الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مليشيا "النجباء".. تُعين إيران في شقّ طريقها نحو دمشق

في العمق - | Thu, Sep 28, 2017 5:38 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

وفقاً لما أوردته وكالة “رويترز”، فقد زار رجل دين عراقي يُدعى أكرم الكعبي في أواخر مايو مقاتلي الميليشيات في بلدة عراقية مهجورة تقع بالقرب من الحدود السورية، وظهر الكعبي -الذي يرأس ميليشيا شيعية أطلق عليها اسم “حركة النجباء”- متستِّرًا بزيّ موحَّد، وأَمَّ المقاتلين في صلاةٍ أُقيمت على الحصير فوق أرض مُترِبة، كما أظهر شريط فيديو مصوَّر لهذا التجمّع حرّاسًا مدجّجين بالأسلحة من أفراد الميليشيات
وقعت مجريات هذا الحدث في القيروان، وهي بلدة استردّتها ميليشيا حركة النجباء من تنظيم داعش الذي يمثل الجماعة المتطرّفة في المنطقة، وقد قاتلت حركة النجباء، التي تعني “الحركة الفاضلة” أيضًا، عبر الحدود في سوريا، حيث قدمت الدعم لنظام بشار الأسد.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة النجباء التي تضمّ نحو 10 آلاف مقاتل تُعَدّ الآن من أهمّ الميليشيات في العراق، ووَفْقًا لما ذكره المشرّع العراقي شاخوان عبد الله والجنرال اللبناني المتقاعد إلياس فرحات بالإضافة إلى مسؤولين حاليين وسابقين في العراق، فإنّ حركة النجباء على الرغم من أن العراقيين هم مَن شكَّلها فإنها موالية لإيران، وهي في الواقع تعمل على مساعدة طهران لشقّ طريق للإمدادات عبر العراق نحو دمشق، ومن المقرَّر أن يمر هذا الطريق عبر سلسلة من المدن الصغيرة بما فيها القيروان، وحتى يُفتَح فإن الميليشيات التي تدعمها إيران تحاول اقتحام جنوب شرقي سوريا بالقرب من الحدود مع العراق حيث تتمركز القوات الأمريكية.
تشكِّل ميليشيا النجباء مثالًا على المنحنى الذي تسلكه إيران لتوسيع نفوذها الشيعي في العراق، وعلى النطاق الأوسع للمنطقة، ففي الثمانينيات، كانت إيران التي يهيمن عليها الحكم الشيعي في حالة حرب مع العراق، إذ كان المسلمون السُّنة يتمتعون بالسُّلْطة فيها على الرغم من كونهم الأقلية هناك، إلا أن الأغلبية الشيعية في العراق قد سيطرت على الحكومة بعد سقوط نظام صدام حسين.
منذ ذلك الحين أصبحت العلاقات بين الحكومتين الشيعتين في طهران وبغداد أقوى، واكتسبت إيران نفوذًا متزايدًا في العراق، كما شكَّلَت الأموال الإيرانية بالإضافة إلى الدعم الديني قاعدة ترتكز عليها قوة الحكومة العراقية.
وصرَّح الكعبي مِرارًا بتحالف حركة النجباء مع إيران، كما اعترف في خريف العام الماضي بأن مجموعته تتبع “ولاية الفقيه”، التي تُعَدّ حجر الزاوية الآيديولوجي لنظام الحكم الثيوقراطي الإيرانيّ، وَفْقًا لوكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية.
وأعرب مسؤولون عراقيون حاليون وسابقون لـ”رويترز” عن قلقهم حيال مساعدة حركة النجباء لإيران على تحقيق إنجازات استراتيجية حاسمة.
وقال فرحات، الجنرال المتقاعد في الجيش اللبناني: “إذا تمكنت إيران من شق هذا الطريق فسيكون بإمكانها الوصول عبر العراق وسوريا إلى حزب الله في لبنان”.
كما أعلنت إيران التي تدعم الأسد في سوريا عن رغبتها في مدّ نفوذها عبر العراق إلى حلفائها في دمشق وما وراءها إلى لبنان، حيث تتمركز جماعة حزب الله والتي طالما تلقت الدعم الإيرانيّ.
وذكر مستشار أمنيّ يعمل مع عدد من الحكومات في الشرق الأوسط أنّ إيران تحتاج إلى شق طريق برّيّ إلى دمشق لتمويل الصراع في سوريا وإمداده.
وصرّح مستشار آخَر، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، قائلا: “إنّ تكلفة النقل الجوّي للميليشيات عالية جدًّا، في حين يسهل نقل القوات والإمدادات الصغيرة، ومن الصعب في الواقع تحميل الأسلحة الثقيلة على الطائرات”.
وقال المستشار: “إنّ الهدف هو فتح طريق على كلا الجانبين لدعم الخدمات اللوجيستية… وهم في الواقع يريدون جلب المدفعية والصواريخ والمعدات الثقيلة مثل جرافات شق الطرق”.
تحارب حركة النجباء في العراق تحت مظلة قوات الحشد الشعبي التي تضم عشرات الآلاف من الميليشيات الشيعية، وقد أقرّ البرلمان العراقي في العام المنصرم قانونًا يضع مقاتلي هذه الحركة تحت سيطرة الحكومة العراقية، في حين أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بتسليح عديد من هذه الميليشيات وتدريبها وَفْقًا لما يقوله مسؤولون حاليون وسابقون في العراق، بالإضافة إلى أفراد من هذه الميليشيات.
ورفض ممثّل في مكتب الحرس الثوري الإيرانيّ في طهران التعليق على حركة النجباء. كما لم يتحدث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وغيره من كبار المسؤولين العراقيين علنًا عن هذه الميليشيا أو عن الطريق الجديد، إلا أن بعض الجهات الفاعلة داخل التحالف الحاكم للعراق تريد أن تبعدها عن إيران.
وعلى الرغم من شيعية نائب الرئيس إياد علاوي فإنه يتبع منهجًا وطنيًّا محددًا ولا يريد توسيع الصراع في سوريا حتى يصل إلى العراق، إذ قال في مقابلة له: “يتحقق على الحكومة العراقية منعهم (أي الميليشيات الشيعية) من الذهاب إلى سوريا، كما يجب علينا ألا ندعم المقاتلين لتأييد الدكتاتورية هناك”.
وردًّا على طلب إدلاء تعليق ما حول الميليشيات التي تدعمها إيران والتي تزحف حاليًّا إلى جنوب شرقي سوريا بالقرب من مقر القوات الأمريكية، قال الكولونيل ريان ديلون، وهو المتحدث الرسميّ باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتَّحدة ضد تنظيم داعش: “يحتفظ التحالف بحقه في حماية نفسه وشركائه الموثوقين في سوريا ضد أي تهديد”.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن “الولايات المتَّحدة لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء الأنشطة الخبيثة التي يمارسها النِّظام الإيرانيّ في الشرق الأوسط، والتي تقوّض بدورها كلًّا من الاستقرار والأمن والازدهار الإقليمي”.
لم يكُن الطريق الحاليّ الذي تحاول إيران فتحه من خلال العراق خيارها الأول، إذ إنه وَفْقًا لما أخبر به عضو في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي لـ”رويترز”، فإن الإيرانيّين قد حاولوا فتح خط لوجيستي للإمداد عبر المنطقة الكردية في شمال العراق إلى سوريا عقب دخول إيران في النزاع السوري في عام 2011، إلا أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني وقف عائقًا أمام هذه الخطوة. وعلى الرغم من تجاوز الطريق الجديد للمنطقة الكردستانية، فإنه لا يزال يهدد بزعزعة الاستقرار في البلاد.
» التدريب الإيراني
لطالما أدركت الولايات المتَّحدة قتال الكعبي لصالح إيران، حتى قبل أن يصبح زعيم لحركة النجباء، وعندما كان متورطًا مع ميليشيات أخرى في عام 2008، عدّته وزارة الخزانة الأمريكية شخصًا يهدد السلام والاستقرار في العراق، كما جمدت الولايات المتَّحدة كل الأموال التي امتلكها الكعبي تحت سلطتها القضائية ومنعت أي تعامل للمواطنين الأمريكيّين معه.
شكّل الكعبي في وقت لاحق ميليشياته الخاصَّة، كما تطورت حركة النجباء في أثناء الصراع السوري لتصبح قوة قتالية. وحشدت هذه الجماعة المقاتلين مبدئيًّا في عام 2013 للدفاع عن ضريح السيدة زينب الذي يبجله الشيعيون والواقع في جنوب دمشق، ومن بعدها انخرطت حركة النجباء في الصراع القائم ضد داعش.
وقال أحد كبار المسؤولين العراقيين في الحكومة العراقية: “شكّل تنظيم داعش فرصة ثمينة لعديد من هؤلاء الناس، بحيث أدركوا حاجتهم إليه واستغلّوا ظهوره، بحيث سعوا إلى توسيع هذه الجماعة وازدهارها فأصبحت تملك مزيدًا من الأسلحة والأموال بالإضافة إلى تزايد أعداد الملتحقين بها، كما كانت هناك أموال داعمة لها تأتي من إيران”.
وقال هاشم الموسوي المتحدث باسم حركة النجباء: “لم نشهد على تقديم أمريكا أو أي من الدول العربية أو الإسلامية لأي دعم للعراق باستثناء إيران، إذ إنها زودت العراق بالأسلحة والمستشارين”.
ووَفْقًا لما ذكره مستشار أمنيّ، يقاتل بعض أعضاء ميليشيا النجباء بسبب معتقداتهم الدينية الراسخة، في حين الغالبية هم من فقراء الشيعة ممن قدموا من المنطقة الجنوبية للعراق وأغوتهم إيران بمبالغ مالية تصل إلى 1500 دولار في الشهر الواحد.
ورفض ممثّل الحرس الثوري الإيرانيّ مناقشة أي مسألة متعلقة بعلاقة إيران بحركة النجباء. وتطرّق المستشار الأمني أيضًا إلى إرسال المتدربين من مقاتلي حركة النجباء عبر رحلات جوية مباشرة تنطلق من بغداد أو النجف إلى دمشق، في حين يتم إرسال الآخرين إلى جنوب العراق ليتلقوا دورات تدريبية تمتد إلى ثلاثة أشهر وتركز على كيفية استخدام الرشاشات الثقيلة، والقنابل الصاروخية، والبنادق القناصة.
وذكر المستشار الأمني أن بعضهم يتلقى تدريبات مع حزب الله في لبنان ثم ينتقل برًّا إلى سوريا، كما تجري في إيران تدريبات متخصصة في إزالة الألغام، وتشغيل الطائرات دون طيار. وقال الكعبي إنّ الجماعة تمتلك طائرات دون طيار من طراز “ياسر” تستخدم للمهام الاستطلاعية، وهي نسخة إيرانية من طائرات “بوينغ سكان إيغل”. ورفض المتحدث باسم حركة النجباء التعليق على التدريب، قائلا إنها قضية عسكرية سرّية.
أتاحت التمويلات الإيرانية لحركة النجباء فرصة إنشاء محطة تلفزيونية فضائية خاصّة بها أطلق عليها اسم “قناة النجباء الفضائية”، وَفْقًا لما ذكره المستشار الأمني، إذ تبث هذه القناة مشاهد قتال معدّلة باحترافية، بالإضافة إلى برامج إخبارية وأغانٍ عسكرية للحشود المناصرة.
قامت شعبة حركة النجباء التي تشرف على العمليات خارج حدود إيران في عام 2014 بإصدار أغنية مخصصة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيرانيّوالذراع الخارجي له قاسم سليماني، ويشيد فيديو هذه الأغنية بقتال سليماني ضد الجيش الأمريكيّ وتنظيم داعش، كما تتخلله عدة صور لمقاتلي حركة النجباء وهم يقومون بإطلاق النيران من أسلحة الرشاشات.
يظهر كل من سليماني والكعبي في مراكز الخطوط الأمامية في سوريا وَفْقًا للصور ومقاطع الفيديو المنشورة على المواقع الإخبارية الإيرانية المتطرفة، بالإضافة إلى موقع حركة النجباء على شبكة الإنترنت، في حين لم تتحقق “رويترز” بعدُ من مكان تصوير هذه اللقطات.
وتُظهِر مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت في عام 2016 استعراضات عسكرية لحركة النجباء في حلب، إذ تضمنت هذه الاستعراضات ناقلات جنود مصفحة، وصواريخ مضادة للدبابات، وشاحنات صغيرة محملة برشاشات ثقيلة، في حين تظهر مقاطع أخرى أعضاء الحركة في أثناء مشاركتهم في قتال شوارع جنوبي حلب.
تلقّى أكرم الكعبي دعوة رفيعة المستوى لزيارة إيران بعد الجهود التي بذلتها حركة النجباء في حلب، وأجريت معه مقابلة في وقت وصلت فيه المشاهدات إلى ذروتها، والتقى مع كبار المسؤولين بمن فيهم رئيس البرلمان علي لاريجاني وقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي، كما التقى أيضًا بالمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي في زيارة منفصلة.
المصدر|وكالة رويترز
ترجـمـة|مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت