الجمعة, 22 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

شيعة غرب كردفان.. تمدد شيعي جديد في أرض النيلين

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

بعد قرارات الحكومة السودانية بتجفيف منابع الشيعة بالسودان، وإغلاق مراكزهم الثقافية وإيقاف نشاطهم بالبلاد، وإغلاق السفارة الإيرانية بالخرطوم توقف النشاط الشيعي العلني بالبلاد، ولكن تبيّن قبل فترة أن في مدينة (أبو زبـد) بولاية غرب كردفان في الجنوب الأوسط للسودان وجودا شيعيا ومراكز شيعية مفتوحة، وأتباعا للمذهب الشيعي معروفين لجميع الأهالي هناك، يمارسون نشاطهم جهارًا نهارًا، وهذا الوضع كان مستفزاً لأهل مدينة أبو زبـد، فنظموا كثيراً من الأنشطة المناهضة للتشيع، وبيان خطره على عقيدة الأمة وأخلاقها ووجودها.

النشاط الشيعي .. البدايات والرموز:

تقع ولاية غرب كرفان في الجنوب الأوسط للسودان، تحدها من الشمال ولاية شمال كردفان ومن الجنوب دولة جنوب السودان، ومن الشرق ولاية جنوب كردفان، ومن الغرب ولايتا شمال وشرق دارفور، وعاصمة الولاية هي مدينة الفولة، وأهم المدن فيها هي غبيش والنهود والخوي والأضية وأبو زبد والرهد وهجليج.

ترجع بدايات وجود التشيع في ولاية غرب كردفان ومدينة أبو زبد إلى عام 1996م، بزيارة قام بها لمدينة أبو زبد شيعي معروف بالخرطوم يدعى جلال الدين، وهو متقاعد من الجيش السوداني، وكان يتردد على المركز الثقافي الإيراني بالخرطوم، وقام خلال تلك الزيارة بتأسيس الوجود الشيعي بالمدينة، وجنّد شخصا يدعى (عيسى مدني العنيني)، صار فيما بعد أبرز رموز شيعة الولاية ومدينة أبو زبد، يقول إمام مسجد سلمان الفارسي، شيخ الدين بلال عبيد إن النشاط الشيعي حاليا انتقل إلى خارج أبو زبد جنوباً، ووصل حتى منطقة لقاوة، ويتراوح عدد الشيعة في المنطقة ما بين (200- 250)، وخطورتهم تكمن في استهداف طلاب المرحلة الثانوية والجامعية، حيث يقدمون لهم المساعدات المالية، مؤكدًا أن هذا الفكر يعتمد في انتشاره على إغراء المال، وأن ثلاثة من أكبر التجار بسوق أبو زبد شيعة، ويعملون على استقطاب البسطاء بعاطفة العصبية والقبلية والولاء القديم، وأغلب المتشيعين هم من البسطاء وأصحاب المصالح الخاصة، وهم من الطبقة غير المستنيرة، ونشاطهم ضعيف (حسب رأيه)، ولا يؤثر إلا على ضعاف النفوس والدين.

وفيما يلي وقفة مع أبرز رموز الشيعة بولاية غرب كردفان ومدينة أبو زبد، وهم:

أولا: عيسى مدني

تعود أصول عيسى مدني إلى دوله تشاد المجاورة للسودان من جهة الغرب، وجاء هذا الرجل إلى السودان بعد أن تم طرده من تشاد لأسباب عقدية، وطاب له المقام بقرية الدبكر (17 كيلو شرق أبو زبد)، وكذلك تم طرده منها، فانتقل إلى مدينة أبو زبد، وعندما جاء إلى "أبو زبد" كان صوفيا ينتمي للطريقة التجانية، لكنه تحول لفكر آخر يسمى التربية، وهو جزء من الفكر الصوفي، وهذا التحول أفقده كثيراً من الأتباع الذين جاء بهم من تشاد.

بدأ مدني دراساته الإسلامية منذ عام 1965م، وبعد فترة صار عالمَ مدينة أبو زبد ومرجعها الديني، وقلّده السكان منصب الفتوى في عام 1970م، ولم توجه له انتقادات فيما يصدر عنه من فتاوى، ويقول عبد الدائم تاج الدين أحمد، إمام وخطيب مسجد الأنصار بالمدينة، إن مدني كان مفتي المدينة، ومن أئمة التصوف البارزين، ولكن بعد نشرِه كتابا لأحد مرجعيات الشيعة الإمامية، اجتمع الصوفية بالمدينة، وألغينا دوره كمفتٍ، وتم فصله من الطرق الصوفية، وخاطبنا الأوقاف بذلك، وأبلغنا الحكومة بكافة مستوياتها بأن هذا الرجل خرج عن إطار التصوف الحق المبني على الكتاب والسنة، ودخل في مذهب الإمامية الجعفرية، ونشرنا هذا القرار في الوسائط الإعلامية، ونظّمنا ندوات لتنوير المواطنين والطلاب والطبقات المستنيرة بذلك، وعملنا على مقاطعته اجتماعياً.

وقال: "كنتُ أفتي على مذهب الإمام مالك، ولكن الآن أفتي على مذهب الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي حنيفة، وزيد بن علي، وجعفر الصادق، والظاهري، وأبحث لأرى أين الحق فأتّبعه، ولا أتقيد بكتاب معين، بل الكتاب والسنة، لاعتقادي أن كل ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل، وما وافقهما فهو الحق، وفي بحثي لا أعتمد على مذهب واحد، بل أرى ما هو أقوى دليلاً ونصاً فأعمل به".

حاول مدني الانضمام لجماعة أنصار السنة وفشل، ثم انضمّ للحركة الإسلامية، وكان من المرشدين في معسكرات الجهاد في التسعينيات، وفي فترة المفاصلة داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، انضم لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بقيادة د. حسن الترابي، وعاش فترة من الفراغ لقلة نشاط الحزب هناك، وهذا ما جعله يوافق مباشرة بمجرد أن عُرضت عليه فكرة الانضمام إلى الشيعة.

ويقول عنه د. عمار صالح، مدير المركز الإسلامي للدعوة والدراسات المقارنة بالسودان: هذا الرجل حيثما ذهبنا إلى مكان في كردفان وجدنا آثاره، وقد وجدنا له أثراً واضحاً في مدينة لقاوة، فقد استطاع تجنيد بعض الأشخاص الذين يعملون في مراكز حساسة هناك، ومنهم شخص مسئول في منظمة كبيرة فرع لقاوة، والآن بدأوا يتكتلون في مدينة النهود وما حولها، ولهم اتصالات خارجية.

وفي منشور مطبوع ومتداول في مدينة أبو زبد، كتبه أمير سيد أحمد عطا السيد من أبناء المنطقة قال إن الرجل يتمتع بذكاء خارق ساعده على نشر التشيع بصورة كبيرة، وإنه تزوج من معظم القبائل الموجودة بالمنطقة لتتوفر له الحماية، وصاهر العُمد والشخصيات النافذة ليضمن عدداً من الأتباع، وأنه يجيد المراوغة ويتعامل بالتقية، فأحيانا يزعم أنه من أتباع الطريقة التيجانية، وتارة أنه من أهل السنة أو من جماعة الإخوان المسلمين، كما تم ترشيحه لتمثيل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في المحلية، مما أتاح له فرصة جيدة ليعمل تحت غطاء هذا الحزب، ويخرج مع أتباعه علناً لإحياء ذكرى عاشوراء، وإقامة طقوس شيعية أسبوعية، وذلك قبل قطع العلاقات مع إيران، أما الآن –والكلام لأمير- فهو يتعامل بالتقية، ويقيم الاحتفالات في أماكن مغلقة، ولا يعمل الرجل في أي مهنة، ولا يخرج من مكتبته التي بها كل كتب الشيعة، وكتب السنة ليجادل بها من يناظره، وله أبناء صغار يسبّون الصحابة ويكفّرون أبا بكر وعمر علناً.

كما يكفل الرجل عدداً من طلاب كلية الشريعة والقانون في بيته، وجعلهم يتركون داخلية الجامعة، ليقيموا معه لينهلوا من معين الشيعة الروافض، وقيل إن حوالي 30 منهم تشيعوا، وقد ابتعث عدداً من الشباب صغار السن إلى إيران بعد الشهادة السودانية، وسافروا إلى مدينة قُم ليدرسوا منهج التشيع، وهم الآن يشكلون القنبلة الموقوتة في المنطقة بعد عودتهم لديارهم، ويسافر عيسى مدني كثيرًا إلى إيران ولبنان، ويتمتع بعلاقات مع زعماء الشيعة في أنحاء العالم.

من أبرز ملامح عقيدة وفكر عيسى مدني أنه يطعن في صحيح البخاري، ومن مقولاته إن أبا بكر -رضي الله عنه- قتل الصحابة! ومعلوم أن الصديق -رضي الله عنه- قاتل المرتدين، ومن مقولاته إن الله لم يرضَ عن الصحابة أجمعين، ومن ممارساته العملية أنه يمسح في الوضوء من غير جوارب ولا خفّ، وهذه أعمال الشيعة المعروفة في مذهبهم.

صار لعيسى مدني أتباع كثر بالمنطقة، منهم (م.أ) الذي له مركز شيعي يسمى مركز الحسيني، تقام فيه الاحتفالات ومناسبات الشيعة، ويعدّ هو المركز الثاني للشيعة في أبو زبد، وتتم الآن توسعته ليستوعب المناسبات الشيعية التي تقام فيه بحضور الأتباع من الداخل والخارج، ومن أتباعه اللامعين العمدة (ع.ح) والعمدة (م.أ)، و(م. ع.س)، و(ع.س)، و(ع.ك)، و(ر.ع) وهو إمام مسجد بالسوق الشعبي، وفي منطقة الدبكر القريبة من أبو زبد و(أ.ش)، و(ع.د) وغيرهم.

ثانيا: مهدي جمعة

استطاع عيسى مدني تجنيد بعض النافذين في المدينة مثل مهدي جمعة، أمين مكتبة كلية الشريعة والقانون بجامعة غرب كردفان، وهو الذي ساهم في دخول كتب الشيعة لمكتبة الكلية، وقد ذهب إلى إيران أكثر من مرة، وتقول أمينة مكتبة كلية الشريعة والقانون إن (مهدي جمعة) زميل لهم في المكتبة، وهو ينتمي للشيعة، ولكنهم لا يناقشونه في أفكاره، وعن دخول بعض الكتب الشيعية إلى المكتبة قالت: عند بداية تأسيس المكتبة فإن الكتب التي وردت للمكتبة كان من بينها كتب شيعية، وكان يجلبها مهدي جمعة لمكتبة الكلية لكنه مُنع من قبل إدارة الجامعة، وتم عزلها في حينه، والآن لا توجد كتب شيعية.

وقد تقدم بعض الطلاب من أهل السنة بشكوى لإدارة الجامعة حول وجود كتب تدعو للمذهب الشيعي في مكتبة الكلية، فتم إخراج الكتب من المكتبة، ولم يتم حرقها، بل تم تسليمها لمهدي جمعة، وقد جعلها الرجل في بيته ليحصل عليها من أرادها في أي وقت.

ثالثا: محمد إسحاق

الشيخ محمد إسحاق هو أحد الذين جنّدهم مدني، وهو تاجر في سوق أبو زبد، وينتمي للطريقة التجانية منذ الصغر، يقول عن نفسه:" شيخنا أحمد التجاني من الأشراف المنسدلين من ذرية سيدنا الحسن بن علي، وبالتالي التجانية يعظمون الأشراف لأنهم من نسل الرسول صلى الله عليه وسلم".

ومن مقولات محمد إسحاق: "في الحديث الشريف الرسول صلى الله عليه وسلم قال لسيدنا علي (لا يحبّك إلا مسلم ولا يبغضك إلا منافق)، وكوننا نحب علياً أو نبقى من شيعته ليس هنالك عيب، مؤكداً أنهم لا يتفقون مع من يسبّ الرسول أو أصحابه، بل ولا يقبلون حتى سب المسلم لأخيه المسلم".

وعن الطعن في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، يقول محمد إسحاق: إنها أمّنا، ولا يمكن أن يتحدث الإنسان في أمه، وعن زوجات الرسول قال: هن (معصومات) لا يمكننا أن نتحدث فيهن، وعن صحابة رسول الله قال: إنهم مكرمون ولهم اعتباريتهم، ولا أحد يتجرأ على سبّهم".

وقد تم ابتعاث أحد أبناء محمد إسحاق للدراسة في إيران في حوزة قُم المقدسة لدى الشيعة، وكانت تقام كل المناسبات والحولية الحسينية واحتفالات الموالد بزاوية محمد إسحاق.

المؤسسات والمناشط الشيعية بغرب كردفان:

يعتبر مركز ومجمع عيسى مدني هو أكبر مركز للتشيع بمدينة أبو زبد بولاية غرب كردفان، وقد أطلق عليه اسم مركز جعفر الصادق، ويتكون هذا المركز من مسجد وخلوة (كُتّاب لتحفيظ القرآن الكريم)، ومكتبة ضخمة غنية بالكتب والمراجع الإسلامية، تمثل مرجعاً لكل الطلاب الباحثين وطلاب العلم في المدينة، ويحوي المجمع أيضا داخلية طلاب، كما عمل مدني على توسعة المسجد، وحفر بئرا إرتوازية لمد المجمع بالمياه. وبعد انضمامه للشيعة كوّن مكتبة أخرى حوت كتب ومراجع الشيعة، وتعتبر هذه المكتبة أكبر وأضخم مكتبة شيعية بغرب السودان، وقد تم بناؤها بطريقة متينة وحديثة، يتضح منها الدعم المادي الذي يتلقاه هذا الرجل من ايران ولبنان، وشيعة الكويت.

وأنشأ مدني كذلك مستوصفاً طبيا بواسطة أحد الشيعة الكويتيين، كما تم جلب عربة له لتمكينه من متابعة وتوسيع نشاطه في الدعوة للتشيع، وأتيحت له فرص بعثات خارجية لطلابه إلى إيران، كما أتيحت له زيارة إيران مرتين ولبنان وقابل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله.

أما المركز الثاني للشيعة داخل مدينة أبو زبد فهو المركز الذي يسمى مركز الحسيني، وتقام فيه الآن المناسبات الشيعية بحضور الأتباع من الداخل والخارج، ويتميز مركز الحسيني بنشاط شيعي كثيف، وصاحبه ذو إمكانيات مالية كبيرة، ويعتبر المموّل الرئيس للتشيع بالمنطقة كلها، وقد أصدر مؤخراً كتاباً أسماه "مَن هم أهل البيت".

ومن أبرز مناشط الشيعة ابتعاث الطلاب إلى إيران، وقد اعترف عيسى مدني أن  لديه أبناء يدرسون هناك، وقد وصف ذلك الابتعاث أنه في إطار ضيق، وهم جميعا لا يتعدون 10 طلاب، اثنان منهم من أبناء مدني نفسه، وذلك للاستفادة من الفرص المجانية التى أتاحتها إيران في ذلك الوقت، عندما كانت العلاقات بين السودان وإيران جيدة.

ومن أبرز مناشطهم كذلك إقامة كل المناسبات الحولية الحسينية واحتفالات الموالد لأئمة الشيعة، وتوجد حسينيات في أماكن غير معلومة في مدينة أبو زبد وما جاورها.

خلاصة:

يتضح من خلال ما سبق الوجود الشيعي الكبير في منطقة غرب كردفان، وهو ما يقتضي ضرورة تجفيف منابع الشيعة، ومتابعة قنوات تمويلهم الذي يساهم في توسع نشاطهم بالمنطقة، وأن يسعى سكان المنطقة والحكومة للتحرك لإدراك ما يمكن إدراكه قبل استفحال انتشار هذا الفكر الضال.

ويحمّل كثير من المراقبين الحكومة المحلية في المنطقة، ورئاسة ولاية غرب كردفان والحكومة في الخرطوم مسؤولية انتشار هذا الفكر، حيث لم يتم تنفيذ توجيهات رئاسة الجمهورية الآمرة بإغلاق مراكز الشيعة بالسودان، حيث لم يطبق هذا التوجيه بمدينة أبو زبد، حيث ظلت دعوة الشيعة مستمرة ومراكزهم مفتوحة واحتفالاتهم جهاراً نهاراً، ولم تضع الحكومة يدها على مركز جعفر الصادق بالمدينة ومركز الحسيني وغيرهما من المؤسسات.

وحذر مراقبون من التساهل مع الشيعة، والذين تتوسع دائرتهم يوماً بعد يوم، وطالبوا بضرورة الإسراع بإغلاق مركزهم وتوقيف نشاطهم، ووضعهم تحت المراقبة المكثفة، وحذروا من خطورة أن يتمدد الفكر الشيعي في السودان من هذه المدينة.

مراجع:

  1. صحيفة الصيحة السودانية، بتاريخ: الجمعة 9 يونيو 2017م، سلسلة حلقات بعنوان: "الصيحة" تقتحم معاقل الشيعة بغرب كردفان.
  2.  حوار مع د. عمار صالح، مدير المركز الإسلامي للدعوة والدراسات المقارنة بالسودان.
  3. قصّة الشيعة في (أبو زبد)، منشور بتاريخ: 11 مارس 2013م، على الرابط:http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1383562536&rn = 

الراصد

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت