لم تتوقف الحرائق والحوادث الغامضة التي طالت منشآت في إيران خلال الأشهر الأخيرة، فقد كانت الحوادث كثيفة، لدرجة يصعب التصديق أنها عشوائية.
وبحسب موقع "ناشونال إنترست" الأميركي، فإن هذه الحوادث تبدو على الأرجح جزءا من جهد منظم.
وبدأ الأمر بسلسلة حرائق طالت مناطق شتى في إيران، بما فيها العاصمة طهران، الأمر الذي أبرك السلطات وأثار حيرة المراقبين.
وأرجع مسؤولون في النظام الإيراني الحرائق إلى الطقس الحار والنزاعات بين المزارعين، لكن آخرين كانت لديهم آراء أخرى مفادها أن الحرائق مدبرة.
لكن المنحى تصاعد مع وقوع حوادث غامضة طالت منشآت حساسة في أواخر يونيو الماضي وأوائل يوليو الجاري.
واستهدف الحادث الأول منطقة جبلية شرقي العاصمة، يعتقد محللون أنها تحتوي على شبكة أنفاق تحت الأرض لتخزين الأسلحة ومواقع لإنتاج الصواريخ، وربما لها علاقة بنشاط إيران النووي.
وجاء الانفجار الثاني في موقع قيد الإنشاء في مجمع نطنز النووي، ليزيد من الشكوك بأن الحرب بدأت تحل بالفعل مكان السبل التقليدية في التصدي لبرنامج إيران النووي.
وبعد إنكار وتهوين، اعترفت طهران بأن الحادثة في منشأة نطنز تسببت في أضرار فادحة.
وتصاعدت حدة التكنهات بأن الحادث عمل مدبر، خاصة بعدما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن ما جرى هجوم إسرائيلي بقنبلة، لكن تل أبيب نفت صلتها بالأمر.
ويقول "ناشونال إنترست" إنه من الأفضل عدم نسبة هذه الأحداث إلى جهة ما، خاصة أن أي أحدا لم يعلن مسؤوليته عنها.
لكن الأجواء والظروف تشير بقوة، كما تعكس ذلك التقارير الصحفية، إلى رجلين اثنين: رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتانياهو، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولدى حكومتي الاثنين سجل حافل في توجيه ضربات ضد إيران.
وكان العمل الأميركي الأكثر وضوحا ضد إيران هو اغتيال الجنرال قاسم سلمياني في بغداد بصاروخ أطلقته طائرة من دون طيار، مطلع يناير الماضي.
إسرائيل، من جهتها، وجهت سلسلة ضربات لإيران شملت اغتيال علماء نوويين، وكان هؤلاء المُغتالون جزءا من حملة أوسع لتل أبيب ضد طهران في الشرق الأوسط، تشمل على سبيل المثال قصف عشرات المواقع الإيرانية في سوريا، حتى أصبح هذا الخبر شبه يومي.
ولم تعلن إدارة ترامب أو حكومة نتانياهو الحرب على إيران رسميا، لكنهما في خضم ترتيب إجراء ما، بحسب الموقع.
الإدارة الأميركية قالتها بوضوح إنها عاقدة العزم على إلحاق أشد ضرر ممكن بإيران، وذلك بوسائل عديدة منها العقوبات، أما خطاب إسرائيل فهو شديد العداء لطهران.
واعتبر موقع "ناشونال إنترست" إن الخطوات ليست جزاءا مما يعرف مرحلة مواجهة العنيفة الأقل من الحرب، كما يصفها البعض، بل إنها حرب حقيقية.
وتقليل النظام الإيراني من خطورة هذه الهجمات والتهوين من شأنها، فضلا عن ضبط النفس، جزء من سياسة إيرانية عامة، بحسب موقع "ناشونال إنترست" الأميركي.
ويقول الموقع إن ساسة طهران يعولون على تاريخ 20 يناير 2021، لعله يجلب رئيسا جديدا إلى البيت البيض، لذلك فهم لا يريدون خوض أي مغامرة قد ترفع من شعبية ترامب، بما يؤدي إلى إعادة انتخابه.
ويفعل الإيرانيون ذلك على الرغم من أن سياسة ضبط النفس تبدو خطيرة، إذ ستظهرها بمظهر الضعف.