الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الملف| البلوش... شعب سُني كبير تحت الاضطهاد

المجلة - | Sat, May 26, 2018 8:06 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< الخميني أسس فرقا تحت إشراف فيلق «القدس» لملاحقة علماء البلوش وتصفيتهم جسدياً

<< نظام الملالي يعامل البلوش كمواطنين من «الدرجة الثالثة».. ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية

<< البلوشستان خاضوا ثورات مسلحة لنيل استقلالهم بعد تعرضهم للاضطهاد المذهبي والسياسي

 

البلوش، أو البلوشستان، هم إحدى الشعوب الإيرانية السُنية الكبرى التي تتعرض منذ مطلع القرن الماضي وحتى الآن، للاضطهاد السياسي والمذهبي والثقافي من قبل نظام الملالي الحاكم في طهران، لا لشيء إلا لأن «البلوش» من أهل السنة المخالف لعقيدة حكام إيران الطائفيين، ويكافحون من أجل استعادة استقلالهم السياسي وتقرير مصيرهم بأنفسهم، وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.

وتبلغ مساحة «بلوشستان» إيران حوالي 70 ألف ميل مربع، فيما يبلغ عدد سكان الإقليم 3ملايين نسمة، أي بنسبة نحو (2 إلى 3%) من تعداد سكان إيران الكلي، غالبيتهم العظمى من أهل السنة.

وتذهب بعض الآراء التاريخية إلى أن البلوش ينحدرون من عرب اليمن، وقد هاجر أحد أجدادهم إلى بلوشستان سنة 300 قبل الميلاد، وهم في طبائعهم وأخلاقهم أقرب إلى القبائل العربية منهم إلى الفرس أو الهنود.

وقد بدأ الفتح الإسلامي لبلوشستان في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، واستمر في العهد الأموي، والبلوش مسلمون سُنة، وهذا ما يفسر ازدياد تسلط النظام الإيراني عليهم، وهم يتحدثون اللغة البلوشية مع لهجات أخرى.

«تفريس» وتشييع البلوش

استطاع البلوش على مر التاريخ تكوين إمارات وممالك مستقلة بدءا من القرن الرابع عشر الميلادي. وفي مرحلة الاستعمار الحديث أصبحت بلوشستان جزءا من الإمبراطورية البريطانية في الهند، وأُلحق قسم كبير من مناطق البلوش بأفغانستان التي استقلت منذ عام 1747، وأصبحت أقاليم مكران وسيستان جزءا من إيران منذ العام 1928، حيث ضمها الشاه رضا بهلوي إلى إيران بالقوة، وحاول الإيرانيون «تفريسها» وتشييع السنة من أهلها، وإقصاء ثقافتها بكل السبل الممكنة، فضلا عن إعدام عشرات الناشطين البلوش المناهضين للحكم الفارسي.

ومنذ ذلك التاريخ، خاض البلوش كفاحا طويلا وصعبا لأجل استقلالهم أو لأجل حكم ذاتي وللحفاظ على هويتهم وثقافتهم، ودخلوا في سلسلة من الثورات المسلحة ضد إيران، كان أشدها ضراوة الثورة التي وقعت بين عامي 1973 – 1977.

وبعد سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي في إيران عام 1979، بدأ البلوش تحركا فوريا للتعبير عن هويتهم وحقوقهم، ولكنهم وجدوا أنفسهم مرة أخرى في مواجهة مع النظام السياسي الجديد في إيران، وتم حظر الأحزاب السياسية البلوشية، وبدأ البلوش في مواجهة تمييز واضطهاد من نوع جديد قائم على أساس طائفي.

سعى البلوش منذ سنوات طويلة إلى تحقيق أربعة مطالب أساسية، وهي: التنمية الاقتصادية للإقليم المهمل من قبل الحكومات الإيرانية، والمساواة والعدل في توزيع الثروات والعائدات، مع إتاحة الفرصة لبناء مساجد سنية ومدارس في بلادهم، وتوقف السلطات الإيرانية عن ملاحقة علماء البلوشستان السنة وقتلهم.

في المقابل، عمدت السلطات الإيرانية إلى طمس هوية الشعب البلوشي عن طريق فرض اللغة الفارسية في الوظائف المهمة والمكاتبات الحكومية، وفرض الثقافة الفارسية في كل مناطق الإقليم. ولكن هذه المحاولات الإيرانية قوبلت بمعارضة البلوش وإصرارهم على المحافظة على لغتهم وعاداتهم، وإن كان نتيجة هذا الصمود البلوشي حرمانهم من المناصب المهمة في الدولة الإيرانية.

وفي هذا الصدد، تعامل السلطات الإيرانية البلوش كمواطنين من الدرجة الثالثة، حيث يُحرم الشعب البلوشي من أغلب الحقوق الإنسانية، فأطفالهم يمنعون من تلقي التعليم بلغتهم الأم، أي اللغة البلوشية، ولا يتمتعون بتسهيلات تربوية كافية لإعدادهم ورعايتهم، ويعاملون جميعهم بطرق طائفية وعنصرية بسبب قوميتهم البلوشية ومذهبهم السني.

ويزخر سجل إيران، منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979، بعمليات الاغتيال والتصفية التي تطال العلماء السُّنّة في الأقاليم المحتلة من إيران، حيث أسس نظام الخميني فرقا خاصة تحت إشراف فيلق «القدس» الإرهابي تلاحق العلماء البلوش لتصفيتهم جسدياً.

ويقوم نظام الملالي بطريقة جديدة في تصفية علماء البلوش بوضع السم في الأكل والشرب، ولأن علماء البلوش أكبر عائق أمام مخططاتهم الخبيثة قرر النظام وضع سم في خزان مياه في حفل تكريمي حضر فيه كبار علماء البلوش في بلوشستان بمنطقة «كره ون»، وفشل مخططهم.

ومن بين العلماء السُنة الذين تم تصفيتهم من قبل فيلق «القدس» الإرهابي التابع لـ«الحرس الثوري»، الشيخ عبد الستار، إمام أهل السُّنّة والجماعة في مدينة خاش البلوشية، والشيخ يار محمد كهروزي، إمام أهل السُّنّة والجماعة في مدينة خاش البلوشية، والشيخ علي دهواري، مدير مدرسة إمام محمد البخاري، والدكتور عمران دهواري، نجل الشيخ علي دهواري، ومولوي صلاح الدين موحد إمام جمعة مدينة زرنج نيمروز، والشيخ عبد العزيز يعقوب الكردي، أحد كبار رجال الدين السنة في إقليم بلوشستان، الشيخ عبد الله براهوئي، أحد علماء أهل السنة في مدينة زاهدان، مولوي مصطفي جانجي زهي، أحد علماء أهل السنة في مدينة زاهدان.

انتفاضات مسلحة

لم يقف الشعب البلوشي مكتوف اليدين إزاء الاحتلال الإيراني لبلاده، بل لعل جبهة بلوشستان هي أكثر الجبهات اشتعالا، وتكبّد القوات الإيرانية الخسائر المادية والبشرية، وفي حين نهج بعض أبناء بلوشستان إيران النهج السلمي في المعارضة، رأى آخرون أن نظام الملالي لا يُرتجى منه عدل، وأسسوا عدة أحزاب وتنظيمات مسلحة لمقاومة الاحتلال الإيراني وحماية أهل السنة في بلوشستان.

وتتنوع توجهات هذه التنظيمات ونظرتها إلى الجمهورية الإيرانية، بين من يطالب بالاستقلال عن الكيان الإيراني، وتحقيق استقلال بلوشستان، وبين من يريد إقامة نظام فيدرالي وحكم ذاتي في إطار الدولة الإيرانية، لكي يتمكن البلوش من الاستفادة من خيرات بلادهم التي نهبها النظام الإيراني، وبالتالي تحسين أوضاعهم المعيشية، إضافة إلى حماية كيان أهل السنة وعقيدتهم التي يحاربها هذا النظام.

وتعتبر جماعة «جند الله» أبرز تنظيم سني مسلح في بلوشستان إيران، وقد دأبت الجماعة على تنفيذ عمليات نوعية ضد قادة وأفراد «الحرس الثوري» الإيراني، ومنتسبي قوات الأمن الإيرانية، إضافة إلى خطف بعضهم لمبادلتهم بالمعتقلين السنة من أهل بلوشستان في سجون النظام، وإزاء ذلك شنّت قوات النظام حملة ضد الجماعة وأفرادها، وتمكّنت من اعتقال زعيمها عبد المالك ريغي، ثم إعدامه في يونيو 2010، لكنّ تلك الخطوة لم تقض على الجماعة، إذ ما زالت ناشطة في محاربة «الحرس الثوري».

وكرد فعل لهذا الإقصاء والتهميش، تشكلت حركة بلوشية انفصالية سنية مسلحة عام 2002، تحت اسم «جند الله» وتحظى بانتشار واسع لدى البلوش الإيرانيين، وقامت الحركة بعدة عمليات نضالية، إلا أنها لم تلق دعما حقيقيا من حيث التمويل والمساندة السياسية.

وأعدمت سلطات نظام الملالي في 20 يونيو 2010 عبدالملك ريغي، زعيم الحركة، شنقا، بعد سلسلة من العمليات المسلحة في محافظة سيستان بلوشستان، كما أعدمت شقيقه أيضا في جنوب شرق إيران.

ويطالب أعضاء «جند الله» بإنصاف الشعوب الأخرى في إيران، مثل عرب الأحواز والأكراد، ويطالبون بتقسيم الثروة تقسيماً عادلا.

وإلى ذلك، يؤكد الناشط السياسي الشيخ أبو منتصر البلوشي أنه «يجب دعم أهل السنة في إيران، والدعم الأهمّ والأول يتمثل في إنشاء محطات إعلامية فضائية باللغة الفارسية، توجّه إلى إيران، فهي تفعل فعل السحر في تلك البلاد، التي ستحفظ من جهة إخوتنا من القوميات العربية السنية من الذوبان في القالب الصفوي الفارسي، ومن جهة أخرى سيتسنّن كثيرون من عقلاء الشيعة عندما تتبيّن لهم الحقائق، وتدحض الشبهات والمقولات الباطلة التي يغذيها الإعلام الإيراني ويشوّه بها أهل السنة ومذهبهم».

ويمكن للدول الإسلامية إثارة قضية بلوشستان من خلال المنظمات الدولية المختصة كمنظمة المؤتمر الإسلامي، كما يمكن إثارة انتهاكات إيران الواضحة من قتل الأبرياء وهدم المساجد والمدارس ومصادرة الأراضي وتهجير أهلها أمام الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان، وإن ذلك من شأنه أن يخدم الدول الإسلامية والبلوش على حد سواء، ويعري إيران وسياساتها وأطماعها في منطقة الشرق الأوسط برمتها.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت