تسجل نسب الفقر في العراق معدلات مخيفة، قياسا بحجم الناتج القومي للبلاد، وتقديرات عدد سكانها، ما يجعل الدولة النفطية تتحول تدريجيا إلى بلد فقير وفاشل.
وحافظ تدفق النفط المنتظم إلى الأسواق، بمعدلات تسجل زيادات مطّردة منذ 2009، على قدرة العراق على مواجهة متطلبات إنفاق عسكري هائلة في إطار الحرب على داعش، وخاصة ما تعلق بالإنفاق على الآلاف من عناصر الميليشيات التي يمثل وجودها عبئا على موازنة الدفاع والداخلية.
وبالرغم من فشل وزارة التخطيط العراقية، في إتمام آخر مسح ميداني حاولت إجراءه العام الماضي، إلا أن مؤشرات الجهات المختصة، تقول إن نسبة الفقر في مناطق جنوب العراق، التي تنتج معظم نفط البلاد، فاقت الـ30 بالمئة، فيما تجاوزت النسبة معدل الـ40 بالمئة في المحافظات التي سيطر عليها تنظيم داعش، ولا سيما نينوى والأنبار.
وتقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، ماجدة التميمي، إن “هذه المؤشرات صادمة”، مضيفة أنها طرحت هذه الحقائق خلال زيارة وفد رفيع من البنك الدولي الأربعاء، حيث التقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وأعلن مكتب العبادي، أن رئيس الوزراء العراقي استقبل، الأربعاء، المدير الإقليمي لمكتب الشرق الأوسط الجديد في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
وتقول التميمي التي حضرت الاجتماع، إنها تحدثت مع وفد البنك الدولي عن “جملة من المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي”، من بينها زيادة معدلات الفقر، وارتفاع نسب البطالة وحالات الطلاق في المجتمع العراقي، مشيرة إلى أن أرقام وزارة التخطيط العراقية التي تشير إلى أن نسبة الفقر في الجنوب تفوق الـ30 بالمئة وفي المحافظات التي سيطر عليها تنظيم داعش تجاوزت الـ40 بالمئة، ازدادت الآن، في ظل التقشف الذي تنتهجه الحكومة، بسبب الأزمة المالية، المرتبطة بتراجع أسعار النفط.
وتعبر التميمي عن استغرابها لانتشار الفقر والبطالة في جنوب العراق الذي ينتج الجزء الأكبر من صادرات العراق النفطية، ويسهم في توفير موازنات انفجارية لصناع القرار الاقتصادي.
ويشير مراقبون محليون إلى أن مشكلة العراق الأساسية هي الفساد وسعي الأحزاب إلى استثمار المال العام في خدمة مشاريعها السياسية والطائفية وبناء الميليشيات، وهو ما يضع أعباء إضافية على خطط الحكومة ويعيق تركيزها على مواجهة الفقر.
ووفقا لأرقام رسمية، فإن محافظة ميسان، في جنوب العراق، هي أكثر المحافظات بطالة بنسبة 17 بالمئة لكن الغريب، أن محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان، حلت في المركز الثاني بنسبة 16 بالمئة، فيما جاءت ذي قار والمثنى، في الجنوب، في المركزين الثالث والرابع، بنسبة بطالة بلغت في الأولى نحو 15 بالمئة وفي الثانية 14 بالمئة.
أما في معدلات الطلاق، فقد جاءت كركوك، الغنية بالنفط، أولا، تليها العاصمة بغداد.
ويعاني العراق من أعباء الحرب مع تنظيم داعش وآثار أسعار النفط المنخفضة التي طال أمدها منذ منتصف 2014.
وحافظت قوة إنتاج النفط على معدل النمو، لكن الاقتصاد غير النفطي شهد انكماشا حادا. ومازال 10 بالمئة من العراقيين يعانون التشرُّد والنزوح بسبب استمرار الاضطرابات، وفقا لأرقام البنك الدولي.
وتشير توقعات البنك الدولي بشأن آفاق العراق الاقتصادية في 2017، إلى أن “إجمالي الناتج المحلي سينكمش بنسبة 3 بالمئة في 2017 بسبب انخفاض متوقع نسبته 6 بالمئة في إنتاج النفط، نتيجة لاتفاق أعضاء منظمة أوبك في نوفمبر 2016 على خفض إنتاج النفط بمعدل 1.2 مليون برميل يوميا”.
العرب اللندنية