نشر أحمد منتظري، نجل رجل الدين الراحل، آية الله حسين علي منتظري، وهو رجل دين أيضًا، تسجيلًا صوتيًّا قديمًا لوالده، وهو يجادل ما عُرفت بـ«لجنة الموت»، التي تولت أمر إعدام السجناء السياسيين عام 1988، ويُظهر التسجيل، الأعضاء في اللجنة وهم: مصطفى بور محمدي (وزير العدل الحالي في إدارة الرئيس روحاني)، ومرتضى إشراقي، وحسين علي نيّري (نائب رئيس المحكمة العليا الإيراني)، وإبراهيم رئيسي، الذي كان حتى وقتٍ قريبٍ نائبًا لرئيس السلطة القضائية، وعضوًا بمجلس خبراء القيادة.
أحيل للمحاكمة أحمد منتظري، لاتهامه بالعمل ضد الأمن القومي، والتشهير بالنظام، ونشر تسجيل سري، وحُكم عليه بالسجن 21 عامًا، وتجريده من امتيازاته الدينية، وارتأت المحكمة تخفيف الحُكم عليه، لكبر سنه (60 عامًا) ولعدم وجود سجل جنائي له، وإكرامًا كذلك لشقيقه الذي راح ضحية إحدى الهجمات التي شنها متمردون ضد الثورة عام 1981.
إلى هنا يبدو الأمر عاديًا في ظل صراع الأجنحة الداخلية بين التيارات الإيرانية، لكن ما لا يبدو عاديًا أن يتردد اسم أحد أعضاء اللجنة خليفة للسيد خامنئي، وهو السيد إبراهيم رئيسي، فمن هو؟
ليس من شك أن وفاة رفسنجاني المفاجأة، رغم كونه مستبعدًا من خلافة خامنئي، أعادت للأذهان قضية الخلافة على منصب المرشد الأعلى، وكان النقاش قد أثير قبل عامين، مع الإعلان عن خضوع السيد خامنئي لعملية جراحية، وتتابع التقارير الإخبارية عن تدهور حالته الصحية، ومع عودة الموضوع للواجهة هذه المرة، يركز الإعلام الإيراني على بروز نجم المجرم إبراهيم رئيسي، ما يجعله متصدرًا للاحتمالات، وهو ما أكدته صحف عالمية مثل الجارديان، وهافنجتون بوست (بنسختها الإنجليزية).
وتنقل الجارديان البريطانية، عن ناشط إيراني في المنفى، قوله إن رئيسي بالرغم من أنه وقت الثورة كان بالكاد يبلغ سن الرشد، إلا أنه وفي فترة قصيرة استطاع التدرج سريعًا داخل البيت الشيعي، حتى كان قاضيًا ضمن أربعة قضاة تحملوا عبء الإعدامات الشهيرة بحق المعارضين في عام 1988.
عيّنه خامنئي، على رأس العتبة الرضوية المقدسة، إحدى أكبر مؤسسات الدولة الموازية في إيران، ونقصد هنا بالدولة الموازية هذه المؤسسات غير الحكومية التي تأسست على يد رجال الدين بعد الثورة، وتقدر أصول هذه المؤسسة الخيرية بعشرات المليارات من الدولارات.
وتحاول وسائل الإعلام المحافظة مؤخرًا إبرازه وترقيته على كلا الهرمين السياسي والديني، فأطلقوا عليه مجازًا (آية الله)، وعلقوا على لقائه الرئيس روحاني بعبارة مبالِغة في تعظيم الأول وتضئيل الثاني؛ (لقاء بين الرئيس ورئيس العتبة الرضوية)، وعلى هذا النحو بات الحديث عنه في الصحف الإيرانية المحسوبة على تيار التشدد.
عمل رئيسي في منصب المدَّعى العام بطهران في الفترة بين 1989 و1994، وترأس المنظمة الوطنية للتفتيش (المنوطة بمراقبة كافة الأجهزة الحكومية) من 1994- 2004. وكان النائب الأول لرئيس السلطة القضائية الإيرانية من 2004 و2014، وتم تعيينه في منصب المدَّعى العام الإيراني عام 2014. ومنذ 2012، يعمل رئيسي كمدعٍ عام في المحكمة الخاصة برجال الدين (وهي الأداة المخصصة للسيطرة على رجال الدين المعارضين)، وتظهر المناصب التي تدرج بها رئيسي أهميته داخل بُنية النظام، الراغب في تقويض المعارضين من داخل، وخارج مؤسسات رجال الدين.