كانت رحلتي إلى إندونيسا خلال الـ6 أيام الماضية طويلة.. أكثر من 14 ساعة ذهابا وأخرى مثلها في العودة، إلى جانب الفندق الذي كان بمثابة رحلة ترفيهية وإن لم أغادره إلا للسفر والعودة إلى أرض الوطن فقط.ولكن الطبيعة والهدوء كانتا عاملا آخر لمواصلة القراءة التي بدأتها من القاهرة وانتهيت منها على مشارف الدخول في أجواء القاهرة أثناء العودة.
رافقني في رحلتي 3 كتب مختلفة..
الأول.. كانت نسخة هدية من مجلة الأزهر للعلامة المجاهد محب الدين الخطيب «الخطوط العريضة لدين الشيعة الإمامية» دراسة وتقديم أستاذنا الدكتور محمد عمارة.
العنوان قد يبدوا للبعض مستغربا «دين الشيعة الإمامية»، أللشيعة دين؟!
كل من خبروا حقيقة عقائد الشيعة يدركون دقة الاصطلاح الذي أطلقه العلامة الخطيب - رحمه الله-.. بل يعرفون أن علماء الشيعة لا ينكرون ذلك.
فهذا نعمة الله الجزائري يعلن في كتابه «الأنوار النعمانية» مفارقة الشيعة لأهل السنة والجماعة حتى في الألوهية والنبوة!!
فيقول: (إننا لم نجتمع معهم «أي مع أهل السنة والجماعة الذين يمثلون أكثر من 90% من المسلمين» على إله ولا نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: «إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه، وخليفته أبو بكر».. ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفته أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا).
وكانت الرسالة التي ألفها العلامة الخطيب بمثابة حقائق صلبة وعنيدة لإيقاظ الغافلين ولتحصين الجسد الإسلامي في المجتمعات السنية ضد تمدد هذا السرطان الخبيث الذي يريد تفتيت هذه المجتمعات وتحويلها إلى مجتمعات طائفية طائفية ليكون بأسها بينها شديد وفق ما يقول د.محمد عمارة في مقدمته.
وكان رفيقي الثاني في الرحلة كتابا للشيخ الراحل د.عبد المنعم النمر، وهو كتاب من ثلاثية رائعة ختم بها النمر حياته، وكان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تفتيح عيني على «الشيعة» عندما قرأت أولى هذه السلسلة وهو كتاب «الشيعة.. المهدي.. الدروز.. تاريخ ووثائق»، ثم ثانيتها كتاب «المؤامرة على الكعبة من القرامطة إلى الخميني.. تاريخ ووثائق».
ثم ثالثها الذي رافقني في رحلتي هو كتاب «النحلة اللقيطة... البابية والبهائية.. حقائق ووثائق».
وهذا الكتاب عن فرقة شيطانية نبتت في إيران، على يد الاستعمار الشرقي والغربي لضرب الإسلام، وتفتيت المسلمين، وتمهيد الأرض للمستعمرين حتى القرن الماضي، ومثلها الآن القاديانية.
ونسبح مع الكتاب لنرى كيف نشأت هذه الفرقة اللقيطة في الوسط الشيعي.. كما نرى دور الصهيونية في ترعرع هذه الشجرة الشيطانية.ثم في إيجاد فروع لها في أنحاء العالم لتؤدي دورها المنوط بها وهو خدمة الاستعمار والصهيونية.
وفي الكتاب تعرفت لماذا أطلق د.النمر - رحمه الله - على هذه الفرقة لفظ «نحلة لقيطة» لأنه لا أصل لها ولا مكان في أرض الإسلام، باعتبار أتباعها «حربة» موجهة إلى قلب الإسلام وسويداء عقيدة المسلمين.
فهل تفيق أمتنا ونحن نرى «إيران» تسلك الآن نفس المسلك بـ«دين الشيعة» لتفتيت وحدة المسلمين، وضرب الإسلام في سويداء القلب، وما العراق منا ببعيد..
وما حدث في سوريا يُظهر لنا كم العداء لأهل السنة عموما، والتحالف الخفي مع الصهيونية العالمية.
أما ثالث كتاب في رحلتي فكان في اتجاه آخر ولكن يوصّف حالة اتخذتها إيران منذ ثورة الهالك الخميني مثالا في العراق، وسيتخذونها كنموذج للتطبيق في كل مكان يحلون عليه وهو: «إبادة أهل السُّنة»، ليحل محلهم «الرافضة».
الكتاب هو أحد ثلاثية خطيرة أنصح بقراءتها للكاتب والباحث «منير العَكْش»، وهي:
1-أمريكا والإبادات الجماعية
2-أمريكا والإبادات الجنسية
وثالثها الذي رافقني في رحلتي «أمريكا والإبادات الثقافية».
فـ«على مدى 500 سنة تعرض هنود أمريكا لحملات غزو إسبانية وبرتغالية وفرنسية وهولندية وإنجليزية سلبتهم إنسانيتهم وأنزلت بهم فنونا عجيبة من القتل والتدمير» وكان الإنجليز هم الأكثر عنجهية وعدوانية وإصرار على تدمير الحياة الهندية واقتلاعها من الذاكرة الإنسانية، وجاءوا بفكرة احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ، وهذه الأسس هي التي رافقت كل تاريخ أمريكا.. واستنسختها إيران وطبقتها في العراق كنموذج للدول التي تغزوها غزوا كاملا.
وكما قال لي في رحلتي أحد خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وكان موفدا للعراق أيام حكم المالكي أن الحاكم الحقيقي للعراق أثناء تواجده كموفد للمنظمة الدولية لـ 4 سنوات هو «السفير الإيراني».
ملحوظة...
كان الإنجليز وقتها يسمون بـ«الزنابير» wasps وهو الاسم المتداول الذي يشمل « البيض الأنجلو سكسون البروتستانت» في وطنهم الأم بريطانيا، وفي كل مكان استعمروه. ويعتبر انتقال مركز القيادة من لندن إلى واشنطن لا يشكل انقطاعا في المسيرة ولا يختلف عن انتقال عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد حسب الكاتب المبدع أستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك/ بوسطن، وأحد أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأميركية منير العكش.
وكما يقول «العكش» أن الكتاب قد يكون محطة على طريق لا حيلة له في معرفة نهايته.. فعلى مدى المسيرة الطويلة من كنعان المجاز إلى كنعان الحقيقة لم يغب عن أنبياء فكرة أميركا وجنرالاتها أن احتلال الأرض والإبادة الجسدية ليست كل شيئ، وأنه لابد من كسر العمود الفقري لضحيتهم ألا وهو «لغتهم وثقافتهم وتراثهم الروحي»..
ألم تفعل ذلك إيران في العراق؟!
ألم يستبدلوا اللغة العربية التي هي لغة القرآن باللغة الفارسية؟!
ألم يحطموا كل التاريخ داخل العراق ليمحوا تراث أمة لتحل محلها الشعوبية الفارسية؟!
ألم يقتلوا علماء العراق النوابغ ليفرّغوا أمة عربية مسلمة سنية من تاريخها وحضارتها؟!
ما أشبه الليلة بالبارحة!!!
الكتاب عبارة عن شريط مصور من مأساة تعجز كل مخيلات الرعب عن محاكاتها وكما يقول زعيم هندي في إحدى وثائق الكتاب «كشجرة تساقطت أوراقها فكنستها الريح إلى الأبد».
فهل تفيق الأمة للمشروع الإيراني الذي أعاد نفس السيناريو في العراق، وسيعيده لأي مكان يحل فيه.
أفيقوا أيها المسلمون قبل أن تدفعوا الخُمس وأنتم صاغرون.