<< الإقليم وقع تحت اضطهاد عنصري قلّ نظيره في العصر الحديث منذ احتلاله في أبريل عام 1925
<< التحدّث باللغة العربية في الأماكن العامة بات على رأس «المحرّمات» التي أقرها الاحتلال الفارسي
<< حكم «الملالي» ينظر لأهل الإقليم السُنة باعتبارهم «أعداء» رغم أن إيران تعيش على الموارد الطبيعية الأحوازية
يمر الشعب العربي في بلاد «الأحواز» الخاضعة للاحتلال الإيراني منذ 92 عاما، بظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، نتيجة تعرض الإقليم لاضطهاد قومي قلّ نظيره في العصر الحديث، منذ أن حلت به النكبة الكبرى على هذا الإقليم في أبريل عام 1925، والمتمثلة في انهيار الحكم العربي في البلاد، ووقوعها تحت الاستعمار الإيراني منذ ذلك الحين، وحتى هذه اللحظة.
وعلى مدار سنوات طويلة من الظلم والقهر والتعتيم على قضية الأحواز، عانى سكان الإقليم الويلات من قبل الحكم الفارسي الغاشم، الذي ينظر لأهل الإقليم السنة باعتبارهم «أعداء»، رغم أن إيران كلها تعيش على الموارد الطبيعية الأحوازية، وبدون هذا الإقليم تتبدد قوة طهران الاقتصادية.
ويكفي في هذا السياق، الإشارة إلى الأحواز يمثّل أهمية استراتيجية بالغة من النواحي الجغرافية والاقتصادية والسياسية والتجارية، فامتداد الإقليم على طول الساحل الشمالي والشرقي للخليج العربي، جعله صلة الوصل بين إيران والعالم الخارجي، وذلك عبر موانئها ومنافذها البحرية. ومما أكسب الأحواز أهمية إضافية، هو اكتشاف النفط والغاز الطبيعي فيه منذ عام 1908، وهو الأمر الذي أسال لعاب الغرب وإيران، وكان أحد أسباب احتلالها، فالنفط في الأحواز العربية يمثل (87%) من النفط الإيراني المعتَمد، فيما يمثّل الغاز المستخرج من الأراضي الأحوازية نسبة (90%) من مجمل الغاز الإيراني.
ورغم نضال امتد لأكثر من تسعة عقود، لا زالت الحكومات الإيرانية تمارس أعتى ألوان القمع لهذا الشعب بمختلف تنوعاته، من تجفيف الروافد وغلق المراكز الثقافية وعدم تدريس اللغة العربية، حتى الإعدام للنشطاء كما حدث في عامي 2008 و2012، حيث تم إعدام ثلاثة نشطاء من العرب الأحوازيين، من بين خمسة محكوم عليهم بالإعدام رغم المناشدات الدولية الرافضة لذلك.
وفي هذا الصدد، شهد الأحواز منذ احتلاله أكثر من خمس عشرة انتفاضة وثورة شعبية، اشتهرت منها الانتفاضة العارمة ضد الاحتلال الإيراني التي وقعت عام 2005. كما تقود المقاومة الأحوازية المدنية والعسكرية ضد الاحتلال الفارسي، التي لم تلق الدعم العربي المطلوب لتمكين الإقليم من الاستقلال عن الدولة الإيرانية.
وفي ظل استمرار التجاهل والنسيان العربي لهذه القضية العادلة، يسعي المحتل الإيراني إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز، وتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار، وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز التي كان اسمها القديم قبل الاحتلال «عربستان»، كما أن مدينة «المحمّرة» على سبيل المثال بات اسمها «خرم شهر»، وهكذا.
كما طالت عمليات تغيير الطابع العربي كافة جوانب الحياة في الأحواز بعـد احتلالها الصفوي، وكان الهدف من وراء ذلك هو فرض الثقافة الفارسية على الإقليم، فأصبح على رأس «المحرمات» التي أقرها الاحتلال الإيراني الفارسي التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة ومن يخالف ذلك الأمر يتعرض للعقاب لأن التحدث باللغة العربية جريمة يعاقب عليها القانون الصفوي، فقررت إيران أن تكون مناهج الدراسة في المدارس باللغة الفارسية فقط ولا يجوز التحدث بأي لغة أخرى، ومُنع الأحوازيون من تسمية مواليدهم بأسماء عربية.
ولا جدال أن استمرار بقاء مشكلة الأحواز دون حل، يُعد خرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة، لجهة الدولة الإيرانية كافة الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية لشعب الأحواز، وتعرّض هذا الشعب لمعاملة ظالمة تستند إلى التفرقة العنصريّة بينه وبين الفرس المهاجرين إلى الإقليم بعد احتلاله، وهو ما يتعارض مع الإلزام القانوني الذي ترتبه المادتين (55 و56) من ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي يوجب على جميع الدول العربية السعي إلى دعم القضية الأحوازية بكل السبل، من أجل مساندة الشعب العربي في الإقليم لنيل حريته واستقلاله من الاحتلال الإيراني.