ذكرت مصادر إقليمية وغربية أن إيران قامت بإرسال أسلحة متقدمة ومستشارين عسكريين إلى حركة الحوثيين المتمردة في اليمن، وذلك تأكيدا على دعمها لحليفها الشيعي في الحرب الأهلية التي يمكن أن تسفر عن قلب موازين القوى في الشرق الأوسط.
يذكر أن عدو إيران، وهي المملكة العربية السعودية، تقود تحالفا عربيا سنيا يقاتل الحوثيين في الدولة التي توجد على طرف شبه الجزيرة العربية، ويعد هذا جزءا من نفس صراع السلطة الإقليمية الذي يؤجج الحرب في سوريا.
وذكرت مصادر مطلعة بأمور الحركات العسكرية، والتي رفضت الكشف عن هويتها، أن إيران قامت في الأشهر الأخيرة بدور أكبر في الصراع الدائم منذ عامين وذلك عن طريق زيادة إمدادات الأسلحة وغيرها من وسائل الدعم. ويعد هذا انعكاسا للاستراتيجية التي استخدمتها لدعم حزب الله اللبناني في سوريا.
وقال مسؤول إيراني كبير إن اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وهي الذراع الخارجي للحرث الثوري الإيراني، التقى بكبار مسؤولي الحرس الثوري في طهران الشهر الماضي، وذلك لبحث سبل “تمكين” الحوثيين في اليمن.
وقال المسؤول، “إنهم اتفقوا خلال هذا اللقاء على زيادة حجم المساعدة من خلال التدريب والأسلحة والدعم المالي”.
وأضاف: “إن اليمن تعد هي المكان الذي تجرى فيه الحرب بالوكالة الحقيقية والفوز بالمعركة في اليمن سيساعد على تحديد ميزان القوى في الشرق الأوسط”.
جدير بالذكر أن إيران ترفض اتهامات السعودية لها بأنها تقدم دعما ماليا وعسكريا للحوثيين في النضال من أجل اليمن، كما تلقي باللوم على الأزمة المتفاقمة باليمن على حد زعمها.
ولكن يبدو أن تصرفات إيران في اليمن تعكس التأثير المتزايد للمتشددين في طهران، وذلك سعيا لاستباق سياسة أشد صرامة تجاه إيران بإشارة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم التحالف العربي الذي يقاتل الحوثيين، “إننا لا نحتاج إلى معلومات أو دليل يشير إلى أن الإيرانيين يقومون بتهريب الأسلحة إلى المنطقة، بوسائل مختلفة”.
وأضاف، “نحن نلاحظ أن سلاح كورنيت المضاد للدبابات متواجد على الأرض، في حين أنه لم يكن موجود بترسانة الجيش اليمني أو لدى الحوثيين. لقد ظهر مؤخرا”.
وقال زعيم حوثي إن اتهامات التحالف بأن إيران تقوم بتهريب الأسلحة لليمن ليست سوى محاولة للتغطية على فشل السعودية في التغلب على الحرب المستعصية التي قتل فيها ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص.
وقال الزعيم الحوثي، الذي رفض الكشف عن هويته إن “السعوديين لا يريدون الاعتراف بإخفاقهم ولذلك يبحثوا عن مبررات كاذبة… بعد سنتين من العدوان الذي تشارك فيه الولايات المتحدة وبريطانيا”.
يذكر أن الأنشطة الإيرانية قد كانت بمثابة تحذير للدول الإسلامية السنية بالشرق الأوسط، حيث قال مسؤول كبير من دولة مجاورة، “نأمل أن تتوقف إيران عن تصدير الشيعة بالمنطقة سواء في اليمن أو أماكن أخرى”.
ويقال إن السعودية تدخلت في الحرب الأهلية اليمنية في عام 2015 لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن طرده الحوثيون من العاصمة صنعاء. وتحتل القوات الحكومية في الجنوب والشرق معظم أراضي اليمن، في حين يسيطر الحوثيون على معظم المراكز السكانية في الشمال الغربي، بما في ذلك صنعاء.
وقال مسؤول أمني إيراني كبير إن الحكام الإيرانيين المتشددين كانوا يعتزمون تمكين ميليشيات الحوثيين في اليمن “لتعزيز قوتهم بالمنطقة”.
وقال المسؤول السابق، “إنهم يخططون لإنشاء ميليشيات تشبه حزب الله في اليمن. ولمواجهة سياسات الرياض. يتعين على إيران استخدام بطاقات اللعب الخاصة بها.
واتفق دبلوماسي غربي في الشرق الأوسط على أن “إيران تحاول منذ فترة طويلة زرع أجزاء من المليشيات الحوثية كقوة مدمرة باليمن”.
وأضاف، “إن هذا لا يعني أن الحوثيين هم حزب الله، ولكنهم ليسوا بحاجة لتحقيق أهداف إيران، والتي تتمثل في تطويق السعوديين، وتوسيع نفوذهم وإطلاق القوة بالمنطقة وتطوير وسائل الضغط الغير تقليدية”.
وتقول المصادر إن إيران تستخدم السفن لتوصيل الإمدادات إلى اليمن إما بشكل مباشر أو عبر الصومال، متجاوزة جهود التحالف لاعتراض الشحنات.
وكذلك تقول مصادر غربية أنه بمجرد وصول السفن إلى المنطقة، تنتقل الشحنات إلى قوارب صغيرة، والتي يصعب اكتشافها لأنها شائعة جدا في تلك المياه.
وهناك اعتقاد بأن المناطق المفضلة تشمل خلجان الصيد حول ميناء المكلا، على الرغم من أن ذلك يتطلب رجال مهربين أو معدات للقيام برحلة طويلة محفوفة بالمخاطر إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
ووفقا لمصادر مطلعة، قام التحالف بطرد القاعدة من المنطقة العام الماضي ولكنه لا يزال لا يستطيع منع تهريب الأسلحة والأشخاص.
واعترف الجنرال العسيري المتحدث باسم الائتلاف العربي بأن بالصعوبات التي تواجهها في حفظ الأمن على مساحة 2,700 كيلو متر من الخط الساحلي حول اليمن.
وقال، “لا يمكن أن نرصد هذا الطول من الساحل حتى لو جلبت جميع أساطيل العالم”. وأضاف، “إذا قمنا بإيقاف حركة الزوارق الصغيرة فذلك سيؤثر على صيد الأشخاص العاديين”.
ومن شهر سبتمبر من عام 2015 وحتى مارس 2016، اعترضت القوات البحرية الفرنسية والأسترالية في كثير من الأحيان الأسلحة التي قال مسؤولون أنها من المرجح أن تكون متجهة للحوثيين.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي أن تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين استمر على قدم وثاق منذ شهر مارس من العام الماضي عندما توقفت عمليات الضبط. وتضمنت المعدات صواريخ بالستية بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى عمق المملكة العربية السعودية.
وأضاف المسؤول أنه “ليس هناك تفسير معقول لظهور هذه الأسلحة سوى المساعدة الخارجية. ونجزم بأن المساعدات على الأرجح تأتي من إيران”.
وقال نيك جينزن جونز، وهو خبير بالأسلحة العسكرية ومدير خدمات بحوث التسلح، والتي تتعقب المعدات اليمنية التي تصل إلى اليمن، إن الكميات زادت.
وقال جينزن جونز، “لقد شهدنا مزيدا من النجاح في عمليات النقل عبر البحار خلال الأشهر القليلة الماضية وأعتقد أن الارتفاع العام في تداول الأسلحة الإيرانية التي نقوم بتوثيقها يعود جزئيا إلى عمليات نقل ناجحة عن طريق البحر”.
وقد ظهرت أدلة على وجود معدات أكثر تطورا يشتبه في أنه تم استخدامها من قبل الحوثيين في الهجمات الأخيرة.
وفي يوم 30 يناير، تمت مهاجمة فرقاطة سعودية بالقرب من ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيين، وذلك في عملية حملت فيها وسائل الإعلام الرسمية السعودية المسؤولية للحوثيين.
وقالت البحرية الأمريكية أن زورق آلي يتم التحكم فيه عن بعد ومحمل بالمتفجرات، اصطدم بالسفينة السعودية في أول هجوم معروف باسم طنين زورق هجوم، ومن المرجح أن الحوثيين قد استخدموا تكنولوجيا زودتهم بها إيران.
وفي تطور آخر بهذا الشهر، قال مصدر حكومي يمني أنه تم تدمير زورق تابع لحرس السواحل بالقرب من مدينة المخا وذلك عن طريق ألغام زرعها الحوثيون.
وقال جينزن جونز أن نوعية الذخائر الإيرانية تحسنت في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن “عمليات نقبل الأسلحة والذخيرة مؤخرا شملت أيضا طائرات بدون طيار من طراز أبابيل الإيرانية المزودة برؤوس حربية شديدة الانفجار تم استخدامها من قبل الحوثيون لتحقيق أهداف عالية القيمة، مثل الرادار وبطاريات صواريخ باترويت”.
كما تم الاشتباه في أنه تم نقل صواريخ مضادة للسفن وصواريخ محمولة جوا.
وبالإضافة إلى هذه الأسلحة، قالت مصادر إيرانية وإقليمية إن طهران تقدم أخصائيين عرب وأفغان وشيعيين لتدريب وحدات الحوثيين والعمل كمستشارين لوجستيين. وهذا يشمل الأفغان الذين قتلوا في سوريا تحت قيادة قادة فيلق القدس.
جدير بالذكر أنه تم استخدام نفس هذا النهج الخفي في سوريا في عام 2014 قبل أن تلعب إيران دورا أكثر انفتاحا في تلك الحرب.
المصدر