم إبراهيم اليعقوب، وعبد الكريم الناصر، ومحمد الحسين، وأن موقوفا سعوديا اعترف ببقائه معهم تحت حماية الاستخبارات الإيرانية خلال الفترة بين 1996 و2010، مشيرة إلى أن الاستخبارات الإيرانية كانت ترسل أموالا نقدية لأسر المتورطين في التفجير، وذلك عبر سعوديين جنّدتهم طهران للتجسس على السعودية، سياسيًا وعسكريًا واجتماعيًا، بالتعاون مع عناصر إيرانية في سفارة طهران لدى الرياض، وقنصليتها في جدة، والمندوبية في منظمة التعاون الإسلامي.

وذكرت المصادر أن السفارة الإيرانية في العاصمة الرياض، وقنصليتها في جدة، والمندوبية الإيرانية في منظمة التعاون الإسلامي، شاركوا في عملية التجسس، ودعموا عناصر الشبكة، وعقدوا لقاءات في مواقع مختلفة، في منازلهم، وشقق مفروشة، واجتماعات ثنائية في سياراتهم، حيث وفرت استخبارات طهران مبالغ مالية مقطوعة، وكذلك شهرية منتظمة، ودفعت لهم إيجارات لمنازلهم، كنوع من الدعم، إضافة إلى عقد لقاءات معهم في إيران والالتقاء مع علي خامنئي، المرشد الأعلى، بالتنسيق مع كبار المسؤولين في الاستخبارات الإيرانية.

ويشير المراقبون إلى أن طهران تحاول عبر عملائها الضغط على السعودية بعد الهزائم المتلاحقة لـ«الحوثيين» في اليمن، الذين تدعمهم إيران في إطار المد الإيراني السياسي والديني في العواصم العربية، من بغداد إلى صنعاء، مرورا ببغداد وبيروت.

 

(5)

العراق| كيف يحكم عملاء إيران بلاد الرافدين؟

 

>> وثيقة لموقع «ويكيليكس»: مؤسسة «محمد باقر الحكيم» الشيعية تهرّب 15 مليون دولار شهريا إلى سفير طهران في العراق

>> «الجار الله»: النظام الإيراني يدير قواعد اللعبة العراقية بحرفية تنبئ بهيمنة كاملة على مقدرات الأمور في بغداد

>> دراسة أمريكية: الإيرانيون أرسلوا 2000 طالب دين إلى «النجف وكربلاء» للدراسة.. ثلثهم على الأقل من عملاء المخابرات

 

من المعلوم أن التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي عبر مؤسساتها وعملائها ليست وليد اللحظة، إذ يقول الباحث الأمريكي مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، إن للعراق منذ أقدم العصور أهمية خاصة بالنسبة لإيران، وتحديدا منذ أن جعلت السلالة الصفوية «الشيعة» المذهب الرسمي للدولة في القرن السادس عشر، فالتشيع وُلد في العراق. كما أن المدن الشيعية مثل «النجف وكربلاء» هي مراكز شيعية تقليدية للتعلم ووجهة للحجاج الدينيين، وعلى مدار عدة قرون، كان الحضور الفارسي في المدينتين المقدستين قوياً جداً، ونتيجة لذلك، تعتبر إيران جنوب العراق جزءاً من مجال نفوذها التاريخي.

ويضيف «آيزنشتات» أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حاولت إيران التأثير على السياسة العراقية من خلال العمل مع الأحزاب الشيعية لإنشاء «دولة فيدرالية» ضعيفة يهيمن عليها الشيعة، وتكون أكثر انصياعاً للنفوذ الإيراني. وقد قامت استراتيجية طهران على توحيد الأحزاب الشيعية في العراق لكي تتمكن من ترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي، وبالتالي تعزيز السيادة الشيعية في بغداد.

ووفق الباحث الأمريكي، فقد شجعت طهران أقرب حلفائها، أي فيلق «فيلق بدر» و«المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و«حزب الدعوة الإسلامية» و«التيار الصدري»، على المشاركة في الحياة السياسية والمساعدة في تشكيل المؤسسات الناشئة في العراق. وقد دعمت طهران مجموعة من الأحزاب والحركات المختلفة لتوسيع خياراتها وضمان تقدم مصالحها، ولو على حساب المصلحة الوطنية العراقية.

وتنافست إيران أيضاً على «القلوب والعقول» العراقية بإطلاق «قناة العالم» عشية الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومن خلال بث الأخبار والبرامج الترفيهية باللغة العربية في العراق والعالم العربي عبر شبكة «قناة العالم»، حيث عكست برامج هذه القناة ما تريد طهران أن تروجه عن الأخبار المتعلقة بالمنطقة برمتها.

قتل العراقيين دون محاسبة

كشف عميل سري سابق في «الحرس الثوري الإيراني» لموقع «ويكيليكس» عن معلومات خطية ووثائق تربط «قوات القدس" التابعة للحرس الثوري بالأعمال الإرهابية والتخريبية في العراق، مؤكد أن شخصيات ومؤسسات عراقية وإيرانية متورّطة في تهريب الأسلحة وتمويل جماعات شيعية متطرفة في سبيل تحقيق أهداف ميدانية في العراق.

وفي مذكّرة سرية تحمل الرقم 07LONDON4680 صادرة عن السفارة الأمريكية في لندن، في 28 ديسمبر 2007، جاء أن "اجتماعا خاصا عُقد بين المستشار السياسي في السفارة وعميل سري سابق في الحرس الثوري الإيراني"، مشيرة إلى أن الأخير عمل خلال فترة السبعينيات والثمانينيات في لبنان وإيران كمدرّب لمقاتلي وعملاء «حزب الله» على عمليات «مختلفة ومتفاوتة».

وأكد العميل أن مؤسسة «محمد باقر الحكيم» الشيعية تهرّب ما يصل إلى 15 مليون دولار شهريا إلى السفير الإيراني في العراق وعدد من مستشاري الجمهورية الإيرانية، كاشفا عن أن أفرادا من «قوات القدس» يُنقلون بين إيران والعراق عبر شركات نقل جماعي منها «الكوثر والنور ودار القرآن»، وهي شركات خاضعة لسلطة عمار الحكيم نجل عبد العزيز الحكيم.

وأوضح العميل الإيراني في المذكرة السرية أن هؤلاء الأفراد يسافرون ويعملون بموجب هويات مزوّرة كمهندسين وأطباء وغيرها من المهن، مشيرا إلى أن "مستوى النفوذ ذاته والتحكّم يمارس من قبل أعضاء من "قوات القدس والحرس الثوري الإيراني" في عدد من وسائل الإعلام العراقية الرئيسية وأشهرها قناة «العراقية». وعلى نحو مماثل، فإنّ الكثير من الشركات الأمنية التابعة لقوات القدس، مسجّلة لدى وزارة الداخلية العراقية وتملك الأسلحة في صورة شرعية، وهي، حسب العميل، تقتل العراقيين من دون محاسبة.

من جهة أخرى، يقول الكاتب أحمد الجار الله، رئيس تحرير صحيفة «السياسة الكويتية» إنه بعد انهيار الدولة العراقية ودخول جميع مؤسسات السلطة في حالة الشلل السريري، ظهرت هجمة إيرانية موسعة في العمق العراقي، تتمثل في إنزال العصابات والميليشيات الطائفية الأشد ارتباطا بالنظام الإيراني ومؤسساته الأمنية، وأهمها ميليشيا «سرايا الخراساني» التي يقودها المدعو علي الياسري، والتي تعتبر النظام الإيراني المرشد والمنقذ والدليل ، وإن الولاء له بمثابة فرض ديني!

ويضيف «الجار الله» أن "النظام الإيراني يدير قواعد وأسس اللعبة الداخلية العراقية بحرفية ومقدرة تنبئ بهيمنة شبه كاملة على مقدرات الأمور في العراق"، لافتا إلى أن "الصدام بين عملاء إيران في العراق محتدم بدرجة خطيرة وينبئ بنقله للشارع لا محالة، وحدوث دورة جديدة من دورات العنف في الشارع العراقي الهائج أصلا، والذي ستتطور الأمور فيه بشكل حتمي إلى صدامات دموية مروعة، فالكل  بات يعلم أن عملاء إيران في العراق ليسوا سوى شواهد زور في زمن الخيبة والتردي والهزيمة".

وفي إطار العمليات الإرهابية التي يقوم بها عملاء إيران داخل الأراضي العراقية، أظهر مخطط اغتيال السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان في أغسطس 2016، من قبل مجاميع تتبع لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية، مدى عمق تبعية هذه الميليشيات الطائفية لنظام الملالي الحاكم في إيران، خاصة بعد اعتراف أحد أعضاء مجموعة تابعة لما يسمى «كتائب خراسان»، الذي أقر بأن مخطط الاغتيال تم تدبيره من قبل ضابط كبير في المخابرات الإيرانية

ورصدت المخابرات العراقية اتصالات هاتفية بين عناصر هذه الميليشيات التابعة لإيران وأفراد يعملون في مطار بغداد الدولي ينتمون لـ«كتائب خراسان»، تتعلق هذه الاتصالات بمعلومات عن حركة وسفر «السبهان» من بغداد وإليها. وقد اعترف أحد أفراد المجموعة التابعة لـ«الكتائب» نفسها، والمكلفة بتنفيذ العملية والمكونة من 8 أفراد، بأن ضابطا إيرانيا هو من وضع خطة الاغتيال، وأشرف على تنفيذ الخطة التي لم تتحقق بسبب وصول معلومات غير واضحة من مطار بغداد الدولي، ونظرا للتشديدات الأمنية حول السفير السعودي.

تحركات إيرانية مشبوهة

لعبت إيران دوراً في عملية تشكيل الحكومة عقب الانتخابات عام 2014، فقد تم استبدال مرشحها المفضل لرئاسة الوزراء، نوري المالكي، بحيدر العبادي بناءً على طلب من الولايات المتحدة، والأهم من ذلك، علي السيستاني. وبعد ذلك لعب الأدميرال علي شمخاني، أمين عام «مجلس الأمن القومي" الإيراني، دوراً رئيسياً في عملية تشكيل الحكومة (كبديل لسليماني الذي أصبح غير ملائم لهذه المهمة بسبب دعمه المتواصل لولاية ثالثة للمالكي.

وكشفت دراسة أصدرتها مؤسسة «جيمس تاون فاونديشن» الأمريكية عن تحركات إيران داخل العراق، عن أن الإيرانيين أرسلوا خلال العامين المنصرمين نحو 2000 طالب دين إلى «النجف وكربلاء» للدراسة إلا أن ثلثهم على الأقل كانوا من عملاء المخابرات، ويقوم هؤلاء بدعم الميليشيات الشيعية وبتنظيم أعداد من العراقيين في خلايا سرية.

وأشارت الدراسة أيضا إلى قيام المخابرات الإيرانية باغتيال أعداد كبيرة من الأساتذة الجامعيين والعلماء والأطباء العراقيين، بالإضافة إلى الضباط، ولاسيما الطيارين. وذكرت أن عدد الطيارين وكبار الضباط السابقين الذين اغتالتهم المخابرات الإيرانية منذ الغزو الأمريكي بلغ 90 ضابطاً وطياراً. ومن ذلك مثلا ما ذكرته الدراسة عن اغتيال المخابرات الإيرانية لضابط شيعي يدعى «العقيد غازي» كان يعمل في إدارة الهجرة والجنسية العراقية عام 2004، لأنه رفض الموافقة على منح الجنسية لإيرانيين ادعوا أنهم عراقيون عائدون من إيران. ووجهت الميليشيات تحذيرات إلى «العقيد غازي» لوقف معارضته منح أوراق هوية عراقية لغير العراقيين، ثم انتهى الأمر باغتياله.

ونوّهت الدراسة إلى أن عناصر من المخابرات الإيرانية اشترت مساحات شاسعة من الأراضي، ولاسيما في جنوب العراق، فضلا عن 5 آلاف شقة ومنزل ومحل تجاري في «بغداد والبصرة والنجف وكربلاء»، وأن هذه الأماكن تستخدم كمواقع للإيرانيين العاملين في العراق من أفراد المخابرات و«الحرس الثوري» والميليشيات التي تعمل معهم.

 

(6)

الجزائر| «تشييع» وتببيض أموال وميلشيات مسلحة

 

>> رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق: إيران موّلت ودعمت الإرهاب خلال «العشرية السوداء» بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد

>> «حزب الله» يضع الحقوقي أنور مالك على قائمة الاغتيالات بسبب كشفه أن نجل «نصر الله» قُتل في «ملهى ليلي»

>> محفوظ طاجين أمير «الجماعة الإسلامية المسلحة» بالجزائر تدرّب في معاقل تنظيم «حزب الله» جنوب لبنان

 

يعمل النظام الإيراني منذ سنوات طويلة في الجزائر، كما في سواها من البلدان العربية، بهدف تكوين «عناصر شيعية» ناشطة في المجالين السياسي والاجتماعي داخل البلاد، لكي يكونوا بمثابة عملاء لطهران. وبعدما تمكّن «نظام الملالي» من تحقيق هذا الهدف بالفعل، بدأ مرحلة صناعة «شبكات سرية» تعمل على نشر التشيّع في عدة ولايات جزائرية.

وفي عام 1996 كان عدد «المتشيعين» الذين أحصتهم الجهات الأمنية الجزائرية لا يتجاوز 1000 شخص، ولكن في 2010 وصل عددهم إلى 3000 شخص في 40 ولاية من بين 48 ولاية، أغلبيتهم الساحقة ترددوا على «طهران وقم والنجف».

أما في 2015 فقد تجاوز العدد 5 آلاف متشيّع في الأربعين ولاية نفسها، وهؤلاء حسب محاضر أمنية كانت تتابع هذا الملف وتعد عنه التقارير، ولكن دون اتخاذ أي إجراءات ملموسة ضدهم؛ لأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يرفض اتخاذ أي إجراء ضد إيران، وقد كان يراهن دائما على علاقات قوية مع طهران نكاية في دول خليجية كان يعمل لديها مستشاراً، في سنوات المنفى الاختياري التي عاشها بعد رحيل الرئيس هواري بومدين عام 1978، وأيضاً لمصالح وحسابات أخرى.

إيران و«العشرية السوداء»

في يناير الماضي، كشف سيد أحمد غزالي، رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، عن أن إيران موّلت ودعمت الإرهاب خلال «العشرية السوداء» التي عاشتها البلاد أثناء الحرب الأهلية الجزائرية خلال عقد التسعينات، وهو ما دفع بالرئيس الراحل محمد بوضياف، إلى قطع العلاقات الثنائية مع طهران.

وشدد «غزالي» على أن "أخطر ديكتاتورية دينية هي دكتاتورية الملالي في إيران حاليا، فهي تسعى إلى السيطرة على كل بلدان المنطقة، والأسلوب الذي اختاروه هو أسلوب استعمال العنف وزعزعة الشعوب والأنظمة حتى يصبحوا أرباب هذه الدول، وهم يقرون بذلك ولا يخفون مخططاتهم الشيطانية".

وأضاف «غزالي» أن ما يقوله عن النظام الإيراني ليس تصريحات جاءت عن طريق تحليلات علمية أو قيل وقال، بل هو نتاج خبرة في عدة ميادين خاصة، وأنه كان على رأس الحكومة الجزائرية لعدة سنوات في فترة التسعينات التي عرفت فيها الجماعات الإرهابية تحركات كبيرة وخطيرة، واكتشفت فيها العديد من الحقائق"، مشيرا إلى أن "علي ولايتي وزير الخارجية الإيراني في التسعينات، طلب منه شخصيا فتح المساجد للإيرانيين بالجزائر لممارسة طقوس الشيعة، وذلك في محاولة منه لغرس الفكر الشيعي لدى الجزائريين وتوسعه إلى إفريقيا المسلمة".

من جانبه، يقول الكاتب والحقوقي الجزائري أنور مالك، الذي وضعه «حزب الله» اللبناني على قائمة المطلوب اغتيالهم بسبب كشفه عن أن نجل زعيم الحزب حسن نصر الله قتل في انفجار «ملهى ليلي» وأنه ليس شهيدا كما زعم «نصر الله»، يقول «مالك» إنه "أثناء مرحلة الحرب الدامية التي عاشتها الجزائر في التسعينيات، حاولت إيران صناعة مليشيات مسلحة من خلال متشيعين جزائريين، منهم المدعو محفوظ طاجين الذي تدرّب في معاقل تنظيم «حزب الله» بالضاحية الجنوبية في لبنان، والذي وصل لدرجة «أمير» لما يسمى «الجماعة الإسلامية المسلحة» المعروفة اختصاراً بـ«الجيا»، وهو التنظيم الأكثر دموية في الجزائر.

وذكر «مالك» في كتابه «أسرار الشيعة والإرهاب في الجزائر» الصادر عام 2011، والذي أغضب سفارة إيران وقتها ودفعها لإصدار بيان تتهم فيه المؤلف بـ"استهداف الوحدة الإسلامية والعلاقات الوطيدة بين طهران والجزائر"، أن "محاولة إيران صناعة مليشيات مسلحة في الجزائر باستغلال مسلحين تمردوا على الدولة، فشلت عندما انتفض الشعب الجزائري ضدهم بسبب مجازر ارتكبوها بحق الجزائريين، وقد قطعت الدولة الجزائرية علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بسبب التدخل السافر في شؤون البلاد".

وحاولت إيران أيضاً زعزعة الاستقرار في الجزائر من خلال مجموعات من المسلحين في تنظيمات أخرى كتنظيم «الجبهة الإسلامية للجهاد في الجزائر» المعروف اختصاراً بـ«الفيدا»، والذي تخصص في تصفية المثقفين والإعلاميين والكوادر الجامعية، وقد تم نقل عدد من أعضاء التنظيم إلى طهران، حيث تدربوا في ثكنات تابعة لـ«الحرس الثوري»، وهناك مجموعة منهم أدانها القضاء الجزائري بعدما تم القبض عليهم، وأكدوا في التحقيقات ولدى محاكمتهم أنهم تدربوا في إيران.

من جهة أخرى، نشرت جريدة «الشروق» اليومية في عددها الصادر بتاريخ 23 يناير 2007 وتحت عنوان: «جهات إدارية تتلقى تعليمات للتحقيق في ظاهرة التشيع في الجزائر»، موضحة أن مصالح الأمن في عدة ولايات منها "وهران ومعسكر وتيارت وتبسة وباتنة وسطيف وقسنطينة وجيجل والجزائر العاصمة" هي التي تقوم بالتحقيق السري لمعرفة حقيقة ما يروج له في الأوساط الشعبية خاصة، فضلا عن العلاقات مع الخارج، ما أعطى انطباعا عن مدى تخوف السلطات الجزائرية من انتشار التشيع بين الجزائريين، والمتواجد في الأحياء الشعبية والمدارس الثانوية خاصة، وهذا الذي يمهد النفوذ الإيراني في المنطقة على غرار ما يحدث في العراق منذ سنوات.

«تبييض أموال» قذرة

لكن إيران عادت من جديد إلى المربع السابق، والذي يتمثل في محاولات نشر التشيّع في البلاد، من خلال استغلال الجزائريين الذين يترددون على سوريا والعراق ولبنان، وحتى أوروبا، حيث أوفدت طهران جزائريين للدراسة في «الحوزات العلمية»، وقامت بتلميع بعض الأسماء كمشاهير في وسائل الإعلام، وبات لهم دورهم في تسهيل «مهمات» إيرانية داخل الأراضي الجزائرية.

وكانت المخابرات الإيرانية تقدم لهؤلاء المتشيّعين المال بطرق مختلفة، من بينها ما يندرج ضمن «تبييض الأموال» المحظور دولياً، حتى يكون لهم قيمة اجتماعية بين أهاليهم، وفجأة تحول تجار الشنطة - بينهم نساء - الذين كانوا يترددون على سورية خاصة إلى أصحاب محلات وعقارات ورؤوس أموال وشركات يعمل عندهم الكثير من المواطنين، وطبعاً يستغلون حاجة الناس في ظل وضع أمني متدهور، وبذلك نجحوا في عدة ولايات من نشر التشيع.

وتحرّك الجزائريون ضد أمير موسوي، الملحق الثقافي الإيراني في الجزائر، بعدما ثبت نشاطه الكبير بين المتشيعين، حيث تحول إلى «مرشد مؤقت» لهم، يوجههم ويأتي لهم بالأموال وينظم لهم رحلات رسمية إلى إيران وسورية والعراق، ومن بينهم من تدرّبوا لدى «الحرس الثوري» على أمور استخباراتية وحتى عسكرية، كما قضوا فترات طويلة للدراسة على أيدي رجال دين إيرانيين في «قم والنجف».

وفي منتصف العام الماضي، أبدى ناشطون جزائريون على شبكات التواصل الاجتماعي تفاعلاً مع حملة لطرد «موسوي» من البلاد، لأنه يسعى بقوة إلى نشر التشيع، تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي.

والأخطر من ذلك أن المتشيّعين الجزائريين شرعوا في لعب أدوار أخرى من خلال العمل على اختراق الأجهزة الأمنية، حيث يقومون بتجنيد أبنائهم في جهاز المخابرات، كما يزوّجون بناتهم المتشيعات لضباط في المخابرات والأمن والدرك الوطني «الشرطة» والجيش، وقد وثّقت أكثر من 10 حالات زواج في عدة ولايات جزائرية، ومن بينهم من صاروا برتب عسكرية كبيرة حاليا.

 (7)

المغرب| هل تُعيد المُخططات الشيطانية التاريخ إلى الوراء؟

 

>> المملكة المغربية قطعت العلاقات الدبلوماسية مع طهران عام 2009 بعد رصد محاولات إيرانية للعبث بأمن البلاد

>> تقرير لـ «الخارجية الأمريكية» عام 2014: التيار الشيعي في المغرب سائر نحو «التكاثر والتوسع الجغرافي»

>> الداخلية المغربية تحذر من اندساس الاستخبارات الإيرانية في بعض الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال الآونة الأخيرة

 

خلال القرن العاشر الميلادي كانت بلاد المغرب كافة، بما فيها المملكة المغربية وتونس وأجزاء واسعة من الجزائر حاليا، تعتنق المذهب الإسماعيلي، على خلفية اعتناق قبائل «كُتامة» المعروفة في التاريخ لهذا المذهب الشيعي الأكثر تطرفا، ومساندتها لقيام «الدولة الفاطمية» عام 913م بقيادة عبد الله المهدي. غير أن الأمور تبدلت تماما بظهور القائد صلاح الدين الأيوبي في مصر والشام، وانهيار الدول المهدية سنة 1171م، ومن ثم انقلب المغرب العربي بأكمله على الشيعية كمذهب، وانتشر المذهب المالكي السني في البلاد على نطاق واسع، حتى عصرنا الراهن.

وفي العصر الحديث، وبعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979، بدأ نظام الملالي في طهران يُعيد الكرة من جديد، وسعى جاهدا إلى نشر المذهب الشيعي على أوسع نطاق في العالم العربي، وفي أوساط المسلمين المهاجرين إلى أوروبا، ومنهم المغاربة، في محاولة لإعادة التاريخ إلى الوراء. ونجح الملالي بالفعل في إعادة المذهب الشيعي إلى البلاد، وإن يكن على نطاق محدود، وفي مناطق بعينها مثل «تطوان طنجة» وغيرها من المدن المغربية الكبرى.

مخططات تشييع وشبكات إرهابية

ويُرجع الشيخ عبدالباري الزمزمي، عضو «رابطة علماء المغرب»، مصدر التشيع في المملكة إلى أوروبا أساساً، وتحديداً بلجيكا، حيث يعيش آلاف المغاربة مع وجود الحرية المطلقة للحركة الشيعية، متهما إيران بـ«استثمار» هذه الحرية بدهاء، حيث استغلت الجالية المغربية الموجودة هناك منذ 10 سنوات، فصار المد الشيعي يكبر يوماً عن يوم.

ويضيف «الزمزمي» عاملاً آخر لتزايد المد الشيعي في المغرب، وهو الإغراء المادي، حيث تقدم السفارة الإيرانية لعملائها المغاربة الذين يخدمون أجندة التشيع مكافآت مالية، وأيضا لكل من تشيع من المغاربة، بالإضافة إلى وجود أعداد كبيرة من الطلبة المغاربة الذين يذهبون إلى إيران من أجل الدراسة وتقدم لهم منحاً وتشجيعات مادية للمضي في طريق التعلق بالمذهب الشيعي.

وتميّزت علاقة السلطات المغربية مع الشيعة في البلاد بكثير من الحيطة والحذر، وكان الهدف هو منع تسرب «أفكار الرافضة» إلى المغرب السني لأسباب عدة، منها أن ملف التشيع في عهد الملك الراحل «الحسن الثاني»، كان من «التابوهات» المحرمة والممنوع الحديث عنها، لجهة التاريخ الأسود للمذهب الشيعي في البلاد، وبسبب توتر العلاقة التي كانت قائمة بين طهران والرباط، مباشرة بعد الإطاحة بالشاه الإيراني، فضلا عن تأييد طهران لجبهة «البوليساريو» المنادية باستقلال إقليم الصحراء المغربي.

ولكن مع العهد الجديد الذي انطلق مع الملك الحالي «محمد السادس» منذ عام 1999، بدأ النقاش حول حرية المعتقد يطفو على السطح، وبدأت تظهر بعض الأصوات المناصرة للمذهب الشيعي، رافقتها نظرات الريبة والشك لهذا الملف الشائك من قبل الحكومة المغربية.

وإذا كان ملف «التشيّع» والتعامل معه في عهد الملك الراحل اتّسم بالسرية، فإن عهد الملك محمد السادس، ومع ازدياد الحديث عن حرية المعتقد، شهد «انكشاف» الأصوات الشيعية تحت شعارات حقوقية. غير أن الدولة المغربية واجهت هذه التحركات أيضا بنوع من الحزم، كما تصاعدت أصوات العلماء، وخصوصاً من التيار السلفي، بضرورة التصدي لهذه التحركات وقطع الطريق على المتشيعين المغاربة. وشهدت المملكة تنظيم العديد من الفعاليات المناوئة للشيعة.

وفي عام 2008، أصدرت السلطات القضائية المغربية قراراً بحل حزب «البديل الحضاري» الشيعي، الذي تأسس عام 2005، بسبب تورط أمين عام الحزب ونائبه في قضية الشبكة الإرهابية، التي تم تفكيكها في مدينة «الناظور»، شمال شرق البلاد، والتي كانت تهدد أمن المملكة. ثم للسبب نفسه تم اعتقال محمد المرواني، الأمين العام لحزب «الحركة من أجل الأمة»، وعبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة «المنار» الناطقة باسم «حزب الله» اللبناني في المغرب.

وعلى خلفية ذلك، أقدمت المملكة المغربية عام 2009 على قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، بعد أن رصدت محاولات إيرانية للعبث بأمن البلاد الروحي ووحدته المذهبية، وكذلك على خلفية التطلعات التوسعية لإيران، وابتزازها لمملكة البحرين، حيث حاولت طهران «تأديب» المغرب على تضامنه المطلق مع البحرين، واستعداده الدفاع عن أمنها، ما حدا بإيران استدعاء السفير المغربي في طهران وإبلاغه «استياء إيران» من تصريحات المملكة، الأمر الذي رد عليه المغرب بخطوة أصابت المسؤولين الإيرانيين بصدمة، حيث لم يتردد المغرب في إعلان قطع العلاقة الدبلوماسية مع إيران، وطرد السفير الإيراني من الرباط باعتباره «شخصا غير مرغوب فيه».

ويقول المحلل السياسي المغربي سعيد ياسين إن "حرارة الحرب على التشيع تصاعدت إثر اندلاع شرارة الأزمة الدبلوماسية بين إيران والمغرب في فبراير 2009، وقد تُوجت هذه الحرب بقطع العلاقات بين البلدين، جراء التضامن المغربي مع البحرين، بعد اعتبارها من طرف النظام الإيراني مجرد مقاطعة تابعة للدولة الفارسية". وكان المغرب حينها، كغيره من الدول العربية والإسلامية، أدان التـصريحات الإيرانية التي وجهها الملالي إلى البحرين، واعتبرها تهديداً لأمن واستقرار واستقلال وسيادة البحرين. وبعث ملك المغرب برسالة إلى العاهل البحريني اعتبر فيها أن التصريحات الإيرانية عبثية، وأوفد وزير خارجيته إلى المنامة ليؤكـد دعم المغرب للبحرين. وأغضب التحرك المغربي طهران، فاستدعت محمد بو ظريف، القائم بالأعمال المغربي بالنيابة، لإبلاغه احتجاجاً رسمياً إيرانياً من الموقف المغربي.

اختراق شيعي كبير

يرى المراقبون أن المعطيات التي تظهر يوما بعد آخر فيما يخص ملف «الشيعة المغاربة» تنبئ باختراق شيعي كبير للعديد من مجالات الحياة في المملكة المغربية، فبعد أن أنشب المتشيّعون أظافرهم في الأوساط الحقوقية المغاربية، تمكنوا عام 2015 من تأسيس ما يُسمى «المرصد الرسالي لحقوق الإنسان»، للدفاع عن حقوق شيعتهم وتدويل ملفهم، ومن ثم حاولوا اللعب بهذه الورقة الطائفية من خلال إظهار تبني خطابات الدفاع عن الحقوق والحريات، للضغط على الدولة بغرض الاعتراف بتكتلاتهم الشيعية، كما تمكنوا من إصدار أول جريدة ورقية شيعية في المغرب، تحت اسم ذي دلالة وهو «صوت المواطن».

وهذه المحاولات المستميتة يعتبرها هؤلاء المتشيعون معركة وجودية لابد من خوض غمارها، معركة بدأت أولى أطوارها في مدينة «مكناس» مع مشروع «جمعية الغدير» الشيعية، تلتها مباشرة محاولة أكبر بدأت بوادرها تظهر مع المتشيع عصام أحميدان الذي أطلق مشروع جمعية «أنوار المودة» في «تطوان»، والتي منعتها السلطات المختصة.

وفي عام 2014 أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً حول حرية التدين في العالم، كشف عن وجود ما بين 2000 و8 آلاف مسلم شيعي في المغرب، منهم نحو 400 شيعي يعيشون في «طنجة»، مشيرة إلى  أن التيار الشيعي في المغرب سائر نحو «التكاثر والتوسع الجغرافي»، وأن المد الشيعي سيعم مدناً في الجنوب المغربي خلال السنوات القليلة المقبلة، بدل التمركز حالياً في الشمال، خصوصاً في «تطوان وطنجة».

وأخيرا، وفي مارس الماضي، اتهمت السلطات المغربية، ايران والمد الشيعي بتهديد الأمن والاستقرار بالمغرب بعد استقطاب آلاف المغاربة، وإثارة الاحتجاجات في مناطق مختلفة. وأصدرت وزارة الداخلية المغربية تقارير تتضمن تحذيراات من اندساس الاستخبارات الإيرانية في الأوساط الشعبية، ودورها في بعض الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال الآونة الأخيرة.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت