ازدادت حدة الصراع بين الجيش السوري الحر المدعوم من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وبين الحرس الثوري الإيراني ومليشياته اللبنانية والعراقية والسورية (قوات الأسد) المدعومين من القوات الروسية من جهة أخرى.
وزادت احتمالات وقوع اشتباكات مباشرة بين الجانبين، التحالف الدولي يركز على قطع الطريق بين المليشيات العراقية الشيعية ونظيرتها في سوريا، وأكد ناشطون ميدانيون أن التحالف لا يريد ان يكون هناك اتصال جغرافي بين قوات الأسد والمليشيات الشيعية في سوريا والقوات الحكومية في العراق، وأنه سيمنع ذلك الإتصال بكل الطرق المتاحة ومنها العسكرية.
ورغم حرص قوات التحالف الدولي على تركيز معاركها والقوات التي يدعمها على قتال تنظيم الدولة وأن تكون المعارك باتجاه مدينتي البوكمال ودير الزور، إلا أن المليشيات الإيرانية والقوات الموالية لها حاولت التقدم نحو مناطق القوات المدعومة من التحالف كقوات مغاوير الثورة([1]) وهاجمتها بالقرب من معبر التنف الحدودي، الأمر الذي اضطر التحالف الدولي للرد وقصف المليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والقوات التابعة للأسد.
عمليات طريق الشرق
المخطط الإيراني أصبح واضح المعالم، فإيران تبحث عن "الهلال" أو "البدر" الشيعي، ولهذا فالحرس الثوري الإيراني يسعى لفتح "طريق بري" لربط قواته وقواعده العسكرية في إيران بمليشياته الإرهابية في سوريا ولبنان عبر العراق وصولا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وكشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن إيران غيرت مسار الممر البرى الذي تهدف إلى توصيله إلى ساحل البحر المتوسط بعد مخاوف المسؤولين الإيرانيين بأن الحضور العسكري الأمريكي المتزايد فى شمال شرق سوريا جعل المسار الأساسى غير قابل للتنفيذ.
وهذا الأمر الذي جعل إيران تنظر لطريق "البعاج – دير الزور – الميادين – السخنة – تدمر" كطريق آخر بديل، وليد المعلم وزير الخارجية السوري أكد أن "للبادية الشامية أولوية في معارك الميدان" وأن الهدف الأساسي الآن هو التوجه للوصول إلى دير الزور، وقد أطلقت الاستخبارات الإيرانية على هذا الطريق الجديد اسم "طريق الشرق".
في حين قال زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" في العراق إن منظمته ماضية في مشروعها لإقامة ما سماه البدر الشيعي وليس الهلال الشيعي، وأنه بظهور من وصفه بصاحب الزمان، وهو الإمام الثاني عشر الغائب عند الشيعة، فإن قواتهم "ستكون قد اكتملت بالحرس الثوري في إيران وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن وعصائب أهل الحق وإخوانهم في سوريا والعراق"، وفق تعبيره.
المليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، أطلقت عمليتين عسكريتين متزامنتين، كانت الأولى على الجبهة السورية في منطقة شرق محافظة السويداء وحقق خلالها تقدماً في البادية الشامية، في الوقت الذي كان فيه الجيش العراقي والحشد الشيعي يطلقون عملية عسكرية للسيطرة على صحراء الأنبار ومنطقة الكيلو ١٦٠ وشمال بحيرة القادسية، والتي سبقتها عملية عسكرية في الصحراء الجنوبية للرطبة وعمليات أخرى باتجاه منفذ طربيل الحدودي.
موقف التحالف الدولي
التحالف الدولي هدد بأنه سيستهدف القوات والمليشيات التابعة للأسد وإيران إذا وقفت أمامه أو أمام قوات مغاوير الثورة والفصائل الأخرى التي يدعمها، وقد أكدت حسابات تابعة للقيادة المركزية الأمريكية أن قوات الأسد و"حزب الله" اللبناني والمليشيات الإيرانية تواصل عرقلة جهود قوات التحالف، وأن التحالف الدولي سيستهدف من يحاول تقويض جهوده وأنه "سيدافع عن القوات الشريكة" في إشارة منه للفصائل السورية المعارضة التي يدعمها.
حشود مضادة
وقد وصلت قوات نرويجية وأمريكية إلى معبر التنف السوري من العراق، والتحقت بقوات تواجدت هناك مُنذ نيسان/أبريل، بأعداد غير معروفة من البريطانيين والتشيك والألمان والهولنديين، إضافة إلى نحو مئة جندي أمريكي لمساندة فصائل سورية تنوي التقدم نحو مناطق البو كمال ودير الزور ".
ويقع معبر التنف الحدودي بين سوريا والعراق وملاصق للحدود الأردنية ويقابل المعبر من الجهة العراقية معبر الوليد الذي يقع تحت سيطرة "داعش"، وتتبع بلدة التنف لناحية تدمر الواقعة ضمن محافظة حمص. وكان "جيش سوريا الجديد" المدعوم من قبل غرفة العمليات العسكرية في الأردن تمكن من السيطرة على المعبر في مارس/آذار من العام الماضي.
في حين كشف تقرير مصور لموقع Russia Insider مشاركة روسية في العمليات العسكرية، ويظهر في التقرير مروحيات روسية من طراز Mi-35 وقاذفات صواريخ حرارية من طراز TOS-A1 وتشكيلات قتالية لقوات الأسد والمليشيات الشيعية متعددة الجنسيات خلال عمليات التقدم باتجاه معبر التنف الذي أكدت مصادر الموقع أن القوات باتت على بعد ٢٠ كلم منه.
رد الجيش السوري الحر
"أبو الفداء الكمالي" القيادي في قوات "مغاوير الثورة" أشار إلى أن "تحركات قوات الأسد والميليشيات الشيعية باتجاه منطقة التنف شكلت عاملًا جديدًا في تغيير الخطة الأمريكية، التي ستركز على تحييد قوات النظام والقوات المساندة لها، ومنعها من الدخول في مناطق الاشتباكات، أو الوصول إلى منطقة التنف والعمل على تجنُّب الدخول في مواجهات مفتوحة معها، للتفرغ لقتال تنظيم الدولة والسيطرة على البو كمال"، وأكد أن حالة من الاستنفار تسود مخيم الركبان قرب معبر التنف السوري، لصدِّ هجوم متوقع على المخيم من قبل قوات الأسد وفصائل تابعة لميليشيات "الحشد الشعبي" العراقي.
وقال الكمالي لـ"القدس العربي" إن قوات من "مغاوير الثورة" انتشرت مُنذ السابع من أيار/مايو، برفقة قوة أمريكية قرب حاجز الظاظا للسيطرة على الطريق البري من مطار السين في القلمون الشرقي إلى منطقة الـتنف، ومنـع تقـدم قوات النظام وعناصر حركة الإبدال الشـيعية العـراقية المسـاندة لها.
في حين بيّن قائد أسود الشرقية بأن أشار النظام يسعى للسيطرة على أوتوستراد دمشق- بغداد لتأمين خط بري يربط بغداد بإيران وببيروت، ونحن “لدينا معلومات بأن هناك اتفاقا إيرانيا – روسيا مع النظام لتأمين أوتوستراد دمشق- بغداد، لخلق الخط البري لإيران، لتوصيل الميليشيات العراقية واللبنانية من خلال هذا الطريق، مقابل تقدم روسي باتجاه دير الزور للسيطرة على آبار النفط، وتقدم الروس والنظام من جهة مدينة تدمر باتجاه السخنة لفتح طريق بري دير الزور”.
وعن دور الجيش السوري الحر في منع إقامة الطريق البري بين إيران ولبنان، أوضح سلامة أن “القوات الثورية المتواجدة في المنطقة -ممثلة بقوات الشهيد أحمد عبدو، ومغاوير الثورة بقاعدة التنف، وأسود الشرقية- تبذل قصارى جهدها لمنع تحقيق المخطط، إذ قامت هذه التشكيلات بوضع حواجز على أوتوستراد دمشق-بغداد، لقطع تمدد قوات الأسد والميليشيات والتي كانت تخطط لعملية مداها 160كم، حققت منها 60كم فقط”.
موقف الأردن
وقد رفضت الأردن أن تكون إيران أو أي من الميليشيات الشيعية التي تأتمر بأمرها جارة لها، وأكدت أن مثل هذا الأمر سيؤدي إلى تدخل عسكري للأردن في سوريا على أن شكل هذا التدخل سيقتصر على قيادة دفة المعركة وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري فيما ستتولى فصائل الثورة السورية مهمة القتال، وقد أنهت الأردن مناورات الأسد المتأهب التي جرت في منطقة قريبة من الحدود الأردنية العراقية السورية شارك فيها نحو 7200 جندي من أكثر من 20 دولة بينها الولايات المتحدة وحلفاء عرب.
الملك الأردني في حوار له مع "واشنطن بوست" حذر موسكو، من "أن مجيء لاعبين آخرين، من تنظيمات وغيرها، إلى حدودنا لن يتم التهاون معه".
رسائل بلدان التحالف الدولي لخامنئي والأسد واضحة، وهي أن التواجد أو التقدم في منطقة المثلاث الحدودي العراقي – السوري – الأردني من الخطوط الحمراء، وسيستدعي الرد بشكل سريع.
[1] "جيش مغاوير الثورة" مدعوم من قبل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة وقد تشكل في نهاية العام المنصرم، حيث انبثق عن "جيش سوريا الجديد"، والذي يضم بمعظمه مقاتلين من أبناء العشائر العربية.