عندما يأتي الحديث عن تحضّر الشعوب ورقيها الأخلاقي وسلوكها الإنساني يتسارع الذهن إلى الشعب البحريني كأحد الشعوب التي تميزت بهذه القيم النبيلة. ولا أقول هذا من باب العاطفة وإنما اذكره على سبيل المثال فهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان. وأنا هنا أذكر الشعب البحريني ولا أخص طائفة دون أخرى لأن ثقافة السلم والرقي الإنساني كانت صفة عامة عند جميع مكونات الشعب البحريني قبل ظهور الجماعات "الغوغائية" التي خرجت من البحرين إلى إيران والعراق ولبنان عقب قيام نظام ولاية الفقيه لتعود إليه محملة بثقافة العداء والكراهية.
منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي والبحرين تشهد صراعا مريرا بين الخير والشر تخلله الكثير من العنف الذي أودى بحياة العديد من الأبرياء لأهداف وغايات ليس للشعب البحريني ناقة فيها ولا جمل, هذا ناهيك عن الخسائر المادية والمعنوية التي انعكست سلبا على حياة "الشيعة" قبل غيرهم حيث كانت هذه الطائفة هي الخاسر الأكبر من هذا العنف الإجرامي الذي يمارسه من يدّعون أنهم ممثلون لهذه الطائفة التي هي أحد المكونات الاجتماعية والثقافية للشعب البحريني المسالم.
لقد شهدت البحرين منذ بداية تحرك الجماعات الغوغائية,مطلع ثمانيات القرن المنصرم وإلى اليوم, صراعا بين الخير, المتمثل بسلمية الدولة, وبين الشر المتمثل بالجماعات الغوغائية حاملة "المشروع الإيراني" الذي أضر بالشيعة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا, وذلك لأن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها هؤلاء الغوغائيون تنطلق من المناطق ذات الأكثرية الشيعية ومن قام و يقوم بهذه الأعمال هم من سكنت تلك المناطق ويدّعون الانتساب إليها سواء بالعقيدة أو النسب.
ومن أبرز العلامات الفارقة في الصراع بين الخير والشر في البحرين تميزه في سلمية الدولة حيث إنها لم تنجر إلى ما يهدف إليه الغوغائيون وهو تعميم العقوبة على الطائفة الشيعية, وهذا بالعكس مما فعلته الحكومة العراقية وحزب الله في لبنان ومليشيا الحوثي في اليمن وقبل ذلك النظام الإيراني الذين أخذوا البريء بجريرة (المذنب) ليشعلوا نار الحروب الطائفية التي لحقت الضرر بالشيعة كما لحقت بأهل السنة في تلك البلدان .
فها هم أبناء المكّون الشيعي في البحرين يشغلون المناصب العليا في الحكومة والبرلمان ومجلس الشورى ومجالس البلديات ويمارسون طقوسهم الدينية في حسينياتهم ويديرون مؤسساتهم الوقفية ويمارسون حرية كاملة في كل ما يتعلق بقضاياهم في المحاكم المختصة بالقضايا الشرعية والفقهية, ويديرون مدارسهم الدينية. وهذا كله بسبب سلمية الدولة التي عملت على احتواء التطرف وحفظ حق المواطنة للمكّون الشيعي. وهذا الأمر النادر الذي تميزت به البحرين نابع من الموروث الثقافي المسالم الذي عاشه الشعب البحريني عبر تاريخه الحضاري الطويل.
إن منهج السلمية الذي أظهرته الدولة في مواجهة تطرف الغوغايين أمر يستحق الثناء عليه لكونه حال حتى الآن دون نجاح المخطط الإيراني الرامي إلى ضرب وحدة وسلامة المجتمع البحريني .
لقد نجحت الدولة في سلميتها وسقط الغوغائيون في شر إجرامهم وقد أصبحوا منبوذون وهم بين سجين وشريد وعميل لدى إيران، واتباعها ينظر إليهم من قبل أبناء الشعب البحريني بعين السخط والانحطاط.
مرحاً للسلمية وتباً للغوغائية.
*رئيس المؤسسة الأحوازية للثقافة والإعلام
(قناة المحمّرة)