دفعت حملة نظام بشار الأسد الواسعة للتجنيد الإجباري في قواته، إلى لجوء الشباب للفرار عبر الحدود البرية مع لبنان، كونها تعد بمثابة آخر الآمال للنجاة من موت محقق على جبهات النظام، في وقت يمنه فيه النظام منح إذن السفر لمعظم الشباب المتبقي في سوريا.
عناصر من ميليشيا "حزب الله" اللبناني، استغلوا الوضع الأمني الخطير على الشباب السوري، واستغلت حاجتهم إلى الفرار مهما كلف الأمر من أموال، وأحيطت به المخاطر، فعمل العناصر كـ"مهربين وهميين"، يتقاضون الأموال من الشباب ثمناً لتهريبهم، لكن ينتهي بهم المطاف في فروع مخابرات الأسد.
و"المهربون الوهميون" هم عناصر موالون لميليشيا "حزب الله" اللبناني، ويتعاونون عناصر من مخابرات الأسد، يساعدهم في ذلك، شبكات من السماسرة يروجون لتهريب السوريين المطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، وبعد قبض مبالغ تتراوح بين 500 و800 دولار للشخص الواحد، يجري تسليمهم لعناصر الأمن.
لم يعلم محمد وهو من ريف دمشق، أنه سُيطلب للخدمة في جيش الأسد ضمن صفوف الاحتياط وهو بعمر 38 عاماً، ولم يعلم أيضاً أنه سيقع ضحية "المهربين الوهميين".
محمد والذي نقلت "السورية نت" عن أحد أقاربه الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الاعتقال قائلاً: "أرسل بحقه برقية احتياط، ولم يملك حينها سوي خيارين أحلاهما مر، الأول هو البقاء في المنزل وعدم الخروج منه، والثاني السفر خارج سورية حيث لبنان منفذاً وحيداً له من دمشق".
وعليه، كان الخيار الأخير هو الأفضل بنظر محمد، حيث تعرّف على أحد المهربين المحسوبين على "حزب الله" اللبناني، كي يؤمن له فرصة التهريب عبر الجبال، لكن المهرّب ساقه إلى فرع أمني بعد أن قبض منه 700 دولار.
وظلت عائلة محمد لا تعرف شيئاً عن ابنها مدة 6 أشهر قضاها في السجن والمحاكمة، ليتم تحويله فيما بعد إلى القتال بصفوف النظام في مدينة حماه.
ولم يختلف مصير محمد عن مصير حسن (اسم مستعار) والذي سُلم بنفس الطريقة لفرع أمني تابع للنظام، عبر عناصر من "حزب الله" داخل سوريا، بعدما دفع لهم أكثر من 800 دولار مقابل وصوله إلى الأراضي اللبنانية.
تنسيق مشترك
ويعمل هؤلاء المهربون بعلم من الفروع الأمنية لنظام الأسد، ما يشير إلى تنسيق مشترك بينهم، وتقاسم للأموال التي يجنونها من الشباب السوري، وهو ما يشكل مصدر دخل إضافي لعناصر النظام إلى جانب السرقات و"التعفيش"، في وقت يعاني فيه ما تبقى من "جيش النظام" وفروعه الأمنية من ضائقة مالية مع تدهور الاقتصاد.
وقال أحد العاملين في إذاعة محلية داخل مناطق النظام لـ"السورية نت" على علم بظاهرة "المهربين الوهميين": "توجد شبكة في دمشق عرفت بأنها عناصر تتبع حزب الله لتهريب السوريين، فالنظام دائماً ما يحاول أن يستفيد من وجود هذه الشبكات مادياً ومعنوياً فهناك المئات تم تسليمهم خلال الفترة الأخيرة ما يؤكد نجاح هذه الخطوة".
وتعتبر تجارة "تهريب البشر"، أحد أهم موارد "حزب الله" اللبناني، حيث يحصل عناصر من الحزب وقيادات على تصاريح العبور من الخطوط العسكرية للنظام، حتى لا يتعرضون للتفتيش، وعبر هذه الخطوط يقوم حزب الله بتهريب السوريين المطلوبين للنظام، كلّ بحسب تهمته والفروع الأمنية التي تلاحقه.
إلا أن التجارة الأبرز لـ"حزب الله" في سوريا تبقى تجارة المخدرات، سيما بعدما سيطر الحزب على مناطق حدودية بين سوريا ولبنان، خصوصاً في منطقة القصير، حيث يستثمر الحزب في مزارع للحشيش تدر عليه أموالاً طائلة.
المصدر|السورية نت