فتحت حادثة انهيار برج بلاسكو في طهران أبواب التحذير والإنذار من تكرار مثل هذه الحادثة نظرا لتهالك عامة الأبراج والمباني وقدمها، لدرجة التحذير من احتمالية اعتبارها قنابل موقوتة قد تودي بحياة الملايين في حال تعرضت هذه المدينة لهزة أرضية أو هجمة عسكرية، وخاصة أن طهران تقع على حزام نشط بالزلازل ونظامها يجر المنطقة إلى تصادم عسكري غير آبه بنتائج سياساته العدائية تجاه شعوب وأنظمة المنطقة.
وحاليا تعتبر طهران من أكثر مدن العالم خطورة من حيث انعدام الأمان في غالبية مبانيها، حيث تم اعتماد ما يقرب من 5 آلاف مبنى داخل العاصمة طهران كمبان غير آمنة وقد تتعرض للانهيار بأي وقت كما حدث لبناية بلاسكو مؤخرا، ما جعل مجلس بلدية طهران يدق ناقوس الخطر ويعقد عدة جلسات لمناقشة هذا الموضوع بعد حادثة انهيار برج بلاسكو، ويعلن عن وجود 4900 مبنى غير آمن في طهران.
وما يزيد الطين بلة أن إمكانيات الحكومة الإيرانية والأجهزة المختصة في التعامل مع الحوادث والكوارث متواضعة جدا، وقد كشفت الحوادث السابقة مثل حادثة بلاسكو ضعف التعامل مع مثل هذه الكوارث، كما اعترف مساعد وزير الداخلية ورئيس لجنة الأزمات في إيران “إسماعيل نجار” بذلك، وقال: “نحن الآن غير مستعدين للتعامل مع الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، وسأقول بجرأة في حال وقع زلزال فإن مليون و800 ألف شخص سيفقدون أرواحهم خلال اليوم الأول من وقوع الزلزال” وأضاف: إن الحديث عن وقوع زلزال مدمر في العاصمة طهران ليس شائعة، بل هناك تقارير تؤكد على أن بداية هذا الزلزال ستنطلق من سلسلة الجبال الوسطى المحاذية للعاصمة”.
وبشكل متوسط فإن كل 170 عاما يقع زلزال فوق 7 درجات على مقياس ريختر في طهران، ونحن الآن قد تجاوزنا هذه الفترة، لذا فإن الخبراء إضافة إلى ذلك يحذرون من وقوع زلزال مدمر في طهران بأي وقت، وعلى الحكومة الإيرانية النظر إلى هذا الموضوع ببالغ الأهمية، وخاصة أن أغلب المباني التجارية والسكنية والمدارس متهالكة وقديمة وغير آمنة، ولا تستطيع مقاومة أبسط الزلازل، وتحدثت وكالة أنباء فارس في تقرير عن قدم المباني في طهران وعدم صيانتها، ونقلت تأكيد المسؤولين من أن 30% من المدارس الإيرانية متهالكة ومعرضة للانهيار.
إن بناية “بلاسكو” كانت منذ وقت عبارة عن قنبلة في حالة انفجار بسبب عدم وجود رقابة وإشراف على مثل هذه البنايات، وخاصة أنه كان في الطوابق العلوية مصانع فيها أجهزة ثقيلة، والسلالم كانت مليئة بالمعدات والبضائع، ومثل بناية بلاسكو الكثير من المباني المتهالكة في طهران، وفي حال حدث زلزال فإن نحو مليوني نسمة في الوهلة الأولى سيكونوا ضحية هذا الزلزال بسبب تهالك المباني، وبعد إغلاق الطرق وعدم القدرة على التوصل للضحايا لإنقاذهم سيصبح أعدادهم بضعة ملايين.
وفي نفس السياق، حذرت تقارير دولية من وقوع زلزال في طهران، وقالت إن العاصمة الإيرانية واحدة من بين خمس مدن عالمية معرضة لخطر الزلازل التي من المتوقع أن تكون بقوة 7 على مقياس رختر، ويعيش في طهران نحو 14 مليون نسمة في مبان تفتقد أغلبها لمعايير وإجراءات سليمة لمواجهة الزلازل، الأمر الذي يزيد من الضحايا في حال حدوثها.
ما يزيد الوضع سوءا أيضا أن شبكة الغاز في العاصمة طهران لم تنشأ بشكل يتناسب مع تعرضها للزلازل، وهذا الأمر قد تم التحذير منه مرارا من قبل المختصين، ولكن على ما يبدو أن حكومات النظام الإيراني لم تفعل أي شيء حتى الآن، سوى تصريحات وخطابات، لرفع درجة الأمان في المباني المعرضة للانهيار بأي وقت.
المصدر|مركز المزماة للدراسات والبحوث