الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

المراكز الثقافية الإيرانية في أوروبا: قوى ناعمة لدعم الميليشيات

الأخبار - كريم شفيق | Tue, Jul 28, 2020 11:17 AM
الزيارات: 658
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

تتخطى المراكز الثقافية والاجتماعية التابعة لإيران في الغرب، طبيعة الأدوار الخدمية والأنشطة المعرفية، إلى توظيف تلك المنصات، ومن ثم، تحويلها إلى أدوات أيديولوجية، لممارسة الدعاية السياسية والعقائدية لنظام الولي الفقيه، وذلك لبناء شبكة واسعة وممتدة، يكون بمقدورها تشكيل عدة اصطفافات بين المهاجرين العرب والمسلمين من ناحية، وبعض الدوائر السياسية في الخارج، من ناحية أخرى، لتحقيق الهيمنة والتأثير، إضافة إلى تمرير الأهداف الإقليمية والخارجية على الساحة الدولية.

أذرع إيران في أوروبا

بيد أنّ المساحات الهائلة التي حظيت بها تلك المراكز في أوروبا، وسمحت لها بالنشاط تحت غطاء العمل الخيري والتنموي، بدأت تتقلص وتتراجع، مؤخراً، إثر سقوطها في مدارات الأمن والاستخبارات الغربية؛ إذ كشفت عن دعمها المالي واللوجيستي لكيانات وأفراد، مصنّفين على قائمة التنظيمات الإرهابية، وتشكّل تهديدات أمنية في مناطق تواجدها بأوروبا أو منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن ولائها المباشر للأجهزة الأمنية والميلشيات العسكرية، سواء في إيران مباشرة أو وكلائها الإقليميين، لا سيما الحرس الثوري، وفيلق القدس، وحزب الله اللبناني.

وتشير إحصائيات الموازنة العامة في إيران، الصادرة العام الماضي، إلى حجم النفقات الضخمة التي يتم تخصيصها لدعم المراكز الثقافية والدينية بالغرب، من جهة، وزيادة المخصصات المالية ومضاعفتها بشكل متواصل، من جهة أخرى؛ حيث تمّ ضخّ 31,1 تريليون ريال (853 مليون دولار) في الميزانية المنتهية، في آذار (مارس) عام 2019، لحساب 12 مؤسسة ثقافية ودينية، بهدف تعزيز البرامج الأيديولوجية للنظام الإسلامي في طهران، وذلك بزيادة تقدر بنسبة 9% عن عام 2018.

ثمة سياسة جديدة بالغرب قد طرأت وسط تلك المتغيرات، مهّدت إلى تجميد أنشطة تلك المنظمات، وتعقّب ممارساتها وأنشطتها بدقة؛ حيث أدرجت ألمانيا وبريطانيا وهولندا وكندا والولايات المتحدة حزب الله، بجناحيه السياسي والعسكري، على قوائم الإرهاب، وذلك بعد أن كانت لفترة طويلة تتجه إلى التفريق بينهما، وهو الأمر الذي لطالما سخر منه الحزب نفسه، بينما يعدّ كياناته وهياكله وحدة كاملة.

أوروبا ضدّ طهران

ففي بريطانيا؛ أعلن وزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، إدراج الجناح السياسي لحزب الله اللبناني على قائمة التنظيمات الإرهابية المحظورة في المملكة المتحدة، في خطوة باتجاه تضييق الخناق على حزب الله، وأذرعه المنتشرة في الدول الأوروبية، وقد سبق الحظر البريطاني حظر هولندي.

ورأى وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير، أنّ بعض المراكز الشيعية في فرنسا تعمل على إضفاء الشرعية على "الجهاد المسلح"، بحسب وصفه، سواء من خلال البرامج الدينية، أو عبر نصوص توضع بواسطة رواد هذه المراكز ومن دون ضوابط، إضافة إلى تلقين الشباب في مركز "الزهراء" أدبيات الجهاد، وتقديم تبريرات عن طريق شبكة الإنترنت، لمنظمات مثل حزب الله اللبناني وحركتَي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتَين، وجميعها مدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.

كما أبرز بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، مخاوف عديدة من الأنشطة العدائية التي تقوم بها طهران في المنطقة العربية، ودعمها للميلشيات المسلحة في دول الإقليم، وخلق بؤر توتر طائفي وعسكري بها؛ حيث فرضت عقوبات اقتصادية ضدّ النظام في طهران، شملت تجميد أصول مالية تابعة للاستخبارات الإيرانية، وأفراد تابعين لها، وذلك بعد الكشف عن تورّط دبلوماسيين إيرانيين في التخطيط لعمليات إرهابية، في هولندا والدنمارك وفرنسا.

أنشطة حزب الله العدائية

تواصل ألمانيا، منذ أن حظرت أنشطة حزب الله، في نيسان (أبريل) الماضي، وتصنيفه ضمن الجماعات الإرهابية بكامل هياكله، تواصل متابعة الهيئات التابعة له، والأفراد المنخرطين في سياساته المختلفة؛ حيث قامت المخابرات الألمانية، قبل أيام قليلة، بالكشف عن أحد المراكز الاجتماعية المتورطة في دعم الميليشيات اللبنانية (يقصد حزب الله)، من خلال جمع تبرعات مالية وإرسالها للحزب، بدعوى العمل الخيري، حسبما أوضح تقرير صادر عن الجهاز الأمني، في بريمن، شمال ألمانيا، موضحاً أنّ "مركز "المصطفى" يجمع الأموال ويحوّلها إلى حزب الله، وعائلات مقاتلي الحزب، كما يلعب دور الجامع بين مناصري الميليشيات في المدينة الألمانية والقيادة في لبنان"، لكن لم يذكر التقرير الاستخباراتي حجم المبالغ التي أرسلت أو جمعت حتى اللحظة.

وبحسب تقرير المخابرات الألمانية؛ فإنّ هناك ما يربو عن 1050 من أنصار حزب الله وأعضائه في ألمانيا، ويعدّ جمع التبرعات أحد أهم مهام المراكز الثقافية التي يستغلها عناصر حزب الله، كنقاط لتجمّعهم ولقاءاتهم"، بينما لفت إلى أنّ "هذه الجمعيات الدينية والثقافية تتميز بجهود تقوية أواصر اللبنانيين الذين يعيشون في هامبورغ مع حزب الله"، حيث يتواجد "30 من أنصار حزب الله في هامبورغ".

المخاوف الأمنية الأوروبية تجاه تلك المؤسسات الإيرانية، يمكن أن نراها من خلال طبيعة التحرك الإيراني، ليس باعتباره دولة فحسب، وإنما هوية وشبكة أمنية وأيديولوجية، عابرة للحدود، حسبما يقول الباحث المصري، محمود أبو القاسم، المتخصص في الشأن الإيراني، توظف المراكز الشيعية الإيرانية، والمراكز الثقافية، والسفارات، ورجال الدين، باعتبارهم فواعل ضمن المنظومة السياسية والعقائدية.

ويضيف: "هذه الشبكة نجحت في التأثير والتغول في بعض بلدان المنطقة العربية؛ حيث جعلت إيران رقماً ضمن معادلة الصراع الإقليمي، ونجحت في تحقيق هدفها الأمني بنقل معاركها خارج الحدود، ومن ثم امتلاك القدرة على التأثير على القوى المنافسة مع عدم تحمّل المسؤولية بصورة مباشرة".

كما يرى الأوروبيون أنّ هذه المراكز تروّج لأفكار تناقض القيم الأوروبية وتهددها؛ حيث تعكس نموذجاً سلطوياً على النقيض من الأنظمة الديمقراطية في الغرب، بحسب أبو القاسم، بينما تؤثر من خلال عمليات الاستقطاب الديني على حالة التعايش الداخلي، والاندماج في هذه المجتمعات، ما يسهم في تغذية التعصب والاغتراب لدى المسلمين الأجانب، وخصوصاً الشيعة، وفي الوقت ذاته، تؤدلج هذه المراكز الأقليات الشيعية وتستخدمها كأوراق ضغط، وأحياناً تجندها لتنفيذ أعمال غير مشروعة لصالح إيران على الأراضي الأوروبية.

ويختتم بأنّ "حملة التعقب لم تتوقف عند المستوى الرسمي، بل أخذت طابعاً غير رسمي، حيث أصبحت خطورة ممارسات هذه المساجد والمراكز التابعة لإيران مجالاً لسجال سياسي وإعلامي، وتخضع للنقاش والتداول بين سياسيين وقيادات حزبية ومجتمعية، ما يعني تزايد الزخم المرتبط بتقييم خطورة هذه المراكز، وتنامي دورها السلبي على مستوى الرأي العام الأوروبي".

المصدر: حفريات

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت