أشارت تقديرات صحفية إلى أن ملامح التقارب الإيراني التركي تزداد في الفترة الحاليَة، وتحدث متابعون عن صفحة جديدة من التعاون تُفتح للمرة الأولى بينهما منذ توتر العلاقات الثنئاية عقب ثورات الربيع العربي. وقد كشف أردوغان قبل أسبوع عن احتمال قيام أنقرة وطهران بعملية مشتركة ضد جماعات كردية، وهذا بعد أيام قليلة من لقائه رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، في تركيا.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أن "زيارة اللواء باقري تثبت أن العلاقات قطعت شوطاً مهماً في المجال التكاملي، وهي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤولين عسكريين منذ انتصار الثورة الإسلامية". وأشار إلى أنّ الرئيس التركي "سوف يزور إيران في القريب العاجل... وسوف نعلن عن موعد الزيارة عندما يُحسم توقيتها الدقيق".
ونُقل عن مراسل صحيفة "صباح" التركية في واشنطن، رجب صويلو، أنه "كانت هناك محاولة لإعادة إحياء العلاقات منذ شهر يونيو من العام الماضي، وكانت تركيا تعمل على تعديل سياستها وفقاً لوضعية إدارة باراك أوباما في ذلك الحين، التي مالت إلى التراجع في المنطقة لمصلحة اللاعبين الإقليميين، لا سيما إيران وجزئياً روسيا". ويرى "صويلو" أنّ الشعور يتزايد لدى مسؤولين أتراك بأنّ نظام الأسد سوف يبقى، ومع دعم الولايات المتحدة لـلوحدات الكردية، فإنها سوف تكون القوة الأولى في شرق سوريا، وهذا ما يتعارض وجوهر المصلحة القومية لتركيا".
ووفقا لتقديرات الصحافي التركي، فإن أنقرة "تبحث عن وسائل للضغط على "وحدات حماية الشعب" بمساعدة شركاء إقليميين مؤقتين، ويبدو أنّ "ما تمثله الوحدات الكردية يعكس الآن مشكلة مشتركة لكلّ من إيران وتركيا"، ذلك أنه "بإمكان "حزب العمال الكردستاني والحزب الموالي له في إيران" أن يشكلا صداعا أيضاً لإيران في حال ذهب الأخير نحو خيار الصراع المفتوح مع طهران في غرب البلاد، ولذلك فإنّ تدمير قيادة العمّال في جبال قنديل سوف يكون ذا فائدة كبيرة للطرفين". ويختتم صويلو حديثه، وفقا لما نقلته عنه صحيفة "الأخبار" اللبنانية، بالقول: "من وجهة نظري، هناك محاولة لبناء تفاهم بين إيران وتركيا بخصوص وجود "العمّال" في المنطقة، وبالتحديد في العراق وسوريا، لكن ما علينا متابعته هو: إلى أي مدى سوف يتحقق ذلك وينجح".
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي إيراني قوله إن "المسألة أمنية أكثر من كونها سياسية... إلا أنها تحظى على المستوى السياسي بأهمية كبيرة، لأنها تعكس بداية مرحلة" تشمل التعاون في "أهم التحديات الإقليمية".
من جهة أخرى، يرى الباحث عبدالله هاوز، وفقا لما نقلته صحيفة "الأخبار"، أنّ التعاون بين طهران وأنقرة في "الملف الكردي" هو العنوان الأبرز للتقارب التركي الإيراني حاليا، مشيراً إلى أنّ ذلك يشمل المواجهة ضمن "المثلث الحدودي بين تركيا وإيران والعراق".
ووفقا لتقديراته، فإن تراجع العلاقات بين واشنطن وأنقرة بسبب الدعم الأميركي لأكراد سوريا قد يجعل الموقف التركي "غير مكترث كثيراً" للنظرة الأميركية إلى التقارب مع إيران "إلا إذا حصلوا على عرض أميركي أفضل في سوريا".
ويبدو أن حركة حماس، تسير في الخط ذاته أو ربما سبقت أنقرة إلى طهران. وفي هذا السياق، كتب مطلعون أنه "بعد سنوات من "الاختلاف" مع إيران حول الأزمة السورية، قررت قيادة حركة "حماس" إعادة العلاقات مع طهران إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، واتضح هذا في زيارة الوفد القيادي الحمساوي للمشاركة في تنصيب الرئيس حسن روحاني أخيراً، وخلال الزيارة، التقى الوفد، برئاسة عضو المكتب السياسي عزت الرشق، عدداً من المسؤولين والقادة الإيرانيين، بدءاً من رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، وصولاً إلى مستشار المرشد الأعلى، علي أكبر ولايتي.
ونقل متابع لشؤون حماس عن مصادر أنه "رغم التوتر الذي شهدته العلاقات، فإن التواصل لم ينقطع يوما..."، وقد تحدث بهذا علنا رئيس المكتب السياسي لـحماس في غزة، يحيى السنوار، حينما قال أمام صحافيين، إن "إيران أكثر من دعم الجناح العسكري بالمال والسلاح، وقد توترت العلاقات سابقاً بسبب الأزمة السورية، وهي تعود إلى سابق عهدها، وسينعكس هذا على المقاومة وتطوير برامجها".
وتحدث الكاتب المطلع عن ندوات وحوارات تنظمها حماس مع أنصارها في غزة والشتات لوضعهم في صورة التحالفات "الجديدة ــ القديمة"، تزامنا مع التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا.
وقد أعلن السنوار في المؤتمر نفسه، أن حماس" لا تمانع في إعادة علاقاتها مع سوريا، وقال: "لا جديد في هذا الأمر حالياً، لكن لا مشكلة لدينا في إعادة العلاقات مع الجميع... المهم هو التوقيت حتى لا ندخل في لعبة المحاور"، وأضاف: "هناك آفاق انفراج في الأزمة السورية، وهذا سيفتح الآفاق لترميم العلاقات وعودتها"، ومما تقوله المصادر، وفقا لتقديرات الكاتب، أن تواصل الحركة مع دمشق سيكون في المرحلة المقبلة عبر حزب اللات.
وربما بدأت ملامح تحولا جديدة تتضح شيئا فشيئا، فتركيا تتقارب مع إيران وحماس تعيد علاقتها مع طهران وأردوغان قد يزورها قريبا وحماس قد ترمم علاقتها مع دمشق.
العصر