بينما تموج دول المنطقة بنزاعات وصراعات أرهقت الإقليم ومزَّقَت أوصاله وشتَّتت ثرواته وشرَّدَت أطفاله وشيابه وهجرت عقوله نتيجة تفشِّي قوى الشر والعنف والإرهاب والأدوار العبثية للدولة الإيرانية ذات المشروع التوسُّعي الطائفي الذي ينطبق عليه مفهوم الإرهاب بتقديمها المال والرجال والسلاح لأذرعها وميليشياتها الشيعية في الدول العربية (سوريا، العراق، لبنان، اليمن) على نحو هدّد السلم والأمن في الإقليم، دعت ورعت واستضافت المملكة العربية السعودية في العاصمة الرياض على مدى يومين متتالين 20-21/ 5 / 2017 ثلاث قمم بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأولى سعودية-أمريكية، الثانية خليجية-أمريكية، والثالثة عربية-إسلامية-أمريكية- هي الأولى من نوعها، بحضور 55 من قادة وممثلي الدول العربية والإسلامية. أجمعت القمم الثلاث، بخاصَّة القمة العربية-الإسلامية-الأمريكية، على مواجهة الخطرين الإرهابي والإيراني الذي تَسبَّب في كوارث قوَّضَت الأمن والسلم في الإقليم على نحو انعكس سلبًا على الأمن الدولي.
توقيت انعقاد القمة
ترجع أهمية هذه القمة التي وُصفت بالتاريخية إلى عدة زوايا، في مقدمتها التوقيت الدقيق التي تمرّ به المنطقة برُمّتها من العراق إلى سوريا فاليمن ثم لبنان، حيث الاقتتال الطائفي والتشرذم السياسي وتفشِّي “الجيل الرابع من الحروب” أو “الحروب اللا متماثلة” على المنظَّمات الإرهابية والميليشيات التي تنفّذ نفس ذات الأعمال الإرهابية في دولة من الدول حسب المفهوم الأمريكي، والتي يكون طرفا الحرب فيها جيشًا نظاميًّا لدولة، مقابل لا دولة أو عدو أو خلايا خفيَّة، بالإضافة إلى الأدوار الإقليمية، بخاصَّة إيران، والدولية، بخاصَّة روسيا، في تلك الملفّات، على نحو أدَّى إلى تعقيدها لكونها دول مطامع واستراتيجيات لتوسيع مناطق النفوذ وتوجيه دفة الأمور في المنطقة بما يتوافق وتلك الاستراتيجيات لتحقيق المصالح ولأن تكون رقمًا لا يمكن تجاوزه في المنطقة، وإن كان ذلك على حساب أرواح البشر وأمن واستقرار المنطقة، وهو ما دعا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تغيير توجهاتها الخارجية تجاه تلك الأدوار على شكل مغاير من الإدارة السابقة، فبادرت بضرب قاعدة الشعيرات الجوية ردًّا على هجوم النظام السوري الكيماوي بدعم إيراني، وكذا القصف العسكري الأمريكي للميليشيات الإيرانية في التنف بسوريا، وتعظيم الوجود من خلال قوات التحالف في العراق واليمن، لإيصال رسالة مفادها عودة الدور الأمريكي الريادي، وأن الولايات المتحدة لن تصمت ثانية تجاه تحرُّكات إيران وحلفائها وأذرعها، وهو ما جعل الأطراف الإقليمية والدولية تعيد حساباتها من ناحية، ويفرض وضعًا جديدًا مضطربًا من ناحية أخرى.
مكانة وثقل المملكة العربية السعودية
بجدارة أظهرت القمة “القوة الناعمة soft power للمملكة العربية السعودية” وأثرها ومكانتها لدى الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة كقائدة للعالَم الإسلامي وشريك استراتيجي هامّ ورَقْم في المعادلتين الإقليمية والدولية لا يمكن تجاوزه بحال من الأحوال، وفاعل إقليمي قوي يمتلك من الإمكانيات والقدرات ما يؤهِّله للعب دور سياسي هام في ظلّ الأوضاع المعقَّدة والبيئة الإقليمية المضطربة، بدلائل:
أولاً: القدرة على الحشد الدولي باستجابة 55 من قادة وممثلي تلك الدول -عدد سكانها قرابة 1.5 مليار- لحضور القمة (36 رئيسًا وقائدًا: السعودية وقطر والبحرين ومصر الأردن واليمن والمالديف وسلطنة بروناي وأذربيجان وتوجو والنيجر وإندونيسيا وموريتانيا وفلسطين وتونس والعراق وجزر القمر والجابون ومالي وبنين والسنغال وأوزباكستان وكازاخستان وأفغانستان وتشاد وغويانا وكوت ديفوار وطاجيكستان وبوركينا فاسو وغامبيا وغينيا وسيراليون وجيبوتي والصومال وليبيا، و5 من رؤساء الحكومات وأولياء العهود: الإمارات ولبنان وباكستان وماليزيا وبنجلاديش، و11 وزيرًا ومسؤولا ممثلون عن دولهم: تركيا والجزائر ونيجيريا وسويرينام وسلطنة عمان والسودان وقيرغيزستان والكاميرون وتركمانستان والمغرب وتركيا، و3 دول لم يُعرف حجم تمثيلها: ألبانيا وغينيا بيساو وأوغندا).
ثانياً: تخصيص رئيس أكبر دولة ثقلًا وقوةً وتأثيرًا على مستوى الوحدات الدولية في المجتمع الدولي، التي تصنَّف في سلم العلاقات الدولية وحقل العلوم السياسية بـ”العظمي” Super power لاستحواذها على المقدَّرات القومية (القوة المادية وغير المادية ومستوى التحديث)، وهو الرئيس الأمريكي، زيارتَه أو محطته الأولى للمملكة العربية السعودية، إشارة بالغة الأهمية والدلالة، فمن المعتاد لدي الرؤساء الأمريكيين بعد تولّيهم دفة الأمور الأمريكية اختصاصهم بعض الدول في العالَم الغربي في أمريكا الجنوبية أو بعض الدول الأوروبية بزيارتهم الأولى، ودلالة ذلك ثقل المملكة ومكانتها ودورها الإقليمي المؤثِّر في الملفَّات الإقليمية والقضايا الدولية ومكافحة الإرهاب وإرساء أواصر التعاون والاستقرار والأمن على الصعيدين الإقليمي والعالَمي، وفي دعم المشروعات التنموية والخدمية والإنسانية في الدول المجاورة والدول العربية والإسلامية والوقوف ضدّ المؤثرات والتحرُّكات السلبية التي من شأنها إشاعة الفوضى والاضطرابات في دول الإقليم والدول الإسلامية، بخاصَّة الأذى الإيراني الذي بات يهدِّد الأمن في الإقليم.
وقد أثبتت التجارب التاريخية استمرارية الأدوار التعاونية للدول واصطفاف الوحدات الدولية في المجتمع الدولي وراء الدول القائدة الهادفة إلى تثبيت وهيبة الوحدات الدولية، لا تقطيع أوصالها وإصابتها بالأذى والتمزق والتشتيت، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل بسيط لكنه غاية في الأهمية: هل بمقدور الدول ذات الأدوار السلبية التوسُّعية في الإقليم مثلًا باعتبارها وحدة دولية تتمتع بالصفة والأهلية القانونية وَفْق معايير القانون الدولي والأمم المتحدة حشد الدول العربية والإسلامية الدول المجاورة في الإقليم لمواجهة ما تعتبره -وَفْق منظورها- دول مواجهة أو منافسة لمشروعها التوسُّعي، بخاصَّة أن الدول التي أصابها الوباء الإيراني (العراق وسوريا واليمن ولبنان) لم تكُن نموذجًا فريدًا يحفظ الجسد السياسي والاقتصادي ويجعل تلك الدول الأربع نماذج تنموية مستقرة آمنة تُستدعى إذا ما ذكرنا الدور الإيراني، وإنما باتت دولًا ممزَّقة ينخرها الصراع الطائفي والتشرذُم السياسي بين مكوناتها السياسية، وأضحت ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية بأشكالها وألوانها كافَّة، سواء تَحدَّثنا عن تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش أو ظاهرة الذئاب المنفردة التي باتت ظاهرة جديدة في عالَم الإرهاب الذي يأخذ من الدول الممزَّقة صمامًا يمدّه بالدماء لديمومته واختلاف أشكاله وصورة.
أهمية القمة ورسائل ترامب
كذلك ترجع أهمية تلك القمة إلى “المساواة بين ما يفعله الإرهاب العالَمي والميليشيات الإيرانية”، يعكس ذلك مضمون كلمات المشاركين، بخاصَّة كلمتا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأمريكي، وربطهما بين الإرهاب والنظام الإيراني لكونهما وجهين لعملة واحدة هي العنف والتطرف وجلب الخراب والدمار، إذ أكَّد الملك سلمان أن الإسلام اعتبر قتل النفس قتلًا للناس جميعًا، ونبذ العنف والإرهاب أو القتل ضدّ أي إنسان بغَضّ النظر عن دينة وعِرْقة ولغته وانتمائه، رافضًا إلصاق التهم بالإسلام والمسلمين لكون مجموعة من المنتسبين إلى الإسلام، وهم المتحكمون في النظام الإيراني، يشوِّهون صحيح الدين بدعمهم الإرهاب في الدول المجاورة، بقوله: “بعض المنتسبين للإسلام يسعى لتقديم صورة مشوهة لديننا، كما يفعل النظام الإيراني والجماعات والتنظيمات التابعة له مثل حزب الله والحوثيين، كذلك تنظيما داعش والقاعدة، وغيرها”، مضيفًا: “هذه محاولات بغيضة لاستغلال الإسلام كغطاء لأغراض سياسية تؤجِّج الكراهية والإرهاب والصراعات المذهبية، وإن النظام الإيراني يشكِّل رأس حربة الإرهاب العالَمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم، وإننا في هذه الدولة منذ 300 عام لم نعرف إرهابًا أو تطرُّفًا حتى أطلّت ثورة الخميني برأسها عام 1979”.
وفي ما يتعلق بالتمسُّك الإيراني بالاستراتيجية التوسُّعية على حساب أمن الدول وسلامتها واستقرارها وانعكاسات ذلك على أمن دول الجوار الإقليمي، مقابل رفض مبدأَيْ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، قال الملك سلمان: “رفضَت إيران مبادرات حسن الجوار التي قدَّمَتها دول الخليج بحسن نية واستبدلت بذلك َالأطماع التوسُّعية والممارسات اِلإجرامية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ضاربة بالقانون الدولي عُرض الحائط ومخالفة مبادئ حسن الجوار والعيش المشترك والاحترام المتبادل، وقد ظنّ النظام في إيران صمتنا ضعفًا وحكمتنا تراجعًا حتى فاض بنا الكيل من ممارساته العدوانية وتدخلاته الطائفية”، مضيفًا: “نقول ذلك ونحن نؤكِّد في الوقت ذاته على ما يحظى به الشعب الإيراني لدينا من التقدير والاحترام، فنحن لا نأخذ شعبًا بجريرة نظامه”.
وفي ما يقارب الـ20 دقيقة التي استغرقها خطاب الرئيس الأمريكي في افتتاح القمة، انسجمت كلمته مع كلمة العاهل السعودي بربطة بين الإرهاب الدولي والممارسات الإيرانية لكونها تحضّ على العنف والتطرُّف والاقتتال الطائفي، ومن هنا تأتي العمليات الإرهابية الإجرامية، موجهًا رسالتين قويتين دارتا حول الأزمات التي تواجهها المنطقة، بخاصَّة العمليات الإرهابية الإيرانية وأتباعها من حزب الله وميليشياتها والقاعدة وداعش وغيرها:
الرسالة الأولى: الحرب الجديدة على الإرهاب
بعث بها ترامب إلى جموع القادة المسلمين في القمة، فاعتبر أن تلك اللحظة التاريخية التي شهدت واشنطن وهي تمد يدها إلى الدول الإسلامية، بداية النهاية للإرهابيين، وحاول ترامب خلال رسالته أن يصحِّح الصورة المغلوطة عن العلاقة بين الإسلام والإرهاب بسبب استغلال الجماعات الإرهابية الدين ستارًا لجرائمها، فقال إن أكثر من 90% من ضحايا الإرهاب مسلمون، مشدِّدًا على أن هذه المعركة ليست بين الديانات والطوائف المختلفة بل ضدّ الإرهابيين الذين يريدون الموت والخراب، قائلًا: “علينا الوقوف معًا لمواجهة قاتلي المسلمين ومضطهدي اليهود وذابحي المسيحيين”.
الرسالة الثانية: إلى إيران.. الغائب الحاضر
فعلى الرغم من أن إيران لم تُدعَ لحضور القمة الإسلامية فقد كانت العنوان الأساسي الذي سيطر على كلمة الرئيس الأمريكي بعد قضية مكافحة الإرهاب، بقوله: “النظام الإيراني هو الممول الأساسي للإرهاب الدولي”، مشيرًا إلى أنه يغذِّي الكراهية في منطقة الشرق الأوسط كلها ولا سيما في سوريا والعراق واليمن على نحو يصنع ويجلب الإرهاب وتفشِّي العمليات الإرهابية واستهداف الأبرياء”، وبتحميله السلطات الإيرانية مسؤولية الأزمات وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها”، قائلًا: “إن إيران تدرِّب وتسلِّح الميليشيات في المنطقة، وكانت لعقود ترفع شعارات الموت للولايات المتحدة وإسرائيل وتتدخل في سوريا، وبفضلها يواصل الأسد بقاءه في منصبه ويواصل جرائمه”، واضعًا استراتيجية يمكن من خلالها القضاء على الإرهاب.
استراتيجية ترامب للقضاء على الإرهاب
1- تصنيف المنظَّمات التي تقوم بأعمال إرهابية كمنظَّمات إرهابية مثل حزب الله اللبناني.
2- امتداد السيادة والحماية على أراضي الدول كافة وضمانة أن لا يجد الإرهابيون ملاذًا آمنًا فيها.
3- قطع قنوات التمويل لتنظيم داعش الإرهابي، وطرق تصريف التنظيم الإرهابي للنفط، للحصول على أموال لتجنيد مقاتلين جدد، وفى هذا الإطار أشاد بتجميد دول الخليج للجماعات الإرهابية، ووضع حزب الله على قائمة التنظيمات الإرهابية، داعيًا إلى التوحُّد خلف هدف واحد هو هزيمة الإرهاب والتطرف.
4- العمل الجماعي المشترك العربي-الإسلامي-الأمريكي لتطويق وعزل النظام الإيراني لتقديمه الدعم والملاذ الآمن للإرهابيين والمكانة الاجتماعية اللازمة للتجنيد، فمن سوريا إلى لبنان إلى العراق فاليمن، تقوم إيران بتمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين والميليشيات والجماعات المتطرفة الأخرى التي تنشر الدمار والفوضى في الدول الأربع، لا سيما في سوريا، حيث ارتكب النظام السوري بدعم إيراني جرائم إبادة بشرية باستخدام السلاح الكيماوي المحظور ضدّ الأبرياء، ممَّا دعا واشنطن إلى اتخاذ إجراءات حازمة بإطلاق 59 صاروخًا من طراز توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية.
وحاول الرئيس الأمريكي الفصل بين النظام الإيراني والشعب الإيراني الذي ليس بيده قراره، فقال: “الشعب الإيراني هو أكثر مَن عاش المعاناة تحت قيادة هذا النظام الإيراني، وبالتالي على إيران الاختيار بين العزلة والدخول في المنظومة العالَمية”، وفي السياق ذاته قال وزير خارجيته ريكس تيلرسون في أثناء حواره الصحفي مع نظيرة السعودي السفير عادل الجبير يوم 2017/5/22: “لا بد من تنسيق الجهود لمكافحة دعم إيران للمقاتلين الأجانب والمليشيات الموجودة في اليمن والعراق وسوريا”، مضيفًا: “ما أرجوه هو أن يستخدم روحاني فترة رئاسته الجديدة لإنهاء دعم إيران للإرهابيين وقوى زعزعة الاستقرار، كما نرجو أن ينهي اختبارات الأسلحة الباليستية وأن يعيد حقوق الإنسان لشعب إيران”، مشددًا على أنه إن أراد روحاني تغيير علاقة دولته مع العالَم، فلا بد أن يعمل على إنهاء حملة طهران لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
شراكة جديدة ضدّ المشروع الإيراني
وما ذُكر من بنود في البيان الختامي للقمة في ظلّ الإجماع الدولي غير المسبوق لدى الوحدات الدولية يُعتبر “فرملة حقيقية” و”نقطة توقُّف” للمشروع الإيراني وأذرعه الطائفية في المنطقة، إذ أجمع المشاركون القادة ورؤساء الوزراء والوزراء من 55 دولة عربية وإسلامية على بناء “شراكة جديدة” بين قادة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأميركية لمواجهة التطرُّف والإرهاب بألوانه وأشكاله وصوره كافة، ومن بينها ما اتفقوا على تسميته بـ”الإرهاب الإيراني” شديد الخطورة على السلم والأمن الإقليميين والدوليين معًا لمخالفته مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، مؤكّدين الضرورة الاستراتيجية للتصدي له من خلال “الاتحاد والاندماج العربي-الإسلامي-الأمريكي” واتخاذ خطوات عملية جادَّة لإجهاض المخطَّطات الإيرانية ووقفها وتحجيمها، ثم بترها لكونها أتت بمنطقة مجزأة متصارعة أصبحت ملاذًا آمنًا وتربة خصبة للإرهاب الدولي، ويعكس التزام القادة بما يلي:
1- محاربة الإرهاب بكل أشكاله والتصدي لجذوره الفكرية وتجفيف مصادر تمويله، واتخاذ التدابير اللازمة كافَّةً لمنع ومكافحة الجرائم الإرهابية بالتعاون الوثيق بين دولهم.
2- إعلان نية تأسيس “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض”، الذي سيشارك فيه عديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالَم، وسوف يُستكمل التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018.
3- تبادل المعلومات الهامة حول المقاتلين الأجانب وتحرُّكاتهم في التنظيمات الإرهابية، والجهود التي تبذلها لمكافحة التطرف والإرهاب، وشدَّدُوا على أهمية الإجراءات المتخَذة بهذا الشأن، وذلك بالتوازي مع التقدُّم نحو التوصُّل إلى تسوية سياسية للصراعات، معربين عن ارتياحهم للعمل مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي للتصدِّي للمنظَّمات الإرهابية التي تسعى لخلق فراغ سياسي في اليمن.
4- المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضدّ المنظَّمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة.
5- نبذ الأجندات الطائفية والمذهبية لِمَا لها من تداعيات خطيرة على أمن المنطقة والعالَم، والرفض الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزِعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالَم، ولاستمرار دعمه للإرهاب والتطرُّف.
6- تكثيف الجهود للحفاظ على أمن المنطقة والعالَم، ومواجهة نشاطات إيران التخريبية والهدامة بكل حزم وصرامة داخل دولهم وعبر التنسيق المشترك، وخطورة برنامج إيران للصواريخ الباليستية، وخرق النظام الإيراني المستمرّ لاتِّفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
رسائل القمة الإسلامية-الأمريكية
القمة بعثت برسائل قوية جدًّا إلى كل من: إيران حكومة وشعبًا، وحلفائها كروسيا وغيرها، وميليشياتها الشيعية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، بأن تغييرًا حقيقيًّا في مواقف الوحدات الدولية العربية والإسلامية والأمريكية التي تعكس إجماعًا دوليًّا كبيرًا يمثل ما يقارب 30% من إجمالي عدد الوحدات الدولية بعدد سكان يقترب من ثلث سكان العالَم:
1- بالنسبة إلى إيران: على النظام السياسي الإيراني وقف مخطَّطاته ومشاريعه التوسُّعية ووَقْف دعمه لأذرعه الشيعية وميليشياته الطائفية لعودة الأمور إلى نصابها بعودة الأمن والسلم للإقليم ودوله كافة، فعلى الأرض مواقف جادة وتحركات حقيقية وتحالفات تتشكل ومراكز فكر ترصد وضربات عسكرية للأذرع الإيرانية وللنظام السوري، بخاصَّة في سوريا واليمن، ولم يكُن ذلك عن أذهاننا ببعيد، إذ اتبع الرئيس الأمريكي سياسة واضحة تجاه إيران وحزب الله اللبناني -أبرز الأذرع الشيعية لطهران في المنطقة- تتناقض تمامًا مع سلفه باراك أوباما، فهاجم الاتِّفاق النووي الإيراني الذى وقّعته مع طهران والدول الخمس الكبرى، بل وهدد بإلغائه، كما أبدى موقفًا واضحًا من حزب الله، تَمثَّل في ما يعده الكونغرس الأمريكي حاليًّا من قانون جديد يغلِّظ العقوبات على الحزب الشيعي لتجفيف مصادر تمويله، في ضربة موجَّهة في الأساس إلى حليفه طهران، كما وجَّه الرئيس الأمريكي بضربة عسكرية 59 صاروخًا إلى قاعدة الشعيرات الجوية ردًّا على استخدام النظام السوري بدعم إيراني أسلحة كيماوية في خان شيخون في مارس 2017، ليس ذلك فقط بل استهدفت القواتُ الجوية الأمريكية بغارات جوية الميليشياتِ الشيعية الإيرانية قرب قاعدة التنف العسكرية قُبيل انعقاد القمة الإسلامية الأمريكية. هذه الضربات التي اربكت الجانب الإيراني وجعلته يعيد حساباته ويعيد النظر في نقاط تمركزه ومخطَّطاته في سوريا نحو الثبات أو التقوقع لا التوسُّع.
2- بالنسبة إلى الميليشيات الشيعية: هذه الميليشيات وإن كانت تأتمر بأمر المرشد الإيراني فإنها ستعيد حساباتها ألف مرة في التحركات وتنفيذ المخطَّطات على نحو يُضعِف من تنفيذها ثم وقفها لكونها المتضرر المباشر من الضربات الأمريكية، وإذا ضُيّق الخناق أكثر وأكثر عليها من خلال تكثيف الضربات العسكرية الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، فمن المتوقع تأجيل أنشطتها لاستبيان المواقف الجديدة والموقف الإيراني في ظل الضغوط الإقليمية والدولية الجديدة.
3- بالنسبة إلى روسيا: رسالة سياسية قوية تصل إلى روسيا بأن الشراكة مع إيران ودعم النظام الإيراني الذي وصفته القمة بالنظام الذي يمارس أعمالًا إرهابية مخالفة للقانون الدولي ومبادئه من شأنه الإضرار بعلاقة روسيا أكثر وأكثر بالدول العربية والإسلامية، ناهيك بتعزيز الخلافات مع الولايات المتحدة التي تمثل أهمية قوية لروسيا، وهو ما يتبلور في اقتصار الموقف الروسي من الضربات الأمريكية في سوريا واستهدافها الميليشيات الإيرانية على الإدانة والانتقاد في تصريحات، ولم تُقدِم على تحريك سياسات تدخُّلها في تعميق الخلافات مع الولايات المتحدة، بخاصَّة والمشروع الروسي في سوريا يختلف عن الإيراني، ناهيك بغياب الثقة بين الجانبين الإيراني والروسي، ولا تعكس المشروعات التعاونية بين الجانبين دخول شراكة استراتيجية، بل تحالف ضرورة.
نتائج القمة الإسلامية-الأمريكية:
» إجماع دولي على مفهوم “الإرهاب الإيراني” واعتبار أنه ليس فقط من ينفّذ، بل من يمول الإرهاب بكل أشكاله وصورة، بما في ذلك الميليشيات المسلَّحة في سوريا والعراق واليمن ولبنان، إرهابًا دوليًّا يجب مواجهته ومكافحته بشتى السبل.
» بدء خطوات عملية لمكافحة الإرهاب بكل صورة وتجفيف مصادر تمويله ومنابعه بما فيها الإرهاب الإيراني من خلال بعض الآليات العملية، مثل:
• إنشاء المركز العالَمي لمكافحة التطرُّف “اعتدال” ثمرةً للتعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدِّي إلى الإرهاب، العدو الأول المشترك للعالَم، إذ قام على تأسيسه عدد من الدول، اختارت الرياض مقرًّا له ليكون مرجعًا رئيسيًّا في مكافحة الفكر المتطرف، من خلال رصده وتحليله، للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظَّمات لنشر وتعزيز ثقافة الاعتدال.
• إعلان النِّيَّات بتأسيس “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض”، الذي سيشارك فيه عديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالَم، وسيُستكمَل التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018.
• التزام الدول المشاركة في توفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضدّ المنظَّمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة.
» هذه القمة وما يترتب عليها من تحرُّكات عمليه في الإقليم كالتحركات العسكرية وضرب الميليشيات الشيعية الإرهابية من شأنها وقف المخطَّطات الإيرانية وعودة الأمور إلى نصابها وعودة الدول العربية التي تعبث فيها إيران إلى هُوِيَّتها العربية.
واليوم يقف النظام الإيراني بين شِقَّي رحى، أحدهما من الاضطرار إلى تسليم مقعد رئاسة الجمهورية للتيار الإصلاحي، والآخر من القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي استبعدت إيران من الوجود في داخلها لكونها -وَفْقَ تصريحات وزير الخارجية الأمريكي- “جزءًا من المشكلة”، وبين هذا وذلك سيحمل المستقبل مزيدًا من الضغوط الدولية، بخاصَّة الأمريكية، في اليمن وسوريا، والإقليمية على إيران لوقف تأجيجها الصراعات في الشرق الأوسط، بوقف الدعم الطائفي للشيعة في بؤر التوتُّر.
المصدر|مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية