الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الدراما الدينية معول هدم أم بناء..؟(1)

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

في ظل التطور السريع والكبير في تكنولوجيا صناعة الدراما والخدع البصرية، أصبح التلفاز والسينما أكثر تأثيرا وإبهارا للمشاهدين، حتى أصبح يطلق على عصرنا عصر الصورة المرئية، وقد استغلت الملل والطوائف في مشارق الأرض ومغاربها. هذا التطور الكبير في الصورة المرئية في خدمة عقائدها وأفكارها ونشرها في المجتمعات. فرأينا مئات الأفلام التي تتناول المسيحية، وحياة المسيح عليه السلام، من وجهة نظر الكنيسة منتشرة في كثير من دور العرض الغربية والعربية وتعرض على الفضائيات، كما استغل الشيعة (الرافضة) هذا التطور وقاموا بإنتاج الأفلام والمسلسلات التي تخدم وجهة نظرهم. فإلى أي حد استطعنا توظيف هذا التطور الكبير في خدمة ديننا وعقيدتنا..؟

سنحاول من خلال هذه السطور أن نرصد بالتحليل واقع الدراما الدينية، وتأثيرها على المجتمعات الإسلامية لكن قبل هذا نقدم عرضا سريعا لاستغلال النصارى للدراما في نشر دينهم وعقائدهم، وأيضا استغلال الروافض للدراما الدينية في نشر التشيع في العالم الإسلامي لأن عرض مثل هذه النماذج، سواء دور الدراما في التنصير أو التشيع وعقد مقارنات مع الدراما الدينية الإسلامية السنية، سيساهم في بيان وتحليل دور الأخيرة في واقعنا:

الدراما الدينية في خدمة التنصير:

والتناول الديني في الدراما نشأ مع نشأة التمثيل، إذ إن أول من مارس التمثيل كان اليونانيون في معابدهم ومسارحهم؛ بهدف تجسيد أساطيرهم عن الآلهة التي كانوا يعبدونها، وفي العصر الحديث أدرك المنصرون التأثير الكبير للدراما في توجيه السلوك والعقائد، فاهتم المنصرون باستغلال هذه الوسيلة الفعالة في التنصير، فقاموا بإنتاج أعمال درامية كثيرة، منها ما هو مباشر ومنها الغير مباشر(1).

1-الأعمال المباشرة: وهي أفلام تتحدث عن حياة المسيح ودعوته وصلبه، ولقد أنتجت أفلام عديدة منذ البدايات الأولى للسينما، ويمكن حصرها في 390 فيلما، وكان أولها سنة 1899م وفي 1906م كان فيلم "حياة المسيح "و في 1908م فيلم "قبلة يهوذا"، وفي 1909م فيلم  "ميلاد المسيح"، وفي العام نفسه قدم المخترع الأمريكي "توماس أديسون فيلم "نجمة بيت لحم"، وبعد ثلاثة أعوام قدم "سيدني أولكوت" فيلم "من المهد إلى الصليب" الذي يمكن اعتباره أول فيلم سينمائي حقيقي عن حياة المسيح، والشيء الذي يؤكد ذلك أن كنائس كثيرة مازالت تعرضه خلال المناسبات الدينية، إضافة إلى أنه أحد أهم الأفلام التي في قوائم كلاسيكيات السينما العالمية.

وبعد ذلك توالت الأعمال التي تتناول سيرة المسيح، أو جوانب منها مثل فيلم: "أوراق من كتاب الشيطان" سنة 1922م لـ "كارل درايير" والفيلم الفرنسي "جبل العذاب"  1935م "لجوليان دوفابييه"، وفي 1973م أنتج "نورمان جويزون" فيلم "يسوع المسيح سوبر ستار"، وفي سنة 1989م قدم الخرج الفرنسي "دينيس "فيلم "مسيح مونتريال"،  كما تم إنتاج فيلم آخر يحكي قصة يسوع المسيح الذي تم دبلجته إلى أكثر من 70 لغة، وأكثر من 200 لهجة محلية ويوزع مجانا عن طريق المنصرين، وتم عرضه في الكثير من القنوات الفضائية التنصيرية والقنوات العربية.

وفي سنة 2004م تم إنتاج فيلم سينمائي جديد أنتجه نجم هوليود الشهير "ميل غبسون" الذي موله من ملكه الخاص، وهو بعنوان: "آلام المسيح the passion of  christ  "يتحدث عن أخر اثني عشر ساعة من حياة المسيح- بحسب المزاعم الكنسية المحرفة.

هذا فيما يتعلق بالأفلام الخاصة بالمسيح، وإضافة إلى ذلك فقد اهتمت السينما الأمريكية بالأعمال الدينية، ففي بداية القرن العشرين الميلادي أنتجت مؤسسات السينما قصصا شبه توراتية، كفيلم "الوصايا العشر" الذي تناول قصة نبي الله موسى، والذي أعيد إنتاجه أكثر من مرة، وسفينة نوح، وحديقة الله، وجحيم دانتي، وأغنية المهد، وأبناء المدينة، كما قدمت أعمال عن يوم الحساب والبعث عبر السينما، مثل فيلم حضور السيد جوردان، والسماء يمكن أن تنتظر، ثم في بداية الخمسينيات قدمت هوليود قصص الإنجيل، مثل كوفاديس، وأعادت الوصايا العشر، وفيلم ابن حور، والمعجزة والرداء، كما تم إنتاج أفلام تتناول قصص الأنبياء من  الكتاب المقدس مثل: سيدنا يوسف – عليه السلام- ، وإلى جانب الأفلام السينمائية فهناك الاهتمام بالأفلام الكرتونية الخاصة بالأطفال، كـ "سلسلة قصص الأنبياء" وهناك عدد كبير من المسلسلات.

الأفلام الغير مباشرة: في هذا الصدد تم إنتاج أفلام لنشر تصورات خاطئة عن الإسلام والهجوم عليه بشكل غير مباشر، وذلك بتشويه واقع المسلمين وتاريخهم وتصويرهم على أنهم شعب عنف وجهل وتزمت وتطرف، ومن أمثلة هذه الأفلام فيلم "لسيد كاشور" بعنوان: "الفرض" قدم فيه بطلا مسلما نضيف الملابس وبراق الثنايا، ولكنه مشتغل بتهريب الأسلحة الفتاكة، وترويج المخدرات وقتل الأبرياء، وقذف القنابل وإطلاق النيران على الشعب بلا رحمة ولا هوادة، وذلك يرمز إلى ضلوع المسلمين إلى الإرهاب والتهريب، وتورطهم في الأنشطة الغير مشروعة.(2) كما  أنشئت شبكة (HBA) أوسع شبكات الأفلام التلفزيونية في أمريكا فيلم بعنوان: "الطريق إلى الجنة" يحكي قصة تفجير المركز التجاري الأمريكي عام 1996م ويبدأ بظهور ضابط مخابرات أمريكية يقول ها هو الشيخ وأعوانه قادمون، إنهم يعتقدون أننا شياطين... ثم يبدأ الضابط في توجيه سيل من الشتائم للمسلمين، وينتهي بظهور مسلم يقول: "انتظروا التفجيرات القادمة" على خلفية صوت الشيخ يرتل القرآن الكريم.

وفي المجمل كانت الأعمال الدينية التنصيرية التي أنتجت تعرض وجهات الكنيسة الدينية، فيما يتعلق بعقائدهم أو تشوه صورة الإسلام والمسلمين، ويتم نشر هذه الأفلام في دور العرض السينمائية في العالم، وعبر شاشات القنوات الفضائية  كأحد أكثر أدوات الكنيسة تأثيرا على المجتمعات في شتى بقاع الأرض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الإحالات:

(1)، و(2) انظر أساليب ووسائل التنصير الجزائر نموذجا (رسالة ماجستير)، إعداد الطالبتين رحمون نعيمة، حريش حدة، نسخة إلكترونية.

المصدر|لها أونلاين

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت