<< استحوذ التحالف الشيعي المكون من «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفاؤهم من طوائف أخرى على أكثر من نصف مقاعد البرلمان
<< زعيم الحزب الطائفي «نصر الله» وكيل جنرال الحرس الثوري الإيراني «قاسم سليماني» في لبنان، يهيمن على أركان ومفاصل الدولة
تقرير - محمود رأفت
هيمن تحالف «حزب الله» على لبنان، حيث أظهرت نتائج الانتخابات اللبنانية إحراز تحالف «حزب الله" و«حركة أمل» تقدمًا كبيرًا، على حساب تياري، «الوطني الحر»، الذي ينتمي إليه رئيس البلاد ميشال عون، و«المستقبل»، بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري.
وقد استحوذ التحالف الشيعي المكون من «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفاؤهم من طوائف أخرى على أكثر من نصف مقاعد البرلمان وبالتالي يتجهون للهيمنة على المشهد السياسي في لبنان.
الحزب بقيت أعداد نوابه عند حوالي 13 مقعدا أي كما هي أو تغيرت قليلا منذ عام 2009. لكن المرشحين الذين دعمتهم الجماعة أو المتحالفين معها (من الطوائف الأخرى) حققوا مكاسب ملحوظة.
ونستطيع أن نقول اليوم أن ما كان يردده القادة الإيرانيين عن هيمنتهم على الدولة اللبنانية أصبح واقعا، وأن زعيم الحزب الطائفي «نصر الله» وكيل جنرال الحرس الثوري الإيراني «قاسم سليماني» في لبنان، بات يهيمن على أركان ومفاصل الدولة اللبنانية.
وما يجري اليوم في لبنان، هو نتيجة طبيعية لما يجري في سوريا، من احتلال إيراني قوامه عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة متعددي الجنسيات.
ولكن مع هذا فمن غير الوارد حصول الحزب الشيعي والمتحالفين معه على أغلبية الثلثين التي تخولهم إصدار قرارات كبرى مثل تغيير الدستور.
قانون النسبية
هذه أول انتخابات عامة تجرى في لبنان منذ 9 سنوات، حيث تم التمديد للبرلمان، بسبب خلافات بين الفرقاء على سن قانون الانتخاب الجديد.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ لبنان، التي تجرى فيها الانتخابات البرلمانية على أساس النظام النسبي، وذلك في 15 دائرة انتخابية، لاختبار 128 نائبا لمجلس النواب (البرلمان).
حيث أقرّ مجلس النواب اللبناني في يونيو/ حزيران الماضي، قانونًا انتخابيًا جديدًا يعتمد أساس النسبية. وبحسب القانون الجديد يتم توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في الانتخابات.
احتفالات طائفية
احتفل أنصار «حزب الله» اللبناني بتقدم مرشحيهم في الانتخابات البرلمانية، وتداول ناشطون وإعلاميون لقطات مصورة من العاصمة بيروت، تظهر احتفال مجموعة من أنصار «حزب الله»، مرددين هتافا طائفيا بالقول: «بيروت صارت شيعية»، فيما قام عدد من أنصار الحزب، بنزع لافتات كبيرة تحمل صور رئيس الوزراء سعد الحريري.
وقد وصل الأمر إلى اندلاع اشتباكات بين مناصري ميليشيات «حزب الله» و«حركة أمل» والجيش اللبناني أثناء مطاردة الأخير لهم في بشارة الخوري – بيروت.
نتائج كارثية
علي الشيخ عمار رئيس المنظمة اللبنانية للعدالة أكد أنه: «مع هذا القانون السيء الذكر وما تمخض عنه من نتائج إنتخابية، سيكون لبنان عرضةً لفوضى كارثية عنوانها المزيد من السلاح المشبوه الذي يحظى برعايةٍ حكومية واحتضانٍ كاملٍ من قبل الجيش والقوى الأمنية جميعها».
فيما قال أندرو تابلر من معهد واشنطن إن وضع الحريري «سيكون أضعف في أي حكومة قادمة. وقدرته على وضع حد أو كبح جماح مليشيا حزب الله، في لبنان ستكون محدودة جدا».
خسائر الحزب
ومني حزب الله بحسب «رويترز» بخسائر في أحد معاقله وهي دائرة «بعلبك-الهرمل» الانتخابية، وحصل معارضو حزب الله على مقعدين من أصل عشرة هناك، أحدهما ذهب لحزب القوات اللبنانية بينما نال تيار المستقبل المقعد الآخر. وفشل حزب الله في إيصال مرشحه الشيعي في مدينة جبيل الساحلية القديمة إلى البرلمان.
الأسباب
يقول الكاتب مهند الحاج علي: الفارق بين الناخبين الشيعة وبين نظرائهم في الطوائف اللبنانية الأخرى لافت. كل الطوائف اقترعت بشكل متنوع إلا الشيعة بدوا كأنهم كتلة عسكرية مرصوصة ترى في الانتخاب طقساً دينياً أكثر منه عملاً ديموقراطياً. حتى الطائفة الدرزية المعروفة بتماسكها ككتلة ناخبة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط كانت أكثر تنوعاً في أصواتها. سقوط أشرف ريفي نفسه لم يك متوقعاً، وقد يؤشر لتحديات سيواجهها مع السلطة في الفترة المقبلة. وكذلك تفاجأنا بخسارة الحريري هذا العدد من المقاعد في بيروت، وأيضاً بالحجم الكبير نسبياً لكتلة القوات اللبنانية. حجم هزيمة المجتمع المدني والمستقلين بأنحاء لبنان كان لافتاً، وبإمكاننا أن نستفيض في الحديث عنها دون طائل.
وتابع: «صحيح أن هذه ظواهر أساسية وعلينا فحصها وفهمها. لكن كل هذا الحديث في مكان، وعودة رموز العهد السوري في لبنان في مكان آخر. جميل السيد، إيلي الفرزلي، البير منصور، جهاد الصمد، فيصل عمر كرامي،عبد الرحيم مراد، أسامة سعد، التمثيل الثلاثي للحزب السوري القومي الاجتماعي شمالاً وجنوباً، وجوه ترمز الى حقبة قديمة جديدة في هذا البلد. في كلام مراد وكذلك كرامي حديث واضح عن هذه العودة وأهميتها واشارات واضحة إلى انتخابات 2005 و2009 بصفتهما ماضياً مُظلماً ولى، وأن عهداً جديداً من الإنماء انطلق مع هذه النتائج».
وختم بالقول: «كيف نقرأ أن طرابلس لم تُسقط ريفي فحسب، بل انتخبت كتلة وازنة لأصدقاء وحلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، في حين اقترع آلاف من سُنّة بيروت لعدنان طرابلسي مرشح جمعية المشاريع (الأحباش) المتحالفة مع النظام السوري وأيضاً لرجل الأعمال البراغماتي فؤاد مخزومي؟ الكُتلة السنية الناخبة أدلت بدلوها في مستقبل البلاد، ولم تعد بشق كبير منها تثق برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. فالحريري أثبت المرة تلو الأخرى أنه لا يقرأ النتائج جيداً، ولا يتعلم من أخطائه أبداً. والأرجح أن شيئاً لن يتبدل هذه المرة، رغم وعوده لا في فريقه ولا في تياره المترهل بقيادة ابن عمته، ولا حتى في لغته وسلوكياته السياسية. التقدم الوحيد الملحوظ في سلوك الحريري عبر السنوات هو في تطور قدرته على اللفظ. فلا يتوقع أحد منه أكثر. بات الحريري اليوم رئيس حكومة تصريف أعمال، ومن المحتمل جداً أن لا نراه يعود لموقعه. ماذا لو طلب «حزب الله» مثلاً تعيين جميل السيد وزيراً للعدل؟ وهذا وارد جداً في ضوء النتيجة الحالية للانتخابات».