قيل لـ “جحا” يوما إن هنالك حريقا كبيرا شبّ في القرية المجاورة.
ردّ جحا: وما همّي أنا؟ ليس الحريق في قريتنا.
قيل له : يا جحا الحريق أصبح في قريتنا.
ردّ جحا: لا بأس طالما كان بعيدا عن الحي.
قالوا: يا جحا الحريق أصبح في حيِّك.
فردّ جحا: لا بأس هو بعيد عن بيتي.
وعادوا وقالوا : يا جحا: الحريق نشب في دارك.
فقال جحا: الحمد لله، قد سلمتُ برأسي..
وهو حال قومي في كلّ ناحية في بلادي، يشاهدون نار المجوس تشُبّ في بقاع شتى، ويرونها تقترب من ديارهم، بل وتندلع فيها، بينما يكتفي كل رأس بأن ينأى عن لفحها ويظن أنه قد نجا.
لا يزال الحديث موصولا:
مع أهلنا في الكويت، الذين حاق بهم خطر المشروع الإيراني الفارسي الصفوي، الذي دخل مع دول الخليج في حرب من طرف واحد، عن طريق زرع خلاياه النائمة من خلال الأنشطة التجسسية التي يُجنِّد عن طريقها الخليجيين لمشروعه الفارسي، ودعمه المفضوح لشيعة العرب من أجل تأجيج الفتن والاضطرابات، فيما كان يكتفي الخليج بتلقّي الضربات تلو الضربات، ويحمد الله أنها لم تقتله..
ولن تقتله ..
الكويت في عيون الفرس:
يا أهل الخليج عامة ويا أهل الكويت خاصة، سلوا المفكر الإسلامي الدكتور عبد الله النفيسي عما صرّح به علي أكبر ولايتي وزير خارجية إيران على مسمعه في لقاء جمعهما بطهران:
“أنتم دول مجلس التعاون الخليجي مثل حلوى الفالوذا، لذيذة الطعم، وسهلة الهضم، كن على ثقة بأن كل دول مجلس التعاون هذه تبعيتها في النهاية إلى إيران”.
*هكذا ياقوم أعرب (ولايتيّ) عن النوايا الإيرانية دون مواربة، فأنتم بالنسبة إليهم الحديقة الخلفية لإيران.
أرض الكويت التي نحبّها كما كلّ بلاد المسلمين ذات أهمية استراتيجية لملالي طهران، نظرا لموقعها المتميز ووقوعها في مثلث الأضلاع بين السعودية والعراق وإيران، بالإضافة لمخزون النفط الهائل الذي جعل منها قيمة اقتصادية كبرى.
وهي كذلك ورقة تستغلّها إيران للضغط على أمريكا، ومن ناحية أخرى فالكويت لها حدود مع البصرة التي تخضع لسيطرة عملاء إيران.
جذور العلاقات الكويتية الإيرانية:
أخذت العلاقة بين البلدين مسارا طبيعيا بين الصعود والهبوط كشأن سائر الدول، وشهدت الكويت العديد من الهجرات الإيرانية، والتبادل التجاري بين البلدين، كما اعترفت إيران رسميا بالكويت عام 1961، وافتتحت السفارة الإيرانية في الكويت عام 1962.
ومع قيام ثورة الخميني 1979م، برزت المخاوف الكويتية تجاه تصدير الثورة الإيرانية، رغم أن الحكومة الكويتية كانت من أوائل الحكومات التي اعترفت بالنظام الإيراني بصفة رسمية، وكان رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية صباح الأحمد أول من زار طهران بعد الثورة من مسئولي الخليج رفيعيّ المستوى.
*توترت العلاقات بين الكويت وإيران على خلفية اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وفي البداية حرصت الكويت على أن تكون حيادية تجاه الحرب وطالبت الدولتين بوقف الحرب وعرضت استعدادها لمساعي التحرك نحو حل سلمي توافقي.
*تحول الموقف الكويتي من الحياد إلى دعم العراق في حربها ضد إيران، بعد أن مال ميزان القوة ناحية طهران وتعرضت أرض الكويت لقصف بالصواريخ وهجمات برية أيضا، ما فاقم التوتر بين الكويت وإيران.
*وظلت الكويت كسائر الخليج تعاني من الاستفزازات الإيرانية إبان الحرب العراقية الإيرانية، بالتزامن مع تأسيس مجلس التعاون الخليجي الذي تشكل بعضوية الكويت.
*يقول د. “عادل علي العبد الله” في ورقة بعنوان “إيران ودول الخليج.. مَصَدَّات مذهبية على تصَدُّعات سياسية” ضمن دراسة “المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية”.. يقول:
“لقد هيمنت السياسة الإيرانية المتحفزة للعب دور إقليمي بارز في منطقة الشرق الأوسط على أجندة التحركات الخليجية منذ تأسيس المنظومة التعاونية عام 1981م، فبقراءة سريعة لـ 32 بيان قمة خليجية، وعدة مئات من بيانات الدبلوماسية والأمن الخليجية على موقع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، سيلاحظ أن إيران كانت عاملا مُقلقا، بل مستفزا للسلطات الحاكمة في الجزيرة العربية، وتحولت العلاقات إلى حرب باردة وتخندُقٍ فِعلي تعَزز رسمياً وشعبياً بالخطاب الطائفي المتكرر من جميع الأجهزة الإيرانية الدينية والسياسية وأذرعها الإعلامية”.
*ويُعدّ الغزو العراقي للكويت عام 1990م، هو الحدث الذي أعاد التعاون بين الدولتين، حيث سارعت إيران لإدانة عدوّها اللدود (العراق)، ورحّبت بقرار الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على بغداد.
*وبحسب ما ذكر الدكتور النفيسي في كتابه “إيران والخليج ديالكتيك الدمج والنبذ”، فإن إيران بعد مرور أسبوعين من إدانتها للغزو العراقي للكويت، بدأت تركز على إدانة الوجود بهذا الشكل القوي للقوات الدولية، واتهامها بالسعي لضرب الثورة الإيرانية، وعزا (النفيسي) ذلك التحوّل إلى قبولها مبادرة عراقية لتأمين حيادها تجاه الأزمة تضمنت مكاسب عديدة لإيران، إلا أنها كانت تؤكد على ألا تقدم الكويت أية تنازلات لبغداد من شأنها أن تعطي العراق أي ميزات استراتيجية.
ومنذ ذلك الحين ترتبط الكويت بإيران بعلاقات في كافة المجالات:
أولا: في المجال السياسي تتبادل الدولتان الوفود الشعبية والرسمية باستمرار خاصة بعد تولي خاتمي الحكم في إيران، وتوالت زيارات رموز الخارجية والبرلمان بين الجانبين.
ثانيا: على صعيد الأمن الداخلي شهدت العلاقات بينهما تعاونا في تشكيل لجان مشتركة لمكافحة المخدرات.
ثالثا: فيما يتعلق بالأمن الخارجي كانت هنالك عدّة صور أبرزها:
*توقيع مذكرة للتفاهم الدفاعي بين الدولتين عام 2002م، تضمنت حضور مراقبين من البلدين في المناورات العسكرية التي تجريها كل منهما
*وتبادل الخبرات والمعلومات في المجال الدفاعي.
رابعا : تمثّل التعاون في الجانب الاقتصادي في إجراءات منها:
*وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2012م إلى 187مليون دينار كويتي (635.5 ) مليون دولار وانخفض حجم التبادل التجاري (قليلا ) حسب تصريح وزير الشؤون الاقتصادية والمالية الايرانية (علي طيب نيا ) في يناير الماضي.
*توقيع اتفاقية تعاون تجاري للمناطق الحرة عام 1999م تهدف لنقل البضائع بحرا.
*توقيع مذكرة تفاهم تجارية أخرى في اجتماعات اللجنة الكويتية الإيرانية المشتركة عام 2000م.
*وفي يناير الماضي دعا وزير الشؤون الاقتصادية والمالية الإيرانية، علي طيب نيا، إلى تشكيل مجلس مشترك لرجال الأعمال الكويتيين والإيرانيين يُسهم في تبادل المعلومات والخبرات حول المشاريع الاستثمارية، وكذلك تنسيق زيارات الوفود الاقتصادية بين البلدين.
*كما ترتبط الدولتان بعلاقات متينة في مجال الخدمات والسياحة، حيث يتوجّه عدد كبير من الكويتيين إلى زيارة مقدسات الشيعة في مشهد وقُم.
الأنشطة الإيرانية الدنيئة في الكويت:
يا أهلنا في الكويت حكومة وشعبا، أرضكم مسرح لتحركات أجهزة الاستخبارات الفارسية، ومرتعا لغسيل أموال الفرس، وحمىً مباحا لعشرات الآلاف من العمالة الإيرانية التي تُتخذ جسرا يعبر عليه الحرس الثوري الإيراني وجواسيسه.
فمتى تحذرون؟
هل تنتظرون أن تلتهم النيران بيوتكم كما التهمت بيت جُحا وأنتم تحمدون خالقكم أن سلمتم برؤوسكم ولا زلتم تتنفسون؟
*يا أهل الكويت التفتوا قليلا إلى عبث السفارة الإيرانية التي توفر الغطاء الدبلوماسي لأنشطة رجال المخابرات.
*نظرة منكم إلى منظمة الثقافة والاتصالات الإسلامية التي تستقطب شبابكم تحت مظلة المراكز الثقافية وتجندهم، وترسلهم إلى معسكرات فيلق القدس.
*أين أنتم من مجمع أهل البيت العالمي على أرضكم ، والذي يركز على التجمعات الشيعية، ويتولى التنسيق بين الأحزاب والحركات العاملة للنظام الإيراني؟
*اقرأوا تلك السطور على المُغيبين والنائمين في أوعية العجين..
من واقع دراسة قام بها اللواء الركن المُتقاعد حسام سويلم بعنوان “المواجهة القائمة والمحتملة بين إيران ودول الخليج” نشرها المركز العربي للبحوث والدراسات بتاريخ 29 ديسمبر 2013م، ومن تقرير للمجلس الإسلاميّ العربيّ في لبنان نشر عام 2009م:
تم الكشف عن خلايا استخباراتية وعملاء إيرانيين يُقدّر عددهم في دول الخليج بحوالي أربعين ألف عميل، من بينهم ثلاثين ألف عميل إيراني في الكويت وحدها.
الأسلحة والأجهزة والمعدات تنقل من إيران إلى هذه الخلايا عبر أرصفة سرية تابعة للحرس الثوري والمخابرات الإيرانية .
الخلايا الإيرانية في دول الخليج ليست متغلغلة في مناطق الشيعة فقط، بل أيضًا في مناطق السنة.
اعترف الدبلوماسي الإيراني المُنشقّ عادل الأسدي بأن علي شامخاني، وزير الدفاع الإيراني السابق بنفسه يتولى قيادة مجموعة خاصة تعمل في تخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية في دولة الكويت.
ذكر عادل أسدي الدبلوماسي المنشق أن إيران لها جواسيس يعملون تحت غطاء مُدرّسين أو أطباء أو ممرضات في مدارس أو مستشفيات إيرانية في الكويت وغيرها.
في مايو 2010م ضُبطت شبكة تجسس إيرانية في الكويت مكوّنة من 11 عنصرا، من بينهم أربعة عسكريين كويتيين وإيرانيين اثنين، وسوري وبحريني يعملون لصالح الحرس الثوري الإيراني، وقاموا برصد مواقع عسكرية ومنشآت حيوية، ورصد الوضع السياسي الكويتي ومراكز القوى السياسية والاقتصادية والقبلية المؤثرة داخل الكويت، بالإضافة للعمل على تجنيد عناصر تتناغم أفكارها مع توجهات الثورة الإيرانية.
وصلت العمالة الإيرانية في الكويت عام 2010م إلى 45 ألف إيراني حاصلين على إقامة، و 30 ألفا آخرين يترددون على الكويت بتأشيرات قدوم متجددة، ما سهل وجود عناصر إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني.
اعترف المُتّهمون في خلية التجسس بأنهم تم تدريبهم على استخدام أسلحة وأجهزة اتصالات وأعمال رصد وتصنت وتصوير في أحد معسكرات الحرس الثوري في مدينة مشهد.
أكد المُتّهمون في الخلية نفسها أنهم سلـَّموا الإيرانيين خريطة حديثة لجزيرة بو بيان، وأن أحد مطالب الحرس الثوري منهم كان رصد وتحديد مواقع الصواريخ (ستار باس) المضادة للصواريخ البحرية.
ترسل إيران مجموعات مخابراتية تحت غطاء التجارة، مهمتها استطلاع الأهداف وخاصة المراكز الحساسة العسكرية والاقتصادية.
حصل النظام الإيراني على البدلات العسكرية المُستخدمة في وزارتي الداخلية والدفاع الكويتية ولكن تمكّنت القوات الأمنية الكويتية من كشف المجموعة التي كانت تنقل عدد 300 من هذه البدلات إضافة إلى بعض من التجهيزات العسكرية وضبطها قبل نقلها إلى إيران عبر الحدود المائية الإيرانية الكويتية.
تم استخدام الكويت لغسيل أموال الأجهزة الإيرانية للهرب من الحصار المفروض على إيران من قِبل الغرب، واستخدام هذه الأموال أيضا في تعزيز النفوذ الإيراني داخل الكويت.
حاز تجار في البورصة موالون لإيران في السنوات الأخيرة شركات وعقارات وأصولا ببلايين الدولارات.
هوجمت السفارة الكويتية في طهران بواسطة عناصر من الباسيج.. والباسيج يا أخوتي (قوّات شبه عسكرية تتبع الحرس الثوريّ الايراني والمتطوّعين فيها من الجنسين ..وكان لها نشاط بارز في الحرب الايرانية العراقية )؛ ذلك الهجوم كان بسبب تصريحات كويتيين يرفضون استخدام الكويت في أي نزاع مسلح بين إيران والغرب.
وختاما:
كالعادة، لإيران أذنابها في كل بقعة من بلادي، هم الطابور الخامس الذين يقوضون بنيان البلاد من الداخل لصالح دولتهم الأم إيران، والتي يدينون لها بالولاء، يجمعهم الولي الفقيه على عقيدة فاسدة، ويشاركون كأداة في يد إيران لإعادة المجد الفارسي، وعن هؤلاء يكون الحديث في المرة القادمة.. ان شاء لنا الله …