الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الدولة الصفوية... تاريخ طويل من التآمر والخداع

المجلة - مروان الشاهد | Fri, Apr 13, 2018 10:48 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

ما كان شياطين الإنس، وأقرانهم من الجن، ليتركوا الوليد الجديد ينعم بالأمن والأمان، حتى لو كان في عمق الصحراء، فهم أول من يدري بحقيقة هذا الدين - بالرغم من عدائهم الشديد به- وما يمكن أن يفعل إن هم تركوه ينمو ويزدهر.

ويظهر حقيقة موقفهم في الرد السيء الذي فعله كسرى مع موفد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جاء يدعوه للهدى، ثم في تحركهم زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأدى في النتيجة إلى اغتياله في صلاة الصبح؛ وكان أكبر تحرك لهم في تلك الفترة التحريض على التمرد زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، والذي أدى أيضاً إلى مقتله، وبلغ تحديهم أوجه في محاولة إلباس علي بن أبي طالب رضي الله عنه لباساً رفضه بوضوح وقوة حين قال ابن سبأ له أنت أنت، بقصد أنت الإله، وكذلك الأمر انتهى باغتياله رحمهم الله أجمعين.

ثم انطلقوا في داخل المجتمع المسلم، دون توانٍ، يخربون قواعده من الداخل؛ وكان مركزهم الأساسي في الكوفة.

فكان أن بدأت الخلافات السياسية، بفعلهم، تتحول إلى خلافات دينية، تلبس لبوساً مذهبياً، وكأن الانشقاق الأول عن جسد الأمة، في خروج دين جديد تعارف الناس عليه باسم الإسماعيلية، الذين أظهروا تمسكاً بأئمة آل البيت السبعة وهم: علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم زين العابدين ثم محمد ثم جعفر ثم إسماعيل، الذي توفي في زمن أبيه جعفر بن محمد، وكانت أبرز ادعاءاتهم انتسابهم للسيدة فاطمة زوراً وبهتاناً، أكده الثقات من رواة التاريخ.

ثم بعد فترة ليست طويلة ظهرت الإمامية الإثنا عشرية التي تقول باثني عشرة إمام انتهوا بالمهدي، وهي شخصية خيالية، في وجودها خلافات تصل إلى حد الخمسين رأي.

وكذلك النصيرية التي دعت إلى ألوهية علي بن ابي طالب صراحة، وكانت تلك الفئتين تخفيها.

ولا يفوتنا ذكر القرامطة، الإسماعيليّ الفكر، الذين سيطروا على الساحل الغربي للخليج العربي، وقطعوا طريق الحج إلى بيت الله الحرام مدة 22 عاماً بعد أن فتكوا بالحجاج في وسط الكعبة فقتلوا حوالي 30000 ثلاثين ألف حاج وسرقوا الحجر الأسود.

إن نشوء وظهور هذه الفئات، وغيرها، يدلنا بشكل واضح على عمق اختراقهم للمجتمع المسلم، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الفكري. وكذلك يدل على خبرة ماكرة في كيفية إنشاء صراعات بين "أضداد علناً أصدقاء سراً" لا يعلم حقيقة العلاقة بينهم إلا خاصة القوم.

هذا الصراع الداخلي أدى من حيث النتيجة إلى ظهور دولة لهم سموها الدولة الفاطمية، والتي سيطرت على مدى قرنين من الزمن على مناطق وبلاد شاسعة وهامة من أرض الإسلام والمسلمين، وعلى رأسها مصر الكنانة. ولم تسقط هذه الدولة الصنيعة الفارسية المجوسية إلا بظهور صلاح الدين الأيوبي.

لم تطل فترة غيابهم عن ساحة الحراك، فبعد زمن يسير ظهرت الدولة الصفوية في بلاد فارس على يد إسماعيل شاه صفوي، في القرن الخامس عشر ميلادي، بعد تصفية مليون مسلم هناك وإرغام من تبقى من المسلمين على تبني دينهم الفاسد.

حملت الدولة الوليدة على عاتقها مهمة محاربة الإسلام في كل ظرف تسنح فرصته، فكان اتفاقهم مع البرتغاليين للالتفاف حول الجزيرة العربية عن طريق رأس الرجاء الصالح، واحتلال مكة أو تدميرها إن تعذر احتلالها، واختاروا وقتاً كان العثمانيون يتابعون فيه الفتوحات في أوروبا، مما اضطرهم إلى الانكفاء إلى الخلف للدفاع عن الكعبة أمام هذا الخطر الداهم. فكان الموقف مؤذناً بتوقف الفتوح إلى اليوم، بفعل الغدر المجوسي.

ويتجلى ذلك في التحالف الذي قام بين الصفويين والأوربيين وفي مقدمتهم البرتغاليون، لمهاجمة الدولة العثمانية المسلمة، وبعض الإمارات المسلمة المستقلة، ومعلوم أن التواجد البرتغالي في منطقة الخليج العربي، واحتلال بعض المناطق الإسلامية، كان امتداداً للحروب الصليبية.

وقد ذكرت المراسلات التي تمت بين ملك البرتغال، والقادة البرتغاليين الميدانيين في الخليج أنه إذا سيطر البرتغاليون على بعض مناطق الخليج كالبحرين والقطيف، فإن الطريق للأراضي المقدسة من ناحية الشرق ستصبح ممهدة للسيطرة البرتغالية على مكة والمدينة، وانتزاع اسم محمد صلى الله عليه وسلم من الجزيرة العربية كلها.

وفي هذا الصدد أرسل القائد البرتغالي، البو كيرك، رسالة إلى أول حكام الدولة الصفوية، الشاه إسماعيل، ليكسب ودّه، ويأمن جانبه، جاء فيها:

"إنني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة ستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدّة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي، وسأنفذ له كل ما يريد".

وهكذا لم يجد الصفويون الشيعة مانعاً من مساندة البرتغاليين في محاولتهم الاعتداء على مكة والمدينة، ما دام تحالفهم معهم سيؤدي إلى إضعاف الدول الاسلامية.

إحدى سياسات الصفويين المنتقصة لمكة المكرمة، تجلت في محاولة الشاه عباس (996 ـ 1028هـ/ 1587ـ 1648م) صرف أنظار الإيرانيين إلى مدينة مشهد الإيرانية التي تضم مقام الرضا، ثامن الأئمة الاثني عشر لدى الشيعة الامامية، بدلاً من التوجه إلى مكة المكرمة.

ومن أجل أن يكون الشاه عباس قدوة للشيعة في ذلك، سار من أصفهان التي كانت عاصمة الصفويين آنذاك، إلى مشهد، ماشياً، وقطع في الرحلة التي دامت 28 يوماً، أكثر من 1200 كيلومتراً، ثم بقي هناك مدة ثلاثة أشهر، يعمل فيها مع الخدم في التنظيف، وخدمة زوار مقام الرضا، ومساندة عمال البناء.

وقد جاءت فعلة الشاه عباس الصفوي هذه منسجمة غاية الانسجام مع الفكر الشيعي الذي يفضل مقامات أئمة الشيعة على الحرمين الشريفين، إضافة إلى الخلاف المحتدم آنذاك بين الصفويين والعثمانيين، فاعتبر عباس أن الواجب القومي يحتم عدم السفر عبر الأراضي العثمانية، ودفع رسم العبور لها.

وكان عباس يشجع بعض القبائل الموالية له من التركمان وغيرهم على قطع الطريق، وسلب أموال الحجاج القادمين من آسيا عبر إيران والعراق والاعتداء على أرواحهم.

وفي مطلع القرن العشرين، عمدت الدولة الصفوية الى احتلال الاحواز-عربستان، واعتقال أميرها خزعل الكعبي المحيسن بالتعاون مع المخابرات البريطانية، لمدة سبع سنوات، ثم قتلته في السجن.

أما في العصر الحديث فإن الدولة الخمينية تمثل الدور الذي اضطلع به الشيعة بكل مذاهبهم تاريخياً. فقد كانت الدولة الشيعية التي أسسها الخميني في إيران سنة 1979م، مثالا غاية في الوضوح في عداء الشيعة للإسلام، فقد جاءت ممارساتها منسجمة مع الفكر الشيعي إزاء الحرمين الشريفين، فمنذ السنوات الأولى لانتصار ثورة الخميني، بدأت أعداد الحجاج الإيرانيين تزداد عاماً بعد عام، وصارت عناصر الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية تشكل نسبة كبيرة من الحجاج. ومنذ انتصار الثورة أخذت إيران على عاتقها إفساد مواسم الحج، وإحداث الاضطرابات والفتن، لاسيما بعد أن ساءت علاقتها بالسعودية، بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية (1980ـ 1988)، ومن أهم ما كان يقترفه الشيعة الإيرانيون في الحرمين الشريفين:

ـ التظاهرات والهتافات للخميني وعلماء الشيعة، ورفع صورهم.

ـ الاعتداء على الحجاج ورجال الأمن والممتلكات.

ـ إدخال المتفجرات، واستعمالها في بعض المواسم، مما أدى لمقتل عدد من الحجاج.

ولا ننسى ابدا ان نذكر بكتاب تريتا بارسي: التحالف الغادر، الذي يفضح فيه كل العلاقات التجارية وغير التجارية، السرية والعلنية، بين الكيانين الصهيوني والصفوي، رغم ان الصفويين الجدد كانوا يرفعون راية: الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا.

واخيراً وليس آخراً، فقد فضحت الحرب في سوريا التي أعلنها النظام الدولي على الشعب المسلم في بلاد الشام وبلاد الرافدين، كل اسرار، وكل الأدوار التي اضطلع بها الشيعة عبر التاريخ، في محاربتهم للإسلام والمسلمين.

لا أود أن أنهي المقال قبل ان أعرج على مسألة الإفتاء الشرعي في علاقة الشيعة بالإسلام، والتي تراوحت بين تكفيرهم قاطبة، وبين تكفير علمائهم فقط وبقاء العامة معذورين بجهلهم.

لا نقبل أي فتوى فيهم ما لم تكن تجمع بين الفقه الشرعي الأصيل، وبين الفقه السياسي الواقعي. فهم فد بحثوا في الدين وعرفوا كيف يمكن التلاعب بأصول تفكيرنا الشرعي، ووضعوا الخطط والبرامج المناسبة لخداع الامة علماء وعامة.

أما واقعنا اليوم فهو بصرخ بأعلى صوت: إم الشيعة أعداء للإسلام والمسلمين أنى تواجدوا، فهل بقي مجال للجدل في امرهم بعدها؟

اللهم أنني بلغت ما أظن أنه الحق، نصرة لدينك فاغفر لي إن قصّرت، واعف عني إن أخطأت.

ملاحظة:

بالمقارنة بين تآمرهم وبين تخريبهم لبنية الدين في المجتمع المسلم، نرى أن تخريب الدين كان أشد وأسوأ عمل قاموا به في حربهم وتآمرهم عل الامة الإسلامية تاريخياً.

فقد أصبح اليوم من ينتسب للإسلام وهو لا علاقة له به من قريب ولا من بعيد، كثير، يتوزعون بين جاهل لا يعذره جهله، وبين حاقد لا بد من قتاله لردعه، وأصبحنا نرى الطوائف تنسب نفسها للإسلام مع ان كل مبادئ تدينها لا تمت الى الإسلام بصلة، ومع بعد الناس عن النبع الصافي ومحاربة الحكام للإسلام فن طريق قتل ونفي علمائه العاملين، تكون خططهم عامة وجدت ما ترمي اليه من نجاح في ضرب الإسلام من داخله...فهل نفقه ونرتدع؟

مراجع:

ـ كتاب التوحيد والشرك للدليمي ص 9ـ 21 + ص 185ـ 188.

ـ تطور الفكر السياسي الشيعي لأحمد الكاتب، ص 331ـ 332.

ـ انظر مقال "الصفويون يدخلون الاستعمار إلى منطقة الخليج" في العدد 56 من الراصد على الرابط التالي: http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_type=4

ـ انظر مقال "عباس الصفوي يحول الحج إلى مدينة مشهد"، في العدد 54 من الراصد، على الرابط التالي:

http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=835

ـ الاعتداءات الباطنية للدقس ص 174.

يمكن الاطلاع على بعض ما اقترفه الإيرانيون في مكة، كتاب: الاعتداءات الباطنية على المقدسات الإسلامية ص 176ـ 204.

كلمات مفتاحية:

الدولة الصفوية التآمر

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت