أهمية التربية الاستخبارية في الكتب المدرسية الإيرانية :
أدركت الثورة أنه لا يمكن أن يتحقق الأمن المحسوس للمجتمع إلا من خلال التربية الاستخبارية، لكن التربية الأمنية للطالب الإيراني، ووفق المفهوم الثوري الإيراني فالتربية الأمنية هي عملية ترسيخ القيم المذهبية والقومية والاجتماعية السائدة في المجتمع، بهدف حماية النشء من التيارات السلبية الهدّامة، وذلك بتدريب الطلبة على أساليب المخابرات، بهدف مقاومة التيارات التي تدعو إلى الخروج على الثورة ومبادئها، وتهديد أمن المجتمع الإيراني واختراقه .
ولم تعد نظرة الثورة الإيرانية للتربية نظرة ضيقة، بل امتدت لتشمل التربية الأمنية من خلال توسيع مفهوم الأمن، فظهر ما يعرف بالأمن الشامل أو الأمن التكاملي، واستلزم ذلك تطور المسؤولية؛ فلم تعد الأجهزة الأمنية والمخابراتية، وحدها هي المسؤولة عن الحفاظ على أمن المجتمع الإيراني ومكتسباته، بل شاركها في ذلك جميع مؤسسات المجتمع داخلاً ضمن مفهوم تحقيق الأمن الاجتماعي والقومي وتعزيزه، والتركيز على طلاب المدارس بدرجة كبيرة أكثر من غيرها من الدول، وتفعيل هذا المفهوم وتحويله إلى صيغ تطبيقية في المجال التربوي من خلال الكتب المدرسية، وإلى ضرورة تزويد الطلاب بالقيم والمعايير والضوابط الاجتماعية والأمنية وأنماط السلوك؛ ليصبح الطالب الإيراني عضواً فاعلاً في المجتمع.
أهداف تدريس علم الاستخبارات من خلال الكتب المدرسية الإيرانية :
تشكل الكتب المدرسية أهمية كبرى، كأحد الوسائل المهمة لتعزيز التربية الأمنية في إيران، وعنواناً لتكاتف الجهود بين وزارة التربية، والمؤسسات الأمنية من أجل حماية الثورة الإيرانية، وصيانة أمن الدولة، ضد المخاطر الخارجية والداخلية على حد سواء.
ويتطلب تحقيق أهدافها، وتنفيذ برامجها صياغة المفاهيم والأفكار بما يصب في صالح المجتمع، وذلك بتحصين الطالب وتدريبه أمنياً واستخبارياً، من خلال الكتب المدرسية، مما يعزز قناعاته الشخصية، ويرسخ مفاهيم وقيم أمنية معينة لديه .أما من أهداف التربية الأمنية الإيرانية فهي :
1- تربية الطالب الإيراني على قيم المذهب الشيعي، وحرصه على تحقيق الأمن حفاظاً على إيران الحاضن الرسمي للشيعة والتشيع، وتعزيز وعيه فيما يتعلق بقضايا التهديدات التي تواجه الشيعة ( التعريف بأهمية سيادة المناخ الأمني الإيجابي حيث تسود السلامة والسلام والأمن والأمان).
2- تعزيز الانتماء الثوري، والهوية القومية الإيرانية.
3- التعريف بالأخطار والمؤامرات التي تواجه إيران، والجرائم وأنواعها، وأثرها على الفرد والمجتمع، ومكافحتها وسبل وقاية الأفراد من الوقوع فيها .
4- ترسيخ مبدأ المسؤولية المجتمعية، والطلابية تحديداً، وتأهيل الطلاب ليكون عنصر أمني فاعل في المجتمع لمواجهة الأخطار التي تهدّد أمن إيران.
5- تعميق مفهوم الأمن الشامل من خلال تأصيل الانتماء والولاء والمسؤولية.
6- تزويد الطالب بمهارات التفكير الموضوعي والتفكير الناقد للتمييز بين الأفكار الصحيحة والأفكار الهدامة التي تمس أمن إيران، و التعريف بأهمية سيادة المناخ الأمني الإيجابي وأثره في تطور المجتمع الإيراني .
7-تنمية الثقافة الأمنية لدى رجال الشرطة والمواطنين.
8- التعريف بخطر الجريمة وأنواعها وأثرها على الفرد والمجتمع وأهمية مكافحة الجريمة، والوقاية من الانحراف.
9- تحقيق الأمن الوقائي لمواجهة الجريمة.
10-إزالة الحاجز النفسي بين الطالب ورجل الأمن والمخابرات وتنمية الثقة والتفاهم الموجب والاحترام المتبادل بين رجال الأمن وطلاب المدارس.، وتدعيم علاقة رجال الأمن بالطلاب، وتحسين صورة رجل الأمن أمام طلاب المدارس .
دور المدرسة في التربية الاستخبارية :
تسعى إيران إلى تفعيل دور المدرسة في التربية الأمنية، ولكي تنجح التربية الأمنية الإيرانية في تحقيق الأمن، فإن الواجب تضافر جهود كافة المؤسسات خاصة المعنية بالتنشئة والنخب الفاعلة في المجتمع ومن ذلك التعليم والمدارس، حيث يقع على عاتق المؤسسات التعليمية عبء كبير في عملية التربية الأمنية؛ وذلك لأن المدارس –على سبيل المثال – تضم جميع فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم بداية من السن المبكرة التي تتمثل في المرحلة الابتدائية، الإعدادية، والثانوية، وهذا السن يسمح للمعلم أن يصوغ الطالب من خلال الكتب المدرسية صياغة أمنية، فالذي يقوم على هذه المؤسسات هم من المدرسين اللذين تشبعوا بفكر الثورة، وبقيم المذهب الشيعي، ومنهم من خدم في سلك الجيش والمؤسسات الأمنية
وقد لاحظنا أن محتوى الكتب التي تناولت التربية الأمنية أنها تناست المراحل العمرية وإمكانات الطلاب وقدراتهم الإدراكية.، حيث أن موضوعاتها كانت أعلى من المستوى الصفي للطلبة ، لكنها بدت مسايرة لبيئة الثورة ، التي عززت مفاهيم الهاجس الأمني ،بشكل كبير .
ويمكن تلخيص دور الكتب المدرسية في تفعيل التربية الأمنية من خلال الموضوعات الأمنية التي عرضتها، وهدفت إلى ما يلي :
– غرس قيم الانتماء والولاء للثورة ومرشدها
– غرس القيم المذهبية الشيعية الفارسية .
– غرس القيم القومية، وحب إيران، وأن ذلك يتكامل مع الولاء والحب للمذهب الشيعي.
-يتبع ذلك تربية الطالب الإيراني على حب المجتمع” الشيعي” الذي يعيش فيه وأنه بمثابة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.، حيث ورد الاستدلال بهذا الحديث عدة مرات .
– التركيز على وجوب اختيار الأصدقاء الصالحين التي تعينه على فعل الخير.
– تربيته على تحمل مسؤولية أفعاله وأنه سيسأل عنها أمام الله تعالى، لذا يجب أن تكون أعماله مشروعة ..
– التركيز على تدريس الأحكام الشرعية الشيعية في كثير من المسائل الأمنية التجسس، الجريمة، تعكير صفو الأمن، ثواب المتعاون لحفظ الأمن …..
كذلك تحتوي الكتب المدرسية الإيرانية على مجموعة من القيم والمفاهيم الاستخبارية التي تعتبر مكوناً أساسياً في تطوير محتوى التربية الأمنية ومن تلك القيم:
المواطنة الصالحة، طاعة المرشد وأولي الأمر، الحفاظ على الممتلكات العامة ، الاستقرار الاجتماعي، احترام الأنظمة والقوانين، الأمن من الكوارث، الأمن البيئي، الالتزام بالأنظمة، الاستقامة، الاهتمام بسلامة الآخرين، الالتزام الخلقي، الحذر، إغاثة الملهوف، التسامح، التحمل وضبط النفس، الأمن الأسري وتماسك العائلة.
كما تضمنت الكتب المدرسية الإيرانية ما يرفع الحس الأمني لدى الطالب، ويشعره بخطورة الانحراف على الفرد والمجتمع. مع استعراض الجهود التي بذلتها القطاعات الأمنية في محاربة الآفات الاجتماعية من أجل حفظ أمن البلاد واستقرارها، وأهمية تعاون الطلاب مع رجال الأمن، والإبلاغ عما يثير الشك والريبة، للإسهام في حفظ الأمن والاطمئنان.
ومن ذلك : مواكبة المستجدات الأمنية وتوضيح سبل مواجهتها من خلال ربط هذه السبل بما يتلاءم والمستجدات المعاصرة، ومواجهة الإرهاب ، وظاهرة ترويج المخدرات…….. والتركيز على البعد الديني لتعزيز عملية الشحن المذهبي والعاطفي في الخطاب الأمني .
إضافة إلى تركيز الكتب المدرسية على أهمية بيان وجوب طاعة ولي الأمر و ربط الطاعة بالاستقرار والأمن ، وأن ذلك من أعظم أسباب تحقيقه ، وبيان ما يترتب على الطاعة من المصالح، وما يترتب على الخروج عليهم من مفاسد .
فمن المصالح المترتبة على طاعة المرشد وولاة الأمر: استتباب الأمن، وحدة الصف، والوقوف ضد الأعداء، ومن المفاسد التي تترتب على الخروج على ولاة الأمن اختلال الأمن تسلط الأعداء …….
هذا عدا عن تركيز الكتب المدرسية على دور ومسؤولية الأسرة على أساس اعتبارها هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع من خلال الجانب التربوي، وأهم ما يعتني به الوالدان هو: التربية المذهبية فإذا صلحت العقيدة صلح ما سواها من أمور. ومن أساسيات العقيدة التي يجب على الأبوين تربية أولادهم عليها بعد التوحيد، وحـب آل البيت؛ حفظ أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم .
ومن الجوانب الدينية التي يجب على الأبوين تربية أولادهم عليها، وهو جانب مهم يحقق تطبيقه أمن المجتمع واطمئنانه : طاعة ولاة الأمر.
هذا عدا عن الجانب التوعوي، وذلك بمحاورة الأبناء ومناصحتهم، ومن ثمرات هذا الأمر – حسب الكتب المدرسية الإيرانية – توعيتهم بأخطار لم يكونوا منتبهين له ، أو تصحيح مفاهيم خاطئة لديهم، فالحوار وسيلة مهمة في بناء شخصية الأبناء، وتعزيز الجانب الوقائي لدى الطلاب ومن أدوار الأسرة الوقائية : شغل أوقات الأبناء وتوجيه طاقاتهم عن طريق البرامج العلمية النافعة،والدورات التدريبية المفيدة،و ممارسة الرياضة البدنية فكل هذه وسائل بديلة للأسرة بدلاً لما يمكن أن يتعرض له الأولاد من وسائل الغزو والانحراف.
أما الدور التعاوني للأسرة جزء من المجتمع، وعليها تحرص على أمنه وسلامته وتتعاون معه على هذا ومن ذلك تربية الأولاد على مبدأ مهم وهو أنهم رجال أمن يهمهم أمن المجتمع فلا يتأخرون في التعاون مع رجال الأمن، ومساعدتهم للحد من الجريمة .
إنشاء التنظيمات “الخلايا ” في أرض العدو :
ويحقق تطبيق التربية الأمنية من خلال الكتب المدرسية الإيرانية عدداً من الميزات، من خلال ربط برامج التربية بحاجات المجتمع والثورة الأمنية، وتنمية قيم الانتماء بين الطلاب لإيران وثورتها .
كما يؤدي تبني هذا المفهوم إلى تحقيق الترابط بين النظرية والواقع المجتمعي، وتحقيق التكامل بين التربية ومؤسسات التنشئة التربوية الاجتماعية.
ويتطلب تطبيق التربية الأمنية في إيران إعداد طلاب المدارس لممارسة أدوارهم في تحقيق الضبط الاجتماعي ورفع حسهم الأمني، كما يتطلب مزيداً من التعاون والتنسيق بين المدارس والمحاضن الثورية، والطلاب مع المؤسسات الأمنية، مما يسهم في رفع مستوى التربية الأمنية في المجتمع.
فوزارة التربية والتعليم الإيرانية تعتبر رجل الأمن والمخابرات جزءاً أساسياً من العملية التربوية، وتعتبر المعلم جزءاً من التوعية الأمنية .
وسعت إيران إلى تبني بعض التطبيقات التربوية للتربية الأمنية خصوصاً ما يتصل منها على ضرورة تربية الطلاب وتعليمهم المبادئ الأمنية الأساسية خاصة في مجال المخابرات المدنية والاستخبارات العسكرية ، والتجسس ومقاومة التجسس ، تحقيقاً لاستقرار المجتمع، وعدم اختراقه ، من خلال تنمية الإحساس الأمني لدى طلاب المدارس الإيرانية .
إضافة إلى تعليم الطلاب كيفية تأسيس وبناء التنظيمات والمليشيات العسكرية القادرة على شن حروب العصابات داخل دول العدو واستنزافه حفاظاً على الأمن القومي الإيراني، وطبيعة تشكيل هذه التنظيمات، وسلسلة العلاقة المترابطة وغير المترابطة فيما بينها، وكيفية وآليات عملها، تحركاتها في أرض الخصم، وكيفية تنسيق أدوارها وعملها ، وأهدافها ، والتحرك والتمويه …. .
أهمية جمع المعلومات وكيفية الحفاظ عليها :
تقول الكتب المدرسية الإيرانية أن من البديهي أن تكون أهم المعلومات بالنسبة لها هي المعلومات ذات الطابع العسكري، حتى تصل إيران إلى التفوق العسكري, وبهذه الطريقة تصل إلى هدفها للانتصار في الحرب.
تفصل الكتب المدرسية الإيرانية في طبيعة المعلومات المهمة للدولة .
1- تعريف المعلومات : المعلومات هي جمع معلومة، معني المصطلح هو معرفة أو الوصول إلى المعلومات. المعلومات تقسم إلى قسمين معلومات عسكرية، ومعلومات غير عسكرية .
غير عسكرية
|
عسكرية
|
– أخبار الراديو ، التلفزيون ، وسائل التواصل الاجتماعي ، الصحف ، المجلات ، والإعلام حديث الشارع ، قياس الرأي العام ، التواصل مع الأصدقاء ، عمليات التجنيد في قطاعات مهمة
|
– الاستقرار- عدم الأشخاص- معدات الأعداء في المنطقة والشريط الحدودي، القواعد العسكرية الموجودة في دولة الخصم ، المصالح والمنشآت الحيوية العسكرية والأمنية والاقتصادية …. تنقلات قوات الأعداء وتوزيعهم
|
تعريف المحافظة على المعلومات : عبارة عن كل الإجراءات المتخذة للحفاظ وحماية الأخبار والمعلومات الحياتية النظامية والغير
نظامية .
3- أسباب وضرورة الحفاظ على المعلومات .
– المحافظة على سرية الأخبار .
– لتجنب عنصر الآخذ على غفلة.
– الحصول على فرصة العمل.
– إثبات قدراتها وثباتها للعدو.
4- عوامل إفشاء المعلومات العسكرية.
– انتهاكات أصول المحافظة من قبل قوات الأمن.
– نفوذ عناصر سرية للأعداء بين القوات.
5- ضرورة التعاون مع السلطات :
– أداء المهمات والعمل بأوامر القائد .
– عدم التعامل بسلبية مع نشاطات الأعداء وتطوير عناصر كسب المعلومات لإبطال مخططاتهم.
6- أصول رعاية المحافظة على المعلومات حتى لا تصل المعلومات إلى أيدي الأعداء :
– حماية الكلام
– المحافظة على المستندات والوثائق
– الحماية الشخصية
– حماية الإعلام
– الحماية الفيزيائية للاماكن والمؤسسات
– حماية الاتصالات وعمليات التصوير من أرض العدو
– حماية الأسلحة والذخيرة ، وكيفية صناعة القنابل
مما سبق ذكره في الأعلى المحافظة على الكلام، والوثائق والمستندات من ناحية الأهمية نوضحها، ونحللها بشكل مفصل فيما يلي :
1- تعريف المحافظة على الكلام : هو أن نحفظ ألسنتنا، ونتحكم بكلامنا، ونترك الكلام الذي لا يوجد فيه فائدة .
2- تعريف المحافظة على الوثائق والمستندات : عبارة عن منع وصولها إلى أيدي قوات الأعداء والمستندات الحساسة والهامة مثل الخرائط، الصور وخطط العمليات، الهويات، رقم الهوية وغيره
3- طرق إفشاء الأسرار.
– الوعي : نفوذ الأعداء في قواتكم
– عدم الوعي : بسبب الساذجين، والثرثارين وكثيري الكلام، وضعف في ضبط النفس، والصداقة والمحبة في غير مكانها .
4- تصنيف سرية الوثائق والمستندات : الوثائق والمستندات يجب أن تصنف وتحفظ .
أ– السلسلة – الوثائق التي يكون الكشف عنها غير مسموح، ويسبب الكشف عنها ضربات شديدة وإلحاق خسائر كبيرة وأخطار غير قابلة للتعويض في الأمور الحيوية للبلاد مثل الخطط الإستراتيجية والعسكرية والسياسية
ب- السرية : الوثائق التي إذا كشفت فإنها تلحق أضرار وخسائر مهمة بقواتكم مثل إحصائية عن المعدات للوحدات القتالية، إحصائية عن القوات والمرافق
ج – سرية جداً : تطلق على المستندات التي يمنع انتشارها بين العموم، فقط تقتصر معرفتها على المجموعات والمنظمات الخاصة مثل خطط تعليم وتدريب القوات، إعلان التعليمات .
ت- سرية : تطلق على المعلومات التي يمنع انتشارها بين العموم ولكنها تحتاج إلى درجة محافظه أقل من السرية جداً مثل لوحات الحراسة، والبرامج التعليمية.
5- التدابير الوقائية .
ألف- تجنب نقل الكلام.
ب- تجنب طرح الأمور العائلية في المجالس العامة .
ت- تجنب الحديث عن أمور العمل في المجالس العامة والخاصة
ج- تجنب الحديث عن التصنيف في المكالمات الهاتفية.
ح- تجنب كتابة التصنيف في الرسائل والمراسلات البريدية.
ز- تشفير المعلومات والتدريب عليها، مع رعاية متطلبات العصر، والتطورات العلمية والتقنية .
المصدر| مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية