الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الدراما الدينية معول هدم أم بناء..؟ (المسلسلات الإيرانية)(2)

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

في ظل التطور السريع والكبير في تكنولوجيا صناعة الدراما والخدع البصرية، أصبح التلفاز والسينما أكثر تأثيرا وإبهارا للمشاهدين، حتى أصبح يطلق على عصرنا عصر الصورة المرئية، وقد استغلت الملل والطوائف في مشارق الأرض ومغاربها. هذا التطور الكبير في الصورة المرئية في خدمة عقائدها وأفكارها ونشرها في المجتمعات. فرأينا مئات الأفلام التي تتناول المسيحية، وحياة المسيح عليه السلام، من وجهة نظر الكنيسة منتشرة في كثير من دور العرض الغربية والعربية وتعرض على الفضائيات، كما استغل الشيعة (الرافضة) هذا التطور وقاموا بإنتاج الأفلام والمسلسلات التي تخدم وجهة نظرهم. فإلى أي حد استطعنا توظيف هذا التطور الكبير في خدمة ديننا وعقيدتنا؟

وقد عرضنا في الجزء الأول من هذا المقال صورا من  استغلال النصارى للدراما في نشر دينهم وعقائدهم، خلال هذه الحلقة سنعرض نماذج من استغلال الروافض للدراما الدينية في نشر التشيع في العالم الإسلامي؛ لأن عرض مثل هذه النماذج، سواء دور الدراما في التنصير أو التشيع، وعقد مقارنات مع الدراما الدينية الإسلامية السنية، سيساهم في بيان وتحليل دور الأخيرة في واقعنا.

اقرأ أيضاً| الدراما الدينية معول هدم أم بناء..؟(1)

القوة الناعمة الإيرانية

نتيجة للفشل الإيراني في نشر التشيع في العالم العربي، وهو ما سعت إيران لتحقيقه تحت دعوى ما يسمى بـ"تصدير الثورة"، بعد هزيمة قوتها العسكرية من العراق خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، فيما عرف بحرب السنوات الثماني (1980-1988)  وما تبع ذلك من أحداث كشفت المخطط الشيعي في غزو العالم الإسلامي، اتجهت إيران للقوة الناعمة لتحقيق هذا الغزو، ونشر الفكر الشيعي في العالم العربي وكانت أحد أدواتها الرئيسية في تحقيق هذا الهدف هي المسلسلات الدرامية، وقد نجحت إيران هذه المرة فيما أخفقت فيه من قبل، فغزت البلاد العربية  بالأعمال الدرامية وهذا النجاح يعود لعدد من الأسباب:

1-ضخامة  الإنتاج والتكلفة العالية والإمكانات الكبيرة والصورة المبهرة والتقنيات والمهنية العالية والإخراج الاحترافي، والمكملات الأخرى من ديكور وإضاءة والتي لا تكاد تبرز إلا في سينما هوليوود الأمريكية، حتى أن بعض نقاد السينما يرون  أن إيران باتت تعد من الدول الرائدة في مجال صناعة الدراما العالمية، هذا الإتقان الفني يدفع المشاهد التأثر بما يراه دون تدقيق في المحتوى، بل ويتعاطف في غفلة من التفكر مع تطرحه هذه الأعمال،  ويتبنى دون تمحيص ما تعرضه عليه، لقد استطاعت الدراما الإيرانية من استخدام النص والصورة حجباً وظهوراً في صياغة وتسويق الفكر الشيعي ورؤيته للأحداث التاريخية.

2-   تجد هذه الأعمال الدرامية ترسانة ضخمة من القنوات الفضائية التي تتسابق على عرضها على شاشتها، يكفي أن نشير إلى أن القنوات الشيعية على القمر الصناعي المصري " نايل سات" تجاوزت 34 قناة شيعية، منها 33 قناة ناطقة باللغة العربية والأخيرة ناطقة بالإنجليزية، وهي قناة برس تي في، أما بالنسبة للقمر الصناعي "عرب سات" فيبث نحو 13 قناة شيعية وغالبهم موجود على النايل سات. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل سارعت قنوات محسوبة على دول وملاك من السنة لعرض الأعمال الإيرانية عليها مثل قنوات "mbc و قناة "otv" وقناة "أبو ظبي " وقناة "السودان" وقناة "نسمة" التونسية، قامت هذه القنوات  بإدخال  الدراما الإيرانية إلى بيت المشاهد العربية، وتزامن هذا مع إطلاق إيران قناة الأفلام الخاصة بالأعمال الإيرانية والناطقة بالعربية والتي تبث أفلاما ومسلسلات على مدار الساعة. وقد تمت دبلجة عشرات المسلسلات الإيرانية باللهجة السورية في استوديوهات الشركات الفنية السورية.

3- تحرص الأعمال الدرامية الإيرانية على تقديم الفن النظيف والمحافظ، فتلتزم في أعمالها بمبادئ "الحشمة" والرصانة والابتعاد عن إثارة الغرائز، على العكس من الدراما العربية التي أصبح الإسفاف والابتذال جزءا رئيسيا فيها، الأمر الذي جعل العائلات والأسر تقبل على مشاهدة الأولى كبديل عن الأخيرة.

4- ندرة الدراما الدينية العربية وضعف مستواها وتزويرها للوقائع التاريخية وسطحيتها، ساعد على قوة و تأثير الأعمال الإيرانية على فكر البعض الفارغ دينيا.

الدراما الدينية

والدراما الإيرانية تنقسم لثلاثة أنواع: الدراما الاجتماعية، وهي التي تنقل تفاصيل دقيقة للمجتمعات الإيرانية ومشاكلها اليومية اليسيرة والمعقدة، وهذا النوع يهدف للترويج لحياة المجتمعات الشيعية بشكل غير مباشر. النوع الثاني: دراما الحرب التي تستعرض أحداث الحرب بين العراق وإيران وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يحقق التعاطف مع النظام الإيراني سياسيا، وأخيراً نصوص الدراما التاريخية والدينية، وهذه هي أخطر الأنواع وأكثرها رواجا في العالم العربي وأكثرها تأثيرا.

فالنوع الأخير هي دراما موجهة بشكل كبير، تعيد صياغة التاريخ والأحداث التاريخية من وجهة نظر شيعية، خاصة عند تناولها للصحابة.

الإساءة للصحابة:

يستعرض الباحث "الهيثم زعفان" في كتابة "الفضائيات الشيعية التبشيرية" منهج المسلسلات الإيرانية في تناول الصحابة قائلا: تقوم هذه الأعمال على تشويه صورة الصحابة الكرام، وخاصة من ولي منهم أمرًا من أمور المسلمين، بطريقة تجعل المشاهد غير المحصن لا ينتقد ويطعن ويسب الصحابي فقط، بل يطعن في خليفة المسلمين الذي أسند مهام تلك الولاية للصحابي الجليل، وفي الغالب يكون الخليفة أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعًا. مع التركيز على نقاط اجتهاد الصحابة التي جانبهم فيها الصواب، و وتضخيمها والمبالغة في النتائج التي ترتبت عليها بطريقة تشعر المشاهد أن هناك فتنة عظيمة حدثت جراء هذا الاجتهاد، وتمتد آثارها لواقعنا المعاصر.كما تقوم بتسفيه منجزات الصحابة والتابعين في فتوحاتهم الإسلامية، وإظهارهم كطامعين ومتمتعين بالغنائم وغارقين في الملذات والشهوات.

وأشار في هذا الصدد إلى مسلسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي عرضته قناة الكوثر وقام بتحليل محتواه، حيث كشف تحليل محتوى المسلسل عن نتائج صادمة وكارثية للمسلسل الذي أساء لكافة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بطريقة يبرأ منها كل مسلم غيور على دينه.

ويعرض الباحث عددا من المشاهد التي جاءت في مسلسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي كانت عدد حلقاته 22 حلقة، ومدة الحلقة 50 دقيقة ويوضح كيف قام المسلسل بتشويه صورة الصحابة فمن ذلك:

-بعد وفاة عثمان بن عفان رضي الله عنه يظهر عمرو بن العاص رضي الله عنه مجسداً في صورة رجل يشبه صناديد قريش، وعندما يدخل قصر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما المشيد يُبهر أشد الإبهار بالقصر، ويقول عمرو بن العاص لمعاوية: "أنت أشبه الآن بالنمرود؛ لو ناديت أنا ربكم الأعلى لكنت أول الساجدين لك".

- يهمس عمرو بن العاص في أذن معاوية متهكماً: "هل تصدق قصة أبرهة والفيل"؛ فيرد عليه معاوية لا تلعب بكتاب نزل على محمد.

- معاوية يقول لعمرو بن العاص: "شهدت لك بربوية المكر يا عمرو".

-  الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يقول للصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه: "يا خائن ما على هذا اتفقنا إن مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث"، فيرد عليه عمرو بن العاص: "إن مثلك كمثل الحمار". وهذه البذاءات هي جزء يسير مما أورد بحق صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم:

مسلسل علي رضي الله عنه،  نموذجا واحدا  لهذه الأعمال، وهناك عشرات المسلسلات التي تبث السموم وتسيء لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتنشر الشركيات والتوسل والدعاء بغير الله، فضلا عن تجسيد الأنبياء، ومن أمثال هذه الأعمال مسلسل النبي يوسف الصديق عليه السلام، والذي شاهده الملايين وبثته عشرات الفضائيات ومسلسل "النبي أيوب" عليه السلام، ومسلسل "المسيح" عليه السلام، ومسلسل الإمام "الحسن"، ومسلسل "الإمام الحسين"،  ومسلسل "مريم العذراء" والذي عرضته قنوات شبه حكومية لدول عربية للأسف الشديد، ومسلسل "أصحاب الكهف" ومسلسل "ابن سينا"، مسلسل غريب طوس، مسلسل الواقعة...، ومن الأفلام: فيلم موكب الإباء مسيرة السبايا من كربلاء إلى الشام، وفيلم النبراس.

أما آخر وأخطر ما تم إنتاجه هو  فيلم يجسد  شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم من إخراج المخرج الإيراني  مجيد مجيدي، ويشهد هذا الفيلم تجسيد لشخص النبي-صلى الله عليه  والسلام،وهذا لأول مرة في تاريخ المسلمين وقد تم تصوير مشاهد الفيلم في منطقة “كرمان” ومدينة “نور” السينمائية الواقعة في جنوب شرق إيران، ويعتبر هذا الفيلم من أكبر الإساءات  للرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يوجد شخص يليق به تمثيل دور النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولا يجوز شرعا إظهار الرسول (صلى الله عليه وسلم) سواء ظهر بشكل حسن أو خالف ذلك، لأن فكرة التجسيد لأي نبي مرفوضة على الإطلاق، فما بالنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا العمل يحط من قدر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لذلك فقد دعا الأزهر وهيئة كبار العلماء في السعودية ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية، إلى اتخاذ "موقف حازم وصارم تجاه إيران وغيرها من الدول التي لا تحترم مكانة الأنبياء .

لكن يبقى السؤال ماهو دور الدراما الإسلامية في تقديم البديل المناسب؟ وهل تمكنت الدراما الدينية السنية في جذب المشاهد أم تركته فريسة للتنصير والتشيع يخربان عقيدته!؟

المصدر|لها أونلاين

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت