الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

التسلط الإيراني على النفط العراقي

في العمق - عبد القادر نعناع | Tue, May 23, 2017 2:18 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

أكد تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية، ومقره لندن، أن إيران تستنزف بشكل كبير حقول النفط العراقية المجاورة لها، حيث جاء فيه أن إيران تستنزف من نفط العراق ما يبلغ 130 ألف برميل يومياً من أربعة حقول عراقية هي: حقول دهلران ونفط شهر وبيدر غرب وأبان، في حين أن حجم التجاوزات الإيرانية لحقول الطيب والفكة وأجزاء من حقل مجنون بلغ قرابة ربع مليون برميل يومياً، مقدراً أن حجم التجاوزات الإيرانية للنفط العراقي تصل قيمته 17 مليار دولار سنوياً أي قرابة 14% من إيرادات الدولة العراقية التي كانت ستصب في مصلحة المواطن العراقي، وأشار التقرير إلى أن استغلال إيران لحقول النفط العراقية بالإضافة إلى عمليات التهريب ساهمتا في التخفيف من حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على تصدير النفط الإيراني حيث أن كميات النفط المسروقة يعاد تصديرها للعراق مرة أخرى بسعر السوق، وذلك بعد أن يعاد تصنيعها على شكل مشتقات نفطية، أو على شكل طاقة كهربائية، وأشار التقرير إلى تآمر الحكومة العراقية مع الإيرانيين في هذا الأمر حيث كشف عن تعمد وزارة النفط الحالية إهمال تركيب عدادات إلكترونية خاصة لقياس كميات النفط المستخرجة والمصدرة عن طريق الأنابيب كما أنها ترفض تطبيق نظام المراقبة الالكترونية عبر الأقمار الصناعية على توزيع المشتقات النفطية.([1])

ويبدأ الطريق الرئيس للتهريب من العراق إلى إيران بمحطة “خور الزبير” النفطية والتي يتلاقى فيها الجزء الأكبر من نفط الجنوب العراقي، ويقوم المهربون بصنع ثقوب في خط الأنابيب بمحطة النفط وشحن حاويات من النفط إلى زوارق صغيرة، ويتم تصنيع الزوارق محليّاً في مدينة البصرة؛ وهي تحمل عادة ما بين 70 إلى 120 برميلاً من النفط الخام، ومن هناك، تُحمّل الزوارق الخام عبر الممر المائي في “خور الزبير” خروجاً إلى الخليج العربي؛ حيث يتم تحميلها إلى صهاريج متجهة نحو إيران، وتحدث السرقات أيضاً على طريق التهريب بالقرب من شبه جزيرة الفاو، حيث يصنع المهربون ثقوباً في خطوط الأنابيب الممتدة تحت سطح الأرض باستخدام معدات ثقب هيدروليكية لتجنب الحرائق، ويتسرب الكثير من النفط إلى بحيرات صناعية في المنطقة، حيث تأتي الصهاريج لتحميله، ويمكن نقل الخام بالزوارق من جزيرة الرصاص وحتى نهر “بهمن شير” (أحد روافد نهر كارون) إلى مصفاة عبادان في إيران للتصنيع والتصدير، وتحدث عمليات تهريب النفط كذلك على طول النهر المعروف باسم “شط العرب” إلا أنها أقل شيوعاً بكثير نظراً للطبيعة الخطرة للممر المائي وعمليات المراقبة المتزايدة على طول الطريق، وتستخدم الزوارق العراقية عالية السرعة للمرور على طول “شط العرب” إلى المياه الإقليمية الإيرانية لتفريغ حمولتها؛ إلا أن هذا المسار عالي التكلفة نظراً لعدد الرشاوي اللازم دفعها على طول الطريق.([2])

إن الشخصية الإيرانية الرئيسة التي تتحكم في شبكات نفط البصرة هو الجنرال “قاسم سليماني”، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ويلعب سليماني دوراً رئيساً في شراء الولاء في البصرة وباقي أنحاء الجنوب باستخدام عائدات النفط المسروق، ويتم إيداع معظم الأموال في فروع لمصارف مملوكة للحرس الثوري الإيراني في العراق، وتتولى شبكة سليماني مهام تهريب السلاح إلى العراق، وتهريب النفط إلى إيران، وكذلك جمع وتوزيع عائدات النفط، بالإضافة إلى اختطاف (أو اغتيال) شخصيات مناهضة لإيران جنوبي العراق.([3])

وفي ظل التطورات القائمة، عززت إيران من وجودها العسكري الاحتلالي جنوب بغداد، وخاصة حول المنابع النفطية، خشية تغيرات جيوسياسية تطال العراق، بحيث تضمن في حال حدوث تلك التغيرات، هيمنتها على الجنوب العراقي، سواء بشكل احتلالي مباشر، أو عبر خلق كيان شيعي مستند إليها.

الحدود الأيديولوجية النفطية:

منذ أن تحرك ثوار العشائر عسكرياً في شهر حزيران/يونيو 2014، لإسقاط حكومة المالكي، بدأت حدود جديدة ترسم داخل المشرق العربي ككل، شرعنتها الأوضاع القائمة في سورية والعراق، إذ سارع أكراد العراق إلى فرض هيمنتهم على غالبية محافظة كركوك عسكرياً، والتمهيد لاستقلال إقليمهم بعد أن تم لهم ذلك، وبعد وصله جغرافياً بالمنطقة الكردية شرق سورية، والتي فرض الأكراد فيها منذ بداية الثورة، هيمنتهم على منابع النفط السورية فيها، وتتوالى التصريحات والإجراءات الكردية، بالتنسيق مع إيران والولايات المتحدة معاً، للحصول على اعتراف إقليمي ودولي بالدولة الوليدة، بعد أن أتمت سيطرتها على غالبية المناطق التي تطالب بها تحت ذرائع إثنية تاريخية، ذات مخزون نفطي كبير، قد تنساق في المستقبل القريب إلى أكراد شرق سورية.

ذات الأمر ينساق على جنوب العراق، حيث عززت إيران من هيمنتها العسكرية عليه، للمحافظة على منابع النفط -كما مر سابقاً-، بما يوحي بإمكانية تحويله إلى دولة شيعية مستقلة، في حال عدم القدرة على قمع الثورة من جهة، وعدم القدرة على إزالة ما بات يعرف بالدولة الإسلامية لتنظيم داعش.

*كاتب وباحث سوري

المصدر| مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

[1] “إيران تسرق نفط العراق”، مركز التأصيل للدراسات والبحوث، 12/12/2013، في:

http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=3711&mot=1

[2] “الإخطبوط الإيراني واستنزاف نفط العراق 1″، تقرير مركز ستراتفور للأبحاث، ترجمة: شيماء نعمان، 13/2/2012:

http://www.islammemo.cc/Tkarer/Takrer-Motargam/2012/02/13/143971.html

[3] “الإخطبوط الإيراني واستنزاف نفط العراق 2″، تقرير مركز ستراتفور للأبحاث، ترجمة: شيماء نعمان، 13/2/2012:

http://www.islammemo.cc/Tkarer/Takrer-Motargam/2012/02/13/143972.html

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت