الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

«التحالف الخفي»: إيران إسرائيل.. أسرار خلف الستار

المجلة - | Fri, Nov 3, 2017 12:38 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< باحث تونسي: ما بين وصف إسرائيل الملالي بـ «النازيين الجدد» ووصفهم إسرائيل بـ «الشيطان الأصغر».. تاريخ من المصالح

<< صادق طبطبائي صهر «الخميني» زار الكيان الصهيوني سرا خلال الحرب العراقية - الإيرانية لعقد صفقات أسلحة ضخمة

<< المراقبون السياسيون: «العلاقات الخفية» بين الجانبين تفسّر عدم إقدام الكيان الصهيوني على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية

 

تقرير يكتبه: غازي أحمد

تقوم السياسة الخارجية الإيرانية منذ اندلاع ثورة 1979، وعلى مدار الـ38 عاما الأخيرة، على مبدأ البراغماتية «النفعية» التي تمتزج بالانتهازية، وهي «سياسة شيعية» محضة تقوم - كذلك- على مبدأ «التقية»، حيث تُظهر عكس ما تُبطن، وتعتبر إسرائيل في العلن «الشيطان الأصغر» بعد الولايات المتحدة «الشيطان الأكبر»، بينما هي في حقيقة الأمر تتمتع بعلاقات خفية مع ذلك «الشيطان» القابع في الأراضي الفلسطينية المحتلة!

ويقول الباحث التونسي شمس الدين النقاز إن الخطاب العدائي المتبادل بين إيران ودولة الاحتلال الصهيوني يخفي خلفه تاريخا من الكواليس المثيرة للجدل بين البلدين، حيث كانت إيران من أوائل الدول التي اعترفت بالاحتلال الصهيوني بعد تأسيسها، وما بين وصف الاحتلال لحكام إيران بعد ثورة 1979 بـ «النازيين الجدد» والردّ الإيراني بوصف الاحتلال بـ «الشيطان الأصغر»، تاريخ طويل من المصالح المشتركة

ومنذ اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية التي سميّت «حرب الخليج الأولى» واستمرت 8 سنوات، من 1980 حتى 1988، توّلى الاحتلال الصهيوني قيادة الدعم العسكري الغربي لإيران، فقد تلقى الاحتلال الصهيوني مرارا طلبات إيرانية لشراء الأسلحة خلال فترة الحرب، ووافقت حكومة الاحتلال على الكثير منها.

صهر الخميني في الأراضي المحتلة

بدأ التعاون العسكري «الصهيوني- الإيراني» من خلال شركة صادق طبطبائي، نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا وشقيق زوجة نجل الخميني، حيث كانت هذه الشركة حلقة الوصل بين طهران والاحتلال. وزار «طبطبائي» الأراضي الفلسطينية المحتلة سرا في 6 سبتمبر 1980، لعقد هذه الصفقات.

وأكدت مجلة «ميدل إيست» البريطانية في عددها الصادر في نوفمبر 1982، أن مباحثات كانت تجري بين إيران والكيان الصهيوني بشأن عقد صفقة يحصل الكيان بموجبها على النفط الإيراني في مقابل حصول إيران على السلاح الصهيوني، الذي كان الاحتلال الصهيوني قد صادره من رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وتم الكشف عن المبادلات العسكرية الضخمة بين الاحتلال وإيران والولايات المتحدة ضمن ما عُرف بفضيحة «إيران كونترا» الشهيرة، التي خلقت جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية، إذا حصلت طهران في تلك الفترة على 2008 صواريخ «تاو»، و2750 صاروخ «توما هوك»، فضلا عن 360 طن ذخيرة، ومدرعات M60،  ومجموعة متنوعة شملت أكثر من 4000 صاروخ.

وقُدّرت مبيعات الأسلحة الصهيونية إلى إيران إجمالاً بـ 500 مليون دولار أمريكي  خلال الفترة من عام 1981 إلى 1983 وفق ما ذكره «معهد جيف للدراسات الاستراتيجية» في الولايات المتحدة، وقد تم دفع معظم هذا المبلغ من خلال النفط الإيراني المقدم إلى الاحتلال. ووفقًا لـ «أحمد حيدي» تاجر الأسلحة الإيراني الذي كان يعمل لصالح نظام الخميني وقتها، فإن 80% من الأسلحة التي اشترتها طهران بعد شن الحرب مباشرةً أنتجت في الأراضي المحتلة.

من جهة أخرى، نشرت صحيفة «هاآرتس» العبرية، تقريرا داخليا لوزارة دفاع الاحتلال، جاء فيه نصا أن "إسرائيل حافظت على علاقات صناعية- عسكرية مع إيران تمّ بموجبها تزويد إيران بـ 58000 قناع للغازات السامة من شركة شانون للصناعات الكيماوية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، بالإضافة إلى كاشفات للغازات من قبل شركة «إيلبت» تستعمل لغرض الكشف عن عوامل الأسلحة الكيماوية."

التعاملات السرية بين الاحتلال الصهيوني وإيران

في كتابه «التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية»، الصادر عام 2008، يفنّد الكاتب الأمريكي تريتا بارسي ما سماه «الأسطورة الزائفة» الرائجة عن العداء «الصهيوني– الإيراني».

ويكشف «بارسي» أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «جون هوبكينز» الأمريكية، عن طبيعة العلاقات والاتصالات السرية التي جرت - ومازالت تجري- بين الاحتلال الصهيوني وإيران وأمريكا خلف الكواليس. ويستند الكاتب لدعم استنتاجاته هذه إلى أكثر من 130 مقابلة أجراها مع مسؤولين رسميين «صهاينة» وإيرانيين وأمريكيين رفيعي المستوى، مشددا في كتابه على "وجود تعاون استخباراتي وصفقات أسلحة ومحادثات سرية بين طهران وتل أبيب. وعلى عكس التفكير السائد، فإن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي، بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل".

ويشير «بارسي» إلى أن "إيران وإسرائيل تميلان إلى تقديم نفسيهما على أنّهما متفوقتان على جيرانهما العرب، حيث ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في الغرب والجنوب أقل منهم شأنا ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم وتمدّنهم. في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقون على العرب بدليل أنّهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة".

ويرى المراقبون السياسيون أن هذه العلاقات الخفية تفسّر عدم إقدام الكيان الصهيوني على ضرب المفعلات النووية الإيرانية، رغم أنها هدّدت في أكثر من مناسبة بأنها ستقوم بذلك، سواء وقفت الولايات المتحدة إلى جانبها أم لا، وفي ذات السياق لعبت إيران، الباحثة، عن مدخل إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية عموما، على ورقة الصراع «العربي- الصهيوني»، وحاولت أن تظهر في مظهر «عدو الصهاينة اللدود»، والداعمة الرئيسية للقضية الفلسطينية.

«الخصمان الصديقان»

غير أن «الخفايا» في هذا الصدد تُبطن عكس الظواهر، كما أسلفنا، فإيران والكيان الصهيوني يتعاملان معا وفق سياسة «الإخوة الأعداء»، وما التصريحات  الإعلامية المتبادلة بين الطرفين خلال الأعوام الأخيرة، إلا لعبا سياسيا وديبلوماسيا لتحقيق المصالح فحسب، مثلما هو الحال مع شعار «الشيطان الأكبر» الذي أطلقته إيران على أمريكا.

من هذا المنطلق، يقلّل العديد من الخبراء والمختصين في شؤون الشرق الأوسط من التصريحات الصهيونية التي جاءت كردة فعل على الاتفاق الموقع في جينيف بين إيران ومجموعة 5+1 بخصوص الملف النووي الإيراني. واعتبر الخبراء أن هذه التصريحات تأتي في إطار البروباغندا «الدعاية» الإعلامية الصهيونية فقط.

من جانبه، يقول عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "تاريخ العلاقات بين البلدين يؤكد على احتمالية قيام علاقات ثنائية مجددا، لكن بشرط أن تتخلى إيران عن دعم (حزب الله) اللبناني وحركة (حماس) الفلسطينية، في المقابل سوف تشترط طهران على إسرائيل الموافقة على قيام دولتين وإقرار السلام في المنطقة، وبالطبع هذه الشروط من الصعب تحقيقها".

فيما يقول الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن "إيران لديها وجهات نظر متباينة بشأن عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وفي الوقت الحالي لا تزال تحلم واشنطن بتوسيع نفوذها داخل القطر الإيراني حتى في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل ضمانات لتوازن التزام سياسي مع طهران، ومع هذا الالتزام فإن واشنطن ليست معفاة من مد نفوذها إلى إيران خصوصا بعد وقوع الزلزال الجيوسياسي الذي هزّ منطقة الشرق الأوسط، أو ما يسمى الربيع العربي".

ويؤكد «المشاط» أن "التقارب بين أمريكا وإيران هو جزء لا يتجزأ من جهود تحسين العلاقة المتوترة ظاهريا بين إيران والاحتلال، ونظرا إلى هذه المتوازيات ينبغي إعادة النظر في قيام علاقات ثنائية بين الكيان الصهيوني وطهران،  لأن هناك من حاجة أمريكية ماسّة إلى جعل هذه السياسة في كتب التاريخ، وتحقيق السلام في الشرق الأوسط بين أكبر خصمين في الظاهر، وأوثق صديقين في الباطن".

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت