من أكثر ما ابتلينا به: الإعلام الغربي والسياسة الغربية والفكر الوجودي والتوجه الليبرالي، تلك هي أسباب ضعفنا وشقائنا وجهلنا، وعدم قدرتنا على حل المشاكل، نحن أمة أكرمها الله بالإسلام، وأودع لديها القرآن الكريم محفوظا من كل شر أو تحريف أو شك، واختارنا لتبليغ ما فيه، بل جعله ملاذا لنا في أي ابتلاء، فلِمَ نهجر ما يفيدنا ونلجأ لما يضرنا ولا يفيدنا؟!
لقد أكد لنا الله سبحانه في قرآنه الكريم على أسس للتعامل، إن راعيناها غنمنا، وإن تركناها خسرنا، أهمها التعامل مع خلق الله من إنس وجن وشياطين الإنس والجن، وأكد لنا أننا لو اتبعنا طريقه في التعامل ذلّل لنا كل العقبات التي تمنع عنا الفائدة، وأزاح عنا الضرر. لقد جعل سبحانه القاعدة الأصلية في تنوع الخلق هي التعارف: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.
وجعل ميزان السمو والشرف والإكرام من الله بين الشعوب هو تقوى الله: إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
إن اتباع الأسس الإلهية في التعامل مع الدول والشعوب يحقق المستحيل، يقول تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.(فصلت) ويقول تعالى: لقد كان لكم فيهم (إبراهيم والذين معه) أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد، عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم، لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون.(الممتحنة)
من خلال هذه الأسس يمكننا حل كثير من مشاكلنا مع الدول والجماعات، مع ليبيا وتركيا وقطر وإيران والإخوان المسلمين والإرهابيين، ويجعل الله بيننا وبين الذين عادينا منهم مودة، بل وكأنهم ولي حميم.
إذا كان سد النهضة الذي تصر أثيوبيا على ملأ خزانه دون احترام للمواثيق والاتفاقات، يقلقنا فيمكن حله بدون التعرض لأثيوبيا عسكريا أو قضائيا أو غير ذلك، من خلال أن نفعل مثل ما فعلت ونزيد حصتنا المستحقة من النيل عن طريق عمل تفريعة إضافية لنا، وأفضل من يقوم بهذا المشروع هو إيران، أولا لأن لديها الخبرة الأعمق في شق القنوات وبناء السدود، وعندنا مثال واضح في إعادة حفرها لقناة سيزوستريس للربط بين النيل والبحر الأحمر، وهي ما طورناها إلى قناة السويس،كما أنها من ساهمت بعد حرب أكتوبر في تطهيرها وفتحها بعد أن أغلقتها إسرائيل وردمتها. ثانيا فلإيران علاقات متشعبة مع دول أفريقيا، وستكون طرفا مقبولا لدى الأفارقة للمشاركة في هذا المشروع، حيث قامت بمشروعات سابقة لهم، ثالثا استثمار ما لنا من فضل عند إيران في مساعدة الثورة الإسلامية، رابعا التعامل مع جيش حراس الثورة الذي سوف يقوم بهذا المشروع، وهو ما نحتاج إلي التعرف إليه، خامسا سيكون لنا إمكانية التواجد مع إيران في المنطقة، ومن ثم تحجيم حركتها فيها. ويمكن للمتخصصين أن يكونوا حلقة اتصال مع إيران في هذا الأمر، وأنا شخصيا بفضل الله وعونه أتعهد بالقيام بذلك إذا وافق أولوا الأمر. أما عن التمويل فسيشارك فيه الكثير من الدول، مع عنت أثيوبيا، وباعتباره مجالا كبيرا للاستثمار في أفريقيا.
هدانا الله وإياكم إلى ما يحقق الأسس الإلهية التي ترضي الله وتجعله يرفع عنا الابتلاءات، إنه سميع مجيب.
*أستاذ الدراسات الإيرانية