انتهت العملية العسكرية المشتركة بين نظام الأسد ومليشيا «حزب الله» الإرهابية التي هدفت إلى إخضاع آخر الجيوب التي يسيطر عليها قوات الجيش السوري الحر و"هيئة تحرير الشام" في جرود عرسال.
معركة جرود عرسال، معركة أرادها الحزب والنظام معا لرفع المعنويات بعد هزيمتهما الفادحة في معارك البادية الشامية وحوران، وهي كشفت حقيقة أن الحزب المنفذ لتوجيهات خامنئي في لبنان لازال متفردا بقرار الحرب والسلم وهو مستمر بذلك في تغييب دور الدولة اللبنانية.
اقرأ أيضا:
عرسال.. في مرمى نيران مليشيات إيران
الفصائل هناك عانت من قلة الأعداد بعد انسحاب أعداد كبيرة من عناصرها إلى القلمون الشرقي منذ شهور، في حين أن القوات المهاجمة لهم تعد بالآلاف فضلا عن استخدام سلاح الجوي التابع للنظام وسياسة الأرض المحروقة.
الاتفاق مع هيئة تحرير الشام
بنود الاتفاق بين مليشيا "حزب الله" اللبنانية، وهيئة تحرير الشام، في جرود عرسال اللبنانية على الحدود السورية، نصت على خروج مقاتلي "هيئة تحرير الشام" وعلى رأسهم أمير الهيئة في القلمون الغربي "أبو مالك التلي"، بأسلحتهم الفردية نحو الشمال السوري، بينما تصادر ميليشيا "حزب الله" الأسلحة الثقيلة التي تعود للهيئة في المنطقة.
الجيش اللبناني سيتولى تأمين عبور مقاتلي "هيئة تحرير الشام" وعائلاتهم إلى الأراضي السورية، على أن تتولي ميليشيا "حزب الله" تأمين طريقهم للوصول إلى منطقة قلعة المضيق في ريف حماة وسط سوريا، والتي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.
كما تم الاتفاق على إطلاق هيئة تحرير الشام أسرى حزب الله الـ 3 ، الذين تم أسرهم قبل نحو عامين خلال مشاركتهم القتال إلى جانب قوات الأسد في ريف حلب، وذلك وبالتزامن مع خروج مقاتلي هيئة تحرير الشام من منطقة القلمون الغربي وجرود عرسال، إلى جانب تسليم جثث تعود لعناصر الحزب قضوا خلال المعارك الأخيرة.
الاتفاق مع الجيش الحر
فيما أعلنت "سرايا أهل الشام"، التابعة للجيش السوري الحر، أن المفاوضات مع ميليشيا "حزب الله" اللبناني حول خروجهم من جرود بلدة عرسال، وصلت إلى نهايتها، حول خروجهم من جرود بلدة عرسال.
ومن أبرز البنود مغادرة مقاتلي "سرايا أهل الشام" برفقة عائلاتهم، وعددٍ آخر من "اللاجئين" السوريين يتراوح بين 3000 إلى 5000 شخص، إلى مدينتي "الرحيبة" و"جيرود" في منطقة القلمون "الشرقي"، دون أن يشمل الاتفاق "هيئة تحرير الشام"
أهداف الحزب وإيران
مليشيا "حزب الله" الإرهابية تسعى جاهدة لتفريغ المناطق الحدودية، بهدف إنهاء وجود الجيش السوري الحر و"هيئة تحرير الشام"، وبالتالي إسقاط أي مشروع مستقبلي يضمن وجود منطقة آمنة داخل سوريا على الحدود مع لبنان، على غرار المناطق الآمنة التي تؤسس حالياً في شمال سوريا على الحدود التركية، وجنوبها على الحدود الأردنية.
فبلدة عرسال السنية كانت العائق الأكبر شمال البقاع في طريق "انفتاح" السهل اللبناني ذي الغالبية الشيعية على الساحل السوري ذي النفوذ العلوي، وتعني السيطرة على هذه المساحات خدمة الهلال أو البدر الشيعي.
اقرأ أيضا:
معركة «جرود عرسال».. ما أهداف المليشيات الشيعية اللبنانية ؟!
أما "معهد واشنطن" فاشار إلى أن الأمر ليس سوى مسألة وقت قبل أن يُخرِج "حزب الله" الفصائل ويعلن انتصاراً آخر (محسوم لأن الفصائل محاصرة من جميع الجهات وأعدادها قليلة)، وبالتالي سيتبع ذلك عودة المزيد من اللاجئين إلى سوريا، مما سيسمح لـ "حزب الله" في النهاية بإنشاء المنطقة الآمنة الخاصة به في لبنان وعلى طول الحدود السورية. وبطريقة أو بأخرى، سيقع اللاجئون تحت سيطرة "حزب الله"، سواء بقوا في المنطقة الآمنة التي يديرها هذا الحزب أو عادوا إلى سوريا للعيش تحت حكم الأسد.
وعلى المدى المتوسط، سيحظى "حزب الله" بمناطق سيطرة لا تخضع للتحدي حول الحدود اللبنانية- السورية، وبخط إمدادٍ آمن إلى وطنه الأم ومنه، وبالدعم المحلي الناتج عن إعلان النصر - حتى وإن كان دعماً رمزياً. وسيستغل "حزب الله" هذا النصر من أجل استعادة دعم جمهوره - بعد أن تراجع هذا التأييد بسبب مشاركة الجماعة في حربٍ أجنبية والخسائر المصاحبة لها.
وستكون النتائج المترتبة عن المنطقة الآمنة التي يديرها "حزب الله" وخيمة لأسبابٍ إنسانية وسياسية على حدٍ سواء. وسيؤدي هذا التطور إلى تفاقم الإحباط بين العائدين إلى سوريا.
مستقبل الشمال السوري
أصبح اليوم في محافظة إدلب وأرياف حماة وحلب والساحل عشرات الآلاف من المقاتلين الذين تم تهجيرهم من الغوطة الغربية وحلب وحمص المدينة، فضلا عن الآلاف من مقاتلي إدلب نفسها، وبالتالي أصبحت إدلب وما حولها المعقل الاقوى للفصائل العسكرية في سوريا، وهذا يعني أيضا أن حسم المعركة في سوريا لصالح أي من الأطراف ستكون تلك المحافظة كلمة السر فيه.
ولتركيا نفوذ كبير على الفصائل المتواجدة في إدلب، وتلك الفصائل تهدد اليوم بأنها لن تقبل اي مبادرات وإنها ستشعل جبهات حلب والساحل وريف حماة.
واليوم في إدلب هناك صراع دائر بين الفصائل السورية المعارضة، في محاولة لتوحيد تلك الفصائل وهيمنة بعضها على بعض، وإن استطاعوا توحيد جهودهم، فستتغير المعادلة في الأراضي السورية، خصوصا أن هناك ما يقارب 100 ألف مقاتل في إدلب وما حولها.
ما جرى في جرود عرسال كان متوقعا، فالآلاف من مليشيا حزب الله اللبناني حاصروا بضعة مئات من المقاتلين السوريين في مساحة صحراوية وتضاريس وعرة من جميع الجهات، والجيش الحر في "القلمون الغربي" المحاذي لعرسال وجرودها قرر الانسحاب إلى "القلمون الشرقي" المحرر حيث معقل الجيش السوري الحر ، أما "هيئة تحرير الشام" فقد قررت الخروج إلى إدلب حيث الثقل الأقوى للفصائل السورية المقاتلة.
الحزب لاشك أنه نجح مرحليا فيما خطط له عبر سنوات، ولكن على المدى البعيد، المعركة لم تنته، والساحة السورية مقبلة على معارك كبيرة رغم كل المحاولات الدولية لوقف التصعيد العسكري وفرض الهدن، فطموح إيران واذرعها العسكرية ومليشياتها الإرهابية سيبقى العائق الأبرز أمام أي حل سياسي في سوريا.
كذلك فإن معركة القلمون لم تحسم بعد لوجود الآلاف من المقاتين التايعين للفصائل في القلمون الشرقي، وهم مزودين بأحدث الأسلحة المضادة للدروع ويمكنهم شن معارك كبيرة في أي وقت في على مدن القلمون الرئيسية.