تحاول إيران استعادة ما أنفقته في حربها إلى جانب نظام الأسد ضد الشعب السوري، لكنها بدأت تصطدم فعليا بروسيا التي منحها النظام حقول الغاز والنفط ومناجم الفوسفات.
وبينما يعتبر نظام الأسد إيران وروسيا كدولتين حليفتين وقفتا إلى جانبه ومنعتا من سقوطه حسب رأي البعض، إلا أنهما تركزان على تحقيق مصالحهما في سوريا.
أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، قال خلال كلمة له أثناء تكريم قائد ميليشيا فيلق القدس، قاسم سليماني: “نحن نتبع تحقيق مصالحنا في سوريا والعراق إلى جانب الدعم العسكري والاستشاري ونقل التجارب والخبرات العسكرية”.
وأضاف “ولو أعطينا دولاراً واحداً لأي أحد سنقبض ثمنه ونثبت أقدامنا.. علينا أن نتواجد اقتصاديا أيضا كما نتواجد عسكريا وعلى اقتصادنا أن يتحرك جنبا إلى جنب مع القائد سليماني في سوريا والعراق”.
في المقابل، كان أدلى نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، بتصريحات مشابهة لما ذكره رضائي، وقال “قطاع الأعمال الروسي في سوريا يعد كل روبل، لأننا لا يجب أن نفكر في مصلحة البلدان الأخرى فقط، حتى لو كانوا من الأقرباء والأصدقاء، ولكننا يجب أن نفكر الآن كيف نكسب الأموال لميزانياتنا، لمواطنينا والناس والذين ينتظرون أيضا أي مكاسب من العمل الكبير لروسيا في سوريا”.
نصيب إيران
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على تركيز إيران في دعم الميليشيات التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد ضد الثوار، تسعى إيران للحصول على مكاسب اقتصادية في سوريا طويلة الأمد من أجل تثبيت أقدامها في المنطقة أسوة بروسيا التي بدأت تزاحمها من خلال الاستيلاء على حقول الغاز والنفط في ريف حمص، والتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الممتدة من جنوب شاطئ طرطوس إلى محاذاة مدينة بانياس وبعمق عن الشاطئ يقدر بنحو 70 كيلو مترًا وبمساحة إجمالية تصل إلى نحو 2190 كيلو مترًا مربعًا، بالإضافة إلى حق التنقيب في حقل قارة في حمص.
ووقعت إيران مع نظام الأسد اتفاقيات ومذكرات تفاهم اقتصادية عدة، جرى من خلالها حصول إيران على عدة تراخيص في مجالات عديدة، لعل أهمها مناجم فوسفات شرقي تدمر ومشاريع في مجال الطاقة الكهربائية.
وعززت إيران مشاريعها الاقتصادية بالتركيز على استقدام مواطنين لها إلى سوريا بوسائل عديدة، وتسهيل عمل الشركات السياحية الدينية في سوريا.
وتحاول إيران أن تجتاح دمشق مستغلة الوقوف العسكري إلى جانب الأسد وحمايته مقابل الانتشار الواسع في العاصمة وريفها، وتمليك الإيرانيين للعقارات وتسهيل منحهم الجنسية السورية.
ومن المشاريع التي تكفلت بها إيران، إعادة إعمار “العتبات المقدسة” وآخرها كان ترميم “مقام السيدة سكينة” في داريا وفتح ممرات تصل “مقام السيدة زينب” بها عن طريق رجال أعمال إيرانيين، ففي أواخر العام الفائت زار وفد إعلامي بينهم رجل الأعمال الإيراني رضا الواحدي، وتوعد حينها أنه سينتهي من إعادة ترميم المقام في داريا وسيشق طريقا نحو “مقام السيدة زينب” ليصل جنوبي دمشق بغربها من أجل ما قال عنه “خدمة زوار المقام”.
وتواصل إيران دعم المشاريع الاقتصادية التي حصلت عليها في سوريا في الوقت الذي تشجع فيه على السياحة الدينية.
مناجم الفوسفات
صراع اقتصادي بين روسيا وإيران على مناجم الفوسفات في سوريا؛ ففي الوقت الذي تتولى فيه شركات روسية تطوير مناجم خنيفيس والشرقية بريف تدمر، سعت إيران إلى الاستحواذ عليها وجعلها مصدرا اقتصاديا لها.
ففي مطلع عام 2017، زار رئيس وزراء النظام عماد خميس طهران، ومنحها الحق في استثمار مناجم الفوسفات، واتفق الطرفان حينها على تسديد الديون، عبر منح إيران الفوسفات السوري، وتصدير الإنتاج إلى طهران.
في المقابل، أبرم النظام اتفاقيات مع شركات روسية من أجل تطوير مناجم خنيفيس، الأمر الذي يثير عدة شكوك حول الصراع الاقتصادي بين روسيا وإيران على احتكار الفوسفات السوري.
دخول روسيا على خط الصراع عبر شركة “ستروي ترانس غاز” التي يملك فيها الميلياردير الروسي غينادي تيموشينكو الحصة الأكبر، أنهى الحلم الإيراني بعد بدء الشركة فعليا بتنفيذ أعمال الصيانة وتقديم خدمات الحماية والإنتاج والنقل إلى المرافئ للتصدير.
مصادر مطلعة تكشف لأورينت نت، معلومات تنشر للمرة الأولى حول الصراع الروسي الإيراني على مناجم الفوسفات في سوريا، وقالت إن إيران دفعت بميليشياتها للاستيلاء على المناجم وحمايتها لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع النظام في طهران، لكن روسيا زجت بـ”قوات النمر” في الصراع، التي بدورها هددت ميليشيات إيران بقصف أي حمولة تخرج من المناجم للتصدير.
وأضافت أن ميليشيات “قوات النمر” نفذت تهديدها وقصفت حمولة خرجت من المناجم، ثم شنت هجوما واستولت على المناجم بالقوة وطردت الميليشيات الإيرانية منها.
وأكدت المصادر أنه وبعد هذا الهجوم والاستيلاء على المناجم، سارعت روسيا لإبرام الاتفاق مع النظام عبر الشركة الروسية. وتنتج هذه المناجم في الأوقات العادية أكثر من 800 ألف طن من الفوسفات، فيما يقدر الاحتياطي الموجود بملايين الأطنان من الفوسفات ولم يستهلك الكثير منه خاصة مع تواصل عمليات التنقيب التي ساهمت في مضاعفة ناتج الاحتياطي.
المصدر| أورينت نت