الثلاثاء, 03 ديسمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أسابيع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

يوميات إعلامي يمني هارب من جحيم «مليشيات الحوثي»

محمد مصطفى العمراني: في نقطة «أبو هاشم» كادوا ينزلوني مع النساء والأطفال ليلاً تحت المطر(1)

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

عندما غادرت صنعاء قبل نصف شهر باتجاه سيئون ومنها إلى القاهرة للعلاج والهروب إلى الأمان.

كان جو صنعاء جميلا جمالا خرافيا وكان أفقها ملبدا بالغيوم والضباب كأنه لوحة سوريالية تجسد المشهد اليمني المعجون بالفوضى والتنافر.

وكانت السماء تمطر كدموع المقهورين في السجون والمنافي.

 كان همي الأكبر أن أتجاوز نقطة "أبو هاشم" سيئة الصيت في رداع بمحافظة البيضاء فإن غادرتها فقد نجوت وظل القلق من تلك النقطة المرعبة يلازمني حتى وصلنا للنقطة. وتوقف الباص عندها وكانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلا والسماء تمطر والظلام يلف المكان وصعد إلى الباص شاب حوثي يدعى "أبو مران" وبدأ بالتحقيق الدقيق مع الركاب ومن شك فيه أمره بالنزول.

وصل إليّ وكنت قد جهزت أوراقي أمامي، نظر إلى الجواز والتذكرة والتقرير الطبي ثم قال: هذا التقرير الطبي مزور أريد تقريراً من مستشفى الثورة قلت له: التقرير صحيح وهو من مستشفى الكويت وهو مستشفى حكومي والتقرير مختوم من وزارتي الخارجية والصحة وقبل أن يأمرني بالنزول جاءته مكالمة فانشغل بها وتركني ثم تجاوزني للتحقيق مع غيري لينتهي الأمر بأن أنزل 17 شخصا من ركاب الباص من أصل 30 ومن بينهم نساء وأطفال.

أكثر ما آلمني هو إنزاله للنساء والأطفال ولا محرم معهم في منطقة شبه مقطوعة وتحت المطر وقبيل منتصف الليل كان صراخ الأطفال يقطّع القلب وكنا في موقف حزين لا أنساه ما حييت.

بعد إنزالهم وإنزال أدواتهم ورميها في قارعة صاح "أبو مران" بسائق الباص: حن

حن الباص، وانطلق وأنا غير مصدق أنني نجوت، ولكنني أجلت فرحتى حتى أتجاوز كل نقاط الحوثيين.

كان "السكري" قد ارتفع عندي إلى نسبة كبيرة، وداهمني صداع مخيف، وكنت في حالة يرثى لها وقلبي يقطعني على الذين أنزلوهم تحت المطر في قارعة الطريق في ذلك الليل والظلام المخيف.

وبقيت في قلق لازمني حتى تجاوزنا آخر نقطة للحوثيين في البيضاء ودخلنا منطقة قانية ورأيت أول نقطة للجيش الوطني وعليها العلم الجمهوري وحينها شعرت كأنني ولدت من جديد وانزاح عن كاهلي جبل ثقيل جثم عليه لسنوات.

لقد شعرت بالحرية والأمان وتبخر الصداع وبدأت أتحدث وأضحك وأشعر بلذة الحياة.

بعد سنوات عجاف من البقاء مُكرهاً في صنعاء لم أشعر فيها يوما بالأمان ولم يغمض لي فيها جفن بعمق ها أنا ذا أخيراً أعانق الحرية وأتذوق الأمان.

والحمد لله.

للحديث بقية عن تفاصيل الرحلة الطويلة سأرويها في مقالات قادمة إن شاء الله.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت