بعد الجرائم الأخيرة التي ارتكبتها المليشيات، التي لا تزال متواصلة بحق المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة، الفارين من بطش تنظيم "الدولة" وجحيم المعارك، التي أقر بها رئيس الوزراء حيدر العبادي، حمّلت عشائر الأنبار وحكومتها المحلية مرجعية النجف ما يتعرض له المدنيون من انتهاكات مروعة على أيدي مليشيات الحشد الشعبي الشيعي في مدينة الفلوجة.
وقال الشيخ ضاهر البيلاوي: إن "ما يتعرض له أبناء الفلوجة من قتل وتنكيل وتعذيب جعلهم يتمنون لو يبقون العمر كله تحت قبضة تنظيم داعش؛ وذلك لما قامت به المليشيات من تصرفات مشينة، وجرائم ترقى أن تصنف جرائم حرب".
وأضاف البيلاوي: إن "ما يحدث اليوم من جرائم مروعة في الفلوجة تتحمل مسؤوليتها المرجعية الدينية في النجف، متمثله بالسيد علي السيستاني، الذي أصدر فتوى الجهاد الكفائي لمقاتلة تنظيم داعش، والتي في حقيقتها (والحديث للبيلاوي) لقتال أهل السنة".
وأشار إلى أن "أبناء الفلوجة يقتلون اليوم وبدم بارد باسم المرجعية، وتحت فتوى الجهاد الكفائي المزعومة"، محملاً إياها المسؤولية الكاملة عما يتعرض له المدنيون على أيدي مليشياتها.
والحشد الشعبي هي مليشيات عسكرية تأسست استجابة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعي، علي السيستاني، عقب أحداث العاشر من يونيو/حزيران عام 2014؛ لمقاتلة تنظيم "الدولة"، بعد سيطرته على مدينة الموصل، ومناطق أخرى شمال العراق وغربه.
من جهته قال القائد الميداني لمقاتلي عشائر الفلوجة، عدي الدليمي، عبر اتصال هاتفي مع مراسل "الخليج أونلاين": "رغم المناشدات التي أطلقناها لوقف العملية العسكرية حتى خروج الأهالي من المدينة، وتوفير ممرات آمنة لهم باتجاه قطعات الجيش العراقي، إلا أن الهجمات تواصلت على المدينة المحاصرة، ولم يسلم حي من المليشيات، سواء كان في الداخل أو الخارج"، مشيراً إلى أن "الغرض من الحملة العسكرية هو تدمير المدينة والانتقام من أهلها".
وأضاف: إن "المليشيات انتهجت سياسة العقاب الجماعي، وعبرت عن الروح الانتقامية التي يحملها عناصرها تجاه هذه المدينة"، محذراً من "مجازر وشيكة ما لم تتدخل جهات دولية لتحجيم دور المليشيات في هذه المعركة، وتدخل المرجعية لسحب المليشيات عن المدينة؛ لتفادي وقوع كارثة إنسانية عنوانها الفلوجة".
وبدوره حمل عضو مجلس محافظة الأنبار، راجح العيساوي، رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، والسيد علي السيستاني، مسؤولية ما يتعرض له أهل الفلوجة على أيدي المليشيات.
وقال العيساوي: إن "ما تقوم به المليشيات من جرائم في مدينة الفلوجة بحق المدنيين هي نتيجة للفتوى التي أطلقتها المرجعية، متمثلة بالسيد السيستاني، لذا عليها تحمل المسؤولية، والتدخل لإيقاف الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي".
ودعا العيساوي رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وجميع القادة الممثلين عن المكون السني، إلى الوقوف مع أهلهم في محافظة الأنبار عامة، ومدينة الفلوجة خاصة؛ لوقف جرائم المليشيات، أو مغادرة العراق وترك العملية السياسية.
ورغم كل التحذيرات التي أطلقها قادة ومسؤولون سنة من مشاركة مليشيا الحشد في معركة الفلوجة؛ وذلك لاتهامها بجرائم وانتهاكات، تصر المليشيات على المشاركة في هذه المعركة لتحريرها من سيطرة تنظيم "الدولة"، وارتكابها جرائم مروعة بحق النازحين الفارين من مدينة الفلوجة صوبهم، بعد فرارهم من مناطق سيطرة تنظيم الدولة، ليجدوا لدى المنقذ ما هو أبشع وأمر من القتل والتعذيب.
ففي كلمة للأمين العام لمليشيا أبو الفضل العباس، أوس الخفاجي، أمام حشد من أتباعه حول معركة الفلوجة، قال: إن "الفلوجة المنبع الرئيسي للإرهاب منذ 2004 وحتى يومنا هذا، ولا يوجد فيها شيخ عشيرة شريف، ولا إنسان وطني، ولا ملتزم دينياً حتى في مذهب أهل السنة".
وأضاف الخفاجي: إن "هذه معركة الفلوجة فرصة كبيرة لتطهير العراق من ورم الفلوجة، واستئصاله نهائياً، وتطهير الإسلام منها"، مؤكداً أن "معركة الفلوجة شرف، ولا بد من المشاركة فيها، ويجب مناله".
وكان ناشطون نشروا -عبر مواقع التواصل- عدة تسجيلات مصورة، تظهر قيام مليشيات الحشد الشعبي بقتل وتعذيب وإهانة مدنيين عزل من مدينة الفلوجة، فروا من جحيم المعارك عبر ممرات دعتهم الحكومة للخروج منها، وسط صمت دولي رهيب لما يتعرض له المدنيون من انتهاكات لحقوق الإنسان في ضواحي الفلوجة، رغم دعم طيران التحالف الدولي للعمليات العسكرية.
المصدر|الخليج أونلاين