نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا للصحافي هيو نيلور، قال فيه إن مقاتلي تنظيم الدولة يطلقون النار على العراقيين الذين يحاولون الهروب من مدينة الفلوجة، في وقت تقوم فيه القوات الموالية للحكومة بالضرب والتعذيب، خلال المعركة لاستعادة المنطقة، بحسب منظمة «هيومان رايتس ووتش» والمسؤولين العراقيين.
ويقول الكاتب إن هذه الروايات، التي لم يكن من الممكن التحقق منها من مصدر مستقل، تبين بوضوح مدى تشبث المتطرفين بالمدينة، التي تعد موطئ القدم الأقرب لهم على بغداد، مستدركا بأن الاتهامات تشير إلى الانقسامات العراقية الطائفية والقبلية العميقة، ما قد يعقد القتال لاقتلاع تنظيم الدولة، بما في ذلك من قاعدته الرئيسة في شمال العراق.
ويشير التقرير إلى أن مقاتلي تنظيم الدولة يستخدمون المدنيين العالقين، الذين يقدر عددهم بـ50 ألف شخص في المدينة، التي تحاصرها الحكومة، دروعا بشرية، وقتلوا أولئك الذين حاولوا الهروب، بحسب ما قالته المنظمة الحقوقية والمسؤولون للصحيفة، قبل أن يصدر التقرير حول الانتهاكات المزعومة.
وتذكر الصحيفة أن رجال المليشيات الشيعية قاموا بالقبض على الرجال الهاربين من الفلوجة والمناطق المحيطة، وضربوهم بقسوة، حيث مات على الأقل أربعة رجال متأثرين بجراحهم، بحسب المسؤولين المحليين المطلعين على الحادثة.
ويفيد نيلور بأن هذه الادعاءات تبرز كيف يمكن أن تتأثر الحملة الأمريكية لمساعدة الحكومة العراقية في التخلص من تنظيم الدولة من العراق، الذي مزقته الحروب؛ بسبب العلاقات المشحونة بين المجموعات الدينية المختلفة الموجودة فيه.
ويلفت التقرير، إلى أن مشاركة المليشيات الشيعية الموالية للحكومة، أثارت المخاوف من الاحتكاك الطائفي في الفلوجة، التي تقع في قلب المناطق السنية، على بعد 45 ميلا غرب بغداد، حيث إن كثيرا من السنة، حتى من يقاتلون ضد تنظيم الدولة، غير مرتاحين لقوة المليشيات الشيعية، التي برزت في الشؤون العراقية، منذ سقوط صدام حسين عام 2003 خلال غزو العراق، الذي قادته أمريكا.
وتنقل الصحيفة عن الباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" بلقيس ويلي، قولها: "تصلنا المزيد من التقارير حول الانتهاكات، بما في ذلك انتهاكات تنظيم الدولة، واحتمال قيام قوات الحكومة بإعدامات دون محاكمة لمدنيين يخالفون قوانين الحرب"، لافتة إلى أنه سيتم نشر تقرير "هيومان رايتس ووتش" هذا الأسبوع.
وينوه الكاتب إلى أن الاستنتاجات تستند جزئيا إلى مقابلات مع أعضاء المجلس المحلي في الصقلاوية، وهي إحدى ضواحي الفلوجة، حيث قال الزعماء المحليون إنهم وجهوا شكوى لمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، حول التهم باعتداء المليشيات الشيعية الموالية للحكومة على ما لا يقل عن 1250 رجلا تم احتجازهم وضربهم.
وبحسب التقرير، فإن المليشيات قامت باعتقال الرجال في بداية الهجوم على الفلوجة، وسجنتهم في بيوت سيطرت عليها في الصقلاوية، بحسب ما قال عضوان من أعضاء المجلس المحلي هاتفيا، اللذين أضافا أنه تم ضرب الرجال، ومعظمهم من قبيلة العقاش، بوحشية، وباستخدام قضبان الحديد وكابلات الكهرباء، وضرب أربعة منهم بشكل قاتل.
وتقول ويلي للصحيفة إن السلطات العراقية منعت منظمات حقوق الإنسان من مقابلة الضحايا، وقال عضوا المجلس المحلي في الصقلاوية إن المليشيات أطلقت سراح 650 رجلا من المحتجزين في مخيم طارق، حيث تشرف الحكومة على هجوم الفلوجة.
ويورد نيلور عن عضو مجلس الصقلاوية عبد الله إسماعيل مخلف، الذي يقول إنه قابل بعض الرجال الذين كانوا معتقلين، قوله: "تم ضربهم بشدة، حيث إن وجوههم محطمة، وعظامهم مكسرة، وهناك جروح عميقة على أجسادهم ووجوههم"، مشيرا إلى أن الشرطة المحلية تقوم بالتحقيق معهم، على خلفية الشبهة بانتمائهم لتنظيم الدولة، لكنه قال إن معظمهم مدنيون.
وأضاف مخلف للصحيفة أن المطلق سراحهم يدعون بأن بعض المعتقلين الـ 600 الباقين تم إعدامهم دون محاكمة، وتقول "واشنطن بوست" إنه لم يمكن التأكد بشكل مستقل من صحة الخبر، لافتة إلى أن تلفزيون "الجزيرة" قام بعرض صور يوم الاثنين للضحايا المزعومين، حيث أظهرت الصور كدمات وجروحا على أجسادهم.
وينقل التقرير عن المتحدث باسم رئاسة الوزراء سعد الحديثي، قوله إنه تم اعتقال عدد من الناس في منطقة الفلوجة؛ لمخالفات لم يحدد طبيعتها، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت بالتحقيق، وأضاف أن تلك الحالات هي حالات منفردة، ولا تمثل القوات الحكومية، ولا وحدات الحشد الشعبي.
ويكشف الكاتب عن أن المتحدث باسم المليشيات يوسف الكلبي أنكر أي علاقة للمليشيات بأي انتهاكات، لافتا إلى أن الحكومة أمرت المليشيات الشيعية بتجنب دخول الفلوجة، حيث إن السكان السنة حانقون على الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة.
وتذكر الصحيفة أن المسؤولين السنة يخشون بأن يكون رجال المليشيات يعتزمون الثأر من سكان الفلوجة لتفجيرات بغداد، مشيرة إلى أن المتطرفين يستخدمون القوة القاتلة منذ بداية الحملة لاستعادة الفلوجة؛ لمنع المدنيين من مغادرة المدينة، بحسب "هيومان رايتس ووتش" وعاملي الإغاثة والمسؤولين العراقيين.
ويورد التقرير نقلا عن عامل إغاثة، يعمل مع مؤسسة خيرية غربية، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، قوله إنه من الأدلة التي تم جمعها من الفارين من المدينة، يمكن تكوين صورة عما تشهده المدينة، حيث يستخدم سكان الفلوجة دروعا بشرية لمنع تقدم الحكومة، ويضيف عامل الإغاثة أنه "يبدو أن السكان الفارين أصيبوا إصابات قاتلة، بعد إطلاق مقاتلي تنظيم الدولة النار عليهم، كما أن آخرين استهدفوا بنيران المدافع، بينما كانوا يحاولون المغادرة".
ويقول نيلور إن عددا آخر غرق في نهر الفرات لدى محاولته الهروب من الفلوجة في الأيام الأخيرة، بحسب لجنة الإغاثة الدولية، وقالت المنظمة الإغاثية إن تنظيم الدولة قام بتدمير القوارب ليجعل عبور النهر صعبا على السكان.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن المليشيات الشيعية تتهم تنظيم الدولة باستخدام انتحاريين في الصقلاوية الأسبوع الماضي لمهاجمة المدنيين الفارين، ومنع الآخرين من مغادرة المناطق التي يسيطر عليها.
المصدر|عربي21