الجمعة, 22 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

التغلغل الشيعي بالمغرب

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

لقد ظل الحديث عن الشيعة و التشيع في المغرب، وعدد المتشيعين، وخطرهم على الوحدة الدينية و الوطنية للمغاربة، في نظر الكثيرين حديثا مبالغا فيه ومضخما بشكل كبير، ممن يقزمون ظاهرة التشيع في المغرب ويعتبرونها مجرد تشيع أفراد لا أكثر.

وهو طرح أبدت الأيام مجانبته للصواب، وأكدت الوقائع انخداع أصحابه بالتقية والمراوغة التي غطى بها المتشيعون المغاربة على أجندتهم و تحركاتهم زمنا طويلا.

تقية لم تنفع مع الباحثين والأساتذة المهتمين ممن خبروا المشروع الصفوي الفارسي (1) والأطماع التوسعية الإيرانية، وانتبهوا إلى ما يحاك ضد المغرب، من مؤامرات طائفية تخريبية.

هذا وإن المعطيات التي ترشح يوما بعد آخر، بخصوص هذا الملف، تنبئ باختراق شيعي كبير للعديد من المجالات الحياتية المغربية، و تغلغل عميق في مفاصل متعددة.

تغلغل انتقلت معه الحالة الشيعية بالمغرب من المحاولات الفردية إلى العمل المؤسساتي، ومن العشوائية إلى التنظيم، مما يجعلنا أمام ظاهرة كبيرة ومشروع تبشيري منظم يهدد أمن المغرب و استقراره، بضرب وحدته الدينية و تماسكه المجتمعي.

و من هنا تأتي هذه المحاولة لتسليط الضوء على مكونات الحالة الشيعية بالمغرب ومحاولاتها المستميتة من أجل الاختراق و التغلغل في المملكة المغربية السنية.

تاريخ التشيع في المغرب:

لقد عرف المغرب منذ وصول الإسلام إليه بأنه بلاد أهل السنة و الجماعة على مستوى العقيدة و السلوك، اختار أهله المذهب المالكي في الفقه مذهبا رسميا، مؤسسين بذلك دولة سنية فريدة، تعتز بدينها وتحافظ على ثوابتها.

ثوابت توارثها المغاربة جيلا بعد آخر، في شكل أمانة ثقيلة هي أساس الهُوية المغربية الأصيلة، التي تقتضي صيانَتَها والحفاظَ عليها. وهذا جوهرُ ما دعا إليه ملك البلاد في خطاب العرش للسنة الماضية (2).

و هي ثوابت تختلف في جذورها الدينية و التاريخية و القواعد المؤسسة للتشيع، ولهذا لم يستقر التشيع بالمغرب و لم يدم مقامه بهذه الأرض، منذ تاريخ الدولة العبيدية (3) التي فرضت تشيعها بالقوة مما عجل بزوالها. و التي يحاول المتشيعون الجدد إحياء تاريخها، بالسهر على حلم إقامة دولة شيعية بالمغرب (4).

الحلم الذي اصطدم بحزم الدولة المغربية التي كانت في حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، انطلاقا من عهد الراحل الحسن الثاني -رحمه الله- الذي استصدر فتوى تكفير الخميني يوم أراد استهداف المغرب بتحريك اذرعه و خلاياه النائمة التي زرعها حينا من الدهر، و ما صاحب ذلك من تحركات أجهزت على المشروع في بدايته.

وصولا إلى الملك محمد السادس الذي أكد نهج والده و استمر في قطع الصلة مع أي مناهج و ايديولوجيات خارجية تستهدف المساس بمقدسات وثوابت هذا البلد.

ليتأكد كل ذلك سنة 2009، هذا التاريخ المفصلي في ذاكرة المد الشيعي بالمغرب، عندما قطعت المملكة المغربية علاقاتها بإيران، بعد ثبوت ضلوعها بنشر التشيع والتبشير به، بزرع خلايا شيعية في البلاد، و ما صاحبها من حملة اعتقالات للمتشيعين وتجفيف منابع التشيع بالمملكة.

و مع كل انتكاسة في مشروعها الوسعي الرامي لتصدير مبادئ الثورة الخمينية تحت عباءة التشيع، كانت إيران تعيد ترتيب المكونات و تحديث الخطط، في انتظار مناسبة أخرى.

المناسبة ساهمت بتعجيلها العديد من المتغيرات الدولية، أبرزها حصول تقارب إيراني –أمريكي توج برفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران و رفع اليد عن برنامجها النووي، وكذا بعض المستجدات الداخلية كإقرار دستور 2011، مما أحدث تغييرا كبيرا في مسار الحالة الشيعية بالمغرب.

الحالة الشيعية بالمغرب:

ينشط في المغرب بصورة علنية تياران شيعيان هما: «الخط الشيرازي» المتطرف، و«الخط الرسالي» الذي يصفه البعض تجاوزا بـ (المعتدل). و قد تفرعت منهما عدة تنظيمات، في خطة محكمة لتبادل الأدوار، وتشتيت الانتباه إليهم و إلى تحركاتهم. وطبعا هناك قلة تشتغل خارج هذه التنظيمات.

الخط الشيرازي:

الخط الشيرازي نسبة إلى المرجع الشيعي محمد الشيرازي العراقي، المعروف بغلوه و تطرفه، وهو الذي لا يمل من سب، ولعن الصحابة الميامين و اتهام أمهات المؤمنين، و تكفير المخالفين.

ومنه أخذ تسميته ب"هيئة الإمام محمد الشيرازي" سنة 2012 بعدما كان اسمه"هيئة شيعة طنجة". نسبة إلى المدينة التي يتمركز بها أغلب أتباعه.

يدين أتباع هذا التيار بالولاء لإيران، و يتظاهرون بعكسه، يرتبطون تنظيميا بمشروع الكويتي «ياسر الحبيب» المعروف بالسب واللعن والتكفير، حيث يتصلون به دوريا على قناة فدك، ويطلبون منه تلقين الشهادة لمن أقنعوهم بالدخول في التشيع ممن يسمونهم «مستبصرين»، فيرددون وراءه الإقرار بولاية علي والبراءة من الصحابة، ولعنَ الخلفاء الثلاثة المتقدمين، وعائشة أم المؤمنين.

يعتقدون بتكفير جميع حكام المسلمين، معتبرين أن أي راية ترفع قبل ظهور المهدي صاحبها طاغوت، وينعتون كل من تسمى بأمير المؤمنين بأقبح الصفات، ولا يهمهم المذهب المالكي، لأن صاحبه من المنحرفين عندهم، ويكفرون حتى الصوفية وجميع المخالفين لهم.

هذا وقد قدر بعض الباحثين أن عددهم يتجاوز الألف شيعي (1.000)، وهذا التيار شره واضح وخطره معروف، تفصح عنه بعض المواقع الإلكترونية المحسوبة عليه(شبكة زاوية المعلوماتية) (5) والتي أصبح اسمها فيما بعد "زاوية بريس"، و"هيئة الإمام محمد الشيرازي" (6)، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، المليئة بعداوة هؤلاء الشيعة للمغاربة ملكا وحكومة وشعبا، ودينهم ومقدساتهم وثوابتهم.

و هؤلاء لا يتحرجون من وصفهم بالرافضة بل يفتخرون بذلك، و يؤدون شعائرهم بشكل عادي في بيوت مخصصة لذلك حسب بعض التقارير.

من رموزه المتشيعان المغربيان: هشام الأشقر (مكناس) وصديقه هشام الزواوي (تطوان)، اللذين ظهرا في حلقة مطولة على قناة فدك، بعنوان"دهاء النظام المغربي في محاربة التشيع" يومه تم نشره في 16‏/08‏/2015، و أطلقا ألسنتهما باللعن و التكفير للصحابة و أمهات المؤمنين، و سب و لعن ملك البلاد، و التصريح بعدم الإيمان بإمارته، قبل أن يشتغلا في الخدمة الإخبارية لنفس القناة.

وكذا كبيرهم الذي علمهم التشيع، إدريس هاني (مكناس) ، وياسر الحراق (كندا)، وفاطمة الزهراء حميدوش غيرهم.

و قد تفرعت عن هذا الخط"مؤسسة المواطن الرسالي للدراسات والأبحاث الإسلامية بالمغرب" التي تنشط في العالم الافتراضي، و تتبع لشخص يدعى أبا الفضل المغربي، يلقبه أتباعه ب"سماحة السيد" كان قد ظهر في بعض المقاطع لتوضيح منهجه و دعوة الأمازيغ لمناصرته.

أعلنت هذه المؤسسة على صفحتها الرسمية على الفايس بوك بتاريخ: 05-03-2016، عن قرب أجل افتتاح مكتبها التنسيقي بتطوان التي أسمتها (العاصمة المهدوية)، و أعلنت عن نيتها تعميم فروع للمؤسسة في باقي المدن المغربية، و جعلت المكتب تحت إشراف شخص اسمه السيد الشريف الصديقي، و حملت الحكومة المغربية عواقب أي اعتداء تعسفي ضد فروع المؤسسة التي اعتبرتها غير حكومية، حسب نص البلاغ الصادر بالتاريخ أعلاه، و الموقع من طرف المكتب الإعلامي للمؤسسة، تنسيقية المغرب، و المحرر في مراكش.

و يوجد لهذه المؤسسة نشاط في لبنان حيث درس مؤسسها، و العراق و غيرهما.

إذا كان هذا الخط المتطرف الغالي المفصح عن خبثه خطا خطيرا فالثاني أخطر منه، لتفننه في التقية، وإتقانه المراوغة والخداع، ف«الخط الرسالي» ينتصر لجميع عقائد «الخط الشيرازي» بأساليب ماكرة من باب إعادة قراءة التاريخ، وتجديد فهم النص الديني، ومحاولة تنقيح التراث، وغير ذلك من الحيل الخادعة، حتى وجد من يصفه بـ(المعتدل).

الخط الرسالي:

يشكل هذا التيار الذي أسسه عصام احميدان في 19 يناير 2012، امتدادا للخط الرسالي الشيعي الذي ينشط في بلجيكا و قبله الحركة الرسالية التي ظهرت في العراق، و هو امتداد أيضا لما وضعه اللبناني فضل الله الذي يعتبر مرجعية الشيعة المغاربة "الرساليين" كما يحلو لهم تسمية أنفسهم.

يتمركز أتباع هذا الخط في أغلب مدن المملكة، ويصعب تعقبهم أو تحديد عددهم لمكانة التقية في عقيدتهم، يطلون علينا من موقع رسمي هو موقع الخط الرسالي (7)، والعديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي يبثون فيها عقائدهم وآراءهم الدينية ورؤاهم السياسية، و كذا العديد من المنتديات (منتديات غرفة الغدير المباركة) و (منتديات العترة الطاهرة) و المجموعات المغلقة و المفتوحة في مواصل التواصل الاجتماعي.

تمكن أتباع هذا التيار الشيعي بعد سنوات من العمل السري من الخروج للعلن بعدما تمكنوا من الحصول على ترخيص من المحكمة التجارية بمدينة فاس لإنشاء مؤسسة اقتصادية تجارية خاضعة لقانون الشركات باسم "مؤسسة الخط الرسالي للدراسات والنشر"، بتاريخ 17-03-2014، تحمل السجل التجاري رقم 43423، يديرها خالد بن تحايكت، ادعوا أنها ثقافية بالدرجة الأولى، ونقلوا مقرها إلى مدينة طنجة مناورة و خداعا.

وقد انتدبت المؤسسة حسب بلاغ صادر عنها بتاريخ 13-08-2015، السيد عبدو الشكراني لتشكيل المرصد الرسالي لحقوق الإنسان، التابع قانونا و تنظيما للمؤسسة، و الذي قالت عنه بأنه سيشكل خطوة نوعية في مجال رصد الخروقات التي تطال حقوق الإنسان المغربي وتولي أهمية استثنائية لقضيتي (حرية المعتقد) التي صادق المغرب على البروتوكول الإضافي المتعلق بها في مجلس حقوق الإنسان بجنيف و (مناهضة كافة أشكال التمييز على أساس المعتقد) وهو ما نص عليه تصدير دستور 2011 الجاري به العمل في البلاد الآن .

و أعطت الرئيس صلاحية و مهمة إعداد التقارير التي ينجزها بمعية فاعلين وحقوقيين مهتمين و رفعها إلى الجهات الخارجية المعنية بهذا الملف.

و قد كلفته أيضا بترأس المحاولة التأسيسية الثانية لجمعية "رساليون تقدميون" في 16 من أبريل2016، التي عقد جمعها التأسيس ضدا على الدولة المغربية و قوانينها التنظيمية بمقر الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قبل أن تتدخل السلطات لمنعها.

من أشهر رموزه: عصام احميدان الحسني، محمد محمدي الحموشي، عبد الحفيظ بلقاضي، خالد بنحايكت، نورالدين أبو ريحانة، عبد الله الحمزاوي، عبد الرحمان الشكراني، الحبيب الغايثي، سليمان الهواري الشهور باسم رضا الموسوي، و غيرهم.

و قد خرج عنه تنظيم"المواطن الرسالي" بسبب خلافات حادة حول العديد من القضايا التبشيرية الكبرى: الذي يتزعمه المتشيعان كمال الغزالي و محمد الوالي من وجدة، له موقع رسمي بنفس الإسم (8)، و جريدة ورقية شهرية اسمها "صوت المواطن" صدر العدد الأول منها فقط في 24-02-2016.

هذا حال ما يطفو على السطح بخصوص المشهد الشيعي بالمغرب، تيارات تختلف في المرجعيات و الولاءات و الارتباطات بالخارج، و تتفق في الهدف الأسمى ألا و هو نشر التشيع و التبشير به على أمل إقامة دولة شيعية بالمغرب.

ــــــــــــــــــــــ

1 - ينبغي التفريق بين التشيع العربي الأصيل، و بين المشروع الفارسي الإيراني الذي يتخذ من التشيع غطاء لتمرير أجندته التوسعية وفق مؤامرة دولية بدأت تتكشف بعض أوراقها في العديد من البلدان المستهدفة- بعدما صبغه بالصبغة الباطنية و ألبسه لبوس الطائفية- .

2 - عندما قال:"وخير ما أختم به خطابي لك، شعبي العزيز، أن أذكرك بصيانة الأمانة الغالية التي ورثناها عن أجدادنا، وهي الهوية المغربية الأصيلة التي نحسد عليها. فمن واجبك الوطني والديني الحفاظ على هويتك، والتمسك بالمذهب السني المالكي الذي ارتضاه المغاربة أبا عن جد"(مقتطف من نص الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش المجيد، يومه الخميس 30 يوليوز 2015).

3 - يحاول الشيعة المغاربة الترويج بأن دولة الأدارسة هي أول دولة شيعية بالمغرب، و هو الشيء الذي يكذبه تاريخها الذي يشهد بأن التشيع في هذه المرحلة لم يكن سوى قضية سياسية، وانتماء لمعسكر المطالبين بحق آل البيت في الخلافة، ومناهضة للتسلط الذي بدأ ينشأ في رحاب الملك العباسي، فحب آل البيت ونصرتهم ومؤازرتهم وادعاء أحقيتهم بالخلافة هي عناصر التشيع عندها، وقصاراه تفضيل علي على عثمان رضي الله عنهما، وليس أكثر من ذلك، كما يرى كثير من الباحثين و المهتمين.

قرائن إذا أضفنا إليها أن القضاء في عهدها كان على المذهب المالكي، الذي يطعن فيه شيعة اليوم وفي صاحبه، و محاربة الدولة العبيدية (الفاطمية) لها حتى إسقاطها، فإنها تكفي للحكم بأن الدولة العبيدية (الفاطمية) هي أول وجود حقيقي لدولة شيعية بالمغرب.

4 - حيث يعتقد الشيعة حسب بعض مروياتهم أن شمسا ستشرق من المغرب و تكون دليلا و مبشرا بظهور إمام الشيعة الثاني عشر. و هو ما فسره الكويتي ياسر الحبيب، بشمس التشيع في المغرب و تحدث بثقة أن هناك دولة شيعية ستنشا في المغرب على يد هؤلاء الشيعة الجدد كما وصفهم في احد المقاطع المرئية على اليوتيوب.

5 - http://www.zawyah.org

6 - https://chiatanger.wordpress.com

7 - http://www.ressali.com

8 - http://www.almowatenarrissali.net

(شبكة الدفاع عن السنة)

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت