<< الكاتب السوري «آل قطيط» يكشف: فهمى هويدي أحد أبرز المثقفين العرب المتحولين إلى «المذهب الشيعي»
<< السلطات المصرية اتهمت الكاتب الراحل عادل حسين بأنه أداة التواصل بين الدولة الإيرانية والجماعات المسلحة
<< لقاءات مجدي أحمد حسين في طهران عكست حجم التقدير الإيراني له.. وأن إيران لا تتعامل معه باعتباره «زائرا عاديا»
<< باحث: عدد الإعلاميين الذين سافروا لإيران منذ ثورة 25 يناير حتى الآن بلغ نحو 500 إعلامي
للنظام الإيراني «طابور خامس» من السياسيين والإعلاميين والمثقفين في العالم العربي، هم بمثابة «أبواق طهران» المدافعين عنها وعن مواقفها السياسية في كل المحافل والمناسبات، حيث لا يتورع «آيات الله» الصغار هؤلاء عن دعم نظام «الملالي» بكل قوة، على الرغم مما ارتكبه هذا النظام من مذابح في حق المواطنين العرب في سوريا والعراق واليمن، وفي غير بلد عربي، في سياق الحرب الطائفية التي تشنها طهران من منطلقات طائفية محضة ضد أهل السنة، سواء في داخل إيران أو خارجها.
وتعد قيادات حزب «العمل» المصري أحد أهم القوى السياسية التي حرصت على تأييد إيران والتواصل معها بشكل دائم منذ منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ما جعل الحزب وصحيفته «الشعب» صوتا مدافعا عن سياسة طهران في كل مناسبة.
ووفق الكاتب والباحث أسامة الهتيمي، كان من بين أهم مظاهر العلاقة الإيرانية المتميزة بحزب «العمل» أن أصدر الحزب الكثير من الكتب والدراسات التي تتحدث عن كون الدولة الإيرانية «نموذجا للنهضة والتنمية» يجب أن يُحتذى في مصر والعالم العربي!
الرابط الخفي
ثمة رابط خفي بين هذا التوجه الذي تبناه حزب «العمل» تجاه إيران، وبين تولي المستشار الدمرداش العقالي منصب نائب رئيس الحزب حتى عام 1985. وكان «العقالي» قد أصبح شيعيا في السبعينيات من القرن العشرين، ووجد لنفسه موطئ قدم في قيادة حزب سياسي كبير نسبيا، ما دفع الحزب إلى تبني وجهات النظر الإيرانية حيال القضايا المطروحة في العالم العربي.
وتصاعد تحكم إيران في مقدرات حزب «العمل» بعد تولي الكاتب الراحل عادل حسين، منصب الأمين العام للحزب، حيث اتهمته السلطات المصرية صراحةً بالعمل لحساب إيران، وبأنه أداة التواصل بين الدولة الإيرانية وعناصر الجماعات الأصولية المسلحة، وتم احتجازه لنحو 45 يوما.
وبعد ثورة 25 يناير 2011، واصل حزب «العمل» بقيادة مجدي أحمد حسين تأييد طهران على طول الخط، من خلال موقع صحيفة «الشعب» على شبكة الإنترنت فضلا عن المؤتمرات الجماهيرية التي كان يعقدها الحزب في المسجد الأزهر كل يوم جمعة، والتي كانت تتضمن خطبا وكلمات لقيادات الحزب تدعم وتؤيد السياسات الإيرانية.
وأسس مجدي أحمد حسين حزبا جديدا تحت اسم حزب «العمل الجديد» تغير فيما بعد إلى «الاستقلال» متخذًا له مقرا فخما في حي «جارن سيتي» أحد أرقى وأهم أحياء القاهرة، وهو أمر غريب إذا علمنا أنه كان يدير الحزب في السابق من شقة متواضعة بحي «المنيل»، كما استبدل الرجل سيارته القديمة من ماركة «شاهين» بأخرى من موديل حديث، كما زار طهران أكثر من مرة.
وحسب الهتيمي، فقد عكست اللقاءات التي عقدها مجدي حسين في طهران حجم التقدير الإيراني له، وأن طهران لا تتعامل معه باعتباره زائرا عاديا، إذ التقى حسين وفق مقال كتبه ونشره في صحيفة «الشعب»، كلا من وزير الخارجية علي أكبر صالحي الذي استقبله استقبالا حافلا وجلس معه قرابة الساعة. وفي تصرف «غير بروتوكولي»، بتعبير حسين نفسه، أصر الوزير على مصاحبته إلى الممر الخارجي المفضي إلى المصعد. كما التقى حسين أيضا الدكتور علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى والذي رحب به ترحيبا شديدا.
وعندما زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، مصر، التقاه حسين، وأثنى خلال اللقاء على «الدور الإيراني» في المنطقة العربية، واصفا طهران بأنها “راعية المقاومة الفلسطينية”. كما صرح حسين خلال لقائه مع سعيد جليلي، أمين المجلس الأعلى لمجلس الأمن القومي الإيراني في العاصمة الإيرانية طهران، بأن “الشعب المصري استلهم ثورته من الثورة الإيرانية”.
وثمة حديث متكرر يتردد في أروقة الحزب عن تشيع مجدي حسين، استنادا لبعض الأفكار التي يطرحها في الندوات واللقاءات التثقيفية الخاصة بأعضاء الحزب وكوادره، وهناك من يصر على أنه تشيع بالفعل، ومن بين هؤلاء الصحفي أسامة عبدالرحيم الذي كان ناشطا في الحزب، كما عمل أيضا في صحيفة «الشعب» الإلكترونية إذ يقول: “بعد وفاة عادل حسين أحضر المستشار الدمرداش العقالي مرجعا شيعيا إيرانيا اجتمع مع مجدي حسين، وهو من قام بدعوة مجدي للتشيع”.
أما الكاتب الدكتور رفعت سيد أحمد، أحد قادة حزب «العمل» سابقا، فهو يشرف على لجنة دعم المقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني برئاسة «حزب الله»، ويرأس «مركز يافا للدراسات» الذي تموله جهات شيعية، والذي يُصدر العديد من الدوريات والكتب للدفاع عن أفكار ومنهج «حزب الله»، في حين يهاجم بعض الدول السنية بقسوة.
وتولى أحمد السيوفي، أحد صحفيي جريدة «الشعب» السابقين، منصب مدير مكتب قناة «العالم» الشيعية الإيرانية في القاهرة. وطالب السيوفي في أكثر من ندوة ومناسبة عامة بـ”تجاوز الحديث عن مسألة الشيعة والسنة”، قائلا: “لا نريد التوقف أمامها كثيرا، فهي توضع بين يدي العلماء الذين لعبوا بشكل كبير في هذا الموضوع ولهم مقارنات كبيرة بين المذهبين فعلينا أن نغلق هذا الملف”.
فيما يتعلق بالجانب السياسي، قال السيوفي: إن “هناك ثلاث دول تقاطع إيران هي أمريكا وإسرائيل ومصر، وليس من العدل أن تكون مصر في قطيعة مع إيران، فمن الناحية الجغرافية مصر لها وضع إفريقي متميز وإيران لها وضع آسيوي متميز، وبالتالي سيصبح كل منهم نافذة على قارة الآخر من خلال العلاقة بينهما”.
واعتبر السيوفي أنه: “لو كانت هناك إرادة سياسية حقيقية يمكن أن يحدث تفاهم بين الطرفين، لأن الخلافات بين مصر والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل أكثر من الخلافات بين مصر وإيران، فلماذا إذن القطيعة بين القاهرة وطهران؟ إن هذا الأمر غير منطقي، ولابد من تصحيحه فورا”.
ومن عملاء إيران أيضا، الكاتب المصري المتشيّع صالح الورداني، الذي كان عضوا في تنظيم «الجهاد»، والذي كتب في أحد كتبه قائلا: “بعد خروجي من المعتقل في منتصف الثمانينيات، احتككت بعدد من الشباب العراقي المقيمين في القاهرة، من المعارضة وغيرهم، وكذلك مع الشباب البحرينيين الذين كانوا يدرسون في مصر، فبدأت التعرف على الفكر الشيعي وعلى أطروحات التشيّع من خلال مراجع وكتب وفروها لي، ومن خلال الإجابة على كثير من تساؤلاتي الفكرية”.
العرّاب الفارسي
ويعد الكاتب الصحافي فهمي هويدي أحد أشد المدافعين عن إيران، وله كتاب بعنوان «إيران من الداخل» يدافع فيه باستماتة عن النظام الإيراني. وكان هويدي هو أول صحفي عربي يجري حوارا مع الرئيس الإيراني وقتها محمود أحمدي نجاد عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام ٢٠٠٩، إلى حد أن البعض أطلق على هويدي لقب «العرّاب الفارسي».
وتحت عنوان «فهمى هويدي مدافع صلب عن النظام الإسلامي في إيران»، قالت «وكالة أنباء فارس» فى تغطيتها للزيارة: “استقبل الرئيس نجاد الكاتب المصري فهمى هويدي الذى يزور طهران حاليا، والمعروف بعلاقاته الوطيدة مع المسئولين في إيران”.
ووصفت الوكالة «هويدي» بأنه “من المنظرين المصريين المعارضين لمواقف حكومة الرئيس (الأسبق) حسنى مبارك، مشيرة إلى أن “هذه أرفع مقابلة من نوعها للكاتب المصري مع المسئولين الإيرانيين خلال زياراته المتعددة لطهران، حيث يعد من أكثر المدافعين عن السياسة الإيرانية”.
ويقف هويدي مع إيران في كل الأزمات، ولا يرى أي خطورة في محاولاتها التبشيرية لنشر التشيّع في مصر والعالم العربي، إذ كتب قائلا: “لا يوجد تبشير بالشيعة، فهذه مجرد دعوة لمذهب يقوم به بعض الأفراد المقتنعين بأن من واجبهم الدعوة إلى هذا المذهب. كما لا يوجد ما يسمى المد الشيعي أصلًا، إنما يوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في إسقاط الشاه، ويوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في مقاومة إسرائيل”.
ويغض هويدي الطرف كل أطماع إيران في المنطقة العربية، ويرى أنه “لا وجود للأطماع الإيرانية: “هذا ما يريدونه في الغرب أن نخاف من إيران، فلا نتحد معها سياسيا، لأنهم يعرفون لو أن السنة اتحدوا مع الشيعة سياسيا لتغيرت موازين القوى في العالم كله، ولكن المقصود من الدول المهيمنة الكبرى ألا يحدث أي تقارب بين إيران والدول السنية”.
وحسب الباحثّين مهدي مبارك ومحمود الشهاوي، فإن من بين أبرز المشاهد في علاقة هويدي وإيران، هجومه على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أثناء زيارة الرئيس الإيراني «نجاد» ووفد مصاحب له إلى المؤسسة، بعد حديث «الطيب» في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء عن اضطهاد السنة في طهران وبغداد.
وفي كتابه «من الحوار اكتشف الحقيقة» يكشف الكاتب الشيعي السوري هشام آل قطيط صراحة عن تحوّل هويدي إلى اعتناق المذهب الشيعي، حيث يقول «آل قطيط»: “إن أحد أبرز المثقفين المتحولين إلى المذهب الشيعي الأستاذ القدير فهمى هويدي، الكاتب المصري الشهير صاحب كتاب «إيران من الداخل» وغيره من المقالات والكتب الجيدة” (ص 220 من الكتاب).
اللوبي الإعلامي الإيراني
يقول محمد محسن أبو النور، الباحث في العلاقات المصرية-الإيرانية إنه “منذ نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط مبارك، والدولة الإيرانية تسعى إلى توثيق علاقتها بعدد من الإعلاميين المصريين البارزين، وذلك بهدف استخلاص مواقف داعمة ومؤيدة للتحركات الإيرانية، بل ومدافعة أحيانا عن سياساتها التي غالبا ما تثير لغطا وحساسيات لدى الأنظمة والشعوب العربية.”
ويضيف أبو النور أن “من بين هؤلاء الإعلاميين المصريين الكاتب الصحفي والإعلامي وائل الإبراشي، صاحب برنامج «العاشرة مساء» على قناة دريم 2، والمقدم السابق لبرنامج «الحقيقة»، مشيرا إلى أنه “كان من المعلوم لدى المتابعين لبرامج الإبراشي الحالية والسابقة ذلك الانحياز في مواقفه للدولة الإيرانية وسياساتها”.
ويوضح أبو النور أن «الإبراشي» هو من قدم تلك الحلقة الخاصة من برنامج الحقيقة عن زواج «ملك اليمين» التي أثارت جدلا كبيرا في الشارع المصري، والتي قدم فيها الإبراشي بطلها المدعو المهندس عبد الرؤوف عون باعتباره “داعية ومفكرا إسلاميا وأنه واحد من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم”.
ويشير الباحث إلى إن إيران حرصت أيضا على أن توثق علاقتها وتتواصل مع ما يسمى بوكالات وشركات البث المباشر والتي تقوم بإعداد وتقديم مواد تلفزيونية كخدمة إعلامية لبعض القنوات الفضائية التي ليس لها مكاتب خاصة في القاهرة، وكان من أبرز هذه الشركات «الشركة المصرية للإعلام» التي تعود ملكيتها للإعلامي خالد السيوفي، نجل أحمد السيوفي مدير مكتب قناة العالم، والذي يقوم بعمل تقارير يومية لـ20 قناة شيعية.
واعتقلت المخابرات المصرية خالد السيوفي بتهمة بث برامج على الهواء بدون ترخيص، حيث أمدت الشركة عشرات القنوات الشيعية في الخليج بمواد تلفزيونية دون أن تحصل على إذن من الهيئات المختصة ببث هذه المواد.
ومن بين الشركات أيضا شركة «فيديو كايرو سات»، وهي شركة بارزة تعود ملكيتها إلى المهندس محمد جوهر صاحب «قناة 25»، التي تم استقطابها عن طريق إرسال تعاقدات بينها وبين قنوات شيعية في العراق، من بينها قناتا «الاتجاه والزوراء»، وهي قنوات تقدم مبالغ مالية كبيرة في مقابل الخدمات الإعلامية.
ويكشف أبو النور عن أنه في أعقاب ثورة يناير انتشر ما عرف بـ «موسم الحج إلى طهران» حيث يتم تنظيم رحلات سفر لنحو 30 أو 40 إعلاميا مصريا وإعلامية إلى طهران كل أسبوع أو أسبوعين، حيث تقوم هيئات إيرانية بتنظيم برنامج خاص لهؤلاء الإعلاميين للتعرف على إيران خلال فترة الزيارة، ولاستخلاص مواقف متضامنة مع إيران، إذ أن الإعلاميين والصحفيين بشكل لا إرادي يتعاطفون مع الدولة الإيرانية نتيجة حالة الإبهار التي تنتابهم مما يشاهدونه حيث لا يرون إلا كل ما هو جميل ومنظم في إيران، وهو بالطبع أمر متعمد فليس للإعلامي أو للصحفي حق التنقل بحرية كاملة، وفي حال رغب في التنقل بمفرده يكون في صحبته أحد رجال الاستخبارات الإيرانية.
ويورد أبو النور بعض أسماء الشخصيات والهيئات القائمة على تنظيم رحلات الإعلاميين لطهران، ومنهم الكاتب والصحافي طارق السنوطي الذي اعتبره الأبرز في هذه المسألة، وهو رئيس القسم الدبلوماسي بصحيفة «الأهرام المسائي»، ومنهم أيضا الباحث أحمد عبد الرحمن.
ويذكر أن عدد الإعلاميين الذين سافروا لإيران منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن بلغ تقريبا نحو 500 إعلامي.
قناة المحمّرة