الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)) سورة الحج
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) [البقرة: 251] يَقُولُ: " يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الشَّهَادَةِ، وَفِي الْحَقِّ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يَقُولُ: لَوْلَا هَذَا لَأَهْلَكْتُ هَذِهِ الصَّوَامِعَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا "
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مكة قَالَ أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن القوم! فنزلت أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا الآية. وكان ابن عباس يقرأها أُذِنَ قَالَ أبو بكر: فعلمت أنه سيكون قتال. قَالَ ابن عباس: وهي أول آية نَزَلَتْ في القتال( تفسير بن أبي حاتم ).
فالتدافع بين الحق والباطل أمر كوني لا ينتهي ما دامت السموات والأرض لا يمنعه انتكاسة الأمة تحت أقدام الغرب أو الشرق بدعوى السلمية أو قبول الحوار أو منع إراقة الدماء فيما يعرف بمنظمات المجتمع الدولي التي في حقيقتها ما هي إلا منظمات لمسخ حقيقة معايشة الأمة كطرف صاحب حق وهو أنها أمة الشهادة على الناس في واقع الحياة. فلو حملت الأمة جميع الريات البيضاء التي يصنعها العالم لن يخرج بها الى مظلة عدم التدافع بالحق مع أهل الباطل الخالص حتى تكفر الأمة وتعلن تمام إنسلاخها من دينها ومن شريعة ربها ومن مفردات وضوابط الولاء والبراء والنصرة لإهل الإسلام خلال مراحل التدافع المتنوعة والمتعددة.
وقال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218)) سورة البقرة
قال أبو جعفر الطبري: يعني تعالى ذكره: ولا يزال مشركو قريش يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن قدروا على ذلك.
وعن عروة بن الزبير - في قول الله عزوجل – "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا"، أي: هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غيرُ تائبين ولا نازعين = يعني: على أن يفتنوا المسلمين عن دينهم حتى يردُّوهم إلى الكفر، كما كانوا يفعلون بمن قدروا عليه منهم قبل الهجرة.
ثم في الآية التالية بين الله عزوجل دلالة الإيمان وهو الهجرة في سبيل الله والجهاد في سبيل الله وهذا من مقتضيات رجاء رحمة الله عزوجل الغفور الرحيم.
فكما أن الرحمة الربانية دائمة لا تنقطع فرجاء المؤمن قائم ببقاء الإيمان معه ومكر الكافر لصد الأمة عن الملة قائم لا ينتهي فالتدافع أمر سنني ثابت وليس مخصص بزمان نزول القرآن قال تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)) سورة البقرة
قال أبو جعفر: في قول الله عزوجل : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) ، وليست اليهود، يا محمد، ولا النصارى براضية عنك أبدا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم. ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم، لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهوديا نصرانيا، وذلك مما لا يكون منك أبدا، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة. وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل. وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجمع الخلق إلى الألفة عليه سبيل، .انتهي كلام الطبري.
فورث حملة المنهج اليهودي والنصراني وما تم اشتقاقه منهما بمكر النفاق وفعل المدرسة السبئية مثل ميلاد فكرة الرافضة أو الباطنية هذا الكيد الذي لا ينتهي.
وهنا تتضح معالم مشاريع الباطل وهي :
الأول : المشروع الصهيوني
الثاني : المشروع الصليبي
الثالث : المشروع الصفوي الوليد من خلال فكرة الغلو التي صنعها ابن سبأ اليهودي مستعير فكرتها من النصرانية حين غالت في شخص المسيح عليه السلام.
اجتمعت هذه المشاريع الثلاث وحددت هدفها أو رؤيتها وهي:
1- صد الناس عن الدين الحق
2- قتال أهل الإسلام لتحقيق الرؤية الأولى
3- اتخاذ بعضهم لبعض ظهيراً من أجل تحقيق الأولى واستعمال القتال لفرض المنظومة الفكرية للمشاريع الثلاث.
فكر الصهيونية وأداتها المعاصرة وهي منظومة الماسونية أو العلمانية التي تسعى جاهدة لفصل الدين عن الحياة وبدايتها فصل الدين عن الدولة باعتماد فكرة الشيطنة لكل دعاة الشريعة ووصفهم بأوصاف منفرة منها:
- الأصولية
- التطرف
- الظلامية
- الغلو والتشدد
- الإرهاب
حين استطاعوا استثمار دعاة الاستعجال والتسرع وهجر المراحل السننية في الدعوة لتوظيف حماس الشباب من أجل تفجير العمل الإسلامي السني من بعيد وجعل كل ماحل العمل للإسلام تصبح وكأنها عمل على دفع الإسلام الى المراحل الخلفية أمام كيد المشاريع الشيطانية الثلاث
منهج أهل المشاريع الثلاث في العمل على أرض الواقع :
تحديد الهدف وهو صد الناس عن الدين
تحديد الوسيلة وهي كل الوسائل متاحة من أجل الوصول لهذا الهدف ومنها أعظم وسيلة وهي محرقة العقل العربي أو العقل المسلم بآليات منها :
تسميم العقل العربي
تسطيح العقل العربي
تغريب العقل العربي
تغييب العقل العربي
اختزال العقل العربي
تجريف العقل العربي
ينتج من هذه الوسائل عدة مصائب كبرى أعظمها الآتي:
- مسخ التصور العقلي السليم لحقيقة الدين أو مفاهيم التدين أو رموز الأمة وخاصة العلماء
- تربية جيل من الدهماء لا يقدر على تمييز الحق الخالص وهو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : وقل الحق من ربكم .. فالحق مصدره رب العزة تبارك وتعالى
- جهل الأجيال المسلمة بمنهج المقاومة الرباني لهذه المشاريع الشيطانية الثلاث سواء مشروع بني صهيون أو مشروع الصليبية العالمية أو مشروع بني صفوي الخميني المعاصر السبئي المنشأ
وأخطر وسيلة يقوم عليها أهل المشاريع الشيطانية هي :
- صناعة المسافات البينية بين أهل الإسلام عامة وأهل السنة والجماعة خاصة من خلال الطرق بمطارق الولاء والبراء على زوايا الرؤية للأحداث المعاصرة حتى تصبح كل رؤية سياسية لحزب معين أو جماعة سنية معينة هي بعينها هي الدين التي ما عاداها ليس بإسلام ومن ثم تتسع المسافات البينية بين شركاء اهل السنة والجماعة
- استغلال المسافات البينية بين الفصائل الإسلامية وخاصة في مناطق العمل الإسلامي صاحب الصبغة المسلحة كما هو الحال في العراق والشام حال المدافعة مع طاغوت العصر وزنديق القرن بشار الأسد الذي يخوض حرب بالأصالة عن منهجه النصيري وبالوكالة عن المنهج الخميني المجوسي ولتحقيق العمق الديموغرافي للكيان الصهيوني في إسرائيل ذاك العدو الأزلي للأمة عامة والجاثم فوق صدر الأمة في فلسطين المحتلة من زاوية الأرض وفي عقول التغريبيين العرب من زاوية الفكر والثقافة والتي ظهر ريح نتن عقول أصحابها حين نادى العلمانيون بانضمام اسرائيل لجامعة الدول العربية واعتبارها كيان راسخ ثابت الأركان مصادمين القدر الكوني القاضي بهلاك بني صهيون حين جاءت البشرى الربانية في قول الرسول صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تُقَاتِلُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِيَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الحَجَرِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ رواه البخاري
آلية المواجهة السنية للمشاريع الصهيونية والصليبية والصفوية السبئية المجوسية
أولاً: تحديد منهج العمل الإسلامي السني فليس من العقل تنوع مناهج كلها تزعم العمل ضد المشروع الصهيوني فتكون خدم للمشروع الصفوي أو العمل ضد المشروع الصفوي الخميني المجوسي فتكون خدم لرؤية المشروع العلماني أو الصهيوني أو العمل لصيانة المنهج فتسقط الأمة في الإرجاء والانسلاخ من مفاهيم النفرة والنصرة لأهل الحق أو كبح جماح اهل الباطل الخالص إذا عدم رؤية أهل الحق الخالص نظراً لتمزق الراية الإسلامية السنية بين أحزاب وجماعات ومذاهب فقهية ورؤى اجتماعية قبلية أو عروبية أو لغوية هنا أو هناك
وهنا نقول إن كان جميع العاملين على الساحة منهجهم سني سلفي رشيد فما الذي حدث من أجل وقزع السيف بينهم ومن ثم تربح المشاريع الثلاث المعادية
فمثلاً:
اختلف الشريف حسين مع العثمانيين فكانت العاقبة وقوع البلاد العربية تحت أقدام الاحتلال الغربي "إنجليزي فرنسي إيطالي" بل ووقوع الأمة بأسرها.
اختلف المسلمون في أفغانستان عقب خروج الروس فكان السيف بين المسلمين باسم الإسلام أشد ولله الأمر.
اختلف أهل السنة في العراق فكان النجاح المجوسي على قدم وساق حيث قبل فريق من أهل السنة بالعراق بالدستور الذي صنعه "بريمر" حين عاداه فريق فكان السيف بين الأخلاء ثم ما يعرف بالصحوات أو داعش ولله الأمر فكان النجاح حليف ايران المجوسية واسرائيل حين تم قتل السني في الأنبار بأيدي السني من الصحوات المتعاملة مع ايران برضا أمريكا واسرائيل وتلميع فصيل اسلامي وهو الحزب الإسلامي العراقي ولله الأمر
واليوم ما زال اهل السنة يختلفون في ربوع الأرض
دين اسلامي واحد فاختلفوافي فهمه منهم السلفي والإخواني وغيرهما
منهج واحد اختنلفوا عليه فأصبح سني يمين وآخر يسار
نتيجة الخلاف السني السني :
-سقوط أفغانسان تحت أقدام الأمريكان وايران وضياع الحلم ودماء مليون شهيد
-سقوط العراق تحت أقدام امريكا وتسليمها للمجوس وضياع حلم بقاء العراق عربي سني نسأل الله ألا يتحقق ذلك
-السعي لإسقاط اليمين بعد حريق الشام الأسيرة بين نيران المجوس ودعم الصهيونية العاليمة وتدليس الصليبية العالمية وتفرق أهل السنة بين فصائل تتعاون في الصباح وتتقاتل في المساء ولله الأمر
-السعي لإسقاط مصر الكنانة وهي حجر الإنهيار العربي والأمة بشكل عام حين يتم ضرب الكتلة الصلبة في الأمة العربية والإسلامية من خلال صناعة مفاهيم المعادلة الصفرية بين شركاء الدين والوطن في مصر حفظها الله من كل سوء
-السعي لتصدير فكر التكفير لبلاد الحرمين الشريفين ومن ثم يقع السيف في مجتمع راسخ القبلية ومن ثم التيه الكوني لأهل السنة ثم أفراح القرامطة الجدد الذي عششوا الرقص على جثث اختلاف أهل السنة أمس واليوم والغد
وماذا بعد ؟
ليس من خيار أمام أهل السنة والجماعة غير الوحدة والإعتصام على الكليات وترك العصبية على التفاصيل في الفهم والرؤية الخاصة بكل فرد بل وكل حزب أو جماعة
فيجب أن نعمل للإعتصام إن لم يكن بسبب حجم الهدف فليكن لحجم الخطر الداهم.
المشروع السني وحتمية الالتقاء بين أهل السنة وإن تنوعت أطر العمل لكل فصيل :
المنهج السني الجامع للأمة وخاصة في:
- أصول التلقي بين الجميع
- أصول الاعتقاد عند أهل السنة فليس من خلاف عقدي بين الأطياف السنية
- أصول التعبد عند أهل السنة والجماعة فليس من خلاف تضاد في قضايا العبودية بينهم
- التنوع الفقهي بينهم إثراء للفكر وأداة للتعاون وليس أداة للخلاف
- وجود العلماء لا يعني عصمتهم والاجتهاد الخاطئ من عالم معين لا يعني هدم العالم وجحود الفضل فالواجب الرد بإحسان وحفظ اللسان مع الخصوم فكيف بالأولياء
- المشروع السني ونهضة العقل الجمعي للأمة وخاصة في الناحية العلمية
- المشروع السني والوحدة الاقتصادية بين البلاد السنية
- المشروع السني والأمن الفكري للأمة وصيانة العقول من تيه الهلاك المعرفي
- المشروع السني والأمن المجتمعي العربي بل والأممي
- المشروع السني والنهضة الأخلاقية بين الشباب والأمة عامة
- المشروع السني وآليات علو الهمة في حياة الأفراد والأمة بصفة عامة
ونقول يا أهل السنة أفيقوا قبل أن تدفعوا الخُمس!!!